سجال بين «القوات» و«المستقبل» واتهامات بسعي جعجع للوصول إلى الرئاسة

TT

سجال بين «القوات» و«المستقبل» واتهامات بسعي جعجع للوصول إلى الرئاسة

اندلع سجال بين «حزب القوات اللبنانية» و«تيار المستقبل» على خلفية مواقف «القوات» الأخيرة بشأن عملية تأليف الحكومة، وأحالها الأمين العام لـ«تيار المستقبل» أحمد الحريري إلى حلم رئيس «القوات» سمير جعجع بالرئاسة.
ولا يزال جعجع يكرر موقفه من جهود تشكيل الحكومة وانتقاده الطريقة التي تجري بها المشاورات بشأن تأليفها؛ إذ أكد أن «الحلول الجديّة للأزمة التي نتخبط بها، هي إما تأليف حكومة بالفعل جديدة وتعمل بشكل جديد، أو الذهاب إلى انتخابات نيابيّة مبكّرة، أو الاثنان معاً، إلا إن ما يتم القيام به اليوم مغاير تماماً لهذه الحلول، فهم يقومون بتأليف حكومة بنفس الطريقة التي كانت تتشكل فيها الحكومات في السابق، ويرفضون الذهاب إلى انتخابات نيابيّة مبكرة».
وقال جعجع: «(القوّات اللبنانيّة) اليوم ليست بتحالف مع أحد، إلا إنها في الوقت عينه ليست في قطيعة مع أحد»، مشيراً إلى «أننا، ورغم هذا الواقع، نرى أن موقف (القوّات اللبنانيّة) ثابت جداً، وذلك لأن الأوضاع حرجة جداً وتتطلّب مواقف واضحة وثابتة، ولا يمكننا في ظل ظروف مزرية كهذه الذهاب باتجاه تدوير الزوايا؛ وإنما علينا اعتماد طروحات الحد الأقصى». وقال: «لم يعد بالإمكان (المسايرة)؛ لأن ذلك حرام، إذ لا مكان اليوم سوى للحلول الجديّة فقط».
وعدّ أن «إمكانيات الإنقاذ في لبنان لا تزال متوافرة؛ اللهم أن يتم تغيير الطغمة الحاكمة والإتيان بطبقة جديدة تخرج البلاد من الأزمة وتسير بها في الاتجاه الصحيح نحو لبنان الذي نريده جميعاً».

سجال «تويتر»
وأشار الأمين العام لـ«تيار المستقبل» أحمد الحريري إلى أن «نواباً ووزراء سابقين في (القوات اللبنانية) ينشطون على خط التهجم ضد الرئيس الحريري في حملة تتم إدارتها من معراب». وأضاف في سلسلة تغريدات عبر «تويتر»: «إلى كل الأصوات التي تراهن على الفراغ للوصول إلى كرسي بعبدا؛ نقول: نحن على قدرها في كل زمان ومكان، والأخبار الكاذبة لن تبدل من الحقيقة في شيء». وقال: «يستطيع سمير جعجع أن يحلم بالرئاسة، وأن يطلب المستحيل سبيلاً للوصول، لكنه لن يحلم بتوقيعنا على جدول أعمال معراب السياسي وغير السياسي، وسنكون بالمرصاد لأي مشروع يقود لبنان إلى التحلل والتقسيم والخراب».
وردت الدائرة الإعلامية في «القوات» على تصريحات أحمد الحريري، قائلة: «لو كان جعجع يحلم بالرئاسة فعلاً، لكان تموضعه السياسي مختلفاً كلياً عما هو عليه في الوقت الحاضر ودائماً، ولو كان يحلم بالرئاسة لكان (بدى) المسايرة على المبدئية، وفتح باب المسايرة يميناً ويساراً؛ وتحديداً مع الرئيس سعد الحريري الذي هو ثاني أكبر كتلة نيابية، وجعجع بحاجة إليه ولغيره ليتمكن من الوصول إلى رئاسة الجمهورية، بينما على أرض الواقع، يتخذ سمير جعجع المواقف الأكثر وضوحاً، والأكثر التصاقاً بالمطالب الشعبية، والأكثر ابتعاداً من قوانين اللعبة السياسية من فوق». وتوجهت له بالقول: «إن اتهامك سمير جعجع بالسعي إلى الرئاسة باطل إلى أقصى الحدود».
وقالت «القوات»: «إذا كان الرئيس الحريري قد قرر وضع يده من جديد مع الثلاثي الحاكم، فهذا شأنه، ولكننا نحن في (القوات اللبنانية) غير مقتنعين بتاتاً بهذه التجربة، ولا يجوز أن تدفعونا ثمن هذه القناعة».
ورد أحمد الحريري على الرد، قائلاً أن الرئيس سعد الحريري «صرّح غير مرة بأنه يعمل لحكومة اختصاصيين غير حزبيين، وأنتم تصرون على رميه يومياً بسهام المحاصصة، وتفترضون أن تعطيل تشكيل الحكومة سيفتح الطريق أمام انتخابات مبكرة». وأشار إلى أنه «ليس سراً على أي لبناني أنكم تريدون الانتخابات المبكرة بفرضية قلب الطاولة التي لن تقلبها مع الأسف انتخابات مبكرة تعبد طريق الحكيم إلى بعبدا».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».