وزير خارجية مصر: سننجح في استكمال خريطة الطريق وخلق منظومة سياسية أيا كان الثمن

نبيل فهمي يقول في حوار مع («الشرق الأوسط») إن القاهرة تسعى إلى حوار استراتيجي حقيقي مع أميركا يحدد نقاط الاتفاق والاختلاف

نبيل فهمي
نبيل فهمي
TT

وزير خارجية مصر: سننجح في استكمال خريطة الطريق وخلق منظومة سياسية أيا كان الثمن

نبيل فهمي
نبيل فهمي

الأجواء كانت أشبه بخلية نحل داخل مقر وزارة الخارجية المصرية الجميل المطل على نيل القاهرة التي تعيش أصلا أجواء سياسية استثنائية منذ ثلاث سنوات تقريبا، لها انعكاساتها على العمل الدبلوماسي الذي هو في النهاية امتداد للأوضاع الداخلية.
كان موعد لقاء «الشرق الأوسط» مع وزير الخارجية المصري نبيل فهمي العائد من جولة خارجية مرتبا مسبقا، لكنه تصادف أن جاء وسط أزمة اختطاف الدبلوماسيين في ليبيا، وتهديدات الخاطفين. ولم يكن قد جرى الإفراج عنهم، لكن الوزير فهمي كان هادئا ومنفتحا في الإجابة عن كل ما طرح، ولا بد أنه كان يعرف أن الأزمة في طريقها إلى الحل، بينما كان المتحدث باسم الوزارة السفير بدر عبد العاطي يتلقى سيلا من اتصالات الصحافيين الذين يستفسرون، ويحاول الموازنة بين اهتمام الإعلام وطبيعة هذه الأزمات التي تتطلب إخراج المعلومات بحساب بما لا يضر بموقف الرهائن.
كان طبيعيا في هذا الظرف أن يبدأ الحوار مع الوزير فهمي من قضية اختطاف الدبلوماسيين المصريين في ليبيا، وتأثير ذلك على العلاقات المصرية - الليبية، والبلدان في حالة ثورة، وإن كانت ظروفهما مختلفة. وامتد الحوار بعد ذلك إلى مؤتمر «جنيف 2» الذي شارك فيه الوزير فهمي، والموقف المصري من إيران، والمفاوضات النووية، والأهم طبعا جهود الدبلوماسية المصرية في تأمين المصالح المصرية، خلال فترة تنفيذ خريطة الطريق الانتقالية، وسط أجواء في أحيان كثيرة غير مواتية.
وإلى أهم ما جاء في الحوار..

