مخاوف سودانية من تداعيات الحرب في شمال إثيوبيا

تحسب لتأثيرات أمنية وإنسانية على الوضع في البلاد

الرئيس آبي أحمد يوجه كلمة للشعب إثر الأحداث الدامية التي عرفها إقليم التقراي الإثيوبي (أ.ف.ب)
الرئيس آبي أحمد يوجه كلمة للشعب إثر الأحداث الدامية التي عرفها إقليم التقراي الإثيوبي (أ.ف.ب)
TT

مخاوف سودانية من تداعيات الحرب في شمال إثيوبيا

الرئيس آبي أحمد يوجه كلمة للشعب إثر الأحداث الدامية التي عرفها إقليم التقراي الإثيوبي (أ.ف.ب)
الرئيس آبي أحمد يوجه كلمة للشعب إثر الأحداث الدامية التي عرفها إقليم التقراي الإثيوبي (أ.ف.ب)

تراقب الحكومة السودانية عن كثب التطورات المتسارعة في إقليم تغراي الإثيوبي، على خلفية {الحرب} التي اندلعت بين قوات الإقليم والحكومة المركزية في إثيوبيا، تحسباً لأي انعكاسات أمنية وإنسانية تتأثر بها البلاد، وعلى وجه الخصوص ولايتا القضارف وكسلا، المحاددتان للإقليم الإثيوبي المضطرب.
وأجرى رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، ليلة أول من أمس محادثة هاتفية مع نظيره الإثيوبي، آبي أحمد، ليطمئن فيها على الأوضاع على ضوء البيان الصادر من الحكومة الإثيوبية، وبدوره أكد آبي أحمد، أن حكومته تعمل على استباب الأمن والعودة بالمنطقة لأوضاعها الطبيعية. ومن جانبه، أعرب حمدوك خلال المكالمة الهاتفية عن حرصه على الاستقرار في إثيوبيا؛ لما يشكله من استقرار للسودان والإقليم.
وفرضت الحكومة الإثيوبية الاتحادية (الأربعاء) الماضي حالة الطوارئ في الإقليم، واتهم رئيس الوزراء «جبهة تحرير شعب تيغراي» الحزب الحاكم في الإقليم بمهاجمة قاعدة عسكرية فيدرالية، وأصدر توجيهات لقوات الجيش للتدخل الفوري؛ حفاظاً على سيادة البلاد.
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، قد قام في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بزيارة لإثيوبيا، استغرقت يومين، بحث فيها مع رئيس الوزراء الإثيوبي قضية الحدود بين البلدين والأمن في المنطقة.
ويرى المهتم بالشأن الإثيوبي، عبد المنعم أبو إدريس، أن الاضطراب الأمني الذي يشهده إقليم التقراي في نزاعه الحالي مع الحكومة الاتحادية في إثيوبيا، يؤثر أمنياً وإنسانياً على ولايتي كسلا والقضارف المتاخمتين لإقليم التقراي، الواقع على الحدود بين البلدين، علماً بأن الولايتين شهدتا في الفترة الماضية صدامات بين المجموعات السكانية، أخذت أبعاداً قبلية وإثنية.
ويضيف أبو إدريس موضحاً، أن الإشكالات القبلية في المناطق الحدودية، وخاصة في منطقة الفشقة السودانية، تعرف نشاط عصابات الشفتة وبعض الميليشيات التي تنتمي إلى مجموعات عرقية إثيوبية؛ وهو ما قد يزيد من منسوب الاضطراب الأمني على امتداد الحدود.
كما أوضح أبو إدريس، أن بعض المناطق في الحدود بين السودان وإثيوبيا تعيش حالة من الانفلات الأمني، نتيجة ضعف أجهزة الأمن، حيث تنتشر في تلك المناطق تجارة السلاح بكثافة، كما تعتبر مركزاً لعصابات الاتجار بالبشر، والهجرة غير الشرعية، مشيراً إلى أن هذه العوامل قد تؤدي إلى تدهور أمني كبير يواجهه البلدان.
وتوقع الخبير في الشأن الإثيوبي، أنه في حال تفاقم النزاع في إقليم التقراي، أو تمدده لمنطقة الأمهرا المجاورة للسودان، أن يخلق أزمة أمنية وإنسانية، تتمثل في تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين المتضررين من الصراع إلى الأراضي السودانية، حيث تقدر أعداد السكان في المناطقة الإثيوبية المتاخمة للحدود مع السودان بأكثر من 35 في المائة من مجموع سكان إثيوبيا.
ورأى أبو إدريس، أن السودان يمكن أن يلعب دور الوسيط لحل النزاع الداخلي في إثيوبيا، بحكم ترؤس رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الدورة الحالية لمنظمة «الايغاد»، المعنية بحل النزاعات في وسط وشرق القارة الأفريقية، بالإضافة إلى العلاقات المتميزة بين البلدين، ومعرفة السودان التعقيدات والتباينات الداخلية في إثيوبيا.
ويشكل عدم ترسيم الحدود بين السودان وإثيوبيا، الذي تم الاتفاق عليه بين البلدين، مصدر قلق للسودان، خاصة بعد حوادث الاعتداءات المتكررة من قبل مجموعات إثيوبية على أراضيه في الأشهر الماضية، والتي أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من قوات الجيش السوداني والمدنيين.
وتفيد آخر التطورات في إثيوبيا، إلى موافقة مجلس النواب بأغلبية ساحقة على إعلان حالة الطوارئ في إقليم التقراي، بعد مناقشة مشروع الإعلان المقدم من مجلس الوزراء الإثيوبي.
وتتزامن التوترات الأمنية في إثيوبيا مع وصول مفاوضات سد النهضة إلى طريق مسدودة، بعد أن أعلنت الدول الثلاث عن فشلها في إحراز أي تقدم في التوافق على دور الخبراء المشاركين في المفاوضات، في حين تم الاتفاق على إعادة الملف للاتحاد الأفريقي مرة أخرى.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.