مع احتدام السباق الانتخابي، يتردد سؤال في أروقة القرار في الولايات المتحدة، وفي أذهان الناخبين الأميركيين: هل سيتم حسم النتيجة في ليلة الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) بعد إغلاق صناديق الاقتراع، أم أن الغموض سيلف النتيجة إلى ما بعد الثالث، بانتظار فرز الأصوات عبر البريد.
جرت العادة على أن يتم معرفة الفائز بالرئاسة ليل الانتخابات، فمعظم نتائج الانتخابات الرئاسية السابقة صدرت ليلاً بشكل متعاقب، بعد إغلاق صناديق الاقتراع أبوابها، والبدء بفرز الأصوات، باستثناء انتخابات عام 2000 الشهيرة التي تنافس فيها الرئيس الأميركي جورج بوش والمرشح الديمقراطي آل غور. حينها، اضطرت المحكمة العليا للتدخل بعد إعادة فرز الأصوات في فلوريدا، حيث كانت النتيجة متقاربة للغاية، وحسم السباق لصالح بوش في 12 ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه. السبب حينها كان التقارب الكبير في الأصوات التي حصل عليها المرشحان، الأمر الذي جعل من ولاية فلوريدا الحاسم الأساسي في السباق.
فنظام المجمع الانتخابي الذي يحتاج إليه المرشح للفوز بالرئاسة يجعل من بعض الولايات أساسية للحسم. ولهذا يغيب التركيز عن الأصوات الشعبية، وتسلط الأضواء على الولايات التي ستقلب المعادلة.
أضف إلى ذلك أن المختلف هذا العام هو أن عملية التصويت عبر البريد توسعت كثيراً بسبب فيروس كورونا، الأمر الذي سيشكل تحدياً أمام بعض الولايات لفرز الأصوات وإصدارها في وقت مقبول. ففي حين أن بعض الولايات (كولاية كولورادو مثلاً) معتادة على التصويت عبر البريد، هناك ولايات أخرى ستخوض هذه التجربة بأعداد كبيرة لأول مرة في تاريخها. كما أن قوانين فرز أصوات البريد تختلف من ولاية إلى أخرى. ففي حين تسمح بعض الولايات (كفلوريدا) بفرز الأصوات فور وصولها قبل يوم الانتخابات، تطلب ولايات أخرى الانتظار إلى يوم الانتخابات لفرز هذه الأصوات. وهنا قد يحدث التأخير.
إلا أن هذه المعطيات لا تعني أن نتيجة السباق لن تحسم سريعاً، لهذا تتجه الأنظار إلى ولايات معينة ستصدر النتائج ليلة الانتخابات، ما قد يحسم السباق مبكراً.
وبحسب توقعات شركة الاستطلاعات «538 - فايف ثيرتي إيت»، أمس، التي تجمع نتائج معظم استطلاعات الرأي الوطنية على موقعها، يتمتع بايدن بفرصة 52 في المائة للفوز على الصعيد الوطني، فيما تصل حظوظ ترمب إلى 43.3 في المائة. إلا أن الولايات التي تحظى بأكبر عدد أصوات في المجمع الانتخابي تستطيع قلب المعادلة الانتخابية، حتى في حال فوز أحد المرشحين بالتصويت الشعبي، وهو ما حصل في عام 2016، عندما فازت الديمقراطية هيلاري كلينتون بـ2.87 مليون صوت أكثر من منافسها الجمهوري ترمب، لكنها لم تحصل سوى على 227 صوتاً في المجمع الانتخابي، مقابل 304 أصوات لترمب.
وفي مسعى لمعرفة ما إذا كان السباق سيحسم مبكراً، يوجّه المحللون السياسيون أنظارهم إلى الولايات التالية التي يتوقّع أن تعلن الفائز فيها ليلة الثلاثاء.
فلوريدا
تحظى هذه الولاية بـ29 صوتاً في المجمع الانتخابي، ما يجعلها الولاية الأهم ليلة الانتخابات. إذا صدرت النتائج حينها، وكان الفارق كبيراً بين المرشحين، فإنها قد تحسم السباق الرئاسي.