* نبدأ من أزمة اختطاف الدبلوماسيين والموظفين العاملين بالسفارة المصرية في ليبيا..
- أولا هذه قضية تؤثر في العلاقات المصرية - الليبية، لكنها ليست قضية سياسية وإنما أمنية، وأعني بالتأثير هو أن تترك انطباعا سلبيا لدى الرأي العام هنا وهناك. ثانيا، لا مساس بالعلاقات على الإطلاق، ونؤكد تماما كما تؤكد السلطات الليبية أن احتجاز واختطاف أي مواطن وبشكل خاص من يعمل في المجال الدبلوماسي لتمثيل بلده لدى الطرف الآخر من أجل مقايضة غير مقبول، ففكرة أن أحتجز هذا مقابل ذاك غير مقبولة، وتتعارض مع كل المواثيق الدولية، وضمانات التمثيل الدولي. فالدول التي تعتمد دبلوماسيين لا بد أن تحمي وتوفر الأمن، بل حتى إذا نظرت في جواز السفر فسوف تجد عبارة موجهة للدولة المضيفة لمعاونة الشخص الفلاني للقيام بعمله.. لماذا؟ لأنه لا بد أن يكون هناك تفاهم في الظروف الطيبة، وحتى في الظروف الصعبة. إذن مسألة هذا مقابل هذا تعد أمرا مرفوضا من جانبنا، وكذلك من السلطات الليبية. ثالثا، ليس هناك غرض مصري على الإطلاق من احتجاز أي شخصية ليبية أو غيرها من دون وجه حق (رئيس غرفة ثوار ليبيا الذي احتجز في مصر) فهناك تحقيق يجري، إذا انتهى إلى إدانته بشيء معين فمن الطبيعي أن تكون هناك إجراءات قانونية، مع إعطائه كل الضمانات القانونية التي يحتاجها، وإذا انتهى التحقيق من دون ذلك فمن الطبيعي أن يجري الإفراج عنه.
وفي مصر التي تعرضت إلى عمليات عنف وإرهاب خلال الفترة الأخيرة من الطبيعي أن تأخذ الأجهزة الأمنية أقصى درجات الاحتياط في التعامل مع القضايا.
* قمت بجولة خارجية، وشاركت في مؤتمر «جنيف 2» الخاص بسوريا، وهذه أهم قضية مطروحة على الساحة العربية، وأعتقد أنها تؤثر على الوضع في مصر. ما هو انطباعكم عن «جنيف 2»؟
- المؤتمر حقق غرضه إنما لم ينته في مناخ إيجابي كما هو مطلوب. المجتمع الدولي أبدى تأييده للحل السياسي السلمي في سوريا، وحضر في جنيف أربعون دولة.. دول من المنطقة وخارجها.. وهذه المشاركة عكست رغبة الجميع في الحل السياسي. وبعد ذلك بيومين بدأ الاتصال غير المباشر بين الطرفين من خلال الأخضر الإبراهيمي (المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا)، ثم اتصال مباشر واجتماعات مباشرة، إنما نغمة الخطابات في الحقيقة من قبل الأطراف السورية، خاصة الموقف الرسمي، لم تفتح الباب بما فيه الكفاية، ولم تترك انطباعا يسمح لنا بالتفاؤل.
ومع هذا فإن خطاب الدعوة لمؤتمر جنيف كان واضحا، وهو المسعى للحل السلمي على أساس تنفيذ «جنيف واحد»، حتى وإن وجدت تفسيرات مختلفة له. هذه الاختلافات هي في التفاصيل وليست في الجوهر، والتي تتحدث عن خلق مناخ يسمح لنا بتشكيل وضع سوري جديد عن طريق حكومة انتقالية، والكل حضر على هذا الأساس بما في ذلك الحكومة السورية والمعارضة، وكلاهما أخذ قراره بعد التشاور، وكلاهما موجود اليوم في جنيف. إذن، إذا كان من السابق الحديث عن تفاؤل فلن أتحدث عن تشاؤم، لأن الطرفين موجودان ويعلمان تماما أن هناك 40 دولة اتخذت القرار في جنيف للتأكيد على الحل السياسي. إذن، هذا المسار أمامه مشوار، إنما على الأقل لقد بدأ.
* هذا المشوار شهد دماء كثيرة..
- للأسف.
* يقال إن الحرب في سوريا تعد حربا بالوكالة، هل شعرت بأن الأطراف المنخرطة في حل الأزمة السورية جادة في مواقفها والحل السياسي، أم أن الأمر ما زال في دائرة المساومات؟
- إجابتي عنه تتلخص في الآتي: أولا، نحن نعتقد أن المسألة السورية أصبحت جيوسياسية وليست سورية - سورية فقط، والأطراف غير السورية أصبحت أكثر من السورية.
ثانيا، رغم أن القضية سياسية فهناك معاناة إنسانية غير مقبولة ولن يتحملها أي شعب.
ثالثا، لن ينجح هذا المسار إلا إذا اتفقنا على بناء سوريا جديدة تحافظ على كيان الدولة السورية ووحدة الأراضي السورية، لكن المنظومة السياسية يكون هيكلها جديدا، وتفاصيلها تكون وفق خيارات سورية. يجب أن يجتمع الكل حول بناء وضع جديد في سوريا، ولهذه الاعتبارات نحن في مصر اقترحنا ما يلي: أولا، أن يكون هناك مسار إنساني في إطار بناء الثقة خلال المفاوضات الجارية حاليا. ثانيا، أن يكون هناك مسار مواز للمفاوضات السياسية. ثالثا، أن تكون هناك اتصالات مع الأطراف الدولية الإقليمية المختلفة التي، كما ذكرت، إما تحارب بالوكالة أو تدعم الأطراف المختلفة، فهذه المسارات الثلاثة لم تنجح بعد.
* هل هناك في الحسابات المصرية احتمالات مواجهة وضع تفتت سوريا؟
- هناك تحذير علني، وذكرت ذلك في مؤتمر مونترو، ولوحظ هذا التحذير، وكل مسؤولي الدول الذين تحدثوا معي ذكروا أنهم لاحظوا هذا التحذير، فقلت لهم نعم، نحذر ونخشى ذلك، ونقدر الموقف ونعمل ضد الوصول إلى هذا التفتيت لأن انعكاساته ستكون عديدة، وتمتد بعيدا عن الحدود السورية، لأنها ستقسم سوريا على أساس طائفي، ونفس هذه التقسيمات يمكن أن تنعكس على دول الجوار والدول العربية. وقلت لهم نحن نحذر من ذلك ونعمل ضده ونسعى إلى خلق سوريا جديدة مع الحفاظ على الكيان السوري ووحدته.
