آرسنال يتحسن تحت قيادة أرتيتا لكنه بحاجة إلى جرأة هجومية

أسلوب المدير الفني الإسباني الذي يهتم بأدق التفاصيل نجح في تطوير خط الدفاع غير أن الهجوم أصبح أقل قوة

بوغبا لاعب يونايتد (على الأرض يمين) بعد مخالفة ضد بيليرين تسببت في ركلة جزاء لصالح آرسنال (رويترز)
بوغبا لاعب يونايتد (على الأرض يمين) بعد مخالفة ضد بيليرين تسببت في ركلة جزاء لصالح آرسنال (رويترز)
TT

آرسنال يتحسن تحت قيادة أرتيتا لكنه بحاجة إلى جرأة هجومية

بوغبا لاعب يونايتد (على الأرض يمين) بعد مخالفة ضد بيليرين تسببت في ركلة جزاء لصالح آرسنال (رويترز)
بوغبا لاعب يونايتد (على الأرض يمين) بعد مخالفة ضد بيليرين تسببت في ركلة جزاء لصالح آرسنال (رويترز)

تميل التصريحات التي يُدلى بها لاعبو كرة القدم قبل المباريات الأوروبية إلى حد الابتذال في كثير من الأوقات، لكن اللاعب الألماني شكودران موستافي قدم نظرة ثاقبة ظلت عالقة في الأذهان عندما سُئل في أثناء استعدادات آرسنال لمواجهة دوندالك الآيرلندي، في إطار مباريات «الدوري الأوروبي»، يوم الخميس الماضي، عن طبيعة التدريب تحت قيادة المدير الفني الإسباني ميكيل أرتيتا.
قال موستافي: «لم أحصل على مثل هذه الحصص التدريبية التفصيلية من قبل. في بعض الأحيان، لا يكون الأمر جيداً، لأن ذلك لا يعني أن تقفز وتستمتع وتسجل كثيراً من الأهداف؛ إن الأمر يتعلق أكثر بالتركيز، ومعرفة متى تذهب إلى المباراة التالية وأنت تعرف بالضبط ما يتعين عليك القيام به».
بالطبع، لم يكن موستافي يقصد انتقاد التدريبات تحت قيادة أرتيتا، لكن وجهة نظره تتمثل في أن المدير الفني الإسباني يستعد للمباريات بشكل دقيق للغاية، مع التركيز الشديد على التحدي الذي سيشكله الخصم، قبل أي شيء آخر. وقد أعاد ذلك إلى الأذهان اللقاءات التي كانت تُجري مع لاعبي آرسنال خلال النصف الأخير من عهد المدير الفني الفرنسي أرسين فينغر. ففي ذلك الوقت، كان من المألوف بالنسبة لهم أن يخرجوا من ملعب التدريب وهم يتحدثون عن استمتاعهم بالمباريات الجانبية الصغيرة فيما بينهم في أثناء التدريبات.
في الواقع، هناك حاجة إلى مزيج بين الطريقة التي يعتمد عليها أرتيتا، والأسلوب الذي كان يتبعه فينغر في التدريبات، وتطبيق ذلك على أرض الواقع في أثناء المباريات. هذا هو التوازن الذي يجب أن يحققه أرتيتا. وفي مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز -على الأقل- كان آرسنال يعاني من أجل القيام بذلك. ومن الواضح أن كل لاعب في صفوف آرسنال يعرف جيداً ما يتعين عليه القيام به. كما أن اللاعبين الذين فشلوا في إتقان اللعب بهذه الطريقة وجدوا أنفسهم على الفور خارج التشكيلة الأساسية للفريق.
ومن الواضح للجميع أيضاً أن العمل الدفاعي قد تحسن بشكل كبير، في مقابل ما كان عليه في أثناء الفترة الأخيرة للإسباني أوناي إيمري على رأس القيادة الفنية للمدفعجية، لكن المشكلة الآن تتمثل في كيفية نقل الهجمات إلى منطقة جزاء الفريق المنافس. فرغم فوز آرسنال على مانشستر يونايتد في معقله في «أولد ترافورد» بهدف دون رد، فإن آرسنال ما زال بحاجة إلى مزيد من الجرأة و«الجنون» -إن جاز التعبير- في النواحي الهجومية، لأن انتصاره لم يأتِ من جملة هجومية، بل من ضربة جزاء نتيجة خطأ فادح من بول بوغبا، لاعب يونايتد.
