خبراء: إدارة بايدن ستضيق خناق واشنطن على الصين

الرئيس الصيني يصافح جو بايدن أثناء توليه منصب نائب الرئيس السابق باراك أوباما في حدث وقع عام 2013 (رويترز)
الرئيس الصيني يصافح جو بايدن أثناء توليه منصب نائب الرئيس السابق باراك أوباما في حدث وقع عام 2013 (رويترز)
TT

خبراء: إدارة بايدن ستضيق خناق واشنطن على الصين

الرئيس الصيني يصافح جو بايدن أثناء توليه منصب نائب الرئيس السابق باراك أوباما في حدث وقع عام 2013 (رويترز)
الرئيس الصيني يصافح جو بايدن أثناء توليه منصب نائب الرئيس السابق باراك أوباما في حدث وقع عام 2013 (رويترز)

قد يكون أسلوب الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أقل هجومية من سلفه دونالد ترمب، لكن خبراء يقولون إن إدارة بايدن ستضيق خناق واشنطن على الصين فيما يتعلق بالتجارة وحقوق الإنسان والأمن.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد حددت الضغينة والاتهامات المتبادلة العلاقة بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم خلال أربع سنوات من إدارة ترمب الذي فرض رسوماً جمركية على السلع الصينية وألقى باللوم على بكين في تفشي فيروس «كوفيد - 19».
وقد وعد بايدن بأن يكون تعامله مع الصين ذا نبرة متزنة وأن يعيد توحيد التحالفات الممزقة على المسرح العالمي، وهي خطوات قد تحمل تهديداً جيوسياسياً أكثر حدة بالنسبة لبكين.
وقال آدم ني، مدير مركز «تشاينا بوليسي سنتر» ومقره في كانبيرا: «لقد تبنى ترمب سياسة شديدة العدوانية تجاه الصين... وحاول الضغط على الصين من كل الجبهات». وأضاف: «مع بايدن، أعتقد أننا سنرى نهجاً مدروساً أكثر وأكثر ذكاء وأكثر تحديداً للأهداف... لا يركز على العدوانية فقط، بل يأخذ في الاعتبار المنافسة طويلة الأجل».
ويقول محللون إن وجهة العلاقات بين واشنطن وبكين ثابتة، إذ يصمم الساسة الأميركيون من جميع المشارب على ضمان التفوق الاقتصادي والعسكري لبلادهم وإعاقة صعود الصين.
ووعد بايدن بالتخلي عن سياسة ترمب «أميركا أولاً» التي أزعجت الحلفاء والمنافسين على حد سواء، وشهدت انسحاب الولايات المتحدة من المنتديات الدولية من بينها منظمة الصحة العالمية واتفاق باريس للمناخ.
ومن المرجح أن يصلح الديمقراطي الذي روج للمصالحة والشراكة في الأيام التي تلت فوزه في الانتخابات، التحالفات من أوروبا إلى منطقة آسيا والمحيط الهادي، من أجل بناء جبهة موحدة ضد طموحات الصين التكنولوجية والتجارية والأمنية، من تايوان إلى «هواوي».
وأشار أنطوني بلينكين وهو مستشار منذ فترة طويلة للرئيس المنتخب، خلال الحملة الانتخابية، إلى أن رئاسة بايدن ستكون جاهزة «للتصدي للعدوان» من جانب الصين.
ولكن في حين كان ترمب متقلباً إزاء الصين، فقد فرض تعريفات جمركية على البضائع الصينية في دقيقة، ووصف الرئيس شي جينبينغ بأنه «صديقه» في الدقيقة التالية، يتوقع خبراء تحدياً أوسع لبكين من الإدارة الجديدة.
وقال إيفان ريسنيك الأكاديمي في كلية «إس راجاراتنام للدراسات الدولية» في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة: «من المحتمل أن نرى سياسة أكثر تماسكاً وأكثر تصادمية بشأن القضايا الجيوسياسية»، مضيفاً: «من المحتمل أن يجعل هذا الأمر الصينيين متوترين جداً».
وقد كان بايدن صريحاً خلال حملته بشأن سجل الصين السيئ في مجال حقوق الإنسان.
فخلال المناظرة التمهيدية للحزب الديموقراطي في فبراير (شباط)، تفوّه بايدن بكلمات قوية ضد الرئيس الصيني، وهو خطاب قد يكون من الصعب التراجع عنه. وقال وقتها: «هذا رجل ليس لديه عظمة ديمقراطية واحدة ولو صغيرة في جسده. هذا رجل شقي».
كذلك، أشارت حملة بايدن إلى الحملة على أقلية الأويغور المسلمة في شينجيانغ الصينية باعتبارها «إبادة جماعية»، وهي لغة استفزازية لبكين مع ما تحمله من تداعيات محتملة بموجب القانون الدولي.
وفي حين أن ترمب يعطي أولوية للتجارة على حساب المبادئ، سيكون بايدن تحت ضغط شديد ليعيد إلى أميركا مركز الريادة الأخلاقية.
وشرحت بوني غلايزر مستشارة مدير مشروع الطاقة الصينية التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: «لقد وصف فريقه تعامل الصين مع الأويغور بأنه إبادة جماعية».
وقالت غلايزر إن الرئيس المنتخب «من المرجح أن يبني علاقته تجاه هونغ كونغ على أساس سياسات ترمب وليس عكسها»، ومن بينها إنهاء اتفاقات التجارة التفضيلية والسفر مع الإقليم، حيث فرضت بكين قانوناً أمنياً صارماً.
ومع ذلك، هناك فرص مباشرة لإعادة ترتيب العلاقات. تتمثل الأولوية الأولى لبايدن في السيطرة على تفشي «كوفيد - 19» الذي أودى بحياة ما يقرب من 240 ألف أميركي حتى الآن في ظل تعامل ترمب الفوضوي مع الأزمة.
وداخل الصين حيث ظهر الفيروس للمرة الأولى، وحيث تحرز الأبحاث المتعلقة بلقاح تقدماً، تلوح في الأفق فرصة للتقارب.
ولفت مقال افتتاحي في صحيفة «غلوبال تايمز» القومية في بكين الاثنين، إلى أن العلاقات يمكن أن «تتحول من المواجهة الشرسة إلى التعاون العملي عندما يتعلق الأمر بمكافحة الوباء». وتابعت: «التعاون... قد يخلق مزيداً من الفرص لإعادة تقييم بعض المشكلات المتأصلة في العلاقات الصينية - الأميركية».
وتتمثل مهمة بايدن أيضاً في استعادة قوة الديمقراطية الأميركية في الداخل والخارج.
وقال بلينكين في حدث لمعهد هدسون أخيراً: «ديمقراطيتنا، عندما تكون ضعيفة وفي حال من الفوضى... يمكن القول إنها ملائمة للصين»، مضيفاً: «لأن نموذجنا يبدو أقل جاذبية مما كان عليه».
وتعهد بايدن الانضمام مجدداً إلى اتفاق باريس للمناخ بمجرد توليه منصبه، كجزء من حملة الاقتصاد الأخضر التي تدحض إنكار ترمب ظاهرة تغير المناخ.
ويتماشى ذلك مع الضرورات الاستراتيجية للصين، أكبر ملوث في العالم التي وعدت بتحويل اقتصادها إلى اقتصاد مدعوم بالطاقة النظيفة.
لكن ما زال أمام ترمب الذي لا يمكن توقع خطواته، حتى يناير (كانون الثاني) لزيادة تعقيد العلاقات بين أكبر قوتين في العالم.
كما أن سنوات من انتقادات ترمب وحالة عدم اليقين التي سببها الرئيس المنتخب بايدن جعلت الصين تشعر بالقلق من أن الحرب الباردة المستجدة لا تزال بعيدة عن نهايتها. وقالت «غلوبل تايمز» هذا الأسبوع: «يجب على الصين ألا تعتقد أن انتخاب بايدن سيخفف أو يؤدي إلى انعكاس في العلاقات الصينية - الأميركية».
وختمت: «المنافسة الأميركية... والتوجس من الصين سيشتدان».



