«المركزي الأميركي» يحذر من مخاطر التغير المناخي على الاستقرار المالي

TT

«المركزي الأميركي» يحذر من مخاطر التغير المناخي على الاستقرار المالي

حذرت مسؤولة في البنك المركزي الأميركي (الاحتياطي الفيدرالي) من «مخاطر جسيمة» يطرحها التغير المناخي على الاستقرار المالي، داعية إلى تقويم هذه المخاطر والرد عليها.
وقالت لايل براينارد: «من الضروري الانتقال من التعرف إلى المخاطر الجسيمة المطروحة جراء التغير المناخي على الاستقرار المالي، إلى مرحلة يحصل فيها تقويم صحيح ومعالجة للتبعات الكمّية لهذه المخاطر».
ونُشرت تصريحات براينارد التي يجري التداول باسمها في الصحافة الأميركية لتولي منصب وزير المال في إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن، لمناسبة التقرير النصف السنوي عن الاستقرار المالي. ويأخذ التقرير في الاعتبار للمرة الأولى أثر التغير المناخي على الاقتصاد.
وانتقدت براينارد النقص في الوضوح من جانب الشركات إزاء التكاليف المالية لتعرضها الفعلي للمخاطر المرتبطة بالتغير المناخي وأشارت خصوصا إلى أن «الأسواق المالية تواجه صعوبات في تحليل المخاطر المناخية وتحديدها كمّيا».
ولفتت براينادر إلى أن الأعاصير والعواصف والفيضانات وحرائق الغابات «قد تقود بالمستثمرين إلى إجراء مراجعة مفاجئة لتقديراتها بشأن قيمة مقتنياتها أو أصولها المالية».
ولفت الاحتياطي الفيدرالي في تقريره إلى أن «التغير المناخي يزيد من الغموض والمخاطر الاقتصادية التي بدأنا للتو في دمجها بتحليلنا عن الاستقرار المالي».
وأعرب ناشطون في قضايا المناخ، عن ارتياح كبير إزاء انتخاب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة، إذ رأوا في ذلك بارقة أمل للكوكب رغم الإصلاحات العميقة المطلوبة للحد من التبعات المدمرة للتغير المناخي.
وكان ناشطون وعلماء يخشون من أن يتلقى الكوكب ضربة قاسية جديدة في حال استمرار وجود دونالد ترمب في البيت الأبيض لـ4 سنوات إضافية، خصوصا في ظل إعاقته المستمرة لجهود التصدي للمشكلات المناخية.
غير أن انتصار جو بايدن من شأنه أن يقلب المعادلة: فقد وعد الرئيس المنتخب الديمقراطي بإعادة الولايات المتحدة إلى اتفاق باريس المناخي بعدما دخل قرار ترمب إخراج البلاد منه، حيز التنفيذ رسميا في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري. وهو قدم خطّة بقيمة 1700 مليار دولار لبلوغ مستوى الحياد الكربوني بحلول 2050.
كان حاكم بنك إنجلترا المركزي أندرو بيلي، قال أول من أمس، إنه سيختبر العام المقبل مدى قدرة صمود المؤسسات المالية البريطانية أمام تداعيات تغير المناخ بموجب تقييم تسبب في إرجائه فيروس «كورونا» المستجد.
ودافع بيلي الذي كان يتحدث في قمة عقدت افتراضيا حول الاستثمار المستدام، عن قرار المصرف المركزي البريطاني بمحاولة مساعدة كل الشركات المتضررة من الفيروس ومن ضمنها الشركات التي تلوث البيئة.
وقال في كلمة ألقاها في افتتاح قمة «الأفق الأخضر»: «عندما ضرب الوباء، قررنا تأجيل الاختبار نظرا إلى الموارد المحدودة للشركات». وتابع أن الاختبار الذي سيجري في يونيو (حزيران) المقبل، سيقيّم «3 سيناريوهات مناخية مختلفة، ويختبر مجموعات من المخاطر المادية والانتقالية على مدى 30 عاما» للمقرضين في المملكة المتحدة.



ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة بتقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح. وقد يتجه المستثمرون إلى الأسواق الأوروبية الأقل تكلفة، ولكن من غير المرجح أن يجدوا كثيراً من الأمان عبر المحيط الأطلسي؛ إذ إن الانخفاض الكبير في الأسواق الأميركية من المحتمل أن يجر أوروبا إلى الانحدار أيضاً.

