إسرائيل تعزز أسطولها البحري لحماية الغاز

TT

إسرائيل تعزز أسطولها البحري لحماية الغاز

أعلن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، أمس الجمعة، عن قرب وصول أولى سفن الصواريخ من نوع «ساعَر 6» لتعزيز قوات سلاح البحرية، التي تحمي المياه الاقتصادية والمصالح الاستراتيجية لحدودها البحرية وتحمي بشكل خاص آبار الغاز التي أقامتها في عمق البحر الأبيض المتوسط.
وقال بيان الناطق إن هذه هي «أولى السفن الحربية من سلسلة سفن الصواريخ من نوع (ساعر 6)، التي تم الانتهاء من بنائها أمس وسيتم تسليمها لإسرائيل في يوم الأربعاء القادم، في مصانع السفن في ألمانيا وتنطلق من هناك ويتوقع وصولها إلى إسرائيل أوائل الشهر المقبل، لتنضم إلى سلاح البحرية. وستعقبها ثلاث سفن أخرى حتى نهاية عام 2021». ونقل الناطق بلسان قائد سلاح البحرية، اللواء إلياهو شربيت، قوله: «نشهد اليوم حدثا تاريخيا. فهذا هو النموذج الأول من سفينة الصواريخ الأكثر تطورا في العالم. مهمة الدفاع عن المياه الاقتصادية والمصالح الاستراتيجية لدولة إسرائيل، هي مهمة أمنية مركزية وأساسية لسلاح البحرية، وهذه السفن ستقود المهمة».
المعروف أن سفن «ساعر 6»، مزودة بقدرات تكنولوجية فائقة التطور، ما يميزها بقدرات دفاعية وهجومية كبيرة. وسيتم تجهيزها بأحدث وأقوى أنظمة الرادار القادرة على رصد أي هدف معاد في عرض البحر أو في البر وحتى جواً وتأمين استجابة سريعة للرد على أي تحد من خلال إمكانياتها المتقدمة. وهي تحتوي على منصة لطائرات مروحية من طراز «سي هوك»، القادرة على العمل في مسافات بعيدة ولفترات طويلة. كما تحوي السفن الحديثة أنظمة دفاعية مضادة للصواريخ والنيران منحنية المسار ومنظومة القبة الحديدية البحرية وكذلك القدرة على إطلاق الصواريخ بحر - بحر، بإمكانيات هجومية أكثر دقة. وهي مجهزة أيضا بقدرات اتصال متقدمة تمكنها من التفاعل بسرعة مع جميع وحدات وأذرع الجيش المختلفة.
يذكر أن السفينة ستصل إلى ميناء حيفا من دون وسائل حربية أو أنظمة دفاعية، وسيتم تجهيزها بالأنظمة العسكرية المتطورة، 90 في المائة منها طورتها شركات إسرائيلية (تشمل مكافحة الحرائق والرادار وصواريخ دفاع متطورة ووسائل أخرى). وتتميز سفن «ساعر 6» بقدرتها على الوجود في المياه لفترات كبيرة تبلغ 2000 ساعة في السنة ولمدة 30 عاماً. ويعتبرها الإسرائيليون إحدى الضمانات الأساسية للتفوق العسكري.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».