وزير الداخلية الفرنسي: نحارب الآيديولوجيا «الإسلاموية» وليس الإسلام

باريس تحذّر رعاياها في الخارج بعد عملية نيس... وتدعو بعثاتها لتشديد التدابير الأمنية

استنفار أمني أمس أمام كاتدرائية نوتردام في مدينة نيس الفرنسية بعد الهجوم الإرهابي (أ.ف.ب)
استنفار أمني أمس أمام كاتدرائية نوتردام في مدينة نيس الفرنسية بعد الهجوم الإرهابي (أ.ف.ب)
TT

وزير الداخلية الفرنسي: نحارب الآيديولوجيا «الإسلاموية» وليس الإسلام

استنفار أمني أمس أمام كاتدرائية نوتردام في مدينة نيس الفرنسية بعد الهجوم الإرهابي (أ.ف.ب)
استنفار أمني أمس أمام كاتدرائية نوتردام في مدينة نيس الفرنسية بعد الهجوم الإرهابي (أ.ف.ب)

حتى عصر أمس، لم يكن المحققون الأمنيون قد تمكنوا من استجواب مرتكب جريمة كاتدرائية نوتردام الإرهابية في مدينة نيس الفرنسية التي أوقعت ثلاثة قتلى؛ هما امرأتان ورجل صباح الخميس. والجاني واسمه الكامل وفق الوثيقة التي عثر عليها بحوزته إبراهيم العويساوي، تونسي الجنسية، ما زال يرقد في مستشفى «باستور» الذي نقل إليه، حيث أجريت له عمليتان جراحيتان وما زال بين الحياة والموت بعد إصابته بـ14 رصاصة أطلقها عليه أربعة رجال من الشرطة البلدية في المدينة المذكورة عقب اقتحامهم الكنيسة من باب جانبي.
التحقيق القضائي الذي أمر به المدعي العام المتخصص بالشؤون الإرهابية لم يتقدم كثيراً. ويعول المحققون على الهاتفين الجوالين اللذين عثرا عليهما في حقيبة ظهر تعود للجاني من أجل التعرف على مساره.
ولا يعلم المحققون تاريخ وصول منفذ العملية إلى الأراضي الفرنسية والطريق التي سلكها لهذه الغاية. وآخر أثر له في إيطاليا يعود للتاسع من أكتوبر (تشرين الأول) عندما قبض عليه في مدينة باري ونقل إلى مقر الشرطة، حيث أخذت له صورة نصفية وهو يحمل الرقم 104. أما أول أثر له في فرنسا فمكانه محطة القطارات في مدينة نيس التي دخلها قبل الساعة السابعة صباحاً، بحسب ما تظهره تسجيلات كاميرات المراقبة التي تبين أنه بدل حذاءه وقلب سترته.
وتبعد الكاتدرائية التي دخلها في الثامنة والنصف عن محطة القطارات مسافة 400 متر. وليس منطقياً اعتبار أنه أمضى 90 دقيقة لاجتياز هذه المسافة القصيرة. ولذا، تسعى الأجهزة الأمنية لمعرفة ما الذي فعله في نيس طيلة هذه الفترة. واستطاعت قناة تلفزيونية فرنسية الاتصال بشقيق الجاني الذي كشف أن أخيه اتصل بعائلته في تونس ليل الأربعاء، ليخبرها أنه انتقل إلى فرنسا «بحثاً عن عمل لأن الفرص فيها أوفر من إيطاليا».
عقب كل عملية إرهابية، تطرح عدة أسئلة؛ أولها معرفة ما إذا كان للجاني شركاء أو أشخاص وفروا له مساعدة مادية أو لوجيستية أو من أي نوع آخر. كذلك يسعى المحققون لمعرفة ما إذا كانت العملية الإرهابية مخططاً لها في الخارج وفي إطار تنظيم إرهابي والدوافع التي جعلت الجاني يقوم بها.
وفي حالة العويساوي، هناك أمر يثير الحيرة، إذ إن المدة الزمنية التي قضاها العويساوي على الأراضي الفرنسية قصيرة للغاية، وفي أفضل الحالات لا يمكن أن تفيض على 20 يوماً. ولذا، فإن فرضية قدومه إلى فرنسا من تونس عبر إيطاليا للقيام بعملية إرهابية في مدينة تصبح لها الأولوية، خصوصاً أن مدينة نيس سبق لها أن عاشت دراما دامية صيف عام 2016 على يد تونسي آخر قضى بشاحنته على 86 شخصاً، وأصاب العشرات بجروح قبل أن يقتل. والعنصر المستجد أن الأمن ألقى القبض، مساء الخميس، على رجل يبلغ من العمر 47 عاماً، تبين أنه كان على تواصل مع الجاني، وهو رهن التحقيق لمعرفة طبيعة العلاقة التي تربطه به. وبحسب المصادر الأمنية، فإنه كان على تواصل مع العويساوي قبل يوم من حصول الجريمة.