وتشير الأرقام والإحصاءات إلى أن آرسنال يعاني في النواحي الهجومية، حيث يأتي في المركز السابع عشر ضمن أندية الدوري الإنجليزي الممتاز فيما يتعلق بعدد التسديدات على مرمى المنافسين، أفضل بمركزين فقط عما كان عليه الحال الموسم الماضي.
ومنذ الفوز بثلاثية على فولهام المتواضع، في الجولة الافتتاحية من الموسم، يعاني الفريق بشدة فيما يتعلق بتهديد مرمى المنافسين. ويواجه الفريق مشكلة كبيرة، كما أشار أرتيتا نفسه في عدد من المناسبات، عندما تلعب الفرق المنافسة بتكتل دفاعي متأخر. وقد لعب ليستر سيتي بهذه الطريقة على ملعب الإمارات الأسبوع الماضي، ونجح في تحقيق الفوز على آرسنال بهدف دون رد.
ومع ذلك، يجيد آرسنال الاستحواذ على الكرة بشكل كبير، وتظهر إحصائيات شبكة «أوبتا» أن متوسط تسلسل تمريرات لاعبي المدفعجية يستمر لفترة أطول (13.33 ثانية) من جميع الفرق الـ19 المنافسة في الدوري الإنجليزي الممتاز. وحتى الآن، تسير الأمور بشكل جيد جيداً في هذا الصدد، خاصة أن أبرز الأحداث في ولاية أرتيتا حتى الآن تتمثل في إحراز أهداف رائعة تأتي بعد التمرير المتقن من الخلف للأمام، ولعل أبرز مثال على ذلك ما حدث في مباراة الدور نصف النهائي لكأس الاتحاد الإنجليزي، ضد مانشستر سيتي.
لكن آرسنال يحتل المرتبة الثالثة عشرة في ترتيب «التقدم للأمام» الذي يقيس المسافة التي يقطعها الفريق للأمام من خلال نقل الكرة، كما يأتي في المركز الأخير فيما يتعلق بسرعة نقل الهجمة إلى الأمام بأقل عدد من التمريرات. وحتى بالنسبة لقوة الضغط على المنافسين، يأتي آرسنال ضمن المراكز الأربعة الأخيرة.
وقد استغل المنافسون هذا الأمر إلى حد بعيد في أواخر الموسم الماضي، حيث كان آرسنال يعاني بشدة من خلال الضغط على الفرق المنافسة في مناطق متقدمة، ثم التعرض لهجمات مرتدة سريعة عندما يفقد الكرة. وعندما تلعب الفرق المنافسة بدفاع متأخر، يبدو آرسنال عاجزاً عن فك طلاسم تلك الدفاعات لأنه لا يلعب بسرعة كبيرة. وخلال المباريات الخمس الأخيرة في الدوري الإنجليزي الممتاز -قبل مباراة مانشستر يونايتد- كان بيير إيميريك أوباميانغ يبدو معزولاً بمفرده في الأمام، لذلك فشل في تسجيل أي هدف خلال تلك المباريات، وهي أطول فترة يغيب اللاعب فيها عن التهديف منذ انضمامه للمدفعجية في عام 2018. ومن دون أن يجد المهاجم الغابوني مساحة يركض فيها، يكون من السهل إبعاده عن المرمى، وبالتالي يكون من الصعب على من يمررون له الكرات أن يجدوه في مناطق خطيرة بالقرب من مرمى الفريق المنافس.
