«القوات» في صفوف المعارضة: حكومة مستقلين وانتخابات مبكرة

منشور غرد به رئيس «القوات» اللبناني سمير جعجع على «تويتر» في أكتوبر الماضي
منشور غرد به رئيس «القوات» اللبناني سمير جعجع على «تويتر» في أكتوبر الماضي
TT

«القوات» في صفوف المعارضة: حكومة مستقلين وانتخابات مبكرة

منشور غرد به رئيس «القوات» اللبناني سمير جعجع على «تويتر» في أكتوبر الماضي
منشور غرد به رئيس «القوات» اللبناني سمير جعجع على «تويتر» في أكتوبر الماضي

تغري المعارضة حالياً حزب «القوات اللبنانية» الذي خرج من الحكم على وقع الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 ورفض المشاركة في حكومة حسان دياب التي تصرف الأعمال حالياً كما في الحكومة التي يسعى اليوم سعد الحريري لتشكيلها، اقتناعاً منه بأن المرحلة تتطلب حكومة اختصاصيين مستقلين وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، وهما طرحان لا يوافقه عليهما باقي القوى السياسية المنهمكة في تقاسم مقاعد الحكومة الجديدة بعيداً عن الأضواء، بغياب أي حراك شعبي جدي كان انطلق قبل عام لإسقاط المنظومة السياسية.
وانضم «القوّاتيون» إلى صفوف الجماهير المنتفضة على مر الأشهر الماضية على وقع احتجاجات رافضة لخرق أحزاب السلطة لـ«الانتفاضة»، باعتبار أن الأمر لم ينحصر في «القوات»؛ بل طال أيضاً كلاً من الحزب «التقدمي الاشتراكي» و«تيار المستقبل»، مما أدى لتضعضع صفوف «الثوار» وتلاشي الزخم «الثوري» مع مرور الوقت، وإن كان ذلك لم يتزامن مع تلاشي الأسباب التي حتّمت اندلاع الانتفاضة.
ويرفع حزب «القوات»، بحسب مصادر قيادية فيه في المرحلة الراهنة، «عنوانين أساسيين: الأول أُطلق في أيلول (سبتمبر) 2019 لجهة الدعوة لتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين. أما العنوان الثاني فرفعناه بعد ثورة تشرين الأول (أكتوبر) 2019 ألا وهو الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة بعدما اعتبرنا أن الثورة أظهرت أن هنالك تبدلاً في مزاج الرأي العام اللبناني يقتضي إجراء استفتاء شعبي جديد؛ فإما تجديد الوكالة وإما منحها لسوانا».
وتؤكد المصادر أنه رغم تمسكها بهذين العنوانين، «فإن ذلك لا يعني أننا لا نتعامل بمرونة مع المسائل. فحتى وإن كنا نرفض المشاركة بالحكومة ونعتبر أن مصيرها الفشل في ظل طريقة التشكيل المعتمدة، لكننا إذا نجحت فلن نتردد في التصفيق لها». وتضيف المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «كما أننا لن نغطي الواقع الحالي لا من قريب أو من بعيد. فهدفنا الأساسي يبقى تغيير الأكثرية الحاكمة، لا خوض مواجهة مع رئيس حكومة معين، لاقتناعنا بأن العلة بهذه الأكثرية، وما دامت متحكمة في البلد، فلا يمكن تغيير الواقع السياسي، ومن هذا المنطق ندعو لانتخابات نيابية مبكرة».
ولم يلاق نواب «القوات» زملاءهم في حزب «الكتائب» كما عدد من النواب المستقلين في قرارهم الاستقالة من المجلس النيابي بعيد انفجار 4 أغسطس (آب) الماضي، بعد فشل التوافق مع قيادة «تيار المستقبل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» على تقديم استقالات متزامنة تفقد البرلمان شرعيته.
ويعدّ نائب رئيس الحكومة السابق غسان حاصباني أن «هذه الخطوة رد واضح على كل من يتهم (القوات) بالتخلي عن مسؤولياته من خلال رفضه المشاركة في الحكومة»، لافتاً إلى أن «نواب (القوات) يستكملون عملهم من تحت قبة البرلمان وهم يعارضون وفق الآليات الدستورية المتاحة بعدما كان وزراء الحزب أصلاً في حكومة الوحدة الوطنية الأخيرة يمارسون المعارضة من داخل السلطة التنفيذية».
ويشير حاصباني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الظرف اليوم لا يحتمل وجود جهات سياسية في السلطة التنفيذية؛ إنما يحتّم أن تكون الحكومة محض تقنية تقوم بعمل تقني وتتخذ قرارات مصيرية لانتشال البلاد من الأزمات التي تتخبط فيها بعيداً عن تناتش الحصص والمماحكات السياسية». ويضيف: «المطلوب السير سريعاً بالإصلاحات البنيوية التي نحن على يقين أنه لا يمكن لحكومة مسيسة أن تتخذها، وخلاف ذلك فسنكون في إطار عملية تخدير وشراء للوقت، وإن أجروا أي إصلاحات فهي ستكون بطيئة ولن تصل إلى الخواتيم المطلوبة. من هنا كان مطلبنا الأساسي ولا يزال الوصول لانتخابات نيابية تعيد تكوين السلطة».
ويتهم نواب وقياديون في «التيار الوطني الحر» حزب «القوات» بـ«ممارسة الكيدية السياسية والسعي وراء الشعبوية سواء من خلال أداء وزرائه في الحكومات السابقة أو من خلال أداء القيادة منذ انتفاضة 2019».
ورغم وجودهما معاً في صفوف المعارضة في المرحلة الراهنة، فإنه لا يبدو أن «القواتيين» متحمسون لاستعادة أي تحالف مع حزب «الكتائب اللبنانية». وفي هذا المجال تقول مصادر «القوات»: «نحن منفتحون على التعاون مع كل الفرقاء السياسيين على أساس القواعد والثوابت والمسلمات ورؤيتنا الوطنية التي لا نحيد عنها، علماً بأننا على قناعة بأن أحداً من الفرقاء لا يسعى اليوم للذهاب باتجاه تحالفات سياسية، والكل يفضل التقاطعات وفق الملف والظرف واللحظة السياسية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.