عدم اليقين يخيّم على افتتاح قمة آسيا والمحيط الهادئ بعد فوز ترمب

عناصر شرطة حاملين الأعلام الوطنية يتوجهون إلى وزارة الثقافة في البيرو مكان انعقاد قمة منتدى «آبيك» في ليما 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)
عناصر شرطة حاملين الأعلام الوطنية يتوجهون إلى وزارة الثقافة في البيرو مكان انعقاد قمة منتدى «آبيك» في ليما 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

عدم اليقين يخيّم على افتتاح قمة آسيا والمحيط الهادئ بعد فوز ترمب

عناصر شرطة حاملين الأعلام الوطنية يتوجهون إلى وزارة الثقافة في البيرو مكان انعقاد قمة منتدى «آبيك» في ليما 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)
عناصر شرطة حاملين الأعلام الوطنية يتوجهون إلى وزارة الثقافة في البيرو مكان انعقاد قمة منتدى «آبيك» في ليما 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)

حضر الرئيس الأميركي جو بايدن قمة زعماء منطقة آسيا والمحيط الهادئ، التي افتتحت، اليوم (الجمعة)، قبل اجتماع ثنائي له مع نظيره الصيني شي جينبينغ، في ظل حالة من الغموض الدبلوماسي، بعد فوز دونالد ترمب في الانتخابات.

ومن المقرر أن يعقد بايدن وشي، الذي لم يكن حاضراً في الجلسة الافتتاحية للقمّة، الجمعة، محادثات السبت، فيما رجّح مسؤول في الإدارة الأميركية أنه سيكون الاجتماع الأخير بين زعيمي أكبر اقتصادين في العالم، قبل أن يؤدي ترمب اليمين في يناير (كانون الثاني).

