إجراءات وقائية تستبق إعادة تشغيل المنافذ الليبية مع تونس

إصابات «كورونا» ترتفع وسط جهود لمحاصرته

TT

إجراءات وقائية تستبق إعادة تشغيل المنافذ الليبية مع تونس

تتهيأ السلطات الأمنية والطبية في غرب ليبيا لبدء إعادة تشغيل المنافذ الحدودية والجوية مع تونس، اليوم، من خلال إنشاء منطقة لتطهير الأمتعة ووسائل النقل والسلع، بالإضافة إلى تخصيص أماكن لمراقبة الحالات الصحية الوافدة للمعبر، وفقاً للبروتوكول الصحي الموقع بين البلدين بما يسمح باستئناف الرحلات والتبادل التجاري، يأتي ذلك وسط ارتفاع ملحوظ في حصيلة الإصابات اليومية بفيروس «كورونا».
وأعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض، أمس، أن 11 مختبراً طبياً بالبلاد تسلموا 3864 عينة، وتبين بعد فحص بتقنية Real Time PCR إيجابية 824 حالة، فيما جاءت الباقية سلبية، وتصدرت طرابلس قائمة الإصابات بـ555 حالة جديدة و269 لمخالطة، ولفت المركز إلى أن إجمالي العدد التراكمي بلغ 72628 إصابة بارتفاع يقارب الألف حالة يومياً، بالإضافة إلى 995 وفاة.
ونوه المركز الوطني، ومقره طرابلس، إلى أن الحالات النشطة تقدر بـ28374 إصابة، بعدما تعافت 43259 حالة، بمعدلات متزايدة أيضاً، وعزت مصادر طبية بالمركز، ذلك إلى أن السلطات في البلاد تبذل جهوداً كبيرة لتوعية المواطنين بمخاطر الجائحة، وتكثف من الفرق الطبية لأخذ العينات العشوائية سعياً لمجابهة الجائحة.
وفي خطوة تستهدف دعم «الجيش الأبيض» والفرق المساعدة، أعدت وزارة الصحة بحكومة «الوفاق» أمس، «برومو» يثمن بعض تضحيات الأطباء والممرضين الذين قضوا متأثرين بفيروس «كوفيد - 19»، وقالت إدارة الإعلام بوزارة الصحة بحكومة «الوفاق» إن الراحلين «سطعوا كالنجوم في سماء التضحية والعطاء، ودونوا أسماءهم في دواوين العظماء، بعدما قضوا نحبهم بسبب فيروس».
ونوهت الوزارة إلى أنها «بصدد إعداد حصر كامل لكل (شهداء الواجب)، من خلال فيديو وثائقي بقوائم رسمية سينشر قريباً».
وأعلن عصام الجهاني عضو مجلس النواب الليبي تعافيه من فيروس «كورونا»، في وقت باتت مواقع التواصل الاجتماعي هناك سرادق عزاء متسعا للعديد من ضحايا الوباء.
وفور إعلان سلطات طرابلس عن بدء تشغيل المنافذ الحدودية والجوية مع تونس، بدأت الاستعداد تجري بشكل متسارع في معبر رأس اجدير لإعادة تشغيله، وقالت هيئة الرقابة على الجوازات، إنهم انتهوا من تجهيز كل إجراءات السلامة للتصدي للفيروس.
واتفقت السلطتين الليبية والتونسية أول من أمس، على بروتوكول صحي، شدد على تخصيص أماكن عزل للحالات التي تظهر عليها أعراض الإصابة بفيروس أو الحالات التي يشتبه في إصابتها، وتطهير المرافق الموجودة بالمعبر مع الالتزام كامل الإجراءات الاحترازية المطلوبة، بالإضافة إلى توزيع المعقمات والمطهرات الكحولية وكذلك الكمامات، وتوفر التهوية الكافية بمختلف أماكن ومرافق بالمعابر.
كما أكد البروتوكول على التنظيف والتطهير للمعابر بواسطة أطقم مختصة بهذا الغرض، وفقاً لمخطط معد يضمن تحديد وتيرة مراحل التنظيف حسب موجات العبور داخل المنافذ على أن يتم التركيز على الأسطح الأكثر عرضة للمس.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».