ليبيا: تكهنات بإعلان السراج البقاء في منصبه

عقيلة صالح ينفي ترتيبات للقاء يجمعه برئيس حكومة «الوفاق» في مالطا

ليبيون يؤدون صلاة الجمعة في ساحة الشهداء بطرابلس التي شهدت احتجاجاً أمس ضد الرسوم المسيئة للرسول الكريم (أ.ف.ب)
ليبيون يؤدون صلاة الجمعة في ساحة الشهداء بطرابلس التي شهدت احتجاجاً أمس ضد الرسوم المسيئة للرسول الكريم (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: تكهنات بإعلان السراج البقاء في منصبه

ليبيون يؤدون صلاة الجمعة في ساحة الشهداء بطرابلس التي شهدت احتجاجاً أمس ضد الرسوم المسيئة للرسول الكريم (أ.ف.ب)
ليبيون يؤدون صلاة الجمعة في ساحة الشهداء بطرابلس التي شهدت احتجاجاً أمس ضد الرسوم المسيئة للرسول الكريم (أ.ف.ب)

توقعت مصادر ليبية مطلعة «صدور إعلان وشيك» من فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق» الليبية، بالبقاء في منصبه، استجابة للمطالب المحلية والدولية، بهدف تفادي حدوث «فراغ في السلطة»، فيما نفى عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي احتمال لقائه السراج في مالطا، علماً أنهما يزورانها في وقت متزامن. وجاء ذلك في وقت استمر وزير دفاع حكومة «الوفاق» والقوات الموالية لها في رفض نتائج الحوارات السياسية التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة واتخاذ مواقف معادية لها.
وقالت مصادر في حكومة السراج لـ«الشرق الأوسط» إنه سيصدر لاحقاً بياناً يعلن فيه قراره البقاء في منصبه تلبية لدعوات العديد من الأطراف المحلية والدولية، وحرصاً على عدم التسبب في أي هزة سياسية في البلاد «قد ينجم عنها فراغ دستوري وسياسي محتمل».
وانضم، أمس، وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، إلى قائمة مطالبي السراج بعدم التخلي عن منصبه، حيث طالبه في اتصال هاتفي باسم مستشارة ألمانيا بالبقاء في موقعه و«أداء مهامه طوال فترة المحادثات بين الأطراف الليبية»، معتبراً «أن هذا يعد من وجهة نظر ألمانيا أمراً مهماً لضمان الاستمرارية في قيادة الحكومة الليبية خلال هذه الفترة».
ورد السراج في بيان وزعه مكتبه أمس، بأن «خروج جميع الوجوه الحالية من المشهد، سيساعد في إيجاد مخرج للأزمة»، لافتاً إلى تلقيه طلبات ودعوات عديدة من قبل مجلسي النواب الموازي، والأعلى للدولة بطرابلس، وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا، ومؤسسات المجتمع المدني، وقيادات دول صديقة، تدعوه للاستمرار في أداء مهامه، وذلك إلى حين اختيار مجلس رئاسي جديد «تجنباً لأي فراغ سياسي».
وبعدما «شكر الجميع على هذه «الثقة» قال السراج إن «كل ما أطمح إليه هو أن تجتاز ليبيا هذه المحنة وتصل إلى بر الأمان». ودعا لجنة الحوار المنوط بها تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة إلى «الاضطلاع بمسؤوليتها التاريخية، بعيداً عن المصالح الشخصية أو الجهوية، والإسراع بتشكيل هذه السلطة وأن يضعوا مصلحة الوطن فوق أي اعتبار آخر».
وأوضح السراج أنه ناقش مع ماس نتائج اجتماعات لجنة 5+5 ضمن المسار العسكري الأمني الذي اعتمده مؤتمر برلين، والذي نجح في الوصول إلى اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار، مجدداً تأكيد «ضرورة أن تضمن ترتيبات هذا الاتفاق عدم تعرض المدن الليبية والمواقع الحيوية لأي تهديد مستقبلاً». واتفق الجانبان على «أهمية أن تقود لقاءات المسار السياسي إلى انتخابات رئاسية وتشريعية في أقرب وقت ممكن» وعبرا عن «القلق من تدخلات قوى أجنبية تسعى لتقاسم مناطق نفوذ في ليبيا».
ورحبت حكومات فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة بنتائج الجولة الرابعة من محادثات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) بوساطة الأمم المتحدة، ووصول الأطراف الليبية إلى وقف إطلاق النار بشكل دائم، وإعلان البعثة الأممية إطلاق ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي عقد أول اجتماع له عبر الفيديو مؤخراً.
ودعت هذه الحكومات في بيان أمس «الأطراف الليبية إلى الالتزام بتعهداتها وتطبيق الاتفاق بالكامل». واعتبرت أن «المجال بات الآن مفتوحاً لاتخاذ الخطوة التالية في الحوار الليبي من خلال ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس، الذي يبدأ الأسبوع المقبل، ويتفق فيه الليبيون أنفسهم على مستقبل مؤسسات الدولة وعلى سبيل تحقيق الاستقرار والأمن والازدهار».
في المقابل، وفي تصعيد جديد يمثل تحدياً لاتفاق جنيف والتفاهمات التي تمت بين وفدي حكومة «الوفاق» و«الجيش الوطني»، نشرت عملية بركان الغضب، التي تشنها قوات «الوفاق»، صوراً تظهر استمرار تدريب الطلبة العسكريين الليبيين بمركز إسبرطة في تركيا، للتدريب على مكافحة الإرهاب، ضمن اتفاقية التدريب العسكري والتعاون بين تركيا والسراج، بينما أكد صلاح النمروش، وزير دفاع «الوفاق»، في رسالة وجهها إلى وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، «اقتناعه الراسخ بأنهما سيستمران في الوقوف معاً في الأزمنة المقبلة». وفيما بدا أنه بمثابة رفض لتفكيك العلاقة مع تركيا، جدد النمروش في رسالته الحرص «على العمل سوياً، من أجل توطيد أواصر الأخوة وتعزيز علاقات التعاون في مختلف المجالات والارتقاء بها إلى المستوى الذي نتطلع إليه على درب الشراكة والتكامل».
واعتبر النمروش في بيان آخر أن من بين الشخصيات التي تم اختيارها للقاءات المزمع انعقادها في الأيام القادمة (الحوارات الليبية-الليبية) من «يلهثون وراء المناصب والمكاسب الشخصية، ويدعمون من أجرم في حق الليبيين، ويبحثون عن حلول تلفيقية للأزمة الليبية». وقال إن «الحلول التي لا ترتكز على قاعدة متينة وتعتمد محاسبة المجرمين، لن تكون مجدية، وستعود بنا إلى نقطة البداية».
لكن فوزي العقاب، عضو المجلس الأعلى للدولة الموالي لحكومة السراج في طرابلس، ندد بتصريحات النمروش. وقال في تصريحات تلفزيونية أمس إن «التطلع إلى دور سياسي حق مشروع وفق الآليات الديمقراطية».
بدورها، قالت القوات المساندة بغرفة عمليات سرت والجفرة التابعة لحكومة «الوفاق»، إنها «غير معنية بنتائج الحوارات التي تعقد حالياً». وطالبت بتوضيح آلية اختيار أعضائها وكيفية اتخاذ القرار فيها. وشددت على أن «أي تغيير لا يبنى على قاعدة دستورية ومحاكمة عادلة لمن أجرم في حق الليبيين لن يمر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.