«داعش» يفتتح كلية للطب لا تشترط الحصول على شهادة الثانوية

مصدر معارض من الرقة: نقص الكادر الطبي وارتفاع عدد المصابين دفع التنظيم لافتتاحها

«داعش» يفتتح كلية للطب لا تشترط الحصول على شهادة الثانوية
TT

«داعش» يفتتح كلية للطب لا تشترط الحصول على شهادة الثانوية

«داعش» يفتتح كلية للطب لا تشترط الحصول على شهادة الثانوية

في خطوة لسد النقص الحاصل في الكادر الطبي في المناطق الخاضعة لسيطرته، افتتح تنظيم داعش قبل أيام قسما لدراسة الطب في منطقة الرقة في الشمال السوري والخاضعة لسيطرته.
وقد بات أمام الراغبين بدراسة الطب إمكانية الحصول على هذه الشهادة خلال 3 سنوات، وفق ما جاء في بيان ديوان الصحة في تنظيم داعش، معلنا عن افتتاح باب التسجيل لمن يرغب من الإناث والذكور في 22 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأتت هذه الخطوة خلافا لما كان متوقعا من التنظيم الذي كان قد بدأ في وقت سابق دراسة إنشاء عدد من الكليات التابعة لديوان التعليم، من أجل تأهيل كوادر على العمل ضمن الإدارات والمؤسسات التي سيطر عليها بعد اجتياحه للرقة ودير الزور.
ويحق لكل من يتراوح عمره بين الـ18 و30 أن يكون طالبا في كلية لطب لدى «داعش»، وليس بالضرورة أن يكون حاصلا على شهادة الثانوية العامة، كما يسمح كذلك لحملة الشهادة الإعدادية بالتقدم للدراسة، شرط أن يكون حاصلا على معدل 80 في المائة من المجموع العام.
ويسعى التنظيم إلى تكليف الأطباء المتبقين في مناطق سيطرته والطلبة الذين لم ينهوا دراسة الطب بمهمة تدريس بعض المواد في الكلية الجديدة، كما سيستعين ببعض الأطباء العرب والأجانب المنضوين تحته للقيام بالمهمة نفسها.
وذكر مصدر معارض من الرقة لـ«الشرق الأوسط»، أن المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش تفتقر للكادر الطبي بشكل كبير، حيث لم يتبقَ داخلها سوى عدد قليل من الأطباء أو طلبة غير متخرجين قام التنظيم باستمالتهم للعمل معه. هذا الكادر بقلة عدده ليس قادرا على الإيفاء بمتطلبات الواقع الصحي المتدهور داخل المستشفيات والمستوصفات التي استولى عليها التنظيم.
وتشير مصادر في الرقة إلى أن التنظيم لم يمارس في بداية سيطرته على تلك المناطق الضغط على الأطباء كي يعالجوا إصابات مقاتليه، إلا أنه في الشهرين الأخيرين بدأ يقوم بذلك بشكل واضح، كما أجبر الطلبة غير المتخرجين في كليات الطب على العمل لسد هذا النقص الحاد، بعدما بدأ عدد المصابين في صفوفه خلال المعارك بالتزايد، وكذلك في ظل عدم توفر الكادر الطبي المهني القادر على معالجة المصابين بالأمراض المزمنة.
ومن الجدير بالذكر، أن دراسة الطب البشري في سوريا تستغرق 6 أعوام جامعية قبل البدء بدراسة الاختصاص الطبي الذي يمتد عادة من سنتين إلى 4 سنوات. وهذه المقارنة دفعت الكثير من أهالي دير الزور والرقة إلى السخرية من قرار «داعش» الجديد. وقد طرح القرار الجديد أسئلة حول قدرات «داعش» على مستوى التنظيم والإدارة وتقديم الخدمات في المناطق التي تسيطر عليها، وخصوصا أن التنظيم قام خلال الشهرين الماضيين بحملة ترويجية بهدف إظهار إمكاناته التنظيمية والإدارية.
ويقدر المصدر أن مسألة تخريج طلبة الطب خلال 3 سنوات فقط هو تأهيل لأنصاف أطباء أو ممرضين. وقد يكونون قادرين على المساهمة في العمليات الإسعافية العامة. وهو ما يهدف له التنظيم من تلك الخطوة بإنقاذ ما يستطيع من حياة عناصره المصابين في المعارك التي يخوضها على جبهات القتال.
ورغم أن «داعش» لم يشترط على المتقدمين أن يصبحوا أعضاء ضمن التنظيم، فإنه سيقوم بإلزام الدفعة الأولى المتخرجة من الكلية بالعمل تحت إدارته، أما باقي الدفعات سيكون عليها العمل ضمن مناطق نفوذ «داعش» وذلك لعدم اعتراف أي جهة بالشهادة التي ستمنح لهم.
ولفت المصدر أن غارات التحالف العربي الدولي لم تقم إطلاقا باستهداف المستشفيات والمستوصفات داخل مناطق سيطرة «داعش»، باستثناء الاستهداف الذي قامت به غارة لطيران النظام ضد مستشفى الميادين للطب الحديث بتاريخ 16 ديسمبر 2014.



كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
TT

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، للحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لمنعه من التفلُّت من مسؤوليته بتوفير الأجواء السياسية المواتية لتطبيق مضمون هذا النداء، بعد أن كان قد التزم بمضامينه، لينقلب عليه لاحقاً بذريعة أن مجرد التلازم في وقف إطلاق النار ليشمل جبهتي جنوب لبنان وغزة يتيح لـ«حزب الله» تبرير مساندته لـ«حماس»، على نحو يرتد عليه سلباً، ويتسبّب له بإشكالات داخل حكومته المناوئة بأكثريتها للربط بين الجبهتين، فيما يلقى فصل الجبهتين معارضة من «حزب الله»، كونه يشكل له إحراجاً أمام بيئته بعدم الجدوى من انخراطه في إسناد غزة، وما ترتب عليه من أكلاف باهظة كان في غنى عنها.

«فيتوات» متبادلة بين إسرائيل والحزب

لكن صدور النداء الأميركي - الفرنسي بصيغته الراهنة قوبل بتبادل «الفيتوات» بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي يتمسك بتطبيق التلازم بوقف إطلاق النار على جبهتي غزة والجنوب، بخلاف نتنياهو المعترض عليه، وهذا ينسجم مع ما طرحه الوسيط الأميركي، أموس هوكستين، في مفاوضاته مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بتفويض من قيادة «حزب الله» لتهدئة الوضع جنوباً ونزع فتيل التفجير ومنع توسعة الحرب.

وكان الرئيس بري يعد العدّة لاستئناف التفاوض مع هوكستين لاستكمال البحث بينهما في الورقة التي أعدها الأخير لتهدئة الوضع جنوباً، للبدء بالتفاوض غير المباشر والتوصل إلى وقف إطلاق النار على قاعدة تهيئة الأجواء لتطبيق القرار رقم (1701) كونه الناظم الدولي لتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل.

لكن الرئيس بري، الذي كان قد تواصل مع هوكستين فور صدور النداء، فوجئ، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بمبادرة نتنياهو إلى سحب تأييده له باعتراضه على التلازم بتطبيق وقف إطلاق النار على الجبهتين الغزاوية والجنوبية، ومطالبته بعدم الربط بينهما بذريعة أنه يشكل انحيازاً لوجهة نظر «حزب الله» بإسناده لـ«حماس».

انقلب نتنياهو فألغى هوكستين زيارته

ويؤكد المصدر النيابي أن هوكستين كان يتحضر للعودة إلى بيروت لمواصلة البحث في الورقة التي أعدها لتطبيق القرار رقم (1701)، وسبق لبري أن سجّل ملاحظاته على بعض بنودها، لكنه عدل عن المجيء، بعد أن انقلب نتنياهو على موافقته المبدئية على ما ورد في النداء الذي يحظى أيضاً بتأييد إيران، انسجاماً مع توافقها والولايات المتحدة على استيعاب التأزم لمنع توسعة الحرب في الإقليم.

