العاصمة الأميركية تحبس أنفاسها... وتتحصن

سياج أمني أحاط بالبيت الأبيض تحسّباً لاندلاع أعمال شغب أمس (أ.ب)
سياج أمني أحاط بالبيت الأبيض تحسّباً لاندلاع أعمال شغب أمس (أ.ب)
TT

العاصمة الأميركية تحبس أنفاسها... وتتحصن

سياج أمني أحاط بالبيت الأبيض تحسّباً لاندلاع أعمال شغب أمس (أ.ب)
سياج أمني أحاط بالبيت الأبيض تحسّباً لاندلاع أعمال شغب أمس (أ.ب)

عندما يتجول المرء في شوارع العاصمة واشنطن يوم الانتخابات، لا يرى الازدحام المعتاد ولا يسمع زمامير السيارات في زحمة السير الخانقة التي اعتادت عليها المدينة. فهذه المدينة المكتظة عادة، تحبس أنفاسها بانتظار حسم نتائج انتخابات مصيرية ستحدد معالم المرحلة المقبلة ومستقبل البلاد.
مشاهد غير اعتيادية في هذه الشوارع، ترقى إلى مستوى هذا الموسم الانتخابي الاستثنائي، فحول البيت الأبيض التف سور أسود التهم حديقة «لافاييت» المحيطة به، وحال دون وصول أي شخص إليه، وذلك تحسباً لاندلاع أعمال شغب حوله في ليلة الانتخابات وبعدها، على غرار أعمال العنف التي شهدتها ساحة «حياة السود مهمة» بعد مقتل الأميركي من أصول أفريقية جورج فلويد.
فالبيت الأبيض الذي كانت ساحته الخارجية مفتوحة أمام السياح والأميركيين الذين تهافتوا لالتقاط صورهم التذكارية من أمامه على بعد أمتار قليلة منه، أصبح كقلعة محصنة منذ أحداث «لافاييت سكوير»، لكن التحصينات زادت يوم الانتخابات، فأُغلق باب السور المؤدي إلى البيت الأبيض نهائياً. وزيّنه معارضو الرئيس الأميركي بصور أميركيين من أصول أفريقية وقعوا ضحية لعنف الشرطة، ولفّوه بشعارات منتقدة لأداء ترمب، منها ما يقول: «اعتقلوا ترمب» أو «ترمب خطر علينا جميعاً».
وكأن سوراً واحداً لم يكن كافياً لدرع المحتجين ومنع توافدهم ليلة الانتخابات، تمت إضافة سور آخر عال لصد أي محاولات للوصول إلى مقر الرئاسة، حيث قضى ترمب ليلة الانتخابات. ومقابل هذه الأسوار، عمّال يسابقون الوقت، ويبنون جاهدين ألواحاً خشبية لتغطية واجهات المطاعم والمقاهي المحيطة بالبيت الأبيض. فهذه المصالح ذاقت الأمرّين خلال أعمال الشغب الأخيرة، وهي تعاني أصلاً في ظل انتشار فيروس كورونا. ويحاول أصحابها الحفاظ عليها قدر المستطاع، لكنهم يخشون من خروج الأمور عن السيطرة في الأيام المقبلة. ولهذا، فهم يعزّزون قدر المستطاع حماية محالهم من أي مخاطر محتملة. ويراقب هؤلاء بقلق بالغ مواكب السيارات التي تمر ببطء من أمام ساحة «حياة السود مهمة» المواجهة للبيت الأبيض، التي تحمل أعلاماً عملاقة مناصرة لترمب ترفرف خارج نوافذها. فهذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها شوارع أميركية مواكب سيارة من هذا النوع، حيث يقود مناصرو ترمب سياراتهم الضخمة في الشوارع، عارضين صوراً وأعلاماً موالية له، في خطوة يعتبرها الكثيرون استفزازاً واضحاً.
ورغم أن شرطة العاصمة واشنطن تؤكد عدم وجود معطيات جدية تشير إلى احتمال اندلاع أعمال عنف، فإن مجموعات بقيادة «حركة السود مهمة» خططت لحدث يستمر لثماني ساعات في الساحة المقابلة للبيت الأبيض، ويتضمن شاشة ضخمة لعرض نتائج الانتخابات وأنشطة موسيقية راقصة، إضافة إلى عروض ليزر. أضف إلى ذلك أن أكثر من ست مجموعات مختلفة قدمت طلبات للتظاهر يوم الانتخابات وفي الأيام المقبلة. وقال رئيس شرطة واشنطن العاصمة، بيتر نيوشام: «نحن نرحب بكل من يريد ممارسة حقه بالتعبير لكننا لن نتساهل مع العنف والفوضى». وفيما تستعد الشرطة لمواجهة المتظاهرين في حال خروج الأمور عن السيطرة، عقدت المجموعات التابعة لحياة السود مهمة دورات تدريبية للمتظاهرين مع توجيهات واضحة لهم. مثلاً، في حال الاعتداء على متظاهر على بقية المتظاهرين الالتفاف حوله وسحبه باتجاههم. وفيما يلي بعض التوجيهات التي وزعت على المتظاهرين: 1 - ادخل إلى التظاهرة مع مجموعة موثوق بها من زملائك، 2 - ابحث عن مخرج، 3 - تأكد من أنك تقف على ممتلكات عامة، 4 - اعرف حقوقك، 5 - واشرب الكثير من الماء.
وفي ظل هذه الأجواء، لا يمكن للمراقب إلا أن يتساءل: هل هي مسألة وقت قبل أن تندلع المواجهات، أم أن الأميركيين سيتمكنون من تخطي الانقسامات الكبيرة التي تفصلهم والالتفاف حول الفائز عندما تعلن النتيجة؟!



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.