فريد رمضان... رحل محذراً من انفجار الهويات

الروائي البحريني الذي قضى عمره يبحث عن ذاكرة مشتركة مع الآخر

فريد رمضان
فريد رمضان
TT

فريد رمضان... رحل محذراً من انفجار الهويات

فريد رمضان
فريد رمضان

رحل الروائي السيناريست البحريني فريد رمضان يوم الجمعة الماضي، مخلفاً وراءه إرثاً ثقافياً وأدبياً راسخاً في الوعي العام، بصفته أحد أبرز الكتاب الذين سخروا الأدب في دراسة الهويات الثقافية التي يتشكل منها المحيط المشترك. وقد اشتغل أولاً بالتعريف بهذه الهويات، وسياق نشأتها التاريخي، والإسهام المشترك في صياغة هويتها الثقافية، وصولاً للبحث عن المشترك بين الهويات. وفي مرحلة أخرى، كان يحذر من تصادمها... فقد قال لـ«الشرق الأوسط» قبل أسابيع من رحيله: «لا يوجد شيء يصمد أمام انفجار الهويات».
وفي أغسطس (آب) الماضي (2020)، كنا على موعد لحوار يستشرف مشروعه الروائي، وتعطل اللقاء بسبب جائحة كورنا؛ كنتُ أعتذر إليه تحت ضغط الإصابة بالوباء، وكان يعتذر بسبب إصابته بمرض آخر لا يقلّ شراسة عن «كوفيد»، هو «السكلر» أو ما يعرف في الخليج بـ«تكسر الدم»، لكننا اتفقنا على أن نتفرغ كلياً لإنجاز ذلك الحوار، وهو ما حصل.
معاناته مع المرض ولدت معه، ونمت في عروقه، وبرزت بشكل واضح وعبر عنها من خلال عدد من النصوص في أول مجموعة قصصية صدرت له عام 1984، بعنوان «البياض»، وتناول فيها نوبات المرض التي يمر بها، والعناء الذي يكابده بسبب تكسر الدم.
وكان سبب اشتغاله بموضوع الهويات الثقافية، خصوصاً في البحرين، حتى أطلق عليه نُقّاد لقب «روائي الهويات»، بحثه الدائب عن ذاكرة مشتركة مع الآخر، كما قال لنا في حوار (25 أغسطس| آب 2020).
منذ تجربته الروائية الأولى (التنور... غيمة لباب البحرين) حتى روايته الأخيرة (المحيط الإنجليزي) التي وُصفت بأنها سرديّة للتعايش، يرسم فريد رمضان صورة لمجتمع متعدد متنوع في الهويات والأصول والأعراق. وقد صدرت روايته الأولى (التنور... غيمة لباب البحرين) عام 1994، وهي أول إطلالة أدبية لفريد رمضان على مشروعه الذي سيحمله بقية مشواره الأدبي، وهو الهويات في البحرين. ففي هذه الرواية، يبحث في هويات «الهولة» (وهم العرب القاطنون برّ فارس، حيث هاجروا مجدداً إلى أقاليم عربية في الخليج)، ويتناول تحولاتهم من الساحل الفارسي حتى استقرارهم في الجانب العربي من الخليج.
وقد تلتها رواية «السوافح... ماء النعيم» التي صدرت في عام 2006، وفازت بالجائزة الأولى في حقل الرواية البحرينية من وزارة الإعلام. ومثلت هذه الرواية مرحلة النضج الأدبي والروائي بالنسبة لفريد رمضان، وهي تتقصى المجموعات السكانية التي هاجرت من الجنوب العراقي ومن شرق السعودية.
وأعقبتها رواية «البرزخ» (2000) التي تناول فيها جذور هويات مواطنين بحرينيين من أصول عمانية وعراقية تمتد في الهجرة والاستيطان في البحرين.
وفي حين تبحث رواية «المحيط الإنجليزي» بشكل استقصائي في «هجرة البلوش والأفارقة إلى البحرين وشبه الجزيرة العربية»، تناولت هذه الروايات تاريخ تجارة الرقيق في ساحل الخليج والجزيرة العربية والمحيط الهندي وأفريقيا، ودور الهجرات في صياغة التحولات بشأن الهوية واللغة والدين.
وفي حواره من «الشرق الأوسط»، قال إن السر وراء اشتغاله بإشكاليات الهوية في رواياته، منذ «التنور» حتى «المحيط الإنجليزي»، أنه كان يبحث «عن ذاكرة مشتركة مع الآخر؛ ذاكرة تؤسس لفهم أوسع، واشتباك أعمق، وانزياح نحو (الأنا) في ذاتها وذوبانها، مذهبها ودينها، إيمانها وكفرها، حقها وحقوقها، ما لها وما عليها».
ولقد رسم فريد رمضان من خلال رواياته لوحة لمجتمع متعدد متنوع في الهويات والأصول والأعراق، لكنه في حديثه مع «الشرق الأوسط» حذر من أن هذه الصورة الزاهية قد لا تصمد إذا تعرضت لامتحان انفجار الهويات، حيث قال: «لا يوجد شيء يصمد أمام انفجار الهويات، ويكفي النظر إلى كتب التاريخ لتبيان حجم القتل والاضطهاد بداعي اختلاف الهويات، والمفاضلة بينها على كل المستويات».
ويضيف: «منذ اشتغال التخيّل عند الإنسان، وضمن صراعه للبقاء، أضحى الآخر المختلف عن الجماعة شخصاً خارجاً عنها يجب إخضاعه لها، وإلا يُطرد أو يُقتل. وهكذا، سارت الحضارات القديمة في بناء ذاتها، فهي إما ثمرة النزعة العدمية والميتافيزيقية، أو ثمرة مصالح المجتمع الزراعي الأول. وهكذا، سارت بأممها نحو مسارات لفهم ذاتها وفهم محيطها. وهذا أدى إلى حروب بشعة وتمثيل بالآخر المختلِف».
وقد اهتّم فريد رمضان بالسينما، وكتب نحو 16 فيلماً روائياً، وفاز بكثير من الجوائز، وهو لا يجد انفصالاً بين السرد والسينما، إذ قال لنا: «السينما بصفتها خطاباً سردياً لها مقوماتها الخاصة، ولعل أهم هذه العناصر توفر الحكاية أو القصة، عبر بناء الشخصيات بسياقات درامية، والكتابة بطريقة تسمح بنقلها عبر الكاميرا إلى صور متتابعة تحافظ على السرد بصرياً، وتمنحه جمالياته الخاصة».