وأمس، عقد في قصر الإليزيه اجتماع لمجلس الدفاع برئاسة إيمانويل ماكرون لدراسة التدابير الواجب اتخاذها لوضع حد لمسلسل الاغتيالات، إضافة إلى ما تم فرضه بعد ظهر الخميس، من رفع مستوى التأهب الأمني إلى أعلى درجة والاستعانة بالجيش الذي سيوفر، بحسب ماكرون، 7000 جندي في إطار ما يسمى «عملية سانتينيل»، من أجل مساندة قوى الأمن الداخلي من شرطة ودرك ومخابرات داخلية لحراسة أماكن العبادة والمدارس وأماكن تجمع الجمهور والمواقع الحساسة.
وأصدر وزير الداخلية جيرالد درامانان مذكرة لقادة الأجهزة الأمنية دعاهم فيها للحذر الشديد، مخافة حصول أعمال إرهابية إضافية يتوقع حدوثها، بحسب ما صرح به لإذاعة «أر تي أل» الفرنسية.
بالتوازي مع التحقيق الأمني، ما زالت العملية الإرهابية تتفاعل على المستوى السياسي في ظل استمرار الهجوم على الرئيس ماكرون وحكومته لعجزهما عن وضع حد للعمليات الإرهابية.
وأمس، عبر دارمانان عن مواقف بالغة التشدد، إذ اعتبر أن فرنسا في «حالة حرب ضد عدو في الداخل والخارج»، مضيفاً: «نحن في حرب، ليس ضد ديانة (معينة)، ولكن ضد آيديولوجيا، وأعني بها الآيديولوجيا الإسلاموية»، التي وصفها بأنها «شكل من أشكال الفاشية في القرن الحادي والعشرين». ووفق دارمانان، فإن هذه الفاشية الجديدة «تريد أن تفرض قيمها الثقافية وطريقة عيشها عن طريق الإرهاب».
ولذا، فإنه، في إطار هذه الحرب، توقع وزير الداخلية حصول عمليات إرهابية أخرى. ومما كشفه أنه من «بين الإرهابيين الثلاثين الذين قاموا بعمليات القتل والاغتيال الأخيرة على الأراضي الفرنسية، فإن 22 منهم كانوا فرنسيين، ما يعني أن للإرهابيين الإسلامويين وجوه (بروفايل) مختلفة». وأشار دارمانان إلى وجود علاقة بين تصاعد التهديدات في الفترة الأخيرة و«الدعوات الحاقدة القوية الصادرة عن بعض قادة أجانب»، في إشارة إلى تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشأن ماكرون ودعواته لمقاطعة المنتجات الفرنسية وما يراه تشجيعاً للاستمرار في بث الرسوم المسيئة للنبي. وأخيراً، فإن المسؤول الفرنسي رفض الدعوات الصادرة عن اليمين المتطرف وبعض اليمين الكلاسيكي، ومنها عن عمدة مدينة نيس، التي تريد تعديل الدستور والقوانين والعمل بقوانين استثنائية من أجل التمكن من القضاء على الإرهاب. لكن تجدر الإشارة إلى أن الحكومة تعد مشروع قانون جديداً لمحاربة ما تسميه «الانفصالية الإسلاموية» التي يمكن تضمينها بنوداً تزيد من تشدد السلطات في التعامل مع من يشتبه بعلاقة له مع التيارات الراديكالية أو الجهادية. وتسعى الداخلية الفرنسية بالتعاون مع وزارة العدل إلى تسهيل ترحيل الأجانب الذين تحوم حولهم شبهة التطرف الإسلاموي.
وقبض أول من أمس على رجل أفغاني يحمل سكيناً بطول 30 سنتم وهو معروف من الأجهزة الأمنية. أما على الصعيد الخارجي، فقد وجه جان إيف لو دريان، وزير الخارجية، أمس، تعليمات للبعثات الديبلوماسية في الخارج يحثها على تكثيف الإجراءات الأمنية في السفارات والقنصليات والمدارس الفرنسية، ودعوة المواطنين الفرنسيين إلى التزام الحيطة، وذلك في ظل تكاثر دعوات المقاطعة للمنتجات الفرنسية وازدياد حدة الخطاب العدائي لباريس في العديد من الدول العربية والإسلامية. وقال لو دريان، عقب انتهاء اجتماع مجلس الدفاع أمس، إن التهديدات «موجودة في كل مكان»، ولذا فإن التنبيه موجه للفرنسيين أينما وجدوا في الخارج. وربط الوزير الفرنسي بين إعادة فتح المؤسسات التربوية الفرنسية وتوافر سلامة المدرسين والتلامذة وأهاليهم».



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.