* تقصد سوريا الجديدة من دون بشار الأسد؟
- من حيث المبدأ نحن لا نتدخل في خيارات الشعب السوري، إنما يجب أن تستجيب سوريا الجديدة إلى تطلعات المواطن السوري العادي للديمقراطية والحرية والاستقرار، ويكون النظام السوري يجمع الأطياف السورية مجتمعة ولا يقسمها. في اعتقادي أن هذا يتطلب تغيير تعاملات كثيرة، وجوهر النظام السياسي في سوريا، إذا كنا نتحدث عن نظام ديمقراطي، يجب أن يكون للطرف السوري وليس لأطراف أخرى، ويجب فهم أن العودة إلى ما مضى أمر مستحيل.
* أعلنت مصر أنها تستضيف قوى المعارضة السورية؟
- مصر أعلنت ذلك بمعنى حضور الائتلاف الوطني للمعارضة السورية وأي أطراف أخرى سورية تريد أن تجتمع وتنسق خاصة التي لم تشارك في مؤتمر مونترو، وأقصد بعض الأطراف التي عارضت مؤتمر «جنيف 2» ولم تشارك. فاستمرار بلورة الأفكار مسألة مطلوبة.
* ارتباطا بسوريا هناك موضوع إيران وموقف مصر من المفاوضات النووية والاتفاق الذي جرى بين «5+1» وإيران، كيف ترى ذلك؟
- الموضوع الإيراني يشمل عدة عناصر، جزء يتعلق بالموضوع النووي ثم الملف السوري والمشرق والشرق الأوسط والعلاقات الإيرانية - الخليجية، والعلاقات المصرية - الإيرانية، وكلها ملفات مهمة بالنسبة لمصر.
بالنسبة للاتفاق النووي أيدنا الاتفاق الأولي في المرحلة الأولى، ونأمل أن تتبعه خطوات أخرى ثم تطبق نفس المعايير الإيجابية في التعامل مع قضايا التسلح النووي في الشرق الأوسط، ومخاطر السلاح النووي مع إيران إلى كل الشرق الأوسط. ولنا مبادرة مصرية في هذا منذ عام 1974، وقمنا بطرحها مرة أخرى في عقد التسعينات من القرن الماضي، وهي إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط أو خالية من أسلحة الدمار الشامل بما يعني كل الدول، بما في ذلك إسرائيل، إنما طالما أن هذا الاتفاق يتسق مع المنظومة الدولية، ولا يمس الحق السلمي النووي، ويقدم خطوة تجاه تطبيق المعايير نفسها على الكل، فنحن سعداء به.
المسألة ليست في هذا فقط وإنما الموقف الإيرانى من المنطقة ككل، وأبدأ بالثنائي أي العلاقات مع مصر.. هناك خلفية، أي اختلافات بيننا وبين إيران، حول مجموعة من الملفات بما فيها الملفات الأمنية، وهناك رئيس جديد في إيران، وهناك تغييرات في الساحة المصرية، ونأمل في المستقبل القريب أن تكون هناك مصارحة حقيقية. وأنا لست من مؤيدي مقاطعة الدول وأيضا لست من مؤيدي ترك القضايا من دون معالجة.. نختلف.. نتفق.. لا بد أن يكون هناك وضوح. وإيران دولة لها تاريخ عريق، ومصر دولة جذورها في المنطقة، وبالتالي لا يمكن تجاهلهم، ولا تجاهلنا. إذن، نتفق على أهمية المصارحة في القضايا الثنائية، وهي ترتبط بمصالح البلدين، ومن مصلحة الطرف المصري أن يكون هناك استقرار إيراني مع الدول العربية - الخليجية. إذن، من الطبيعي أن يثار هذا الموضوع على الأقل استراتيجيا، وليس بالضرورة التدخل في ملف ثنائي خليجي إيراني. لا بد أن أشعر في مصر بأن هناك حسن جوار ما بين إيران والدول الخليجية حتى أدخل في الحساب العلاقة المصرية - الإيرانية، ويرتبط بذلك الدور الإيرانى في سوريا ولبنان. وأنا لا أستبق الأمور، ولن أقلب الصفحة من دون ذلك.
إنما هناك فرصة مع وجود رئيس جديد لكي نرى أن الأفعال تتسق مع الأقوال الجديدة. فالمسألة ليست تعبيرا عن رأي، وإن كان ذلك في حد ذاته موقفا. المسألة هي اتخاذ مواقف عملية على الأرض تعكس جدية العلاقة. وبكل صراحة إيران دولة مهمة وسيكون لها دورها في الشرق الأوسط، والشعب الإيراني نكن له كل الاحترام، إنما لا أخفي عليك أن هناك خلافات بيننا، ويهمنا الآن أن نصارح بعضنا البعض سعيا لإدارتها بشكل أفضل، ومن ضمن هذه القضايا هناك قضايا ثنائية وخليجية وشرق أوسطية.
* لو انتقلنا للشأن المصري وإدارة الدبلوماسية المصرية في وقت صعب، وقد أشار تقرير أخير حول العمل الدبلوماسي إلى انتقالكم من مرحلة الدفاع عن 30 يونيو (حزيران) وشرعيتها إلى مرحلة الهجوم.. ما هو المقصود من ذلك؟
- ليس الهجوم، وإنما الأصح دبلوماسية المبادرة والعمل الإيجابي. فنحن لا نهاجم أحدا ولا نقبل بأن يهاجمنا أحد. وما أرغب في توضيحه هو أن الأسابيع والأشهر الأولى التي تلت 30 يونيو نظرا لضخامة الحدث وتكراره مرتين في عامين ونصف العام (الثورة وإطاحة الرئيس)، كان من الطبيعي خلالها أن ينظر العالم كله باتجاه مصر متسائلا: ماذا يفعل المصريون؟ وماذا حصل؟ بينما كان المصريون يهنئون بعضهم البعض في عام 2011 بثورة 25 يناير (كانون الثاني) وأن ما حدث كان مثالا يحتذى به، ثم قامت مصر بعمل الشيء نفسه في عام 2013، وبالتالي قمنا بشرح ما حدث، والالتزام ما زال موجودا والمرجع الأساسي لكل هذا التحرك أعاد الارتياح والتوافق إلى الشعب لأن الذي حدث في عام 2013 هو نفس رسالة 2011، أي أن الرأي العام غير قابل للوضع السياسي القائم أيا كانت التفاصيل، ومن الذي يرأس.
التطور السياسي الداخلي في مصر وضع وفق خريطة طريق لها مدتها. وقد يمتد بعدها في الممارسة العملية بعد استكمال البنيان الأساسي.
