اليمن يلاحق «سفير» إيران في صنعاء قضائياً

العميد مجلي لـ«الشرق الأوسط»: إيرلو يشرف على بناء ميليشيات تتبع «الحرس الثوري»

عضو «الحرس الإيراني» حسن إيرلو لدى حضوره تجمعاً حوثياً نظمته الميليشيات الحوثية في صنعاء نهاية الشهر الماضي (أ.ب)
عضو «الحرس الإيراني» حسن إيرلو لدى حضوره تجمعاً حوثياً نظمته الميليشيات الحوثية في صنعاء نهاية الشهر الماضي (أ.ب)
TT

اليمن يلاحق «سفير» إيران في صنعاء قضائياً

عضو «الحرس الإيراني» حسن إيرلو لدى حضوره تجمعاً حوثياً نظمته الميليشيات الحوثية في صنعاء نهاية الشهر الماضي (أ.ب)
عضو «الحرس الإيراني» حسن إيرلو لدى حضوره تجمعاً حوثياً نظمته الميليشيات الحوثية في صنعاء نهاية الشهر الماضي (أ.ب)

كشف المتحدث باسم الجيش اليمني العميد عبده مجلي عن أن المهمة الفعلية التي باشرها عضو «الحرس الثوري» الإيراني حسن إيرلو، المعين سفيراً مزعوماً في صنعاء، هي الإشراف المباشر على بناء ميليشيات طائفية تدين بالولاء وتنقاد للحرس الإيراني، وتعبث بهوية اليمن لإبعاده عن محيطه العربي والإسلامي.
يتزامن ذلك مع تحريك الادعاء العسكري للقوات المسلحة اليمنية قضية أمام المحكمة العسكرية ضد إيرلو الذي يسميه يمنيون «سفير الحرس الإيراني».
وأوضح العميد مجلي لـ«الشرق الأوسط» أن إيرلو يخالف منذ وصوله العاصمة صنعاء القوانين اليمنية والأعراف الدولية. وقال إنه ركز أنشطته على تجنيد الأطفال وإرسالهم إلى محارق الموت، إلى جانب تشديده على استهداف الأحياء المدنية والمدنيين في مأرب وتعز والحديدة.
وبحسب مجلي، فإن إيرلو «عدو حرب دخل اليمن، وستتم محاكمته لتعديه على الأنظمة اليمنية والدولية»، ولا سيما أن وصوله تبعه تكثيف الميليشيات من إطلاق الطائرات المسيرة المفخخة على المدن اليمنية، ونحو الأراضي السعودية، واستهداف الأحياء السكنية في تعز والحديدة ومأرب، كما كثفت تجنيد الأطفال في المناطق التي تسيطر عليها، وإرسالهم لمحارق الموت.
وتابع مجلي: «يسعى الحاكم العسكري الإيراني لبناء ميليشيا طائفية تدين بالولاء وتنقاد لأوامر (الحرس الثوري) الإيراني، وتلقين عناصر الحوثيين الخريجين من الدفعات الأمنية شعارات الولاية لعبد الملك الحوثي وإيران، بدلاً من القسم العسكري اليمني والولاء لله ثم الوطن والثورة والجمهورية، وهذا استفزاز وتحدٍّ لإرادة الشعب، وعبث بهوية اليمن لإبعاده عن محيطه العربي والإسلامي».
ودعا المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، إلى سرعة تصنيف الميليشيات الحوثية منظمة إرهابية، نتيجة الممارسات الإجرامية التي تقوم بها ضد المدنيين.
وكان الادعاء العسكري للقوات المسلحة اليمنية قد بدأ الأربعاء الماضي تحريك قضية أمام المحكمة العسكرية في مأرب، ضد الحاكم العسكري الإيراني في صنعاء حسن إيرلو، متهماً إياه «بالدخول متنكراً إلى الأراضي اليمنية، بقصد التجسس والتخريب، والاشتراك مع ميليشيا الحوثي الانقلابية في إدارة العمليات العدائية ضد الجيش الوطني والشعب اليمني».
وذكرت المصادر الرسمية اليمنية أن المحكمة العسكرية في مأرب، عقدت جلسة برئاسة القاضي عقيل تاج الدين، وبحضور المدعي العام العسكري اللواء عبد الله الحاضري، جرى خلالها تقديم ملف القضية الجنائية رقم 6 لسنة 2020. الخاص بالمتهم الحربي حسن إدريس إيرلو، مشفوعاً بقرار الاتهام.
