زيمبابوي تنبش الأرض بحثاً عن انتعاش اقتصادي ذهبي

رجل ينقب عن الذهب بمدينة موتاري في زيمبابوي (إ.ب.أ)
رجل ينقب عن الذهب بمدينة موتاري في زيمبابوي (إ.ب.أ)
TT

زيمبابوي تنبش الأرض بحثاً عن انتعاش اقتصادي ذهبي

رجل ينقب عن الذهب بمدينة موتاري في زيمبابوي (إ.ب.أ)
رجل ينقب عن الذهب بمدينة موتاري في زيمبابوي (إ.ب.أ)

في وقت ترزح فيه تحت وطأة عقود من سوء إدارة الاقتصاد، تعتمد زيمبابوي على الذهب لجمع الإيرادات من أجل مواجهة تداعيات التضخم الهائل لديها والفساد وقيود احتواء «كوفيد19».
وارتفعت أسعار الذهب بأكثر من 30 في المائة هذا العام، متجاوزة قيمة قياسية بلغت ألفي دولار للأونصة في أغسطس (آب) الماضي، في وقت تحوّل فيه المعدن الثمين إلى ملاذ آمن للمستثمرين في ظل التقلّبات الناجمة عن تفشي «كوفيد19».
ويملك البلد غير الساحلي الواقع في جنوب أفريقيا احتياطات ضخمة من الذهب، إضافة إلى معادن الكروم والألماس والبلاتين و40 معدناً آخر، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وترى الحكومة في الذهب حلاً سحرياً ممكناً لاقتصاد يتوقع أن ينكمش بنسبة العُشر هذا العام، وفق صندوق النقد الدولي.
وبحسب الأرقام الرسمية، ازداد إنتاج الذهب في الأشهر الثمانية الأولى من 2020 بنسبة 10 في المائة، مدفوعاً خصوصاً بإنتاج عمال المناجم على نطاق صغير.
وهناك خطط جارية لحصد 12 مليار دولار من التعدين بحلول عام 2023، خصوصاً من خلال الذهب.
ويساهم القطاع حاليا بـ60 في المائة من صادرات زيمبابوي؛ إذ يجمع نحو مليار دولار في العام، ويشكّل نصف الاستثمارات الخارجية المباشرة للبلد الأفريقي.
وقال وزير المالية متولي نكوبي في بيان سبق نشر الميزانية الشهر الماضي إن «التعدين سيكون القطاع الرائد لاستدامة النمو المرتفع والمشترك».
ويتوقع أن يجلب الذهب 4 مليارات دولار في العام للبلاد بحلول 2023، متبوعاً بالبلاتين (3 مليارات دولار)، رغم أن الحكومة أعطت تفاصيل قليلة للغاية بشأن الكيفية التي يمكن من خلالها تحقيق هذه الزيادة الهائلة مقارنة بالأرقام الحالية.
ويحذر الخبراء من أن الخطط الطموحة تواجه عقبات كبيرة؛ إحداها أن عمال المناجم، خصوصاً أولئك الذين يعملون على نطاق ضيّق، غير راضين عن النظام الذي يتطلب منهم بيع ذهبهم إلى المشتري المملوك للدولة «فيدلتي برينترز آند ريفاينرز».
وبموجب اللوائح التي وضعها البنك المركزي في زيمبابوي، مالك «فيدلتي»، تُدفع نسبة 55 في المائة حداً أقصى لعمال المناجم الصغار بالعملة الأجنبية، بينما تُدفع الـ45 في المائة المتبقية بالدولار الزيمبابوي المعروف بضعفه في السوق.
وصرح الخبير الاقتصادي بيرسيستين غوانيانيا لوكالة الصحافة الفرنسية بأن «الأموال لا تصل إلى النظام الرسمي».
وتعهدت الحكومة بوضع لوائح جديدة لوقف تدفق الذهب خارج البلاد بشكل غير قانوني. ومع ذلك، فإن التناقضات السياسية وتأخر المدفوعات لتسليم السبائك يسببان إحباطاً لشركات التعدين الدولية القليلة العاملة في البلاد.
ويخضع منتجو الذهب على نطاق واسع لعتبة عملات أجنبية أكثر سخاء بنسبة 70 في المائة من عائدات مبيعاتهم.
لكن المحلل روبرت بيسلينغ، رئيس شركة «إكس أفريكا لاستشارات مخاطر الأعمال»، يشدد على أن إعادة نمو الاقتصاد بفضل ارتفاع أسعار الذهب العالمية، أمر «غير واقعي».
وصرح بيسلينغ بأن نمو قطاع التعدين «سيعوقه نقص النقد الأجنبي، وضعف العملة الوطنية، فضلاً عن التضخم المفرط»، مرجحاً أن يفقد المستثمرون الاهتمام بسبب غياب الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
ويضيف: «الشركات تكافح لتأمين المدخلات، والقدرة التصديرية وصلت إلى حدودها بسبب ضعف البنية التحتية».
وأوقفت شركة التعدين العملاقة «ريو زيم»، أكبر منتج في البلاد، الإنتاج في يونيو (حزيران) الماضي بعد فشلها في تغطية نفقاتها التشغيلية.
مع ذلك، في الوقت الحالي، لا يزال يتعين على الحكومة التعامل مع مسألة الذهب الذي يهرّب إلى خارج البلاد.
ويُعتقد أن عمال المناجم الحرفيين، الذين انضم كثير منهم إلى حمى الذهب هرباً من الفقر، هم مصدر كثير من الذهب المهرّب.
والشهر الماضي، ضُبطت رئيسة «اتحاد التعدين الحرفي وصغير الحجم» في زيمبابوي بستة كيلوغرامات من الذهب تزيد قيمتها على 360 ألف دولار في حقيبة يدها قبل ركوب طائرة متجهة إلى دبي.
وتواجه هنريتا رشوايا (53 عاماً) اتهامات بالتهريب؛ حيث اتهمها الادعاء بأنها جزء من مجموعة أوسع.
وقال المدعي غارودزو سيادوما خلال جلسة استماع في المحكمة الأسبوع الماضي: «هذا مثال كلاسيكي للجريمة المنظمة بسبب الطريقة التي جرى من خلالها تنفيذ الجريمة».
وقُبض على 6 أشخاص آخرين في إطار القضية ذاتها.
ويُشتبه بأن أحدهم، وهو ضابط استخبارات في المطار، ذكر زوجة الرئيس إيمرسون منانغاغوا ونجله بصفتهما مالكي البضائع المهربة.
واتهمه المدعون والمسؤولون الحكوميون بالإعلان عن أسماء عامة بهدف تضليل المحققين والتهرب من العدالة.
ويُشتبه بأن الفضيحة ليست سوى غيض من فيض لتهريب الذهب الذي أدى إلى تحويل مئات الملايين من الدولارات إلى خارج البلاد. وقدّر وزير الشؤون الداخلية كازيمبي كازيمبي مؤخراً بأن زيمبابوي تخسر نحو 1.2 مليار دولار سنوياً جراء تجارة الذهب غير المشروعة.


