سلطات الجزائر تؤكد «إبعاد» وزارة الداخلية عن تسيير استفتاء الدستور

آمال بعودة الرئيس من رحلة العلاج للمشاركة في التصويت

أوساط مقربة من السلطة تتوقع عودة الرئيس من رحلة العلاج للمشاركة في التصويت (رويترز)
أوساط مقربة من السلطة تتوقع عودة الرئيس من رحلة العلاج للمشاركة في التصويت (رويترز)
TT

سلطات الجزائر تؤكد «إبعاد» وزارة الداخلية عن تسيير استفتاء الدستور

أوساط مقربة من السلطة تتوقع عودة الرئيس من رحلة العلاج للمشاركة في التصويت (رويترز)
أوساط مقربة من السلطة تتوقع عودة الرئيس من رحلة العلاج للمشاركة في التصويت (رويترز)

قال رئيس الهيئة المكلفة بتنظيم ومراقبة الانتخابات في الجزائر إن كتلة الناخبين، التي تفوق 23 مليوناً، «باتت تحت سيطرتها الكاملة، بعيداً عن هيمنة وزارة الداخلية»، تحسباً للاستفتاء على تعديل الدستور المقرر اليوم، الذي سيجري في غياب صاحبه الرئيس عبد المجيد تبون، الموجود في ألمانيا للعلاج.
وصرح محمد شرفي، رئيس «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات»، أمس للإذاعة الحكومية، بأن لائحة الناخبين تسيرها وتضبطها «السلطة»، بدل الإدارة الحكومية، خصوصاً وزارة الداخلية، وذلك لأول مرة منذ الاستقلال، حسبه. وفي الغالب تشتكي الأحزاب والمرشحون في الانتخابات من التزوير، ويتهمون الداخلية بـ«التلاعب بأصوات الناخبين».
وخلال الأيام الماضية، أكد الحزبان الإسلاميان «حركة مجتمع السلم» و«جبهة العدالة والتنمية»، أن الحكومة منعت قيادييهما من خوض حملة التصويت بـ«لا» على مشروع التعديل الدستوري، وذلك بعدم الترخيص بعقد التجمعات في الولايات، في إطار حملة الدعاية للدستور الجديد، في مقابل منح تسهيلات كبيرة للمؤيدين للمسعى، وهم الوزراء والأحزاب المقربة من السلطة.
وقال الأخضر بن خلاف، قيادي «جبهة العدالة»، لـ«الشرق الأوسط»، إن الهيئة التي يرأسها شرفي «لا حول ولا قوة لها فيما يخص تنظيم الانتخابات، بدليل أنها عجزت عن الوفاء بتعهداتها بخصوص مشاركتنا في الحصص الخاصة بالدعاية للدستور في التلفزيون الحكومي، ويعود ذلك إلى وجود توجه حكومي لخنق الصوت المعارض للمشروع».
وأوضح شرفي أن نسبة التصويت في الاستفتاء بالمكاتب المتنقلة (مناطق البدو الرحل)، الذي بدأ الخميس الماضي، بلغت 11 في المائة، وعد ذلك «قفزة نوعية» مقارنة، حسبه، بانتخابات الرئاسة التي جرت نهاية العام الماضي، مشيراً إلى أن حملة الاستفتاء شهدت تنظيم 1905 تجمعات، وذلك بمعدل مشاركة 250 مواطناً في كل تجمع، «وهو عدد مهم في ظل الظروف الاستثنائية التي تفرضها جائحة كورونا». وقال إن بعض أحزاب المعارضة «تأخرت في إيداع طلب المشاركة في حملة الاستفتاء لدينا، وحتى بعض الأحزاب الكبيرة ذات الانتشار الواسع، قدمت طلباتها خارج الآجال المحددة».
وأضاف شرفي، الذي كان وزيراً للعدل في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، أنه «يأمل في نضج ووعي الشعب الجزائري لتخطي أولى عتبات التغيير في الجزائر، وذلك بالتوجه بقوة إلى صناديق الاقتراع»، موضحاً أنه «متفائل بقوة المشاركة في الاستفتاء، وبإصرار الشعب الجزائري على إحداث التغيير السلمي والسلس. غير أن نسبة التصويت لا يجب أن تشكل ضغطاً سياسياً ونفسياً، لأن الشعب الذي خرج بالملايين منذ فبراير (شباط) 2019 (تاريخ بداية الحراك) سيؤدي الأمانة على أكمل وجه»، وشدد على أن الدستور «هو العتبة الضرورية التي يجب أن يصعدها الشعب لإحداث التغيير».
ويعتبر الرئيس تبون، صاحب مشروع المراجعة الدستورية، استفتاء اليوم «خطوة مهمة نحو التغيير الذي طالب به الحراك المبارك»، على أساس أن وثيقته «تكرّس الحريات، وتحدث توازناً حقيقياً بين السلطات».
في المقابل، يرى نشطاء الحراك عكس ذلك تماماً، وحجتهم في ذلك استمرار اعتقال المعارضين، فضلاً عن رفض الحكومة الإفراج عن نشطاء أدانتهم المحاكم بسبب التعبير عن مواقف سياسية. كما يرون أن القضاء لم يكن أبداً خاضعاً للسلطة التنفيذية، كما هو عليه منذ اندلاع الحراك الشعبي العام الماضي. كما يقول النشطاء أيضاً إن تبون نفسه «منتوج خالص للنظام»، كونه اشتغل مع الرئيس السابق سنوات طويلة.
وراجت أمس، في محيط الرئيس أخبار عن احتمال عودته من الخارج ليلاً ليكون حاضراً يوم الاستفتاء. ونقل تبون (75 سنة) إلى ألمانيا الخميس الماضي، لـ«إجراء فحوصات طبية معمقة أوصى بها أطباؤه»، بحسب بيان للرئاسة، من دون تحديد المرض الذي يعاني منه. ويعتقد بأن الرئيس يواجه مضاعفات حادة بسبب الإصابة بـ«كوفيد - 19».
في سياق ذلك، أكد وزير الشؤون الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، أمس، أن الاستفتاء على الدستور «مرحلة مهمة من مراحل الإصلاحات العميقة في البلاد».
ودعا بوقادوم في فيديو مصور، أمس، جاليات بلاده في الخارج إلى الإقبال على صناديق الاقتراع، والإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، بقوله: «تصويتكم هو تعبير عن تمسككم بالوطن الأم، وهو خيار مواطنة».
وانطلقت أمس، عملية التصويت في الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور الجزائري بالخارج. وذكرت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات في بيان، أن مكاتب التصويت التابعة للدوائر الدبلوماسية والقنصلية بالخارج، فتحت أبوابها أمام الجاليات الجزائرية في دول الإمارات والعراق وسوريا، والسعودية، والكويت، وقطر، ومصر، والبحرين، وسلطنة عمان، وروسيا، والنيجر، والمكسيك. فيما تتواصل عملية الاستفتاء في المكاتب المتنقلة بأقصى الجنوب في كل من ولايات أدرار، والأغواط، وبشار، وتمنراست، ورفلة، وإليزي، وتندوف، والوادي والنعامة.
وأعلنت سلطة الانتخابات أن نسبة المشاركين بالاستفتاء في المكاتب المتنقلة بيومها الأول بلغت 11 في المائة.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.