الكاظمي يدعو إلى شراكة مع العالم لإعادة بناء العراق

رئيس الوزراء العراقي لدى افتتاحه منشأة للغاز في البصرة أمس (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي لدى افتتاحه منشأة للغاز في البصرة أمس (رويترز)
TT

الكاظمي يدعو إلى شراكة مع العالم لإعادة بناء العراق

رئيس الوزراء العراقي لدى افتتاحه منشأة للغاز في البصرة أمس (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي لدى افتتاحه منشأة للغاز في البصرة أمس (رويترز)

أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أن «الشراكة بين المؤسسات العراقية والشركات الدولية الرصينة، تعد طريقاً مثالية للنهوض بالعراق واقتصاده، وتوفر فرص العمل للشباب».
وقال الكاظمي خلال افتتاحه أمس (الخميس) في مدينة البصرة، برجاً غازياً يعد الأضخم في البلاد، إن «ما يمر به البلد من أزمة اقتصادية يدفعنا للتفكير بالمستقبل، وبناء اقتصاد حقيقي متين، لا يعتمد كلياً على النفط، بما يحقق حياة أفضل لجميع العراقيين».
وقال بيان صادر عن مكتب الكاظمي، إن رئيس الوزراء أشاد بجهود «العاملين والقائمين على هذا المشروع الحيوي الذي يمثل ركيزة اقتصادية مهمة للبلد، وخطوة لتحقيق تنمية حقيقية بعيداً عن الاعتماد التقليدي على النفط الخام»، مؤكداً أن «المشروع سيحقق سياسة جديدة لتنمية طويلة الأمد للعراق ولمحافظة البصرة التي تستحق منا الكثير».
وأضاف البيان، أن «ما يمر به البلد من أزمة اقتصادية يدفعنا للتفكير بالمستقبل وبناء اقتصاد حقيقي متين لا يعتمد كلياً على النفط». وكان الكاظمي افتتح بوابات ميناء أم قصر الإلكترونية الموحدة لمشروع ساحة الترحيب الكبرى.
وفي سياق الأزمة المالية الحادة التي يمر بها العراق حالياً وما ترتب عليها من تأخير دفع رواتب الموظفين لهذا الشهر، أكد الكاظمي أن هناك تصاعداً في إيرادات الجمارك والمنافذ الحدودية، وذلك عقب الإجراءات التي اتخذها على صعيد السيطرة على المنافذ والجمارك التي كانت تحت سيطرة مافيات الفساد والجماعات المسلحة.
وفيما يتعلق بميناء الفاو، الذي لا يزال يثير الجدل بشأن إمكانية بنائه من عدمه بسبب الخلافات الحدودية بين العراق والكويت، وكذلك مسألة الربط السككي، عد الكاظمي أن «هذا الميناء يعد من أولويات الحكومة، على الرغم من التحديات الكبيرة التي يمر بها البلد، إلا أننا سنعمل جاهدين للتوقيع مع الشركات الأجنبية لبدء العمل فيه».
وفي وقت تراجعت فيه شركة «دايو» الكورية عن إكمال بناء ميناء الفاو، أكد الكاظمي من البصرة، أن العراق سوف يتعاقد مع شركات جديدة لبناء الميناء. وكانت وزارة النقل العراقية أعلنت أمس، أن «شركة (دايو) تراجعت عن اتفاقها المبدئي بإكمال مشروع ميناء الفاو الذي وضع تصميمه المستشار الإيطالي». وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة في بيان له، إن «الشركة طالبت بمبالغ إضافية وتمديد مدة العقد للاستمرار في المشروع».
وأوضح المتحدث الرسمي، أن «وزير النقل رفض مطالب الشركة، وطالبها بالالتزام بالعقد الذي تم توقيعه مع الوزارة بعقد مدته 3.5 سنة وحفر الميناء بعمق يبلغ أكثر من 19.8 متر». لكن الكاظمي أعلن، أن حكومته سوف تتعاقد مع شركات جديدة لإكمال هذا البناء، عاداً إياه بمثابة «شريان حقيقي في حياة العراقيين، ولن نسمح بأي إهمال فيها».
وكان الكاظمي افتتح خلال زيارته البصرة، التي تعد كبرى محافظات الجنوب والمحافظة الأكبر في إنتاج وتصدير النفط (نسبة 80 في المائة من نفط العراق)، افتتح برجاً غازياً يعد الأضخم في صناعة الغاز، والذي نُفّذ من قِبل شركة غاز البصرة. وعد الكاظمي خلال حفل الافتتاح، أن «مثل هذه المشاريع تعد الركيزة الاقتصادية المهمة للبلد بعيداً عن الاعتماد التقليدي على النفط الخام». وأضاف، أن «المشروع سيحقق سياسة جديدة لتنمية طويلة الأمد للعراق ولمحافظة البصرة التي تستحق منا الكثير»، على حد قوله.
وفي هذا السياق، قال عضو لجنة مراقبة البرنامج الحكومي والتخطيط الاستراتيجي في البرلمان العراقي آراس حبيب كريم لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأزمة المالية التي يمر بها العراق حالياً هي ليست هي المشكلة التي يجب أن نبحث عن حلول لها، بل ينبغي البحث عن حلول للمتسبب الرئيسي لهذه الأزمة»، مبيناً أن «الأزمة المالية هي في الواقع نتاج فلسفة اقتصادية خاطئة منذ سقوط النظام السابق إلى اليوم». وأوضح، أن «الأمم الحية هي التي تستفيد من الأخطاء وتحولها إلى دروس وعبر»، لافتاً إلى أن «الفرص لا تزال متاحة أمامنا باتجاه استثمار ما نملكه من طاقات وقدرات وإمكانات لبناء اقتصاد متين».



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.