بعد خريطة الطريق كان هناك إلحاح من الدول الصديقة قبل الدول الأخرى على استعادة مصر مكانها. نريد أن نعود إلى المبادرة، ونريد أن نتطلع إلى المستقبل باعتبار أن ما يدور في مصر ينعكس على كل المنطقة، والحقيقة بدأنا من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقبلها كان السودان وجنوب السودان، قاصدا بذلك إعطاء رسالة للعالم ولمصر بأن العمق الاستراتيجي هو السودان ثم فلسطين والأردن، باعتبارها القضية الأساسية والمحورية.
انتقلنا في تحركنا من رد الفعل إلى الفعل، وطرحنا مجموعة أفكار على الجمعية العام للأمم المتحدة في نيويورك، وعملنا انتشارا واسعا في مختلف الساحات المتاحة لنا، وخلال هذا التحرك استغرقنا ثلث أو ربع الوقت في شرح ما يدور في مصر، ثم انتقلنا إلى السياسة الخارجية، ثم انتقلنا إلى تحرك إضافي في العالم العربي وأفريقيا وآسيا وروسيا، وفي كل هذه المرات كانت هناك رسالة مفادها أننا نريد تنويع خياراتنا ونبحث عن مصالح مشتركة، ولم نأت لطلب الدعم، ومن لديه استعداد نقدم له الشكر. إنما المهم هو أن تكون هناك علاقة تمثل شعبا ثائرا ويريد أن يعبر عن نفسه، وأن يكون له دور، ولم يعد يتقبل فكرة مسايرة الأوضاع، وإنما يريد أن يكون لمصر موقف. وحتى هذا الكلام لكي يكون له انعكاس واقعي قمنا بتشكيل سريع في الخارجية المصرية أبرزه تعيين مساعد وزير لشؤون دول الجوار (ليبيا - السودان - فلسطين - إسرائيل) وهي بالنسبة لنا مسألة استراتيجية، ودول نشترك معها في الحرب والسلام، ولا مجال للأخطاء أو التباطؤ، كما كانت هناك تغييرات أخرى في الوزارة من بينها تشكيل وحدة خاصة بالتكنولوجيا.
* ما هي أهدافها؟
- تعريف القوة في الماضي كان قدرة الدولة على ترجمة وزنها الاقتصادي إلى عمل سياسي من خلال القوة العسكرية البحرية تحديدا، بمعنى أن من لا يملك قوة بحرية لن يستطع نقل أي شيء خاص بالجيش أو الاقتصاد، من مكان إلى مكان. ومع تطور التكنولوجيا دخل الطيران ثم الصواريخ ثم وسائل توصيل أخرى، واليوم الحرب تجري بالتوجيه عن بعد.
وسيكون العنصر الأكثر فعالية في تعريف تحرك القوى في المستقبل هو التكنولوجيا.. ويهمنا أن نعرف ما هي التكنولوجيا الجديدة، ومن يقوم بتطويرها، حتى نخطط لمستقبل مصر. ولا بد أن يكون لدى صاحب القرار في الخارجية المصرية مركز يتابع ذلك.
* نتيجة الجهد الدبلوماسي خلال الفترة الماضية، هل أصبح هناك تفهم دولي خاصة لدى الأطراف التي كانت تتحفظ تجاه الموقف المصري من خريطة الطريق خصوصا بعد إقرار الدستور؟
- من دون أدنى شك هناك تفاهم أفضل وجزء منه نتيجة للجهد المبذول من قبل كل السفارات المصرية في الخارج، وهناك اهتمام دولي واسع بمصر، وفي الوقت نفسه من السابق لأوانه توقع أن الموضوع قد انتهى. لا يزال هناك قلق بسبب العنف، وهناك اهتمام بأن تستقيم الأمور في مصر، وإقرار الدستور عنصر إيجابي جدا باعتباره استحقاقا من خارطة الطريق، وعندما نستكمل العملية الانتخابية الرئاسية والبرلمانية سيكون مفيدا الجواب مطولا عن سؤالك. نعم هناك تحول إنما لا يوجد استقرار لهذا التحول.
* مصر محاطة بحزام من المشاكل الموجودة في ليبيا والسودان وغزة وسوريا والعراق، والمنطقة كلها بها مشاكل كثيرة، وخلال أحداث الربيع العربي الدولة التي حافظت على تماسكها هي مصر، وكثيرون يؤكدون أن الموجة سوف تستمر سنوات. هل مصر قادرة على الحفاظ على نفسها وسط هذه العواصف؟
- أنا عملت في الخارجية منذ عام 1974، ولو قال لي أحد في أي فترة من الفترات بما يحدث حاليا لم أكن لأصدقه. نحن سننجح في استكمال خارطة الطريق وخلق منظومة مصرية سياسية أيا كان الثمن، لكن في الوقت نفسه كان نائب وزير الخارجية في جنوب السودان يحاول مساعدة أطراف النزاع، وأنا كنت في مكان آخر أحاول المساعدة في قضية فلسطين، وكنت في جنيف للمشاركة في افتتاح مؤتمر سوريا للحل السياسي، ثم في دافوس كنت حاضرا مع رئيس الوزراء ورجال الأعمال وأمور أخرى كثيرة. إذن، مصر تتعامل مع أكثر من قضية في آن واحد، وهذه طبيعة وزنها وثقلها وتاريخها. والسؤال هو: هل سنعبر من هذه الأزمة؟ نعم سوف نخرج من هذه المرحلة رغم كثرة المشاكل. كيف؟ إذا وقف العنف سريعا ستجد المجتمع انفتح سياسيا على بعضه بشكل أفضل وأسرع، أما إذا استمر العنف فإن الأمر سوف يأخذ وقتا أطول إنما سنصل حتما في النهاية، لأن من خرجوا للشارع في 25 يناير و30 يونيو لا بد أن تكون لهم المشاركة في المستقبل، وكذلك إذا وقف المجتمع الإقليمي والدولي ضد العنف فسوف يساعد هذا في استقرار الأوضاع السياسية.
* أقصد أيضا تأثير الاضطراب الإقليمي والعنف في بلاد أخرى على مصر..
- مع تشكيل هذه الحكومة بالتحديد والنشاط الخارجي، كل وزراء الخارجية الذين التقيت بهم يقولون لي حمدا لله على السلامة، وبالإنجليزي «welcome back». العالم العربي يحتاج للدور المصري. والعالم العربي من دون الدور المصري، هناك فراغ كبير فيه. فمن دون شك عندما تكون هناك أزمات في مختلف مناطق العالم العربي وأيضا في بعض الدول الأفريقية، فلا شك أن هذا يعطل الطريق، ويعقده، لكنه يضيف إلى مسؤولياتنا.
