دمشق تعدل «قانون الخدمة العسكرية» لتخفيف الأزمة الاقتصادية

TT

دمشق تعدل «قانون الخدمة العسكرية» لتخفيف الأزمة الاقتصادية

قال خبراء في دمشق إن المرسوم الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد وتضمن تعديلات جديدة بشأن دفع البدل النقدي للمكلفين بالخدمة الإلزامية داخل وخارج سوريا، أقر لأول مرة دفع البدل للمكلفين بالخدمة العسكرية المقيمين داخل البلاد الذين تقرر وضعهم بخدمة ثابتة، وقلص مدة السنوات التي يقضيها المكلف في خارج البلاد من أجل السماح له بدفع البدل.
ويعكس المرسوم الجديد، الضائقة المالية التي تعاني منها الحكومة، ومحاولتها رفد خزينتها بالقطع الأجنبي من المتخلفين عن الخدمة الإلزامية.
وأقر المرسوم الذي نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) البدل للمكلف بالخدمة العسكرية الذي تقرر وضعه بخدمة ثابتة، بقيمة 3 آلاف دولارات أميركية، أو ما يعادلها بالليرة السورية وفق سعر صرف البنك المركزي، علما بأن سعر صرف الدولار في «المركزي» يساوي نحو 1250 ليرة، في حين يصل في السوق السوداء نحو 2500 ليرة.
وقبل سنوات الحرب المستمرة في سوريا منذ منتصف مارس (آذار) 2011 كانت عملية دفع البدل النقدي للمكلفين بالخدمة العسكرية تقتصر على المقيمين خارج البلاد.
وبعدما كان يشترط على المكلف المقيم في أي دولة عربية أم أجنبية أن تكون مدة إقامته لا تقل عن 5 سنوات للسماح له بدفع البدل النقدي والبالغ 8 آلاف دولار أميركي، عدل المرسوم الجديد قيمة البدل للخدمة العسكرية للمكلفين الموجودين خارج سوريا، ومدة السنوات التي يقضيها المكلف من أجل السماح له بدفع البدل، إذ قلص المرسوم مدة الإقامة لسنة واحدة كحد أدنى، ورفع قيمة الأموال إلى 10 آلاف دولار.
ونص المرسوم على أنه يحق للمكلف المقيم خارج سوريا في دول عربية أو أجنبية، دفع بدل نقدي بقيمة 7 آلاف دولار أميركي لمن كانت إقامته لا تقل عن 4 سنوات قبل أو بعد دخوله سن التكليف.
وحدد المرسوم قيمة البدل للمقيم خارج سوريا لمدة لا تقل عن 3 سنوات، ولم يتم أربعا قبل أو بعد دخول سن التكليف بـ8 آلاف دولار، و9 آلاف دولار لمن كان مقيما مدة لا تقل عن سنتين ولم يتم 3 سنوات، و10 آلاف دولار أميركي لمن كان مقيما مدة لا تقل عن سنة واحدة ولم يتم سنتين.
أما من ولد في دولة عربية أو أجنبية وأقام فيها، يدفع 3 آلاف دولار أميركي، في حين يدفع 6 آلاف وخمسمائة دولار أميركي لمن ولد وأقام في دولة عربية أو أجنبية مدة لا تقل عن 10 سنوات قبل دخوله سن التكليف.
ويأتي المرسوم وسط أزمة اقتصادية ومالية كبيرة تعصف في مناطق سيطرة الحكومة، في ظل الحرب التي استنزفت مقدرات الدولة الاقتصادية والمالية، والعقوبات الاقتصادية الغربية التي فاقمت أكثر من هذه الأزمة.
ويرى خبراء اقتصاديون، لـ«الشرق الأوسط»، أن الهدف الرئيسي من المرسوم هو تحصيل الحكومة لقطعة أجنبية في ظل استنزاف الحرب لكامل الاحتياطي من القطع الأجنبي الذي كان موجودا في «المركزي» قبل 2011 والبالغ حينها ما بين 18 - 20 مليار دولار أميركي.
ويشير الخبراء إلى أن هذا التعديل يمكن أن يدر على الحكومة مئات الآلاف من الدولارات في ظل وجود أكثر من 6 ملايين لاجئ سوري في دول الجوار والدول الغربية، وجزء كبير منهم من شريحة الشباب المتخلفين عن الخدمة الإلزامية.
كما يتوارى عشرات الآلاف من المطلوبين للخدمة الإلزامية عن أنظار الحكومة وأجهزتها الأمنية والعسكرية، ومنهم قسم كبير من الميسورين والمحسوبين على المتنفذين في النظام.
وكان عضو مجلس الشعب السوري، مجيب الرحمن الدندن، قال في مقابلة مع إذاعة «المدينة إف إم» المحلية، إن «دراسة أُجريت للقانون في عام 2015، وبينت إمكانية رفد الخزينة العامة سنويا بمبلغ يصل إلى 1.2 مليار دولار فقط إذا سدد 10 إلى 15 في المائة من المطلوبين البدل النقدي».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.