وقالت دينا بولوارتي، رئيسة البيرو الدولة المضيفة للقمة أمام الزعماء، الجمعة، إن التعاون الاقتصادي المتعدد الأطراف ينبغي أن يعزز «في ظلّ تفاقم التحديات المختلفة التي نواجهها مع مستويات عدم اليقين في المستقبل المنظور».

وأكّدت: «نحن بحاجة إلى مزيد من التشارك والتعاون والتفاهم، مع التقليل من التشرذم».

تأسست «مجموعة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ» (آبيك) في عام 1989 بهدف تحرير التجارة الإقليمية، وهي تجمع 21 اقتصاداً، تمثل معاً نحو 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 40 في المائة من التجارة العالمية.

وكان من المقرر أن يركز برنامج القمة على التجارة والاستثمار للنمو الشامل، كما يُطلق عليه مؤيدوه، لكن عدم اليقين بشأن الخطوات التالية لترمب يخيم الآن على الأجندة، كما الحال بالنسبة لمحادثات المناخ (كوب 29) الجارية في أذربيجان، وقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو، الأسبوع المقبل.

الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن يشاركان في الحوار غير الرسمي لزعماء «آبيك» في بيرو الجمعة 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)

ومع تبني الرئيس الجمهوري المنتخب نهج مواجهة مع بكين في ولايته الثانية، يحظى هذا الاجتماع الثنائي بمتابعة وثيقة.

والخميس، عقد وزراء منتدى آبيك، من بينهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اجتماعاً مغلقاً في ليما لتحديد توجهات القمة.

وخلال الأسبوع، أعلن ترمب أنه سيعين محلّ بلينكن السيناتور ماركو روبيو، المعروف بمواقفه المتشددة حيال الصين، وزيراً للخارجية. وينبغي لهذا التعيين أن يحظى بموافقة مجلس الشيوخ الأميركي.

ومن المرتقب أن يلقي بلينكن كلمة خلال حدث ينظّم على هامش هذه القمّة التي تستمر يومين.

وحضرت القمة أيضاً اليابان وكوريا الجنوبية وكندا وأستراليا وإندونيسيا، من بين دول أخرى، لكن سيغيب عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

«أميركا أولاً»

تستند أجندة ترمب «أميركا أولاً» إلى اتباع سياسات تجارية حمائية، وتجنب الصراعات الخارجية، وتهدد بالتالي التحالفات التي بناها بايدن بشأن قضايا كالحرب في أوكرانيا والتجارة العالمية.

وهدّد الرئيس الجمهوري المنتخب بفرض تعريفات جمركية، تصل إلى 60 في المائة على واردات السلع الصينية، لتعديل ما يقول إنه خلل في التجارة الثنائية.

من جانبها، تواجه الصين أزمة إسكان مطولة وتباطؤاً في الاستهلاك، وهو ما سيزداد سوءاً في حال اندلاع حرب تجارية جديدة مع واشنطن.

لكن خبراء الاقتصاد يقولون إن فرض رسوم عقابية سيضرّ أيضاً بالاقتصاد الأميركي، وباقتصادات دول أخرى.

عناصر شرطة حاملين الأعلام الوطنية يتوجهون إلى وزارة الثقافة في البيرو مكان انعقاد قمة منتدى «آبيك» في ليما 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)

الاستثمار الصيني

تعدّ الصين حليفة لروسيا وكوريا الشمالية، اللتين يشدد الغرب عقوباته عليهما، وتبني قدراتها العسكرية وتكثف الضغوط على تايوان التي تعدّها جزءاً من أراضيها. كما تعمل على توسيع حضورها في أميركا اللاتينية من خلال مشاريع البنية التحتية ومشاريع أخرى في إطار مبادرة الحزام والطريق.

وافتتح شي، الخميس، أول ميناء موّلت الصين بناءه في أميركا الجنوبية، في تشانكاي، شمال ليما، على الرغم من دعوة مسؤول أميركي كبير دول أميركا اللاتينية إلى توخي الحذر حيال الاستثمارات الصينية.

ويجتمع شي جينبينغ بنظيره التشيلي غابرييل بوريتش، الجمعة، في حين يلتقي بايدن رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا، والرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، وهما حليفان رئيسيان للولايات المتحدة في آسيا.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، الذي يرافق بايدن، إن الدول الشريكة ستعلن إنشاء أمانة لضمان أن تحالفها «سيكون سمة دائمة للسياسة الأميركية».

والصين ليست الدولة الوحيدة في مرمى ترمب الاقتصادي، فقد هدّد بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة أو أكثر على البضائع الآتية من المكسيك، وهي عضو آخر في منتدى آبيك، ما لم توقف «هجمات المجرمين والمخدرات» عبر الحدود.

ونشرت البيرو أكثر من 13 ألف عنصر من القوات المسلحة للحفاظ على الأمن في ليما، حيث بدأ عمال النقل وأصحاب المتاجر 3 أيام من الاحتجاجات ضد الجريمة والإهمال الحكومي.