الإمارات تفتتح قنصليتها في العيون المغربية

وزير خارجيتها عدّ الخطوة «دفعة قوية للعلاقات الاستراتيجية بين البلدين»

وزير خارجية المغرب لدى افتتاحه القنصلية برفقة السفير الإماراتي لدى المغرب في العيون أمس (الخارجية المغربية)
وزير خارجية المغرب لدى افتتاحه القنصلية برفقة السفير الإماراتي لدى المغرب في العيون أمس (الخارجية المغربية)
TT

الإمارات تفتتح قنصليتها في العيون المغربية

وزير خارجية المغرب لدى افتتاحه القنصلية برفقة السفير الإماراتي لدى المغرب في العيون أمس (الخارجية المغربية)
وزير خارجية المغرب لدى افتتاحه القنصلية برفقة السفير الإماراتي لدى المغرب في العيون أمس (الخارجية المغربية)

افتُتحت أمس في العيون؛ كبرى مدن الصحراء المغربية، القنصلية العامة لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تعدّ أول قنصلية لدولة خليجية تفتتح في الصحراء.
وقال وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، إن افتتاح قنصلية عامة لبلاده في العيون سيعطي دفعة قوية للعلاقات «المتينة والاستراتيجية»، التي تجمع الرباط وأبوظبي.
وذكر الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، في كلمة مسجلة جرى بثها عقب مراسم تدشين القنصلية العامة للإمارات في العيون، أن هذا «القرار نابع من الطابع العريق والاستراتيجي للعلاقات التي تجمع بين البلدين».
وأبدى وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي أمله في أن تضطلع هذه الممثلية الدبلوماسية «بدور مهم في استشراف الفرص الاقتصادية، وتوسيع مجالات التفاهم، وتشجيع قنوات التعاون بين البلدين».
كما أوضح الوزير الإماراتي أن المملكة المغربية والإمارات العربية المتحدة «تجمعهما علاقات متميزة ومتينة، تم إرساؤها على قاعدة قوامها الأخوة الصادقة والتضامن المستمر، والتعاون البناء والاحترام المتبادل، من قبل الراحلين الملك الحسن الثاني والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان»، مذكراً بمشاركة دولة الإمارات في «المسيرة الخضراء» عام 1975.
وأضاف الوزير الإماراتي أن هذه الأواصر تعززت أكثر خلال السنوات الأخيرة، بفضل ريادة العاهل المغربي الملك محمد السادس وإخوانه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة. وقال إن بلاده لطالما كانت على الدوام إلى جانب المغرب، ودعمت قضاياه العادلة في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، مشيراً إلى أن هذا الدعم «يعكس أواصر الأخوة والتعاون المثمر بين البلدين».
في سياق ذلك، أشاد المسؤول الإماراتي بالدور الرائد للملك محمد السادس في «مواصلة التنسيق والتشاور مع القيادة الحكيمة لدولة الإمارات العربية المتحدة فيما يتصل بتعزيز السلم والاستقرار والأمن بالمنطقة، وفيما يتعلق بدعم الجهود الدولية والأممية، الرامية إلى حل النزاعات على الصعيدين الإقليمي والعالمي».
ويتعلق الأمر؛ يضيف الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، بتبادل وجهات النظر «للوصول إلى رؤية مشتركة، ملؤها التفاؤل والأمن لكسب التحديات التي تعيق نهضتنا وتنميتنا».
من جانبه، قال سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في الرباط، العصري سعيد أحمد الظاهري، في كلمة بالمناسبة، إن افتتاح قنصلية عامة لبلاده في العيون؛ «حاضرة جنوب المملكة، والذي يتزامن مع ذكرى (المسيرة الخضراء)، يشكل فرصة لإعطاء زخم قوي للعلاقات الثنائية من أجل تعاون فعال ومثمر».
واستشرف الدبلوماسي الإماراتي «آفاقاً رحبة للتعاون الثنائي وتطوره، ونماء العلاقات بين البلدين في ظل قيادتيهما وتوجيهاتهما المتبصرة».
يذكر أن حفل التدشين ترأسه وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، وسفير دولة الإمارات العربية المتحدة في الرباط.
وتسارعت بمدينة العيون منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي الوتيرة الدبلوماسية بتدشين قنصليات لكل من: جزر القمر، والغابون، وساو توميوبرنسيب، وأفريقيا الوسطى، وكوت ديفوار، وبوروندي، فضلاً عن زامبيا ومملكة إسواتيني.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.