جدل في تونس إثر دعوات لإلغاء قمة للفرنكوفونية

إجراءات أمنية أمام السفارة الفرنسية في تونس أول من أمس (إ.ب.أ)
إجراءات أمنية أمام السفارة الفرنسية في تونس أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

جدل في تونس إثر دعوات لإلغاء قمة للفرنكوفونية

إجراءات أمنية أمام السفارة الفرنسية في تونس أول من أمس (إ.ب.أ)
إجراءات أمنية أمام السفارة الفرنسية في تونس أول من أمس (إ.ب.أ)

دعا ياسين العياري، النائب بالبرلمان التونسي عن حزب «أمل وعمل»، إلى إلغاء قمة المنظمة الفرنكوفونية المزمع عقدها في تونس خلال شهر مارس (آذار) 2021. ووجه دعوة إلى الرئيس التونسي قيس سعيد يطلب منه الاعتذار عن احتضان هذه القمة، قائلاً إنها تسعى إلى «دعم القيم الفرنسية واللغة الفرنسية عبر الضغط على مستعمراتها القديمة»، على حد تعبيره. وثار جدل سياسي واسع بين التونسيين حول دواعي عقد هذه القمة في تونس. فقد ظهر اتجاه يدعم القمة ويؤكد أنها تمثّل فرصة مهمة لمساعدة تونس واقتصادها المتداعي، فيما ذهب «أنصار الهوية»، وتحديداً التيار الإسلامي، إلى القول إن نتائج القمة ستكون سلبية على الجميع إذا عُقدت في مثل هذه الظروف التي تعاني منها فرنسا، لا سيما على خلفية الجدل بخصوص نشر الرسوم المسيئة للمسلمين. وفي هذا الإطار، قال النائب العياري: «أعتقد أنه يصبح من الوقاحة قبول هذه القمة على أرض تونس، في الوقت الذي تسمح فيه هذه الثقافة بالاحتقار والسخرية من معتقداتنا، وكذلك التضييق على الثقافات المختلفة على أرضها لأسباب سياسية انتخابية».
وإثر دعوة المقاطعة للقمة الفرنكوفونية في تونس، قال عثمان الجرندي، وزير الخارجية التونسية، في تصريح إعلامي: «لست مع هذه الدعوات، وتونس تسعى دوماً إلى احترام التزاماتها الدولية، وأرى أن القمة الفرنكوفونية التي ستحتضن تونس دورتها الـ18، تمثل استحقاقاً دولياً مهماً»، مشيراً إلى أنها تتزامن مع الذكرى الـ50 لتأسيس هذه المنظمة.
يُذكر أن قمة الفرنكوفونية قد تأجل عقدها إلى السنة المقبلة بعد أن كانت مبرمجة خلال ديسمبر (كانون الأول) 2020، بسبب الوضع الوبائي المتردي. وقد اتفق الجانبان التونسي والفرنسي إثر محادثة بين الرئيس قيس سعيد ولويز موشيكيوابو رئيسة المنظمة الفرنكوفونية على تأجيل القمة إلى موعد لاحق.
وفي السياق ذاته، أكد جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، لـ«الشرق الأوسط»، أن مناقشة مسألة انعقاد القمة الفرنكوفونية في تونس ستزيد من درجة التوتر السياسي الذي بدت بوادره بين الطرفين، وفي حال اتخذت فرنسا قراراً بترحيل آلاف التونسيين المقيمين فوق أراضيها بشكل غير قانوني، فإن العلاقات بين البلدين ستتوتر أكثر.
ومن الجانب الفرنسي، قال لوران قايزرقاس، رئيس الفرع التونسي لاتحاد الفرنسيين بالخارج، في تصريح إعلامي، إن الدعوات المنادية بإلغاء قمة الفرنكوفونية المزمع عقدها السنة المقبلة بجزيرة جربة (جنوب شرقي تونس) قصيرة النظر، كون القمة ستعزز في الواقع صورة تونس على المستوى الدولي وستشكّل مناسبة لدعم اتفاقات الشراكة بين تونس وأكثر من 80 دولة مشاركة، مضيفاً أن أكبر متضرر من إلغاء القمة لن يكون سوى تونس.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.