لوحات «أمواج الحلم» تبحث عن الهوية المفقودة

معرض الفنان المصري فتحي حسن يضم 30 عملاً أقرب إلى الطلاسم والرموز

الفنان يبحر بين حروف ورموز اللغات القديمة باحثاً عن الهوية (الشرق الأوسط)
الفنان يبحر بين حروف ورموز اللغات القديمة باحثاً عن الهوية (الشرق الأوسط)
TT

لوحات «أمواج الحلم» تبحث عن الهوية المفقودة

الفنان يبحر بين حروف ورموز اللغات القديمة باحثاً عن الهوية (الشرق الأوسط)
الفنان يبحر بين حروف ورموز اللغات القديمة باحثاً عن الهوية (الشرق الأوسط)

تتزاحم الحروف والكلمات على مسطح لوحاته من دون أن تنقل للمشاهد معنى أو فكرة ما محددة، فهي أقرب إلى الطلاسم والرموز منها إلى النصوص أو الأطروحات الفكرية، ولكن على الرغم من ذلك ينجح الفنان فتحي حسن، عبر معرضه الذي يحتضنه الآن «غاليري Zag Pick» في مدينة الشيخ زايد (غرب القاهرة)، الذي يضم 30 لوحة، جذب جمهوره إلى قضية مصيرية تأتي على رأس اهتماماته.
ولا يقتصر اهتمام حسن على القضايا الاجتماعية وحسب، بل يمتد إلى قضية مصيرية تاريخية تمس الوطن ولطالما شغلته طويلاً، وهي التاريخ الشفاهي المفقود نتيجة للاستعمار وأمور أخرى، ففي معرضه الحالي الذي يحمل عنوان «أمواج الحلم» يتجدّد الحلم داخل الفنان المصري الجنوبي باستعادة قوة اللغات المفقودة لدى الشعوب والكيانات المختلفة، وكأنه أراد عبر حشد هذا الكم الضخم من الحروف بالخط الكوفي المتضافرة مع الخطوط والموتيفات المستمدة من تراثه النوبي، إطلاق صيحة تحذير وتذكير لاستعادة هذه اللغات القديمة وما يرتبط بها من ثقافات تم تغريبها وتفريغها من محتواها وخصوصيتها، والدليل على ذلك أنه يستعين بمجموعة عناصر ومفردات تنتمي إلى مختلف الحضارات، وتبدو وكأنها قادمة من الماضي لتأخذ مكانها داخل أعماله الفنية، بعد أن عثر عليها بالتنقيب الطويل.
الفنان فتحي حسن، يقول لـ«الشرق الأوسط»، «قد تكون كتاباتي على اللوحات مبهمة أو غير مفهومة في البداية، لكن عند تأملها يكتشف الجمهور أنها تضج بتحذيرات ومطالب تتعلق بالتاريخ الشفاهي الضائع نتيجة للاستعمار ومؤثرات أخرى أترك له أن يكتشفها بنفسه».
هذا الزخم الذي تتميز به أعماله ما بين الحروف العربية والفرعونية والزخارف النوبية والأجواء المستوحاة من سحر الأساطير الأفريقية تكسب فنه صياغة بصرية تستفز المتلقي وتدفعه إلى محاولة فك الطلاسم والوصول إلى ما وراءها من مدلولات وأسرار، فعندما يعثر المتلقي على كلمات عربية مثل خير وخبيث وعطاء وإبداع، وغير ذلك في وسط اللوحة بينما تستقر في الخلفية حروف وكلمات نوبية، فإنه يشعر أن ثمة حواديت شعبية تنتظر منه أن يقرأها، ويستمتع بأحداثها، لكنه سرعان ما يجد نفسه من جديد أمام أسلوب فني تجريدي، وبعض من سمات الفن الغربي تقوم على توظيف الألوان والكولاج تأثراً بثقافته الأوروبية وإقامته الطويلة في إيطاليا، فيبدأ الربط بين هذه الثقافات المختلفة ليكتشف أنّ هناك ما هو أكثر عمقاً من هذه الحواديت فيبدأ من جديد رحلة أخرى يحاول من خلالها فك الطلاسم والأسرار.
وتزخر لوحات المعرض الثلاثين بعناصر أخرى تُضفي الإحساس بالحيوية ونبض الحياة على أعماله، من جهة وتوثق صلتها بالبيئة والأرض من جهة أخرى، مثل الأشجار الوارفة والأنهار والطيور، فكأنما أراد أن يؤكد على مفاهيم الهوية والانتماء، يقول «لم تفلح إقامتي في إيطاليا بشكل عام من تواصلي مع جنوب مصر والنوبة تحديداً، حيث تعود أصولي».
أحياناً يترك الفنان في بعض لوحاته مساحات بيضاء واسعة ربما ليتيح للمشاهد الفرصة لـ«التقاط أنفاسه» وسط كل هذا الزخم والازدحام «الرمزي» و«الحروفي»؛ فقد تسمح هذه المساحات من الفراغ بتأمل عناصر وأفكار أعماله على مهل، فيواصل قراءة اللوحات بعد استيعاب ما سبق. فتحي حسن المولود في القاهرة عام 1957 لأب سوداني وأم مصرية، تتلمذ على يد النحات غالب خاطر، وحصل على منحة لدراسة تصميم الديكورات المسرحية بمدرسة الفنون في نابولي بإيطاليا، التي ظل مقيماً بها منذ تخرجه عام 1984، وشارك في الكثير من المعارض الفردية والجماعية في إيطاليا، وبلجيكا، والدنمارك، وبريطانيا، وأميركيا، ودبي. وللفنان مقتنيات ضمن المجموعة الدائمة لمتحف فيكتوريا وألبرت، والمتحف البريطاني في لندن، ومتحف سميثسونيان الوطني للفن الأفريقي بواشنطن، ومجموعة فارجام الفنية، وغير ذلك.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».