تُعتبر سوق الأسهم الأميركية مبالَغاً في قيمتها، وفقاً لجميع المقاييس تقريباً؛ حيث بلغ مؤشر السعر إلى الأرباح لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، على مدار 12 شهراً، 27.2 مرة، وهو قريب للغاية من ذروة فقاعة التكنولوجيا التي سجَّلت 29.9 مرة. كما أن نسبة السعر إلى القيمة الدفترية قد بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق؛ حيث وصلت إلى 5.3 مرة، متجاوزة بذلك الذروة السابقة البالغة 5.2 مرة في بداية عام 2000، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من أن التقييمات المرتفعة كانت قائمة لفترة من الزمن؛ فإن ما يثير الانتباه الآن هو التفاؤل المفرط لدى مستثمري الأسهم الأميركية. تُظهِر بيانات تدفق الأموال الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي أن حيازات الأسهم تشكل الآن 36 في المائة من إجمالي الأصول المالية للأسر الأميركية، باستثناء العقارات، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة الـ31.6 في المائة التي تم تسجيلها في ربيع عام 2000. كما أظهر أحدث مسح شهري لثقة المستهلك من مؤسسة «كونفرنس بورد» أن نسبة الأسر الأميركية المتفائلة بشأن أسواق الأسهم قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 37 عاماً، منذ بدء إجراء المسح.

وبالنظر إلى هذه المعطيات، فإن القلق المتزايد بين المستثمرين المحترفين بشأن احتمال التصحيح في «وول ستريت» ليس مفاجئاً.

لا مكان للاختباء

قد يتطلع المستثمرون الراغبون في تنويع محافظ عملائهم إلى الأسواق الأرخص في أوروبا. ويتداول مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي حالياً عند خصم 47 في المائة عن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عند قياسه بنسب السعر إلى الأرباح، وبخصم 61 في المائة، بناءً على نسب السعر إلى القيمة الدفترية. وقد أشار بعض مديري صناديق الأسهم الأوروبية إلى أنهم يترقبون، بفارغ الصبر، انخفاض أسواق الأسهم الأميركية، معتقدين أن ذلك سيؤدي إلى تدفقات استثمارية نحو صناديقهم.

ولكن يجب على هؤلاء المديرين أن يتحلوا بالحذر فيما يتمنون؛ فعندما تشهد الأسهم الأميركية انخفاضاً كبيراً، يميل المستثمرون الأميركيون إلى سحب الأموال من الأسهم، وتحويلها إلى أصول أكثر أماناً، وغالباً ما يقللون من تعرضهم للأسواق الأجنبية أيضاً.

وعلى مدار الـ40 عاماً الماضية، في فترات تراجع الأسهم الأميركية، شهدت أسواق الأسهم الأوروبية زيادة في سحوبات الأموال من قبل المستثمرين الأميركيين بنسبة 25 في المائة في المتوسط مقارنة بالأشهر الـ12 التي سبقت تلك الانخفاضات. ومن المحتمَل أن يكون هذا نتيجة لزيادة التحيز المحلي في فترات الركود؛ حيث يميل العديد من المستثمرين الأميركيين إلى اعتبار الأسهم الأجنبية أكثر خطورة من أسواقهم المحلية.

ولن تشكل هذه السحوبات مشكلة كبيرة؛ إذا كان المستثمرون الأميركيون يمثلون نسبة صغيرة من السوق الأوروبية، ولكن الواقع يشير إلى أن هذا لم يعد هو الحال. ووفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية، فقد زادت حصة الولايات المتحدة في الأسهم الأوروبية من نحو 20 في المائة في عام 2012 إلى نحو 30 في المائة في عام 2023. كما ارتفعت ملكية الولايات المتحدة في الأسهم البريطانية من 25 في المائة إلى 33 في المائة خلال الفترة ذاتها.

ويعني الوجود المتزايد للمستثمرين الأميركيين في الأسواق الأوروبية أن الأميركيين أصبحوا يشكلون العامل الحاسم في أسواق الأسهم الأوروبية، وبالتالي، فإن حجم التدفقات الخارجة المحتملة من المستثمرين الأميركيين أصبح كبيراً إلى درجة أن التقلبات المقابلة في محافظ المستثمرين الأوروبيين لم تعد قادرة على تعويضها.

وبالنظر إلى البيانات التاريخية منذ عام 1980، عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في جمع بيانات التدفقات، إذا استبعد المستثمر الأميركي والأوروبي، يُلاحظ أنه عندما تنخفض السوق الأميركية، تزيد التدفقات الخارجة من سوق الأسهم الأوروبية بمعدل 34 في المائة مقارنة بالشهرين الـ12 اللذين سبقا تلك الانخفاضات.

على سبيل المثال، بين عامي 2000 و2003، انخفضت أسواق الأسهم الأوروبية بنسبة 50 في المائة بينما هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 46 في المائة، وكان ذلك نتيجة رئيسية لسحب المستثمرين الأميركيين لأموالهم من جميع أسواق الأسهم، سواء أكانت متأثرة بفقاعة التكنولوجيا أم لا.

وفي عام 2024، يمتلك المستثمرون الأميركيون حصة أكبر في السوق الأوروبية مقارنة بما كانت عليه قبل 10 سنوات، ناهيك من عام 2000. وبالتالي، فإن تأثير أي انحدار في السوق الأميركية على الأسواق الأوروبية سيكون أكثر حدة اليوم.

في هذا السياق، يبدو أن المثل القائل: «عندما تعطس الولايات المتحدة، يصاب بقية العالم بنزلة برد»، أكثر دقة من أي وقت مضى في أسواق الأسهم.