ولا يرى أرتيتا غرابه من تساؤلات بعضهم عن مستوى أداء مهاجمه الغابوني، مشيراً إلى أنه يعتقد أنه يتعين على أوباميانغ توقع مثل هذه الضغوط التي كثيراً ما يتعرض لها معظم كبار اللاعبين. وقال أرتيتا: «يتعين على أوباميانغ خلق مزيد من فرص التهديف لنفسه تجنباً للانتقادات؛ الكل يتوقع منه تسجيل هدف في كل مباراة، وهذا بسبب كونه لاعباً كبيراً، ونتيجة لما قام به في الماضي. الناس يتوقعون منه هذا مستقبلاً. عليه قبول هذا الوضع، ونحن هنا لدعمه إذا ما واجه أي صعوبات».
وأحرز أوباميانغ الذي مدد تعاقده لثلاث سنوات مع النادي اللندني في الشهر الماضي 73 هدفاً للفريق في 116 مباراة منذ انضمامه لصفوفه قادماً من بروسيا دورتموند الألماني في 2018، لكنه هز الشباك 4 مرات فقط خلال 8 مباريات شارك فيها هذا الموسم، منها الهدف الذي سجله في مرمى يونايتد من ركلة جزاء.
وقد لمح أرتيتا إلى أنه قد يغير مركز أوباميانغ ليلعب في قلب الهجوم، لكن ذلك لن يحل المشكلة، ويحرر النجم الغابوني من قيوده. وإذا كان يتعين علينا أن نصدق حقاً أن النجم الألماني مسعود أوزيل لا يناسب طريقة لعب أرتيتا، فإن ذلك يعني أن المدير الفني الإسباني لم يكن محظوظاً بوجود اللاعبين القادرين على تطبيق أفكاره داخل الملعب.
وعلاوة على ذلك، هناك عائق آخر يتمثل في خط الوسط، حيث فشل كل من غرانيت تشاكا وداني سيبايوس في تقديم الأداء المتوقع منهما، وبالتالي فمن المنطقي أن يفقد أحدهما -أو كلاهما- مكانه لحساب النجم الغاني توماس بارتي. وكان من الرائع أن نرى جو ويلوك الذي تأخر كثيراً في تقديم أداء قوي ينفجر كروياً، ويقدم مستويات ممتازة أمام دوندالك.
ويمتلك بوكايو ساكا الإمكانيات والمهارات التي تمكنه من تقديم الإضافة القوية لخط الوسط، لو شارك في التشكيلة الأساسية بشكل مستمر، ولعب في مركزه المفضل (الجناح)، لكن أرتيتا لا يثق كثيراً في الخيارات الأخرى المتاحة في مركز الجناح. وقد أكد يوم الخميس الماضي على أن الجناح الإيفواري نيكولاس بيبي يجب أن يتحسن أكثر فيما يتعلق باتخاذ القرارات السليمة داخل الملعب.
ويحتاج آرسنال بشدة إلى خدمات لاعب بقدرات وإمكانيات النجم الفرنسي حسام عوار، وقد حاول النادي بشدة إنهاء هذه الصفقة في فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة، لكنه لم يتمكن من حسم الأمور قبل الموعد النهائي للانتقالات.
لقد كان يتعين على أرتيتا أن يعيد تشكيل الفريق تماماً، سواء في النواحي الدفاعية أو الهجومية، وقد نجح في ذلك إلى حد كبير، وإن كان يسعى الآن لتغيير خياراته تماماً فيما يتعلق باللاعبين الذين يلعبون على الأطراف. وقد نجح أرتيتا في قيادة آرسنال للفوز على مانشستر يونايتد على ملعب «أولد ترافورد» للمرة الأولى منذ عام 2006. كما نجح المدير الفني الإسباني، المهووس بالاهتمام بأدق التفاصيل، في تحقيق نتائج جيدة للغاية أمام الأندية الستة الكبرى. ورغم كل ذلك، تظل المشكلة الأساسية تتمثل فيما قاله موستافي، وهي: «عندما تدخل المباراة، ينبغي أن تكون بالصورة نفسها التي كنت عليها في الحصة التدريبية لأن ذلك سيساعدك كثيراً».
وبالتالي، يجب على أرتيتا أن يقرر كيف ومتى يمكنه السماح للاعبيه باللعب بحرية أكبر داخل الملعب، بعيداً عن التفاصيل المعقدة التي تحد كثيراً من قدراتهم!