مقالات ذات صلة

ترقباً لبيانات التضخم الأميركية اليوم... الذهب يرتفع قليلاً

الاقتصاد سبائك من الذهب النقي بمصنع نوفوسيبيرسك لصياغة وتصنيع المعادن الثمينة في روسيا (الشرق الأوسط)

ترقباً لبيانات التضخم الأميركية اليوم... الذهب يرتفع قليلاً

ارتفعت أسعار الذهب قليلاً، يوم الأربعاء، مع بحث المستثمرين عن صفقات بعد انخفاضات حادة في الجلسة الماضية، بينما تحوَّل التركيز إلى بيانات التضخم الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جزء من احتياطي الذهب في مجمع بنك البرتغال المحصّن في كاريغادو (رويترز)

الذهب يتراجع إلى أدنى مستوى في شهرين

انخفضت أسعار الذهب، يوم الثلاثاء، إلى أدنى مستوياتها منذ نحو شهرين، تحت وطأة صعود الدولار الأميركي، وفي وقت يترقب فيه المستثمرون صدور بيانات اقتصادية أميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد موظف يعرض سبيكة ذهب في ورشة عمل لشركة «أورإلكتروميد» في بلدة فيرخنيايا بيشما (رويترز)

احتياطيات روسيا من الذهب تتجاوز 200 مليار دولار لأول مرة منذ 25 عاماً

أعلن البنك المركزي الروسي أن احتياطيات الذهب في البلاد قد وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 207.7 مليار دولار في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد سبائك ذهبية معروضة في بورصة الذهب الكورية بسيول (رويترز)

الذهب يواصل تراجعه... والمستثمرون يترقبون بيانات أميركية وتعليقات من «الفيدرالي»

هبطت أسعار الذهب للجلسة الثانية على التوالي الاثنين، في حين يستعد المستثمرون لبيانات اقتصادية أميركية وتعليقات من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية في متجر «جينزا تانكا» في طوكيو (رويترز)

الذهب يتراجع مع تقييم تأثير رئاسة ترمب على الفائدة الأميركية

انخفضت أسعار الذهب اليوم الجمعة وتتجه نحو انخفاض أسبوعي ثانٍ على التوالي مع تقييم المتداولين لتأثير رئاسة دونالد ترمب على أسعار الفائدة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن )

الصين: القيود المفروضة على «تي إس إم سي» تقوّض مصالح الشركات التايوانية

شعار «تي إس إم سي» خلال معرض في مركز التجارة العالمي في تايوان (أ.ب)
شعار «تي إس إم سي» خلال معرض في مركز التجارة العالمي في تايوان (أ.ب)
TT

الصين: القيود المفروضة على «تي إس إم سي» تقوّض مصالح الشركات التايوانية

شعار «تي إس إم سي» خلال معرض في مركز التجارة العالمي في تايوان (أ.ب)
شعار «تي إس إم سي» خلال معرض في مركز التجارة العالمي في تايوان (أ.ب)

قال مكتب شؤون تايوان الصيني، الأربعاء، إن الأمر الأميركي لشركة «تايوان لصناعة أشباه الموصلات (تي إس إم سي)» بوقف شحنات الرقائق المتقدمة لبعض العملاء الصينيين -كما ذكرت «رويترز»- أثبت أن الولايات المتحدة «تلعب بورقة تايوان» لزيادة التوترات في مضيق تايوان.

وقالت المتحدثة باسم مكتب شؤون تايوان الصيني، تشو فنغ ليان، إن الولايات المتحدة تهدف إلى تفاقم الوضع مع تايوان، وأن مثل هذه الخطوة يُقوّض مصالح الشركات التايوانية.

وهذه التعليقات هي أول ردّ رسمي من الصين بعد أن ذكرت «رويترز»، يوم الأحد، أن الولايات المتحدة أمرت شركة «تايوان لصناعة أشباه الموصلات» بالقيام بذلك.

وقال مصدر مطلع على الأمر: «إن شركة (تايوان لصناعة أشباه الموصلات) أوقفت الشحنات بدايةً من يوم الاثنين». وغالباً ما تُستخدم الرقائق في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتأتي في الوقت الذي أثار فيه المشرّعون الجمهوريون والديمقراطيون مخاوف بشأن عدم كفاية ضوابط التصدير على الصين وتطبيق وزارة التجارة لها.

وأخطرت شركة «تي إس إم سي» قبل بضعة أسابيع وزارة التجارة الأميركية بأنه تم العثور على إحدى رقائقها في معالج الذكاء الاصطناعي الخاص بشركة «هواوي».

وتوجد شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة «هواوي»، في قلب الإجراء الأميركي، على قائمة تجارية مقيدة، ما يتطلب من الموردين الحصول على تراخيص لشحن أي سلع أو تكنولوجيا للشركة.