صراع بين التجار والحكومة اللبنانية على تخفيض أسعار السلع الأساسية

67 تاجراً أمام القضاء بتهم تهريب واحتكار

أبو حيدر في جولة على بعض المحال التجارية قبل أيام (الوكالة المركزية)
أبو حيدر في جولة على بعض المحال التجارية قبل أيام (الوكالة المركزية)
TT
20

صراع بين التجار والحكومة اللبنانية على تخفيض أسعار السلع الأساسية

أبو حيدر في جولة على بعض المحال التجارية قبل أيام (الوكالة المركزية)
أبو حيدر في جولة على بعض المحال التجارية قبل أيام (الوكالة المركزية)

تتضارب المعلومات في لبنان حول تراجع أسعار السلع الأساسية التي يستهلكها المواطنون، على خلفية انخفاض سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء، وهو ما يشير إلى صراع بين التجار والسلطة اللبنانية التي تقوم، عبر وزارة الاقتصاد، بمهام ملاحقة المخالفين بهدف تخفيض أسعار السلع.
وفيما أعلنت نقابة مستوردي السلع الغذائيّة أنّها بصدد إعادة درس تسعير المواد الغذائية وقامت وزارة الاقتصاد بجولات على المحال التجارية بعدما طلبت لوائح الأسعار من التجّار للتأكّد من خفض الأسعار، يؤكد المواطنون أنّ أسعار السلع والمواد الأساسية لا تزال مرتفعة، وأنّ التراجع لم يطل إلّا مجموعة محدودة جدا من هذه الموّاد. ويكرّر أصحاب المحال التجارية أنّ الجزء الأكبر من المواد لم يتراجع سعره وأنّ ما انخفض سعره كان تحديدا أنواعا محددة من الأجبان والحبوب ومواد تنظيف، مع الإشارة إلى توافر مواد السلّة الغذائية المدعومة بكميات أكثر من السابق.
ولا ينفي المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر أنّ تراجع الأسعار لم يطل كلّ السلع والمواد الغذائيّة، إذ إن بعضها كان «بالأصل مسعّرا على أساس سعر صرف للدولار لا يتجاوز الـ7000»، إلّا أنّه يشير في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى تراجع أسعار العدد الأكبر من المواد الأساسية مثل الألبان والأجبان التي انخفضت بنسبة تتراوح بين 8 و10 في المائة، ومواد التنظيف ما بين 12 و18 في المائة، وكذلك اللحوم 50 في المائة وأيضا الدجاج والبيض، مؤكّدا أنّ معظم السلع الغذائية في الأسواق باتت تسعر‏ على أساس سعر صرف للدولار يتراوح بين الـ6800 و7000 ليرة.
ويذكر أبو حيدر أنّ الوزارة مستمرة في جوالاتها على المحال التجاريّة وأنّ هذه الجولات ستكثّف في المرحلة القادمة، مشيرا إلى أنّها كانت أحالت 67 تاجرا إلى النيابة العامة المالية، فيما خص الإخبارات عن عمليات تهريب أو احتكار.
ويعتبر رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي أنّ المواد التي يجب أن ينخفض سعرها انخفض بالفعل، أي تلك التي كانت تسعر‏ على أساس سعر صرف يتجاوز الـ7000 آلاف ليرة، أمّا السلع التي كانت في الأصل مسعّرة على أساس سعر صرف لا يتجاوز هذا الحد، فلم يتراجع سعرها.
ويلفت بحصلي إلى أنّ تراجع أسعار السلع يتطلب استقرارا جديا في صرف سعر الدولار، مذكرا بأنّه عندما أعلنت نقابة مستوردي المواد الغذائية أنها ستعيد دراسة سعر بعض المواد كان سعر صرف الدولار 6300 وهو اليوم بحدود الـ7300 ليرة للدولار الواحد، وذلك لأنّ انخفاض الدولار وارتفاعه لا يرتكزان على أساس اقتصادي يساهم بالاستقرار، بل على مناخ تفاؤلي أو تشاؤمي لا يمكن للتاجر الاعتماد عليه، فهو يريد الحفاظ على استمراريته، وبالتالي التأكّد بأنّه عندما يبيع منتجا معينا يستطيع شراء غيره بالمبلغ عينه، الأمر الذي يضمن أيضا عدم انقطاع المواد من السوق.
ولا يبدو أن الأسعار في السوق انخفضت، وتؤكد نائبة رئيس جمعية حماية المستهلك ندى نعمة أنّه لا يمكن أبدا الحديث عن تراجع للأسعار مع تراجع سعر الدولار، بل على العكس هناك بعض السلع التي شهدت ارتفاعا بالأسعار بشكل ملحوظ وصل إلى الضعف كالأسماك المبردة، مشيرة في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّ هناك علامات تجاريّة معينة من مجموعة غذائية مثل الأجبان شهدت تراجعا بالأسعار طفيفا جدا قابله ارتفاع في علامات تجاريّة أخرى للمنتج نفسه، وكذلك الحال في أدوات التنظيف.
ولفتت نعمة إلى أنه بالإضافة إلى ملاحظة ارتفاع الأسعار مع انخفاض الدولار توضح أرقام جمعية حماية المستهلك الاختلاف بين نقاط البيع بشكل لافت ما يعكس الفوضى في الأسواق ويتطلّب تشددا في المراقبة، موضحة أنّ لائحة جمعية حماية المستهلك تضمّ السلع والمواد الأكثر استهلاكا وهي عبارة عن سلة من 145 سلعة.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.