تفجير انتحاري يستهدف وزير الداخلية الصومالي ووفدا قطريا بالعاصمة مقديشو

مقتل وجرح العشرات.. ومنظمة «الشباب المجاهدين» التابعة لـ«القاعدة» تتبناه

تفجير انتحاري يستهدف وزير الداخلية الصومالي ووفدا قطريا بالعاصمة مقديشو
TT

تفجير انتحاري يستهدف وزير الداخلية الصومالي ووفدا قطريا بالعاصمة مقديشو

تفجير انتحاري يستهدف وزير الداخلية الصومالي ووفدا قطريا بالعاصمة مقديشو

قتل 8 أشخاص على الأقل، وأصيب نحو 20 آخرين بجروح في هجوم بسيارة مفخخة قادها انتحاري، مستهدفا موكبا لوزير الداخلية الصومالي، وبصحبته وفد قطري كان يقوم بزيارة رسمية لمقديشو.
ووقع الهجوم بوسط العاصمة، وتمكن الانتحاري من الاصطدام بإحدى سيارات الموكب التي كانت تقل الوفد القطري الذي نجا جميع أعضائه من الهجوم، لأنهم كانوا يستقلون سيارات مصفحة. وأدى الهجوم أيضا إلى تدمير عدد من السيارات التي تصادف وجودها في المنطقة المزدحمة بالسكان التي تقع على بعد أمتار من مجمع السفارة التركية في مقديشو.
وجاء هذا الهجوم بعد أربعة أيام من الحملات الأمنية المكثفة التي نفذتها القوات الحكومية والشرطة في العاصمة شملت إغلاقا كاملا لعدد من الشوارع المهمة في مقديشو، قالت الحكومة الصومالية إنها تهدف إلى تعزيز الأمن في العاصمة. وأعلنت حركة الشباب المجاهدين مسؤوليتها عن الهجوم الأخير قائلة إنها استهدفت وزير الداخلية الصومالي عبد الكريم حسين جوليد وما وصفته بـ«مرتزقة أجانب». ويرى مراقبون أيضا أن توقيت الهجوم لا يخلو من رسائل سياسية، حيث يأتي قبل يوم فقط من عقد مؤتمر دولي حول الصومال تستضيفه الحكومة البريطانية في لندن بمشاركة نحو خمسين دولة ومنظمة مهتمة بالشأن الصومالي، ويترأسه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود.
وكان من المفترض أن يشارك رئيس إقليم أرض الصومال الانفصالي أحمد سيلانيو في المؤتمر المرتقب، إلا أنه أعلن عن مقاطعته للمؤتمر لأسباب وصفها بأنها ضد مصالح «أرض الصومال» كما أن حكومة إقليم بونت لاند الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي في شمال شرقي البلاد شكت من عدم توجيه الدعوة إليها، في حين لم تعلق الحكومة البريطانية المستضيفة للمؤتمر علي هذه المواقف. ويتزامن مؤتمر لندن حول الصومال مع مجموعة من التطورات السياسية المتلاحقة في المشهد الصومالي فقد عين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون نيكولاس كاي (55 عاما) وهو دبلوماسي بريطاني ممثله الخاص الجديد للصومال، وذلك خلفا لأوغستين ماهيغا (من تنزانيا)، الذي شغل منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مكتب الأمم المتحدة السياسي في الصومال على مدى السنوات الثلاث الماضية.
ويشغل الممثل الجديد للأمم المتحدة في الصومال نيكولاس كاي حاليا منصب مدير قسم أفريقيا في وزارة الخارجية البريطانية ومكتب الكومنولث، وعمل قبل ذلك سفيرا لبلاده لدى جمهورية الكونغو الديمقراطية، في الفترة من 2007 إلى 2010، ثم سفيرا لدى السودان من 2010 إلى 2012. وكان نيكولاس كاي أيضا المنسق الإقليمي للمملكة المتحدة الإقليمي في جنوب أفغانستان ورئيس فريق إعادة إعمار مقاطعة هلمند في الفترة بين عامي 2006 - 2007. كما شغل كاي مناصب دبلوماسية في إسبانيا وكوبا، وبلدان أخرى. وسيكون كاي مسؤولا عن قيادة جهود الأمم المتحدة لمساعدة الصومال من أجل بناء السلام والاستقرار السياسي ومستقبل مفعم بالأمل بعد عقود من الصراع.
وكان مجلس الأمن الدولي قد صوت بالإجماع يوم الخميس الماضي على إنشاء بعثة مساعدة تابعة للأمم المتحدة في الصومال، تكون معروفة باسم بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في الصومال ويكون مقرها في مقديشو، ابتداء من يوم الثالث من يونيو (حزيران) لفترة أولية مدتها اثنا عشر أشهر. وبموجب هذا القرار بهيكلة ولاية البعثة الجديدة لتشمل توفير مهام الأمم المتحدة لدعم السلام والمصالحة، وتقديم المشورة للحكومة وقوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام الحالية المعروفة باسم بعثة الاتحاد الأفريقي بشأن بناء السلام وبناء الدولة، والمساعدة في تنسيق الدعم الدولي، والمساعدة على بناء القدرات في مجال حقوق الإنسان وسيادة القانون، والرصد والمساعدة في منع انتهاكات حقوق الإنسان.
ووفقا لما جاء في ملخص تقييم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فإن الوظيفة الأساسية لبعثة الأمم المتحدة الجديدة هي العمل على تمكين حكومة الصومال الاتحادية ومساعدتها في خلق البيئة السياسية والاستراتيجية لبناء السلام. ويرأس البعثة الممثل الخاص للأمين العام، الدبلوماسي البريطاني نيكولاس كاي وسيكون مقرها في العاصمة، مقديشو، بالإضافة إلى انتشارها في جميع أنحاء البلاد تلبية لطلب الحكومة.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.