مقالات ذات صلة

أرتيتا: آرسنال متحمس قبل مواجهة آيندهوفن

رياضة عالمية ميكل أرتيتا مدرب آرسنال (أ.ف.ب)

أرتيتا: آرسنال متحمس قبل مواجهة آيندهوفن

قال ميكل أرتيتا، مدرب آرسنال، إن مواجهة آيندهوفن في ذهاب دور الـ16 لدوري أبطال أوروبا لكرة القدم في هولندا، الثلاثاء، ستجلب «طاقة مختلفة» لفريقه.

«الشرق الأوسط» (آيندهوفن)
رياضة سعودية ليناردو تروسارد جناح آرسنال مرشح للعب في الدوري السعودي (إ.ب.أ)

هل ينضم ثنائي آرسنال للدوري السعودي؟

سيبحث آرسنال عن مهاجم في الصيف، مع جذب لاعبه البرازيلي غابرييل مارتينيلي اهتمام الدوري السعودي

مهند علي (الرياض)
رياضة عالمية ميكل أرتيتا (أ.ب)

أرتيتا يأمل في عودة ساكا ومارتينيلي من الإصابة

عبّر ميكل أرتيتا، مدرب آرسنال، عن أمله في عودة الجناحين بوكايو ساكا وجابرييل مارتينيلي من الإصابة عندما يستضيف الفريق فولهام في الأول من أبريل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية خيبة أمل جديدة لآرسنال بعد التعادل أمام نوتغهام (أ.ب)

تعثر جديد يضرب آمال أرسنال في الدوري الإنجليزي

تقلصت آمال أرسنال الضعيفة في الفوز باللقب رغم هيمنته أمام مضيفه نوتنغهام فورست على ملعب سيتي غراوند إذ انتهت مباراة صاحبي المركزين الثاني والثالث في الدوري الإن

رياضة عالمية ميكل أرتيتا (إ.ب.أ)

أرتيتا: آرسنال لن يستسلم في سباق الفوز بـ«البريميرليغ»

قال ميكل أرتيتا مدرب آرسنال إن فريقه لن يستسلم في سباق الفوز بلقب الدوري الممتاز لكرة القدم، رغم تراجعه أكثر خلف ليفربول المتصدر بعد الخسارة أمام وست هام.


كأس العالم للأندية... في حضرة «الفراعنة»

كأس العالم للأندية في المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)
كأس العالم للأندية في المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)
TT

كأس العالم للأندية... في حضرة «الفراعنة»

كأس العالم للأندية في المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)
كأس العالم للأندية في المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)

استقبل المتحف المصري الكبير بالجيزة (غرب القاهرة) وفداً من الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) في زيارة أجراها الوفد، الاثنين، للمتحف الذي لم يتم افتتاحه رسمياً بعد، بمصاحبة كأس العالم للأندية.

وأكدت وزارة السياحة والآثار المصرية أن هذه الزيارة الخاصة تأتي في إطار الاستعدادات لبطولة كأس العالم للأندية، والمقرر إقامتها في الولايات المتحدة الأميركية خلال شهر يوليو (تموز) 2025.

ويشارك النادي الأهلي المصري في بطولة كأس العالم للأندية. وبهذه المناسبة زار وفد «الفيفا» مصر ومعالمها المهمة بصحبة الكأس. وحرص الوفد على زيارة المتحف، بوصفه أحد أبرز المعالم الثقافية والتاريخية في مصر والعالم، للتعرف على ما يعرضه من كنوز أثرية متميزة، والتعرف على التجارب السياحية التي يقدمها لزائريه، وفق بيان وزارة السياحة والآثار، الاثنين.

ويشارك في بطولة كأس العالم للأندية 32 فريقاً من مختلف أنحاء العالم، ومن الوطن العربي يشارك الأهلي المصري والهلال السعودي والعين الإماراتي والترجي التونسي والوداد المغربي، في منافسات مع فرق أوروبية ومن أميركا اللاتينية مثل باير ميونيخ وأتليتكو مدريد وريال مدريد ويوفينتوس ومانشستر سيتي، وإنتر ميامي وبوكا جونيورز.

وخلال زيارتهم للمتحف المصري الكبير التقط أعضاء وفد «الفيفا» الصور التذكارية لهم ولكأس العالم للأندية أمام تمثال الملك رمسيس الثاني ببهو المتحف، في مشهد يعكس ارتباط الرياضة بالثقافة والتاريخ.

كأس العالم للأندية خلال جولتها في الدول المشاركة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأبدى أعضاء الوفد إعجابهم الشديد بالمتحف وتصميمه الهندسي الفريد، مشيدين بما يقدمه من تجربة سياحية وثقافية استثنائية تعكس عظمة الحضارة المصرية القديمة. وقالوا إن «هذه الزيارة أضافت لهم قيمة خاصة خلال وجودهم في مصر» التي تعتبر واحدة من أهم الوجهات السياحية والتاريخية على مستوى العالم.

ويضم المتحف المصري الكبير آلاف القطع الأثرية التي تنتمي للحضارة المصرية القديمة، ويقع بالقرب من أهرامات الجيزة على مساحة 117 فداناً، ويعرض للمرة الأولى المقتنيات الكاملة للفرعون الذهبي «توت عنخ آمون» التي يتجاوز عددها 5 آلاف قطعة أثرية.

وتم افتتاح قاعات من المتحف تجريبياً خلال الفترة الماضية، وتحديداً في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بدأت مصر تشغيلاً تجريبياً لا يتضمن الجناح الرئيسي المخصص لعرض مقتنيات الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون». ويترقب العالم افتتاح المتحف الذي وصفه الرئيس المصري من قبل بأنه «أكبر متحف لحضارة واحدة، وهي الحضارة الفرعونية».