لودريان: حرب فرنسا ليست مع الإسلام بل ضد الإرهاب والآيديولوجيات المتطرفة

جدد تأكيده خلال لقائه نظيره المغربي دعم بلاده مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء

وزير خارجية المغرب ونظيره الفرنسي خلال مؤتمرهما الصحفي المشترك الذي عقد أمس في الرباط (أ.ف.ب)
وزير خارجية المغرب ونظيره الفرنسي خلال مؤتمرهما الصحفي المشترك الذي عقد أمس في الرباط (أ.ف.ب)
TT

لودريان: حرب فرنسا ليست مع الإسلام بل ضد الإرهاب والآيديولوجيات المتطرفة

وزير خارجية المغرب ونظيره الفرنسي خلال مؤتمرهما الصحفي المشترك الذي عقد أمس في الرباط (أ.ف.ب)
وزير خارجية المغرب ونظيره الفرنسي خلال مؤتمرهما الصحفي المشترك الذي عقد أمس في الرباط (أ.ف.ب)

قال جان إيف لودريان، وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، إن فرنسا ليست ضد حرية المعتقد، وإن حربها «ليست ضد الدين الإسلامي الذي تحترمه، بل ضد الإرهاب والآيديولوجيات المتطرفة»، مشيراً إلى أن بلاده «تحترم النموذج المغربي للإسلام الذي يقوده أمير المؤمنين الملك محمد السادس».
وجاءت تصريحات لودريان خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده أمس بالرباط مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، عقب مباحثات جرت بينهما.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد تراجع عن تصريحاته التي أدلى بها عقب صدور الرسومات المسيئة للنبي محمد، جراء الإدانة الواسعة التي لقيتها في عدد من الدول العربية، وإطلاق حملات مقاطعة المنتجات الفرنسية، وقال إن تصريحاته جرى تفسيرها بشكل خاطئ، نافياً أن تكون فرنسا قد أعلنت الدخول في حرب ضد الإسلام، بل في مواجهة ضد التطرف والإرهاب.
وتناولت المباحثات بين بوريطة ولودريان العلاقات الثنائية الاستثنائية بين البلدين، والتعاون متعدد الجوانب في كثير من المجالات، وكذا مواضيع ذات اهتمام مشترك، بما في ذلك نزاع الصحراء، والوضع في معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا، والأزمة الليبية، والوضع الأمني في منطقة الساحل.
وفي سياق ذلك، عبر لودريان عن قلق بلاده البالغ إزاء التطورات التي يعرفها معبر الكركرات الحدودي، جراء قيام عناصر من جبهة البوليساريو الانفصالية بعرقلة حركة النقل المدنية والتجارية، مشيداً في الوقت ذاته بحكمة المغرب، وتحليه بضبط النفس في مواجهة استفزازات الجبهة.
وجدد رئيس الدبلوماسية الفرنسية تأكيده دعم بلاده لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء، وقال إن باريس تعد المبادرة «جدية وذات مصداقية» لإنهاء هذا النزاع، مشيراً إلى أن فرنسا تدعم إيجاد «حل سياسي عادل دائم متوافق بشأنه»، تحت مظلة الأمم المتحدة.
وعلى صعيد آخر، أشاد لودريان بدور الرباط في إيجاد حل للأزمة الليبية من خلال حوارات بوزنيقة، وهنأ المغرب على مجهوداته لمواصلة الحوار السياسي الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة؛ بيد أنه قال إن التفاؤل في ليبيا يبقى حذراً.
وقبل وصوله إلى الرباط، زار وزير الخارجية الفرنسي القاهرة، حيث التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ووزير الخارجية سامح شكري، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، وسعى إلى توضيح موقف بلاده من الأزمة، خلال لقاء مصغر نظمته السفارة الفرنسية بين الوزير وعدد محدود من الكتاب والمفكرين المصريين. وفي هذا اللقاء، شن الوزير الفرنسي هجوماً على تركيا، متهماً إياها بـ«تنظيم حملة معلومات مغلوطة» ضد بلاده. وحين سألت «الشرق الأوسط» الوزير عن تقدير بلاده لأسباب هذا الاستهداف التركي، أجاب: «لقد وجد إردوغان في هذه الأزمة فرصة مناسبة لاستهداف فرنسا لأسباب سياسية وجيوسياسية، ونحن ندين هذه السياسة».
ورأى لودريان أن استغلال إردوغان لهذه الأزمة عبر «تسخير الدين لأغراض السياسة» بمنزلة «استهداف للرئيس الفرنسي، ولأسس الجمهورية الفرنسية»، محذراً من خطورة مثل هذا «التلاعب» الذي يعتمد على «استغلال مشاعر المتدينين من خلال التحريف والتأويل المسيء».
وأعاد لودريان خلال هذا اللقاء تأكيد احترام بلاده العميق للإسلام، عاداً إياه «جزءاً من تاريخ فرنسا الفكري والثقافي»، وأشار إلى أن بلاده «من أولى الدول التي ترجمت القرآن الكريم»، وإلى أن «المسلمين جزء لا يتجزأ من المجتمع الفرنسي، وهم يعيشون في إطار يحميهم، ونحن حريصون على ضمان ذلك الإطار».
وسألت «الشرق الأوسط» الوزير الفرنسي عما إذا كانت بلاده ستتخذ إجراءً مغايراً حيال إعادة نشر تلك الرسوم بها، في إطار جهودها لاحتواء الأزمة، فتفادى الإجابة، لكنه أعاد التأكيد على أن «فرنسا ليس لديها مشكلة مع الإسلام»، و«ليست في معركة معه»، وأنها «تتفهم شعور بعضهم بالصدمة في معتقداتهم»، وأن «ثمة نقاطاً حول ما نعنيه بحرية الرأي والتعبير التي نمتلك بصددها تاريخاً مختلفاً، وهي نقاط تحتاج إلى أن نجري بصددها مزيداً من النقاش».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.