تساؤلات حول «مصير الميليشيات» في ليبيا

TT

تساؤلات حول «مصير الميليشيات» في ليبيا

يرى سياسيون ليبيون أن الانفراجة التي تشهدها البلاد راهناً بحلحلة الأزمة باتجاه إمكانية إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية العام المقبل على خلفية نجاح اتفاق اللجنة العسكرية المشتركة وقف إطلاق النار، ربما تدفع كيانات وميليشيات مسلحة للبحث عن غطاء سياسي، يمكنها من خوض غمار السباق الجديد، لكن هناك من يشير إلى أنه من الصعب على بعض هذه الكيانات التخلي عن سلاحها بسهولة، وبالتالي ربما تتجه للاندماج في كيانات أخرى.
وتحدث عضو مجلس النواب الليبي بطبرق جبريل أوحيدة، عن وجود ما سماه بـ«استعدادات جدية» من قوى وأطياف عديدة بالساحة للمشاركة بالانتخابات، وقال إن الأمر يتوقف على القاعدة الدستورية التي سيحتكم إليها في المرحلة المقبلة. وتوقع أوحيدة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه في حال نص الدستور الجديد على وجود أحزاب فسنرى على الفور الإعلان عن تأسيس العشرات وربما المئات من الدكاكين الحزبية، وفي حال عدم النص على ذلك سنجد تيارات سياسية ومدنية سيتم الإعلان عنها من قبل قوى تقليدية، وأسماء جديدة، و«في الحالتين الهدف واحد هو الوصول للسلطة والنفوذ، لا خدمة المواطن»، حسب قوله. وقال إن «الإسلاميين وحلفاءهم من قيادات وعناصر الميليشيات المسلحة لن يعدموا الحيلة، للوصول إلى السلطة عبر هذه الأحزاب أو التيارات الجديدة، أو بالأدق التخفي وراءها بعد انكشاف أهدافهم للجميع خلال السنوات السابقة»، متابعاً: «هناك دعم أميركي قوي يقف وراء محاولات البعثة في الإسراع بإنجاز (توافق مصطنع) من خلال المشاركين في منتدى تونس للحوار، وبما أن الإسلاميين والموالين لهم يشكلون أغلبية المشاركين، فمن المتوقع أن توجه دفة الأمور لصالحهم ولخدمة تطلعاتهم في كل الخطوات التي ستنبثق عن هذا الاجتماع، بداية من السلطة التنفيذية الجديدة، مروراً بمسودة دستور، التي أتوقع أن يرفضها كثير من الليبيين وتحديدا بشرق البلاد، وبالتالي فإن حصد المقاعد أمراً عسيراً عليهم».
وكان فرعا تنظيم «الإخوان» في مدينتي الزاوية ومصراتة أعلنا مؤخراً عن حل نفسيهما وتقدم أعضائه باستقالة جماعية، وسط حالة من اللغط عن الأسباب التي تقف وراء ذلك. كما سبق لقيادات ما يعرف بالقوى الشعبية المساندة لعملية «بركان الغضب» وأمراء بالمحاور القتالية وقادة الكتائب المشاركين بالعملية، الإعلان عن تأسيس ائتلاف «القوات المدنية المساندة»، وقالوا إنه سيكون بمثابة كيان ممثل لهم في أي حوار سياسي، وهو ما عده سياسيون محسوبون على الشرق الليبي «محاولة من الميليشيات المسلحة بالعاصمة للتخفي وراء جسم سياسي بما يضمن بقائها في المشهد السياسي».
إلا أن المستشار الإعلامي والسياسي للائتلاف، المقدم محمد مشاي، رأى أن الائتلاف يهدف الحفاظ على حقوق عناصر عملية «بركان الغضب» «الذين ضحوا بأنفسهم في الدفاع عن العاصمة طرابلس، وذلك بعد تجاهل المجلس الرئاسي للتضحيات التي قدمتها عناصرها، بالإضافة إلى تجاهل البعثة أيضا تمثيلهم في الحوارات السياسية حول مستقبل البلاد».
وفيما يتعلق بمشاركة الائتلاف في الانتخابات المقبلة، قال المشاي إنه «(الائتلاف) لن يتحول إلى حزب سياسي ولن يكون غطاءً سياسياً لأي جهة أو شخصية، ولا توجد لديه أطماع في السلطة»، داعياً الجميع لتفهم حقيقة «أن الباب سيكون مفتوحاً أمام أي من عناصر الائتلاف إذا ما رغب بالترشح كحق طبيعي مثله مثل باقي أبناء الشعب شريطة التسلح بالكفاءة والوطنية».
وكان رئيس المؤتمر الوطني العام (المنتهية ولايته) نوري أبو سهمين، أطلق تياراً سياسياً، تحت اسم «يا بلادي» ودعا من وصفهم بـ«الشخصيات الوطنية» بالانضمام إليه، «لوضع رؤية تؤدي بالجميع للوصول إلى دولة مدنية».
من جانبه استبعد عز الدين عقيل المحلل السياسي رئيس حزب الائتلاف الجمهوري، أن تقدم قيادات الميليشيات المسلحة بالغرب الليبي على الدخول في الانتخابات المقبلة، وعزا ذلك إلى «رغبتهم في الاحتفاظ بالسلاح»، وقال: «الحصانة البرلمانية يمكن أن ترفع عنهم في أي وقت إذا اشتكاهم أحد». وذهب عقيل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه المجموعات «ستظل متمسكة بسلاحها إلى حين التحاور معهم حول مطالبها مقابل موافقتها على تفكيك ميليشياتهم وتسليم أسلحتها»، لكن أتوقع أن «تكتفي بترشيح شخصيات قريبة منها للحفاظ على مصالحها ونفوذها». ورأى أن «إنشاء التيارات والائتلافات المدنية والسياسية هو الاتجاه الغالب في السعي للمشاركة المرتقبة بالانتخابات المقبلة»، وقال «للأسف في كثير من الأحيان تكون الانتهازية وحلم الوصول إلى السلطة هو ما يجمع هؤلاء فيتوافقوا مع بعضهم مرحلياً إلى أن يصلوا للسلطة ثم يتنازعون عليها».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.