الحكومة التونسية تتوصل لاتفاق نهائي مع المحتجين

إضرابات المطالبين بالتنمية والتشغيل كلفت الدولة نحو 290 مليون دولار

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
TT

الحكومة التونسية تتوصل لاتفاق نهائي مع المحتجين

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)

أعلن هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية، التوصل إلى حل نهائي لأزمة المعطلين، أو ما يعرف بملف «الكامور» بولاية تطاوين (جنوب شرقي)، الذي استعصى على الحكومات السابقة، وظل بدون حل لأكثر من أربع سنوات، وذلك بعد الاستجابة لمطالب المعطلين المطالبين بالتنمية والتشغيل، مع اعتماد عددٍ كبير من التعديلات على اتفاق يعود إلى سنة 2017 مع حكومة يوسف الشاهد، وهو ما سيسمح باستئناف نشاط الشركات العاملة بالمجال الطاقي بصورة طبيعية، انطلاقا من يوم أمس (السبت).
وثمن المشيشي المجهودات الكبيرة لكافة المتدخلين لحل هذه الأزمة، عبر الحوار والتشاور، وقطع الطريق أمام كل الدعوات للعنف والفوضى، على حد تعبيره.
ومن المنتظر أن توقف الحكومة المتابعات القضائية في حق من قادوا الاعتصام السلمي، مع تعهد المعتصمين بعدم التعرض للثروات المحلية في حال قيامهم بتحركات احتجاجية مستقبلا.
ولئن احتفت الحكومة بهذا الاتفاق، وسوقته على أساس أنه «انتصار على دعاة الفوضى»، وأنه «نجاح ضد كل من راهن على إسقاط الحكومة باستخدام ملف «الكامور» المستعصي»، فقد طالب ممثلو تنسيقية اعتصام الكامور في المقابل بـ«التطبيق الفوري للاتفاق، وصولا إلى مرحلة العمل».
وتضمن الاتفاق المعلن عنه بصفة رسمية توفير اعتماد مالي سنوي بنحو 80 مليون دينار تونسي (نحو29 مليون دولار) لتمويل صندوق للتنمية، على أن يقدم المبلغ إلى المجلس الجهوي (حكومي) بالمنطقة، وألف قرض بنكي بشروط ميسرة، وتقديم 18 مليون دينار ضمن برنامج المسؤولية المجتمعية للشركات البترولية الموجودة في تطاوين، مع توفير تمويلات مالية بقيمة 2.6 مليون دينار تونسي لبلديات الجهة.
أما على مستوى التشغيل، وهو الملف الأهم، فقد تعهدت الحكومة خلال السنة الحالية بالتشغيل الفوري لـ215 شابا بالشركات البترولية، و70 آخرين خلال السنة المقبلة، وإحداث 660 موطن شغل غير قار بالشركات البترولية، وتشغيل ألف عون وإطار بشركات البيئة قبل نهاية 2020، مع وضع شركة البيئة تحت إشراف وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري. علاوة على توفير 100 قرض لتمويل مشاريع بقيمة 2.2 مليون دينار تونسي.
كما تضمن الاتفاق إنشاء خمسة شركات جهوية، ونقل الأشخاص والمعدات والمواد، والفلاحة واستصلاحها وتطويرها بتطاوين، قبل نهاية السنة المقبلة بتعهد من الشركة الإيطالية - التونسية لاستغلال النفط.
وبخصوص هذا الاتفاق قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط» إن الطرفين «سئما المناكفات التي طالت أكثر من اللزوم، وكان عليهما أن يفضا هذا الخلاف قبل سنوات، وإنهاء هدر الثروات الطبيعية، إذ أن خسائر الاقتصاد التونسي جراء عمليات منع ضخ النفط من مناطق إنتاجه في جهة تطاوين، كلفت الخزينة خسائر لا تقل عن 800 مليون دينار تونسي (نحو 290 مليون دولار)، وهو مبلغ كانت تونس ولا تزال في أمس الحاجة إليه». مضيفا أن الاتفاق «رغم أهميته، هو يبقى هشا خاصةً بعد أن استقوت الأطراف الاجتماعية على الدولة، وفرضت عليها برامج تنمية وتشغيل، والخطر كل الخطر في تحول هذه العدوى إلى مناطق تونسية أخرى»، على حد تعبيره.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».