* وبالنسبة لتطور العلاقات مع الولايات المتحدة.. هي لم تعين سفيرا لها في القاهرة منذ الإطاحة بحكم الرئيس السابق..
- أول شيء.. على المستوى الدولي، التعامل مع أميركا، نظرا لأهميتها السياسية والأمنية والاقتصادية، أمر حتمي لكل دول العالم. قد يكون التعامل إيجابيا في جانب أو سلبيا في جانب آخر، لكن لا بد من التعامل معها. على الجانب الآخر بالنسبة للشرق الأوسط، لا بد من التعامل مع مصر وتأثيرها الحضاري والاجتماعي والسياسي لدى كل الدول العربية، أيا كانت العلاقة إيجابية أو سلبية أو فيها دفء أو فيها برود. وحين تقول إنني لن أتعامل مع أكبر اقتصاد في العالم فأنت هنا تضيع الفرصة على نفسك.. والعكس صحيح. كانت هناك بلا شك حساسيات ومشاكل، وأنا وصفت العلاقة بأن فيها ضبابية، وحدث في البداية تحسن لكنه لم يستقر. كان في ذهنهم أن يرشحوا بعض الناس (لتولي السفارة في القاهرة)، وهذا ما قيل في الصحف، ثم غيروا رأيهم أو كما يقال في الصحف إنهم غيروا رأيهم بشأن مرشح. نحن لم يصلنا حتى الآن مرشح رسمي. وعندما يصلنا ترشيح سنبحث هذا. لكن السفارة (الأميركية في القاهرة) قائمة وتعمل. أهم شيء في المرحلة المقبلة، على ما أعتقد، هو الحوار الاستراتيجي، لأنه سيكون حوارا استراتيجيا بالمعنى الحقيقي.. ويجب أن يتضمن ما هي القضايا التي تهم أميركا ومصر، وكيف يجري التعامل معها في نقاط الاتفاق والاختلاف، فقد نتفق في موضوع، وفي موضوع آخر لا.. وقد نكون «متفقين» في عشرة موضوعات، وفي موضوع واحد لا، أو العكس. أقصد بالحوار الاستراتيجي المعنى العميق.
* وهل تقرر موعد لبدء مثل هذا الحوار؟
- لا.. نحن أرسلنا مقترحات، وننتظر الرد الذي ربما لن يصل قبل نهاية فبراير (شباط).
* وبرامج المساعدات؟
- المساعدات في جانبها المدني محدودة للغاية، وكانت موقوفة جزئيا نتيجة لموقف الإدارة الأخير.. إنما مع إقرار المساعدات في الميزانية الجديدة سننظر في الإجراءات.. لكن بالنسبة للجانب العسكري، فجزء ينفذ وجزء كان مؤجلا.
* وبالنسبة للعلاقات العربية.. طبعا هناك علاقات جيدة مع عدد من الدول العربية، وهناك توتر في علاقات مع دول عربية وغير عربية في الفترة الأخيرة. وبالطبع وزارة الخارجية أصدرت بيانات بشأن هذا في حينه، لكن لوحظ أن هناك أصواتا في الداخل، سواء من سياسيين أو حزبيين، تريدكم أن تأخذوا مواقف أقوى، وربما كانت هناك مصالح.. فكيف توازنون بين الضغط الموجود في الشارع الذي يطالب بإجراءات أشد، وفي الوقت نفسه مراعاة المصالح المصرية؟
- توجد غضبة شعبية في محلها. هناك محاولة للمساس بمصر، وهناك سياسات معينة من بعض الدول. ولن نقبل بالمساس بمصر، أما كيفية رد الفعل فيدخل ذلك في حساب ما هو الشيء الأكثر تأثيرا. أنا في النهاية مسؤول أمام الرأي العام المصري، أن أحقق له مصالحه، ولا أنعزل عن مواقفه، لكن بالمسؤولية في تحقيق تلك المصالح. إذا اتخذت إجراء محددا، وأعجب الرأي العام، فهذا لا يعني أن الإجراء صدر لكي يعجب به الرأي العام، ولكن لأنه يحقق له مصلحته. لكن إذا لم اتخذ إجراء ثانيا فهذا لا يعني أنني أتجاهل الرأي العام إطلاقا، وإنما علي أن أتحرك بما يحقق مصلحته، حتى لو كان هذا يحملني نسبة نقد، فأنا أتقبل هذا. الشيء الوحيد الذي لا أتقبله هو ألا يكون هناك اهتمام مصري بالشؤون الخارجية. كما أن الاهتمام الشعبي يدعمني في العمل. ونحن نتحرك بحساب دقيق وبأفعال بعضها ظاهر وبعضها غير ظاهر. إذا كانت هناك استجابة يكون في المرحلة المقبلة تحسن، وإذا لم يتحسن ووجدنا أن الأفعال لم تكف فقد نزيد من «الإجراءات» وقد تكون هناك أمور أخرى ظاهرة أو غير ظاهرة. لكن هدفنا بإيجاز هو أنه لا يمكن المساس بمصلحة مصر، وحماية هذه المصلحة وتحقيق أكبر قدر من الفائدة لمصر وحماية مصالحنا، وعلى الساحة العربية نتعامل بحسابات خاصة، لكن كما أقول دائما، المصلحة المصرية هي الأساس، ودافعنا للتحرك، ويجب ألا يشك أحد في استعدادنا أو قدرتنا على اتخاذ مواقف في إطار رسمي يشملنا ويشمل غيرنا. على سبيل المثال، عندما اتخذنا قرارا ضد تركيا، فكل قرار اتخذناه من أول خطوة إلى آخر خطوة كان بالتنسيق بيننا وبين أجهزة الدولة المختلفة، حسب الإجراء. وجرى التنسيق أفقيا ورأسيا.
* بالنسبة لما يتعلق بالعلاقات مع قطر وتركيا، هل هناك مؤشرات إيجابية، أم أن الوضع ما زال على ما هو عليه؟
- حتى الآن من السابق لأوانه أن نقول إن هناك تحسنا. هناك ترقب بيننا وبين تركيا. أحيانا تكون هناك مواقف سلبية وأحيانا تجد أن هناك مواقف إيجابية، بعضها قد يكون يعكس سياسة، وبعضها قد يكون رد فعل لشيء معين، أو حتى قد يكون غير صحيح.. خبر في صحيفة مثلا يثبت بعد ذلك أنه غير صحيح. وأيضا هم بالتأكيد يتابعون الوضع في مصر ويتصورون أن هذا موقف سلبي أو موقف إيجابي، بينما ربما لم يكن قد اتخذ أي موقف أصلا. نحن نتابع، لكن من السابق لأوانه أن نقول إن هناك تحسنا أو ما يستدعي اتخاذ خطوة إضافية.