وخلال الجلسة نفسها، قدم محامو الادعاء عدداً من المجني عليهم الذين تعرضوا للتعذيب في سجون ميليشيا الحوثي، وجميعهم وكَّلوا محامي الادعاء بتقديم الدعاوى الشخصية والمدنية وتقديم الردود والدفوع، وما يلزم في القضية.
واستمعت المحكمة - بحسب ما ذكرته وكالة «سبأ» - للمجني عليهم ممن عُذبوا في سجون ميليشيا الحوثي، ولما أصابهم من أذى، وكشفوا أجسادهم للمحكمة لعرض آثار التعذيب التي تعرضوا لها.
وقررت المحكمة تمكين الأطراف من الرد على عريضة الدفع المقدمة من محامي لجنة الدفاع، في الجلسة المقبلة المقرر عقدها بتاريخ 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
وتقول الحكومة اليمنية إن إيران تواصل السعي لتكريس نفوذها في اليمن عبر أتباعها الحوثيين، دون أن تلتفت إلى التداعيات الإنسانية التي خلفها انقلاب الجماعة على ملايين السكان.
ومع وصول القائد الإيراني حسن إيرلو إلى صنعاء، كانت الجماعة الحوثية قد احتفلت أخيراً بتخريج دفعة من طلبة جامعة صنعاء، تخرجوا في قسم اللغة الفارسية، وأطلقت عليهم «دفعة قاسم سليماني»، في إشارة إلى تمجيد قائد «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني، الذي لقي مصرعه في عملية أميركية مطلع العام الحالي.
وفي حين بدأ إيرلو في الظهور العلني بفعاليات الجماعة ومع كبار قادتها في صنعاء، كانت وسائل إعلام حوثية قد بثت في وقت سابق أنه التقى رئيس حكومة الانقلاب الحوثية غير المعترف بها، عبد العزيز بن حبتور.
ونقلت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» أن إيرلو أكد أنه سيواصل العمل لتعزيز العلاقة بين الجماعة الحوثية وطهران، في «مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والتنموية والثقافية»، في حين أكد له رئيس حكومة الانقلاب أنه سيحظى «بأوجه الدعم والتعاون كافة» لتسهيل مهمته في اليمن.
وبحسب ما بينته الحكومة اليمنية، فإن «المعلومات المتوفرة لديها تؤكد أن المدعو حسن إيرلو مرشد ديني كبير، وقائد التدريبات على الأسلحة المضادة للطائرات، ومسؤول عن تدريب عدد من الإرهابيين والعناصر التابعة لـ(حزب الله) اللبناني، في معسكر يهونار الواقع في مدينة خرج، شمال طهران».
وبينما قدمت الحكومة الشرعية شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي بهذا الخصوص، كانت الخارجية الأميركية من جهتها قد حذرت من مساعي إيران المستمرة لتعزيز ما وصفته بـ«النفوذ الخبيث» في اليمن.
وجاء التحذير الأميركي على لسان المتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس، في حسابها الرسمي على «تويتر»، متهمة النظام الإيراني بتهريب حسن إيرلو إلى صنعاء، تحت غطاء «السفير» الجديد.
وقالت أورتاغوس: «قام النظام الإيراني بتهريب حسن إيرلو، عضو (الحرس الثوري) الإيراني المرتبط بـ(حزب الله) اللبناني، إلى اليمن تحت غطاء (السفير) لدى ميليشيا الحوثي». وأضافت: «نية إيران في استخدام الحوثيين لتوسيع نفوذها الخبيث واضحة. يجب على الشعب اليمني أن يقول لا لإيرلو وإيران».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».