صدمة الرحيل
هيئة البحرين للثقافة والآثار وصفت الروائي السيناريست فريد رمضان، في بيان نعيه، بأنه «قامة ثقافية لطالما كان لها دور في رفع اسم البحرين عالياً في أوساط الإبداع الخليجي والعربي»، وأن الأديب الراحل «كان مثالاً للمبدع الذي لا يتوقف عن الإنتاج، رغم صعوبة الظروف، وقد ترك لنا إرثاً ونتاجاً ستخلده ذاكرتنا الثقافية البحرينية والخليجية والعربية».
أما جمعية الصحافيين البحرينية، فقالت إنه «من المبدعين الذين تركوا بصمة في حياتنا، وفي إنتاجنا الصحافي والإعلامي والثقافي والأدبي والسينمائي»، وإن «جميع أعماله اتسمت بالحس الإنساني».
وقال الكاتب الناقد البحريني الدكتور نادر كاظم: «كأن الزمان انفصل عن المكان! هذا بالضبط ما يشعر به أهل فريد وأصدقاؤه الذين فجعوا برحيله المباغت».
أما الكاتب البحريني حسن مدن، فقال عن رحيله: «بغيابه خسر المشهد الثقافي في البحرين ومنطقة الخليج العربي واحداً من أبرز مبدعيه، وأكثرهم إخلاصاً ونقاءً وقرباً إلى قلوب كل من عرفه، ولو عن بعد».



«تخريب رهيب» للفيل البرتقالي الضخم و«الآيس كريم» بإنجلترا

المَعْلم الشهير كان يميّز الطريق (مواقع التواصل)
المَعْلم الشهير كان يميّز الطريق (مواقع التواصل)
TT

«تخريب رهيب» للفيل البرتقالي الضخم و«الآيس كريم» بإنجلترا

المَعْلم الشهير كان يميّز الطريق (مواقع التواصل)
المَعْلم الشهير كان يميّز الطريق (مواقع التواصل)

أُزيل فيل برتقالي ضخم كان مثبتاً على جانب طريق رئيسي بمقاطعة ديفون بجنوب غرب إنجلترا، بعد تخريبه، وفق ما نقلت «بي بي سي» عن مالكي المَعْلم الشهير الذي كان يميّز هذا الطريق.

والفيل البرتقالي، الذي كان مثبتاً في حقل على جانب طريق «إيه 38» قرب قرية كينفورد القريبة من مدينة إكستر، قد رمّمته عائلة تافرنر التي تملكه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ورُشَّت كلمتا «لا للقمامة» عليه، ويُعتقد أنّ ذلك كان رداً على خطط مثيرة للجدل لإنشاء موقع مكبّ نفايات مؤقت على الأرض المملوكة للعائلة.

المعلم يخضع لعملية ترميم بعد التخريب (مواقع التواصل)

يُعدُّ اقتراح إنشاء موقع مكبّ للنفايات جزءاً من طلب تخطيط مُقدَّم من شركة «بي تي جنكنز» المحلّية، ولم يتّخذ مجلس مقاطعة ديفون قراراً بشأنه بعد.

بدورها، قالت الشرطة إنه لا شكوك يمكن التحقيق فيها حالياً، ولكن إذا ظهرت أدلة جديدة على وجود صلة بين الحادث ومقترح إنشاء مكبّ للنفايات، فقد يُعاد النظر في القضية.

أما المالكة والمديرة وصانعة «الآيس كريم» بشركة «آيس كريم الفيل البرتقالي» هيلين تافرنر، فعلَّقت: «يخضع الفيل لعملية ترميم بعد التخريب الرهيب الذي تعرَّض له»، وأضافت: «ندرك أنّ ثمة اختلافاً في الآراء حول الخطط، ونرحّب بالمناقشات العقلانية، لكنْ هذه ليست المرّة الأولى التي نضطر فيها إلى مُطالبة الشرطة بالتدخُّل».

وتابعت: «نطالب الجميع بالاستفادة من هذه اللحظة، فنتفق على إجراء هذه المناقشة بحكمة واحترام متبادَل».