* أحد أهم مقومات القوة للدول القدرة الاقتصادية.. والوضع الاقتصادي في مصر ضعيف. كيف يمكن لوزارة الخارجية أن تلعب دورا في جذب الاستثمارات أو تشجيع السياحة؟
- كل زياراتي الخارجية خلال الشهور الستة الماضية لم تخل زيارة واحدة منها من عنصر الاقتصاد. وليس شرطا أن أكون طرفا فيها مثلما جرى توقيعه أخيرا في آسيا، حيث جرى توقيع عقد استثماري كوري – مصري - أميركي، لمشروع بتروكيماويات ضخم في مصر. وكذلك في الصين جرى التشاور حول تنمية الاستثمارات الصينية في مصر. والشيء نفسه في اليابان حيث كانت هناك جلسة كبيرة مع رجال أعمال يابانيين. وأعطيت تعليمات هنا في الوزارة أن يكون هناك كل شهر اجتماع مع القطاع الخاص المصري للتشاور وما يمكن أن تقدمه الخارجية. فالجانب الاقتصادي جزء رئيس من عملنا. طموحاتي ليست مجرد سد الفجوة، ولكن أريد أن أعيد مصر إلى مكانها الطبيعي، ومن أجل هذا لا بد أن تكون لدي القدرة على اتخاذ القرار، في ما يتعلق بالاستيراد والتصدير والاستثمار في الخارج. وحين يطلب مني المواطن المصري أن أرد على دولة بعينها اتخذت مني موقفا سلبيا، فأسأل إن كان يتحمل الإجراءات التي أتخذها أم لا.. ولكي أكون في الموقف الريادي لا بد أن أقف على قدمي. الجانب الاقتصادي له عنصر أساسي. حين جئنا (بعد 30 يونيو) كنا تحت ضغط شرح المواقف، ثم إثبات كيف بدأنا ننطلق.
* وبالنسبة للعودة للاتحاد الأفريقي؟
- لا يوجد تقدم حتى الآن.. توجد اتصالات كثيرة جدا. يوجد تطور وتحول في مواقف العديد من الدول الأفريقية وتفهم أكثر بكثير جدا للموقف المصري، ويوجد اجتماع لمجلس الأمن والسلم الأفريقي على مستوى القمة أثناء القمة الأفريقية الأسبوع المقبل، لكن لم نصل بعد في تقديري إلى النقطة التي أستطيع أن أقول عندها إنني مطمئن لتعديل القرار في هذه اللحظة بالذات. وسنتابع ما يجري في المجلس، وأتمنى أن يجري تعديل القرار، في ضوء إقرار الدستور المصري، وهو من أهم خطوات خارطة الطريق.
* وماذا عن قضية المياه مع إثيوبيا؟
- القضية المتعلقة بموضوع المياه وسد النهضة بالتحديد مشكلة حقيقية مع إثيوبيا بصفة خاصة. لن نتنازل أبدا عن حقنا التاريخي في المياه. نتمسك دائما بالتعامل مع الممرات المائية العابرة للدول وفقا للقانون الدولي. وفي الوقت نفسه نحن منفتحون.. نريد التعاون في إيجاد شبكات حقيقية مع إثيوبيا أو السودان أو غيرهما لضمان الاستجابة لطموحات إثيوبيا الاقتصادية والتنموية واحتياجات السودان للمياه وموارد مياه منتظمة واحتياجات مصر.. لكن للأسف لم تصل الدورات الفنية الثلاث التي عقدت (تضم مصر والسودان وإثيوبيا) حتى الآن لإنجاز يسمح لنا بالقول إننا تجاوزنا مرحلة الأزمة، لكن سنواصل هذا الجهد. في جميع الأحوال المياه أمن قومي ولا يمكن التهاون في هذه القضية ولن يكون، إنما مدخلها هو الوضوح في أهمية هذا الموضوع وفي تمسكنا بحقوقنا وفي استعدادنا للتعاون مع دول حوض النيل للبناء على القائم تاريخيا ومزيد من التعاون مستقبلا.
* يقال إنه في فترات سابقة كان وزير الخارجية الحقيقي هو رئيس الجمهورية، خاصة في فترة حكم حسني مبارك.. فما رؤيتك لعمل الدبلوماسية المصرية في العهد الجديد، مقارنة بعمل وزراء الخارجية في العديد من الدول الأخرى؟
- أولا كل دولة لها تقاليدها وأساليبها. ثانيا حتى النظام في مصر يتطور، بمعنى أنه في النظام الرئاسي الصرف، الشؤون الخارجية، في نهاية المطاف، كانت تعرض أساسا على رئيس الجمهورية وليس على رئيس الوزراء. ومع وجود ثورتين ومحاولة لإيجاد توازنات، وإلى حين إقرار الدستور (الذي أقر منذ أسبوعين)، كنت أعرض القضايا السياسية الخالصة على رئيس الجمهورية، وبعض القضايا التي فيها عنصر اقتصادي، ليس فقط على رئيس الوزراء، ولكن أيضا على مستوى مجلس الوزراء، في ضوء أن المناخ العام مناخ المشاركة، والقرار النهائي في القضايا الاستراتيجية لرئيس الجمهورية، لكن هذا لا يعني إطلاقا أن العمل اليومي يرفع لرئيس الجمهورية. المطلوب الآن أن يقوم كل بدوره. رئيس الجمهورية مسؤول عن كل الدولة وكل القضايا، وفي ما يتعلق بالقضايا التي تستدعي اتخاذ قرار يجري رفعها لرئيس الجمهورية. وهناك مسار ثان بأن يجري إطلاعه (الرئيس) من باب المعلومات.
إن الدستور الجديد حدد مسؤوليات مختلفة. لذا هناك تشاور على مستوى رئيس الحكومة ومجلس الوزراء. في الماضي كان كل شيء على حدة. أحيانا تجد لجنة مشتركة يرأسها رئيس الوزراء ومعه وزير الخارجية، وأحيانا لا يكون معه. ويجب أن نضع مراسم معينة أو تقاليد معينة لأن ما يستدعي طرحه على رئيس الجمهورية لاتخاذ قرار فيه يجب أن يكون شيئا متميزا، والشيء نفسه مع رئيس الوزراء، وهنا الأمور تعالج تلقائيا على مستوى وزير الخارجية، كما تعالج بعض الأمور على مستوى السفارات. يجب أن تختفي المركزية في القرار، إنما لم نصل بعد إلى هذا إلى أن يستقر الوضع السياسي.



