«الوفاق» تحذر من إمكانية فشل «وقف النار» في ليبيا

«سرت العسكرية» تناقش تفاصيل «الهدنة»

صورة أرشيفة لرئيس حكومة الوفاق الليبي فائز السراج مع الجنرال محمد علي الحداد (أ.ف.ب)
صورة أرشيفة لرئيس حكومة الوفاق الليبي فائز السراج مع الجنرال محمد علي الحداد (أ.ف.ب)
TT

«الوفاق» تحذر من إمكانية فشل «وقف النار» في ليبيا

صورة أرشيفة لرئيس حكومة الوفاق الليبي فائز السراج مع الجنرال محمد علي الحداد (أ.ف.ب)
صورة أرشيفة لرئيس حكومة الوفاق الليبي فائز السراج مع الجنرال محمد علي الحداد (أ.ف.ب)

حذرت قوات حكومة «الوفاق» الليبية، برئاسة فائز السراج، من إمكانية فشل وقف دائم لإطلاق النار، معربة عن «تحفظها» على سير اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، التي استكملت أعمالها في مدينة سرت أمس.
وقال العقيد محمد قنونو، الناطق باسم قوات «الوفاق» المشاركة في عملية «بركان الغضب»، إن «ما يحدث حتى الآن في لقاءات اللجنة العسكرية لا يصب في اتجاه وقف دائم لإطلاق النار»، وأضاف متسائلاً عن سبب نزول وفد قوات «الوفاق» العسكري على بعد 170 كيلومتراً شرقي سرت، رغم «وجود مطارين بمدينة سرت حاضنة اللقاء».
وزاد قنونو من تساؤلاته حول مبررات ما وصفه بفرض مشاركة أفراد من خارج أعضاء اللجنة، ومنحهم منصة إدارة الجلسة، رغم التحفظات العديدة عليهم»، ولتفت إلى أن «التحركات العسكرية في محيط سرت إلى الجفرة لا توحي بنية إخلاء المنطقة من الميليشيات المسلحة، والبعثة لا تجهل ذلك».
وأضاف قنونو منتقدا ما حدث بالقول إنه «لا يمكن اعتبار ما جرى في سرت بالخطوة إلى الأمام، بل هي خطوة في الهواء، إن لم نقل للخلف... وإذا لم يصحح الوضع نخشى أن نقول إن المفاوضات قد لا تؤتي أكلها»، وعبر عن أمله في أن لا تكون هذه الممارسات «سبباً في إفشال مسار الحوار السلمي. لكننا لا نقبل أن نفاوض تحت حراب المرتزقة ودفاعاتهم الجوية».
وكانت «عملية بركان الغضب» قد أعلنت عن هبوط طائرة وفد حكومة «الوفاق» في ميناء السدرة النفطي في رأس لانوف، الواقع على بعد نحو 175 كيلومتراً شرق مدينة سرت، قبل التوجه إليها براً، وعزت ذلك إلى أن الطائرة لم تهبط في مطار القرضابية بسرت لأنها «محتلة من قبل عصابة مرتزقة فاغنر، وتنشر فيها منظومات دفاعية وأجهزة تشويش، وهم متواجدون فيها بكثرة، ويصعب إخفاؤهم، ولم ولن يسمحوا لهم بالهبوط فيها»، على حد تعبيرها.
كما أشارت إلى تزامن وصول الوفود إلى سرت مع «مناورات تدريبية بالذخيرة الحية»، أجرتها قوات «الجيش الوطني» جنوبي المدينة.
وبدأت اللجنة العسكرية المشتركة بين قوات «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، وقوات حكومة «الوفاق» اجتماعها أمس في سرت لاستكمال اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه خلال الشهر الماضي. وكان من المقرر أن تعلن اللجنة، التي تضم 5 من كبار قادة قوات طرفي النزاع في سرت، مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي، في بيان صحافي لها عصر أمس، تفاصيل الهدنة وآلية تطبيق مقترحات سحب قوات الجانبين من جبهات القتال. لكن تم تأجيل إصدار البيان إلى وقت لاحق.
وعقد اجتماع اللجنة في مجمع قاعات واغادوغو بسرت التي جرى تأمينها بقوة محلية، تزامنا مع محادثات أجراها صلاح النمروش، وزير الدفاع بحكومة «الوفاق»، في قطر بشكل مفاجئ أمس.
ونقلت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة «الوفاق» عن العميد المختار النقاصة، عضو وفد قواتها إلى المحادثات، اتفاق اللجنة على فتح وتأمين الطريق الساحلي، مع سحب المرتزقة والمقاتلين الأجانب، مشيرا إلى أن سحب «المقاتلين الأجانب» سيكون بعمق 5 كيلومترات إلى بنغازي وطرابلس كمرحلة أولى، فيما تقتضي المرحلة الثانية سحب كافة المرتزقة والمقاتلين الأجانب من خطوط التماس إلى طرابلس وبنغازي.
وأوضح النقاصة أن حدود خطوط التماس، المفترض الانسحاب منها، تبدأ من جنوب سوكنة إلى بوقرين غربا، وحتى بن جواد شرقا، مشيرا إلى تشكيل لجان للإشراف على خروج المرتزقة.
في غضون ذلك، توعد القائد العام لـ«الجيش الوطني»، الذي أدان في بيان مساء أول من أمس، الاعتداء الآثم الذي أودى بحياة المحامية والناشطة السياسية حنان البرعصي، بالضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن والمواطن، وأكد وضع كل الإمكانيات المطلوبة لإنجاز ذلك تحت تصرف الأجهزة الأمنية.
ووزعت الإدارة العامة للبحث الجنائي في بنغازي، أمس، صورة قالت إنها لمنفذ عملية اغتيال البرعصي والسيارة التي استعملها، وطالبت كل من يتعرف على ملامحه بتقديم المعلومات للأجهزة الأمنية.
ونشرت ابنة البرعصي صورة لقبر أمها، تؤكد فيها أنه تعرض للعبث ودمر شاهده، بعد مغادرتهم لمكان دفنها في مقبرة برسس، بينما أدانت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا اغتيالها «في وضح النهار في بنغازي على يد مسلحين مجهولين»، ووصفتها بأنها كانت من أشد المجاهرين بانتقاد الفساد، وإساءة استخدام السلطة وانتهاكات حقوق الإنسان. في سياق آخر، جدد المجلس الأعلى للدولة تمسكه في بيان أمس بأن حل الأزمة الليبية يمكن في الاستفتاء على مشروع الدستور، وإنهاء المرحلة الانتقالية بانتخابات رئاسية وبرلمانية، وتوحيد المؤسسات، وتعديل السلطة التنفيذية طبقا لاتفاق الصخيرات.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».