قاضٍ مصري يعتذر للمواطنين عن «تجاوزات» ابنه

أكد عدم وجود أشخاص فوق «المحاسبة القانونية»

دار القضاء العالي بالقاهرة (أ.ف.ب)
دار القضاء العالي بالقاهرة (أ.ف.ب)
TT

قاضٍ مصري يعتذر للمواطنين عن «تجاوزات» ابنه

دار القضاء العالي بالقاهرة (أ.ف.ب)
دار القضاء العالي بالقاهرة (أ.ف.ب)

بعد وصول حالة الغضب في مصر من «طفل المرور» للذروة، بالتزامن مع توجيه الانتقادات لأسرته التي سمحت له بارتكاب سلوكيات وُصفت بأنها «تستفز المجتمع المصري»، وتؤثر على علاقة السلطات المصرية بعضها ببعض، أصدر والده المستشار أبو المجد عبد الرحمن أبو المجد، نائب رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية (شرق القاهرة) بيان اعتذار لجموع الشعب المصري وجهاز الشرطة، في محاولة منه لاحتواء تجاوزات ابنه. جاء ذلك بعد ساعات قليلة من قرار النائب العام المصري، إيداع الطفل إحدى دور الملاحظة لمدة أسبوع وعقد جلسات تقويم لسلوكه على أن يُعرض فور انتهاء المدة على المحكمة المختصة للنظر في أمر مد الإيداع.
وقال أبو المجد في بيانه اليوم، إنه «يشعر بالخجل من تصرفات نجله التي قام بها الأيام الماضية، متعهداً بتقويمه وألا يصدر منه أي إساءات أخرى لاحقاً».
وأضاف والد الطفل أنه حضر اليوم، إلى ديوان عام وزارة العدل، للاعتذار لجموع الشعب بجميع طوائفه «من قلب جهة عمله التي يتشرف بالانتماء إليها» عما بدر من نجله سواء في واقعة التعرض بالإيذاء باللفظ لرجل من رجال الشرطة في أثناء قيادته سيارة دون حمله ترخيص قيادة، أو عما نُشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي من مادة مصوّرة، تتضمن ما ردده نجله من عبارات بذيئة يرفضها تماماً، سيما وقد انطوت على عبارات تشير إلى أنه فوق المحاسبة، وهو الأمر الذي يرفضه تماماً.
وأكد أبو المجد في بيانه عدم وجود أشخاص فوق المحاسبة القانونية، مشيراً إلى خضوعه شخصياً للقانون الذي يحترمه ويُجلّه ويتشرف بتنفيذه في محراب القضاء منذ ثلاثين عاماً، ولتأكيد خضوع الجميع للقانون فقد تم إلقاء القبض على نجله للتحقيق معه فيما نشره من مقطع مصور جديد احتفل فيه بخروجه من سراي النيابة.
وقال: «أُشهد الله تعالى أنني تركته دون مرافق ودون محامٍ ليعلم أنه لا أحد فوق القانون».
وقدم أبو المجد اعتذاره لرجال الشرطة عما بدر من نجله تجاه من يُفنون أعمارهم في خدمة مصر، معبراً عن خجله من سلوك نجله الذي تعهد بأنه سيتولى تقويمه ولن يصدر عنه أي تصرف مسيء آخر.

وأمر المستشار حمادة الصاوي، النائب العام المصري، أمس، بإيداع الطفل (13 عاماً) المتعدي على فرد شرطة المرور، إحدى دور الملاحظة، وحبس من كانوا في صحبته احتياطياً على ذمة التحقيقات،
وحسب بيان النيابة العامة المصرية مساء أمس، فإنه قد تبين نشر الطفل المتعدي مقطعاً مساء أول من أمس، على مواقع التواصل الاجتماعي فور تسليمه لوالديه، نفاذاً لقرار النيابة العامة، تضمن ارتكابه جريمة جديدة، وكذا أسفرت التحقيقات مع من كانوا معه عن ملابسات منها موالاة تعديهم والطفل المذكور على فرد الشرطة فور انتهاء الواقعة الأولى، وتصويرهم مقطعاً بهذا التعدي تَبيّن للنيابة العامة تداوله أمس على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن مقاطع أخرى لوقائع مماثلة ارتكبها المذكور، الأمر الذي رأت معه «النيابة العامة» عدم التزام والدي الطفل المتهم بتعهدهم إلى «النيابة العامة» كقرارها بتقويم سلوكه وحسن رعايته بعد تسليمه إليهما، حيث أذاع مباشرة فور مغادرته سراي النيابة أمس مقطعاً جديداً تضمن ارتكابه جريمة أخرى.
كما قررت «النيابة العامة» حبس من كانوا في صحبة الطفل المتهم احتياطياً أربعة أيام على ذمة التحقيقات، وعرضهم والطفل على «مصلحة الطب الشرعي» لتحليل عينة منهم بياناً لمدى تعاطيهم أياً من المواد المخدرة.
وأكدت النيابة العامة التزامها بإنفاذ القانون وتحقيق المساواة بين الناس دون تمييز أو النظر إلى اعتبارات اجتماعية أو صفات وظيفية.
وتسبب نشر مقطع فيديو يُظهر تنمر صبي (ابن قاضٍ) على فرد شرطة، في إشعال موجة من الغضب في مصر على مدار الأيام القليلة الماضية، ويظهر في الفيديو الشرطي وهو يسأل الطفل عن تراخيص السيارة والقيادة، لكنه فوجئ بتعدي الطفل ومَن معه عليه بالقول وتوعدهم له بالإيذاء، حسب أقوال أمين الشرطة أمام النيابة، مضيفاً أن الطفل قال له: «لا تضع يدك عليّ. وأين كمامتك». قبل أن يطالبه الشرطي بترك السيارة بعدما تبين أنه لا يمتلك رخصة قيادة، لكن الطفل نهره ثم تحرك.
وكرّم اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، أمس (الاثنين)، أمين الشرطة من قوة الإدارة العامة لمرور القاهرة، تقديراً لـ«تعامله الرشيد خلال تأديته لواجبه الوظيفي في أثناء استيقافه إحدى السيارات»، التي كان يقودها حَدَث أساء إلى شخصه عندما طالبه بإبراز تراخيص السيارة، والتزامه بسلوك الطرق القانونية في التعامل مع هذا التجاوز.
وأكد الوزير، في بيان صحافي أمس، التزام رجال الشرطة بتطبيق القانون بكل حسم، مع التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، رغم التحديات والأخطار التي يتعرضون لها في المواقف المختلفة، التي قد تصل في بعض الأحيان إلى حد التجاوز الشخصي من بعض المخالفين.
ويرى أساتذة علم اجتماع مصريين، من بينهم الدكتور سعيد صادق، أن «اعتذار القاضي لن يمحو حالة الغضب التي سبّبتها سلوكيات ابنه، لأن كثيرين يعلمون أن هذا الصبي لن يقدم على فعل ذلك من دون مشاهدته مواقف سابقة مشابهة، أو عدم ردع سلوكه هو في مواقف مماثلة، ما جعله يستعرض أمام أصدقائه باستغلاله نفوذ والده القاضي».
ويفسر صادق، سبب اهتمام المصريين بهذه الواقعة بشكل لافت، وتحولها إلى قضية رأي عام، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «رأى كثيرون أنفسهم في هذا الموقف، وحاولوا التنفيث عن آرائهم الرافضة لمبدأ عدم المساواة بين المواطنين واستمرار الاعتماد على الواسطة والمحسوبية». على حد تعبيره.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.