«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً وشروطاً إسرائيلية للانتقال لتلك المرحلة.

تلك الجهود التي تشمل تحركات واتصالات أميركية ومصرية بخلاف اجتماع عسكري بالدوحة، تعزز فرص التوصل إلى حل لإنهاء تعثر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، معتقدين أن هناك ترقباً للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحسم الانتقال من عدمه.

وعاد الحراك الأميركي بشأن غزة مكثفاً، وأطلع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مبعوثا ترمب، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على المستجدات بشأن اتفاق غزة خلال مؤتمر عبر الفيديو، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

فلسطيني يجمع قوالب الخرسانة الخفيفة لبناء مأوى لعائلته قبل حلول فصل الشتاء في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن توم برّاك مبعوث ترمب يصل إلى إسرائيل، الاثنين، لبحث بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن «الزيارة بالغة الحساسية، وتقيّم مدى استعداد إسرائيل للتقدم نحو المرحلة الثانية، وتعكس نفاد صبر الرئيس ترمب إزاء تعثر الانتقال إلى المرحلة التالية من خطته لقطاع غزة، وستناقش قوات الاستقرار بغزة».

وأوضحت أن «برّاك يرى أن تركيا يجب أن تكون جزءاً من قوة الاستقرار، بفضل قدراتها العسكرية ونفوذها في غزة، ولكن إسرائيل تعدّ ذلك خطاً أحمر، إذ ترى أن أي طرف يحتفظ بعلاقات مع (حماس) لا يمكن أن يُصنف قوةَ استقرار، وإشراكه (في القوة الدولية) قد يقوض الاتفاق».

ورأت الهيئة زيارة برّاك، رغم أنه مهتم أكثر بشؤون سوريا ولبنان، «خطوة تحضيرية مباشرة للقاء المرتقب بين نتنياهو وترمب بفلوريدا في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، في ظل انشغال ويتكوف وكوشنر بملف أوكرانيا.

وتأتي تلك الزيارة عشية استضافة الدوحة اجتماعاً للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة 25 دولة، الثلاثاء، لبحث هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة، بحسب ما ذكره مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» قبل أيام.

وسبق أن تحدثت القناة «14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة إلى إمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن المساعي الأميركية تعكس وجود ضغوط لتسهيل التفاوض بشأن المرحلة الثانية، التي تبدو معقدة للغاية مع مساعي نزع سلاح القطاع وتشكيل قوات الاستقرار ولجنة إدارة القطاع، مشيراً إلى أن «تلك الملفات لم تحسم بعد، وليست هناك ملامح بشأن إنجازها قريباً والأمور ضبابية».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، بأنه «أياً كانت المساعي فيجب أولاً وقف التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأن تضغط واشنطن بقوة على نتنياهو، غير ذلك ستذهب التحركات الأميركية بلا نتائج مؤثرة، خصوصاً أن هناك حديثاً عن توجه للقفز للبند 17 من اتفاق غزة الذي يسمح ببدء تحركات فردية إسرائيلية في أماكن سيطرتها وإعمارها، وهذا أمر خطير».

ووسط تلك المساعي الأميركية، والمخاوف، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي، الاثنين، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب، وأهمية نشر قوة الاستقرار الدولية المؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر أمني، أن تنفيذ المرحلة الثانية «غير وشيك»، مع استمرار مساعي إسرائيل لاستعادة جثة الرهينة ران غويلي، التي تعد آخر جثة تطالب باستعادتها من قطاع غزة، فيما أفاد موقع «والا» العبري بأن تل أبيب تربط التقدم في الاتفاق باستعادة الجثة.