وينفي المصدر نفسه كل ما أُشيع عن أن هوكستين بحث في اتصاله ببري وجوب انسحاب الحزب إلى ما وراء جنوب الليطاني، ويقول إن الاتصال بينهما بقي في العموميات، ولم يتطرقا إلى أي تفصيل يتعلق بالورقة، طالما أن للبحث بينهما صلة.

ويبقى السؤال: هل ينجح الرئيس الأميركي جو بايدن في إقناع نتنياهو بتعديل موقفه بما يسمح بتعبيد الطريق لتنفيذ ما ورد في النداء؟ أم أن محاولته، وقد تكون الأخيرة، لن تلقى التجاوب المطلوب؟ وهذا ما يفتح الباب لسؤال آخر: كيف سيتصرف «حزب الله» في حال أصر نتنياهو على المضي في اجتياحه الجوي للبلدات الجنوبية والبقاعية، وفي اغتياله لأبرز قياداته وكوادره العسكرية؟

فلدى الحزب، كما تقول أوساط مقربة منه، القدرات العسكرية والقتالية للتعويض عن تراجع حدة المواجهة في القطاع، كما يشيعه بعضهم، وتقول إنه جاهز لمواجهة كل الاحتمالات، وسيمضي في دفاعه عن النفس ضد العدوان الإسرائيلي، ولن يرضخ لضغوط نتنياهو النارية باستهدافه المدنيين من دون أن يستدرج لتوسيع الحرب، مع احتفاظه بحق الرد على تجاوز نتنياهو الخطوط الحمر باغتياله لأبرز قيادات الحزب العسكرية والميدانية.

مخزون «حزب الله» الصاروخي

لكن الأوساط نفسها لا تعلق على ما يتردد بأن القتال في غزة بدأ ينحسر، وأن القطاع تحوّل إلى جبهة مساندة، ما يجعل الحزب منفرداً في حربه مع إسرائيل، وأنه أصبح يختصر بنفسه وحدة الساحات بتراجع منسوب الانشغال الذي تتولاه أذرع محور الممانعة في المنطقة، كما تفضّل عدم التعليق على تحليلات سياسية تتحدث عن التفاوض بين طهران وواشنطن، وتتهم إيران بترك الحزب وحيداً، وتحمله القسط الأكبر في المواجهة، بذريعة أن لديها حسابات وأوراق سياسية لا تريد التصرف بها في غير أوانها، وتحتفظ بها لتحسين شروطها في المفاوضات.

وتؤكد هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن لدى الحزب مخزوناً صاروخياً، يعود له وحده استخدام الصواريخ الدقيقة منه في الوقت المناسب، وتقول إن استخدامه لصاروخ من نوع «قادر-1» لن يكون الأول والأخير، وأريد منه تمرير رسالة يجب أن يأخذها العدو على محمل الجد، بأن الحزب قادر على تجاوز ما بعد حيفا باستهدافه مواقع إسرائيل العسكرية والمخابراتية، وهذا ما أصاب إحدى قياداته الواقعة على تخوم تل أبيب.

متى تتدخل إيران؟

لذلك، هل يبقى الحزب وحيداً في المواجهة لتراجع وحدة الساحات كما يقول خصومه في الداخل والخارج؟ أم أنه لا يزال يراهن، تبعاً لحساباته، على تدخل إيران في الوقت المناسب في حال تمادت إسرائيل في عدوانها بما ينذر باندلاع حرب شاملة؟ وهذا ما أكده وزير خارجيتها عباس عرقجي بقوله إن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال قيام إسرائيل بتوسيع الحرب لتشمل الإقليم، مع أن طهران تتمهل لأسباب خاصة بها في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في عقر دار الحرس الثوري.

في المقابل فإن تل أبيب تواصل اجتياحها الجوي لتفريغ البلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية لبيروت من سكانها، كونها مدرجة على بنك أهدافها، بغية تكبير أزمة النزوح بما يشكل إحراجاً للحزب أمام بيئته الحاضنة، والتحريض عليه بذريعة عدم قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية لمئات الألوف من النازحين، في ظل عدم استطاعة الدولة على تلبيتها كما يجب، وهذا ما يفسر إصرار إسرائيل على تحييد الطرقات الدولية والفرعية المؤدية إلى هذه القرى لتسهيل عملية النزوح منها.