الحكومة الإسرائيلية تعوّض المستوطنين عن تجميد «الضمّ»

منح أراضٍ فلسطينية محتلة عام 1967 للمستوطنات

فلسطينون معاقون تظاهروا الجمعة ضد قرار إسرائيلي بوقف بناء ملعب لهم في سلفيت بالضفة (أ.ف.ب)
فلسطينون معاقون تظاهروا الجمعة ضد قرار إسرائيلي بوقف بناء ملعب لهم في سلفيت بالضفة (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الإسرائيلية تعوّض المستوطنين عن تجميد «الضمّ»

فلسطينون معاقون تظاهروا الجمعة ضد قرار إسرائيلي بوقف بناء ملعب لهم في سلفيت بالضفة (أ.ف.ب)
فلسطينون معاقون تظاهروا الجمعة ضد قرار إسرائيلي بوقف بناء ملعب لهم في سلفيت بالضفة (أ.ف.ب)

في أعقاب ضغط القيادات الاستيطانية اليهودية في الضفة الغربية على حكومة بنيامين نتنياهو لإلغاء قرارها تجميد مخطط الضم، وفي إطار تعويض المستوطنين «عن تجميد هذا المخطط»، قدمت «الإدارة المدنية» التابعة للجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، توصية بالإعلان عن المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، ما يسمى «أراضي دولة»، وتخصيصها للمستوطنات.
وحسب صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، أمس الاثنين، فإن موقف الإدارة المدنية ورد في كتاب رسمي وجهته إلى النائب عن حزب «الليكود» في الكنيست (البرلمان)، عوزي ديان، الذي كان قد احتج على ما سماه «سيطرة السلطة الفلسطينية بلا عائق على أراضي دولة في المناطق المصنفة (ج) في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)». وقالت إنها أجرت مسحاً لحوالي 106 آلاف دونم، وتواصل مهامها لمسح مئات آلاف من دونمات «الأراضي غير المزروعة»، التي لم يتم الإعلان عنها «أراضي دولة» حتى الآن، وسوف تعلن ضم قسم من هذه الأراضي وتسجيلها «أراضي دولة».
وتعني هذه الخطوة أن توضع هذه الأراضي في خدمة مشاريع الاستيطان، حيث إن القانون الإسرائيلي المعمول به في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يمنع السيطرة على الأراضي ذات الملكية الخاصة للاستيطان، لكنه يتيح وضع مساحات من الأراضي إذا كانت أراضي دولة. وعليه فإن الغرض من تسجيلها أراضي دولة، وضعها بأيدي المستوطنات والبؤر الاستيطانية.
توقيت هذا الإعلان جاء ملائماً لحملة الضغوط التي يمارسها المستوطنون على حكومة نتنياهو. وحسب مصادر فلسطينية، فإن إسرائيل صادرت بهذه الطريقة قرابة 780 ألف دونم في المنطقة «ج» من الضفة، قسم كبير منها هناك قضايا بشأنه في المحكمة العليا الإسرائيلية، لأنها في الواقع ضمن ملكية فلسطينيين. وترفض إسرائيل الاعتراف بهذه الملكية، وتمنع أصحابها من الدخول إلى أراضيهم التي أعلن عنها الاحتلال أنها «أراضي دولة».
كانت وزيرة القضاء الإسرائيلية السابقة، أييلت شاكيد، قد أعربت عن تأييدها لهذه «التسوية» للأراضي، قائلة إنها هي التي بدأت بهذه الإجراءات، كما أن المستشار القضائي للحكومة، إبيحاي مندلبليت، صادق عليها، وجرى تحويل التوصية إلى مكتب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزراء الأمن خلال السنتين الأخيرتين. وقالت الصحيفة إنه «على خلفية إلغاء قانون التسوية، الذي يمنح الشرعية للبؤر الاستيطانية وللمباني غير المرخصة في المستوطنات، وبواقع التأخير في دفع (صفقة القرن) وفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات (مخطط الضم)، يبدو أن هذه الإجراءات ستؤدي بعد أكثر من خمسين عاماً إلى تسوية حقيقية لمكانة الأراضي في يهودا والسامرة، وتسجيل البيوت في المستوطنات في الطابو، ويوفر رداً حقيقياً على مجهود الفلسطينيين في السنوات الأخيرة، الذين بدأوا بأنفسهم إجراء تسوية أراضٍ».
وادعت الصحيفة أن هناك قرابة 600 شخص عينتهم السلطة الفلسطينية في وظائف يعملون من خلالها على تسوية الأراضي، وبهذه الطريقة يدعون ملكية الأراضي، وبضمنها في المناطق ج، رغم أنه يفترض أن يتم الإعلان عنها أراضي دولة. ولا تعترف «الإدارة المدنية» بتسجيل الأراضي في السلطة الفلسطينية.
وقال النائب ديان، تعقيباً على موقف الإدارة المدنية، «إنني مؤيد كبير لفرض السيادة الإسرائيلية في غور الأردن ويهودا والسامرة. ويجب أن يكون الأردن حدودنا الشرقية. وإلى حين يتم ذلك، يحظر علينا التخلي عن المنطقة. وينبغي الاهتمام بتسوية الأراضي، فهي تشكل الأغلبية العظمى من المستوطنات».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».