ويرى السفير هريدي أن إسرائيل تتعمد إفساد التوجه للمرحلة الثانية بتلك الذرائع، مشيراً إلى أن «القاهرة تعمل على إنهاء تلك الذرائع وتوسيع دائرة التحركات، لدفع واشنطن نحو إجبار نتنياهو على تنفيذ الاتفاق، وهذا سيتضح أكثر خلال لقاء القمة مع ترمب أواخر الشهر».

وشدد الرقب على أن «محددات المرحلة الثانية 3 أمور رئيسية؛ هي وصول قوات الاستقرار، وتشكيل لجنة إدارة القطاع، ووجود جهاز شرطي فلسطيني لتسلم غزة، وجميع ذلك لم يحدث، وبالتالي سيتأخر الانتقال لتلك المرحلة، ما لم يحسم ترمب الأمر مع نتنياهو خلال القمة المرتقبة».


الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
TT

الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)

تفجّرت مشادة كلامية بين رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس، وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، حول قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وبدأت المهاوشة على خلفية دعوة ساويرس لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي نحو 47.48 جنيه)، إلا أن الرد من بكري جاء لاذعاً، متهماً رجل الأعمال بـ«البطولة الوهمية»، مطالباً إياه بأن يبدأ بنفسه بتطبيق الحد الأدنى في شركاته قبل أن يطالب الدولة.

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (صفحته الرسمية)

كان نجيب ساويرس قال قبل أيام، خلال كلمته في مؤتمر توظيفي، إن مؤسسة «ساويرس للتنمية الاجتماعية» تواصل جهودها في دعم وتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يسهم في رفع دخولهم من مستويات متدنية قد لا تتجاوز ألفي جنيه إلى نحو 14 و15 ألف جنيه، وهو ما اعتبره «الحد الأدنى الضروري للمعيشة وضمان حياة كريمة للمواطن في ظل التضخم الحالي».

وقرر «المجلس القومي للأجور» في فبراير (شباط) الماضي زيادة الحد الأدنى من 6 آلاف جنيه لتصل إلى 7 آلاف جنيه بدأ تطبيقها في مارس (آذار) الماضي.

وتأتي دعوة رجل الأعمال المصري وسط مطالبات مجتمعية وبرلمانية متزايدة برفع مستويات الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وتكاليف المعيشة، ومع تذبذب مؤشرات التضخم.

وأصدر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان التضخم عن نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أظهر استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي في الحضر 12.3 في المائة مقارنة مع 12.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.

ورغم أن مطلب ساويرس لاقى دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما اتفق عليه أيضاً البرلماني والإعلامي مصطفى بكري، فإنه أضاف في تغريدة له على حسابه بمنصة «إكس»، موجهاً حديثه لرجل الأعمال: «ما رأيك أن تبدأ أنت بالمبادرة وترفع رواتب الموظفين عندك»، واتهم ساويرس بأن رواتب الأغلبية لديه «لا تتعدى 5760 جنيهاً شهرياً، وهناك من هو أقل من ذلك».

وأثارت هذه المهاوشة الافتراضية تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن ساويرس يسلط الضوء على قضية فعلية تتعلق بضعف الأجور، ومن يعتبر أن بكري محق في مطالبته لرجل الأعمال بأن يكون قدوة في مؤسساته الخاصة قبل أن يطالب الدولة بالتغيير.

وأيد كثير من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يكون الحد الأدنى للأجر 15 ألف جنيه، وتمنوا أن يصل صوت ساويرس إلى المسؤولين في مصر.

كما تفاعل عدد من الإعلاميين مع ما نادى به رجل الأعمال، وقال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، «إن مصر تحتاج إلى وزارة للرحمة، وأن المجتمع المصري لن ينجو بالاقتصاد ولكن سينجو بالرحمة».

وأشار إلى أنه طالب بهذا الرقم قبل سنوات ما عرضه للانتقاد وقتها، موضحاً «أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 7 آلاف لا يطبق في أغلب الشركات».

بدوره، قال الإعلامي محمد علي خير، في برنامجه «المصري أفندي»، إن ملف الأجور في مصر أصبح أحد أخطر ملفات العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن الدخول الحالية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المعيشة، خصوصاً للشباب المقبل على الزواج.

وأضاف: «الحديث عن أجور 4000 و5000 و6000 و7000 جنيه لم يعد مقبولاً في ظل الغلاء الحالي وتراجع القدرة الشرائية»، مؤكداً أن الأجور في مصر تحتاج إلى تغيير جذري وليس حلولاً شكليةً.

كما تبادل العديد من النشطاء الرؤى حول الحد الأدنى المناسب للراتب، لضمان حياة كريمة للملايين من العاملين.

وتطور الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المصري منذ إقراره لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث بدأ بـ2400 جنيه، ثم ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير 2023، و3000 جنيه في يوليو (تموز) 2023، ثم 3500 جنيه في يناير 2024، و6000 جنيه في مايو (حزيران) 2024، ليصل إلى 7000 جنيه اعتباراً من مارس 2025.

في المقابل، انتقد بعض المدونين كلمات بكري المنتقدة لمطلب رجل الأعمال البارز، مطالبين إياه بمساندة ساويرس في كلامه بدلاً من السخرية منه. كما طالبه آخرون، كونه إعلامياً بارزاً وصوتاً للمواطن في البرلمان، بفتح النقاش عن الحد الأدنى للرواتب والمعاشات.

بينما سخر طرف ثالث من المهاوشة الافتراضية، لافتين إلى أن طرفيها رجلان يملكان الملايين، ويتنازعان حول أجور ومستحقات البسطاء، في حين أن المحصلة النهائية ستكون غياب أي نتيجة إيجابية من الطرفين.


أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.