وفي حال حسمت الولاية لصالح ترمب، فإن حظوظه بالفوز سترتفع بعدة نقاط مئوية. وفي هذا السيناريو، يمكن أن يحافظ بايدن على تقدّمه على الصعيد الوطني، لكنه سيصبح بحاجة للفوز بولايات متأرجحة مثل ميشيغان (16 صوتاً في المجمع الانتخابي)، وبنسلفانيا (20)، وويسكنسن (10). وهذه ولايات غير معتادة على فرز الأصوات عبر البريد، كما أنها لن تبدأ بفرز النتائج إلا في يوم الانتخابات. إضافة إلى ذلك، فإن ولاية بنسلفانيا ستستقبل بطاقات التصويت بعد يوم الانتخابات، ما دام أن الناخب وضعها في علبة البريد في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني)، ما يعني أن نتيجة الانتخابات في هذا السيناريو لن تصدر ليلة الثلاثاء، وأن حسم نتيجة الانتخابات قد يتأخر أياماً أو حتى أسابيع، في حال حصول تحديات قانونية لنتائج الفرز في أي من هذه الولايات. أما إذا فاز بايدن بفلوريدا، فإن حظوظه بالفوز ستقفز.
أريزونا
هي الولاية الأخرى التي قد تُصدر النتائج ليلة الانتخابات، فهذه الولاية غيّرت من قوانينها هذا العام لتبدأ بفرز الأصوات مبكراً، وذلك بعد تأخير كبير في عام 2016، حين تطلبت النتيجة أياماً للصدور. وفي حين لا تحظى هذه الولاية سوى بـ11 صوتاً في المجمع الانتخابي، فإن إعلانها نتيجة حاسمة ليل الثلاثاء قد يغيّر التوقعات الوطنية بشكل كبير. وتشير التوقعات إلى أن حظوظ بايدن بالفوز ستتراجع بشكل لافت في حال فاز الرئيس الجمهوري بأريزونا مرة أخرى.
نورث كارولاينا
تظهر استطلاعات الرأي في هذه الولاية التي تشارك بـ15 صوتاً في المجمع الانتخابي سباقاً متقارباً بين ترمب وبايدن، خاصة أن أكثر من نصف ناخبيها (7.3 مليون) أدلوا بأصواتهم مبكراً. وفوز بايدن بهذه الولاية مهم، وسيزيد من حظوظه بالفوز بشكل كبير، فيما أن فوز ترمب هناك سيحسن من احتمالات فوزه بولاية ثانية.
تكساس
تصنف كثير من استطلاعات الرأي هذه الولاية الحمراء تاريخياً على لائحة الولايات المتأرجحة. ووضعت تكساس التي تشارك في المجمع الانتخابي بـ38 صوتاً شروطاً كثيرة للسماح لبعض الناخبين بالتصويت عبر البريد بسبب فيروس كورونا، فهي تتطلب أن يكون عمر الناخب 65 عاماً أو أكثر، أو أن يكون لديه عذر مقنع للتصويت عبر البريد. إذن، فكثيرون في هذه الولاية سيصوتون إما في انتخابات الولاية المبكرة حضورياً أو يوم الانتخابات، ما سيرجّح صدور النتائج ليلة الانتخابات. ولا تزال حظوظ بايدن ضئيلة للفوز بالولاية (واحد من ثلاثة). لكن في سيناريو غير مرجح، سيضمن فوز بايدن بتكساس اكتساح الموجة أميركا وحسم السباق فوراً لصالحه.
تجدر الإشارة إلى أن النتائج تعتمد على مدى تقارب الأصوات، فإذا فاز بايدن بغالبية الولايات المذكورة سيحسم السباق ليل الانتخابات، وإذا كانت النتيجة متقاربة فالنتيجة قد تستغرق وقتاً طويلاً.
والتأخير الأكبر سينجم في حال تقارب النتائج بشكل كبير لدرجة الاضطرار إلى إعادة فرز الأصوات في بعض الولايات، كما جرى في عام 2000، حينها لن تُعرف النتيجة لأسابيع، لكن وبحسب «فايف ثرتي إيت»، فإن احتمالات حصول هذا السيناريو تصل إلى 4 في المائة فقط.
وللتذكير، فإن استطلاعات الرأي في عام 2016 أخطأت بشكل كبير عندما حسمت النتيجة لصالح المرشحة السابقة هيلاري كلينتون، لكن المستطلعين أكدوا هذا العام أنهم تعلموا من أخطاء الماضي. وسيصدر الحكم النهائي عليهم مع الإعلان عن الفائز هذا العام، فإما يستعيدون ثقة الناخب الأميركي أو يفقدونها إلى أجل غير مسمى.