تستمر التجربة الرائعة للعمل من المنزل في عام 2020، منذ ما يقرب من ثمانية أشهر، وقد بدأت نتائجها الأولية في الظهور بالفعل. وبشكل عام، تشير الدراسات إلى أن أغلب من مروا بهذه التجربة يفضلونها في أغلب الأوقات، باستثناء أمر واحد، وهو ما تتضمنه من الشعور بالوحدة.
وذكرت وكالة «بلومبرغ للأنباء» أن «روح الزمالة» هي الشيء الأول الذي يتطلع الأفراد إليه عندما يكون هناك عودة إلى أماكن العمل في النهاية، حيث إن «الوحدة» غالباً ما تأتي في مقدمة السلبيات المتعلقة بالعمل عن بُعد.
ولا يُعتبر الشعور بالوحدة من الآثار الجانبية الناتجة عن العمل من المنزل فقط، حيث إن تفاعلاتنا الاجتماعية خارج العمل قد تم تقليصها أيضاً نتيجة للظروف الحالية.
ففي الظروف العادية، يمكن للعاملات عن بُعد إدخال بعض الحيوية على يومهن من خلال اللقاءات التي تتم في المقاهي، أو من خلال تناول العشاء مع الأصدقاء، وهو الأمر الذي لم يعد يحدث حالياً بسبب تفشي جائحة «كورونا».
كما أن العمل عن بُعد لم يعد اختيارياً الآن في ظل المخاوف من انتشار الفيروس، وهو ما يؤدي إلى استبعاد حضور كثيرين إلى أماكن العمل.
ومن جانبه، يقول جيانبيرو بيتريجليري، الأستاذ المساعد في كلية «إنسياد» لإدارة الأعمال، كما أنه مؤلف مقالة «في مدح المكتب»، التي نُشِرت مؤخراً في مجلة «هارفارد بيزنس ريفيو» الشهرية القائمة على البحث العلمي في مجال الإدارة والأعمال: «إذا كنت منفتحاً، أو مديراً، أو شخصاً يحب وظيفته، أو شخصاً لديه في العمل زملاء رائعين بشكل خاص، فمن المحتمل أن تشعر بثقل الوحدة بشكل خاص في الوقت الحالي».
وعلى المرء أن يتذكر أن تلك التجربة ليست عامة، حيث يقول بيتريجليري إن «هناك مجموعة كاملة من الأشخاص الذين شعروا في المكاتب بالقمع والبؤس وكتم الأفواه والإحساس بأنهم غير مرئيين... فإذا سألت أياً منهم، فلا أعتقد أنهم سوف يقولون: (يا إلهي، كم أشعر بالوحدة الشديدة)».
وأوضح أن «أولئك الذين يشعرون بالوحدة بيننا هم الأكثر احتمالاً لأن يكونوا محظوظين الآن... أما أولئك الذين لديهم قدر من السلطة على الآخرين، قد يعانون بشكل خاص. فالمديرون والقادة يحصلون على دعم نفسي من خلال وجود فرق العمل الخاصة بهم حولهم؛ لأن ذلك يكون بمثابة تذكير ملموس بوضعهم».
وبالتالي، فإن القيادة عن بُعد، قد لا تكون مجزية بقدر القيادة الحقيقية، بحسب «بلومبرغ».
وفي الوقت نفسه، قد يشعر بعضنا بالوحدة أيضاً بسبب ما كانوا عليه في الماضي، عندما كانوا يعتادون الخروج من منازلهم مرتدين ملابس العمل في الصباح للذهاب إلى مكاتبهم. وربما لم نكن لنشعر دائماً بأننا نحب أن نكون ذلك الشخص الذي يذهب إلى العمل بصورة منتظمة، ولكن الآن، وبعد غياب لفترة طويلة، فقد افتقدنا ذلك.
من ناحية أخرى، فإن البعد عن الزملاء لفترة من الوقت قد يمنح البعض شعوراً بالسعادة، حيث إن ذلك البعد يجعل من السهل نسيان تنهدات زميل العمل المزعجة، أو إصراره على تسخين السمك داخل الميكروويف.
ومع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس «كورونا»، لا سيما في أوروبا والولايات المتحدة، يبدو من غير المحتمل أن يعود كثير من الأشخاص إلى مكاتب العمل قريبا، بحسب وكالة «بلومبرغ».
ولكن هناك طرقا لجعل موسم الشتاء أكثر احتمالا، وذلك من خلال مجرد النظر إلى فئة من أمثال الموظفين المؤقتين، الذين ليس لديهم مكاتب عمل بالمعنى الحرفي.
وتوصل البحث الذي أجراه بيتريجليري مع سوزان آشفورد وإيمي فرزيسنيفسكي، إلى أن الأشخاص الأكثر سعادة في تمتعهم بحياة مهنية مستقلة، يقضون معظم الوقت في مد جسور التواصل، سواء مع الأشخاص، ومع الروتين، ومع الشعور بهدف، وبمكان العمل.
ويقول بيتريجليري إن الشيء المتعلق بالمكتب، هو أنه يقدم جسور التواصل الأربعة في حزمة واحدة، موضحا: «وكما هو الحال مع أي حزمة، فإنها لم تكن مثالية، أليس كذلك؟ ولكنها كانت مريحة».
وتشير «بلومبرغ» إلى أن إيجاد تلك الروابط بصورة مستقلة، يتطلب بذل المزيد من الجهد.
من ناحية أخرى، لا يعد عمل صورة طبق الأصل من المكتب هو الحل لتجاوز هذا الوقت الذي يتسم بالعزلة، حيث إن ذلك سوف يذكرنا بكل ما نفتقده.
ويتساءل بيتريجليري قائلاً: «ما الفرق بين الوحدة والعزلة؟»، ثم يجيب: «إحداهما حالة من الحرمان والأخرى حالة من الإشباع».
تجربة العمل من المنزل... بين المزايا والعيوب
أغلب من مروا بها يفضلونها رغم الشعور بالوحدة
تجربة العمل من المنزل... بين المزايا والعيوب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة