مقتل وزير انقلابي في صنعاء يخلط أوراق الحوثيين

الميليشيات تطوي قضيته... وابنته تتهم الجماعة بتصفيته

TT

مقتل وزير انقلابي في صنعاء يخلط أوراق الحوثيين

سارعت الجماعة الحوثية في صنعاء إلى طي قضية مقتل القيادي البارز فيها حسن زيد، المعين وزيراً للشباب والرياضة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، خلال 24 ساعة، بعدما زعمت مقتل منفذي عملية اغتياله في مواجهات مع عناصرها في محافظة ذمار المجاورة، وهو الأمر الذي ضاعف الشكوك في مسؤولية زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي عن اتخاذ قرار تصفيته في سياق الصراع بين أجنحة ميليشياته.
وبينما حاولت الجماعة الانقلابية تلفيق اغتيال وزيرها إلى متهمَين زعمت أنهما على صلة بالحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها، اتهمت ابنته الكبرى سكينة حسن الجماعة صراحة بالوقوف خلف مقتله.
وكان مسلحان يستقلان دراجة نارية قد أقدما السبت - بحسب ما أفاد شهود - في مسرح الحادثة، بإطلاق النار على زيد وهو رفقة ابنته الصغرى على متن سيارة في أحد أنفاق جنوب العاصمة صنعاء، قبل أن يلوذا بالفرار، وهو ما تسبب في مقتله وإصابة ابنته.
وجاء اغتيال القيادي الحوثي البارز وأحد واجهات الجماعة في جناحها الناعم، في وقت تشهد فيه الجماعة صراعاً غير مسبوق، وتنافساً محموماً على الثراء والجبايات والنفوذ والمناصب؛ خصوصاً بين جناحي صعدة؛ حيث مسقط رأس زعيم الجماعة وقيادات صنعاء وذمار وعمران.
واعترفت ابنة زيد في منشور على «فيسبوك» أمس (الخميس) بأن والدها أحب الحوثيين منذ بداية تشكل حركتهم عسكرياً في 2004 ودافع عنهم، غير أن هناك من آذاه - بحسب تعبيرها - من داخل صفوف الجماعة حتى يوم مقتله، وقالت إن «ذلك ليس سراً ولا مفاجئاً».
وأضافت: «مطمئنة بأن الله سينتصف لوالدي منهم في الدنيا أو في الآخرة أو في كليهما (...) ومحاولة اغتياله وقتله كانت منذ سنوات كثيرة بمحاولة تشويه صورته، وإطلاق التهم عليه، والتقليل من شأنه، والاستخفاف به».
وبقدر ما تعد الحادثة امتداداً لحوادث اغتيال سابقة دبرتها الجماعة - بحسب مراقبين - في حق عديد من الشخصيات الموالية لها، أثارت من جديد التأكيد على رغبة زعيم الجماعة في التخلص من كل الأصوات التي يخشى أنها ستقف حجر عثرة أمام تطلعات عائلته الحوثية في الهيمنة والنفوذ، خصوصاً أن العديد من العائلات الحوثية في صنعاء وذمار وكوكبان وحجة تعد نفسها أكبر مقاماً من عائلة الحوثي، لجهة رصيدها التاريخي في حكم اليمن خلال مراحله التي سبقت قيام «ثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962» ضد الحكم الإمامي.
واستغرب موالون للجماعة الحوثية همساً في صنعاء، من عدم مسارعة زعيم الجماعة الحوثية إلى تقديم التعزية لعائلة زيد، طيلة يومين، قبل أن يستدركها الخميس، في خطبته لمناسبة «المولد النبوي».
كما استغربوا الحضور الفوري لابن عمه محمد علي الحوثي إلى المستشفى بعد الحادثة بوقت قصير، وكأنه كان يعد الدقائق للتخلص من زيد من جهة، ومن جهة أخرى لاستثمار مقتله بالتزامن مع احتفالات الجماعة السياسية وجباياتها القمعية لمناسبة ذكرى «المولد النبوي».
وفي حين يتوقع أن يتسبب مقتل زيد في توسيع الشرخ بين أجنحة الجماعة، لم يستبعد مراقبون على صلة بما يدور في أروقة حكم الانقلاب، أن تشهد الفترات المقبلة عمليات تصفية مماثلة لقيادات من عائلات حوثية أخرى، تؤدي إلى هيمنة جناح صعدة كلياً على قرار الجماعة السياسي والعسكري والمالي.
وفي سياق الاتهامات نفسها بضلوع الحوثيين أنفسهم في التخلص من حسن زيد، استغرب المراقبون من كيفية وصول منفذي عملية القتل إلى حسن زيد؛ رغم إعلان الجماعة أنها هيأت نحو 30 ألف عنصر لتأمين صنعاء بالتزامن مع احتفالاتها بـ«المولد النبوي»؛ إضافة إلى ارتباكها في إعلان القبض على المتهمين، ومن ثم الإعلان عن مقتلهما خلال 24 ساعة من الواقعة.
ومن الدلائل التي ساقها المراقبون على مساعي الجماعة لتزييف اغتيال القيادي حسن زيد، هو ما أفاد به أقارب أحد المتهمين المزعومين بأنه معتقل في سجون الجماعة منذ عامين، ولم يكن خارج السجن، وهو ما يعني - بحسب هذه الراوية - قيام الجماعة بتصفية اثنين من المعتقلين في سجونها، والادعاء أنهما من قاما باغتياله.
كما ذهبت بعض التأويلات إلى أن مقتل زيد كان له علاقة مباشرة بوصول القيادي في «الحرس الثوري» الإيراني حسن إيرلو إلى صنعاء، تحت اسم «السفير»، إذ تم ربط ذلك بتصريحات سابقة هاجم فيها زيد طهران، واتهمها باستغلال الجماعة لمصلحتها الإقليمية، وبعدم رغبتها في إنهاء الحرب باليمن.
ويعد زيد من كبار قادة الجماعة المتعصبين، ومن عناصرها الذين ساهموا في إسقاط صنعاء وقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ومن الجناح الناعم الذي يحاول التسويق لأفكار الجماعة على الصعيد السياسي، إلى جانب رعايته لإنشاء معسكرات لتدريب النساء على القتال، وتحريضه على وقف التعليم والزج بالطلبة والمعلمين إلى الجبهات.
وإلى جانب ولائه للجماعة كان زيد أميناً عاماً لحزب «الحق» القريب من أفكارها، وبعد الانقلاب على الشرعية نصبته الجماعة رئيساً لـ«النسخة الحوثية» من تكتل أحزاب «اللقاء المشترك».
وكان التحالف الداعم للشرعية قد أدرج في 2017 حسن زيد ضمن قائمة الأربعين مطلوباً للتحالف، وكان ترتيبه في القائمة الرابع عشر من بين قادة الجماعة الآخرين الذين يتصدرهم عبد الملك الحوثي.
وسبق أن اتهمت مصادر أمنية في صنعاء الجماعة الانقلابية، بتنفيذ سلسلة من الاغتيالات في السنوات الماضية بحق الموالين لها، للاستثمار في دمهم والمزايدة بهم في سياق «المظلومية» التي تروج الجماعة أنها لحقت بها.
ومن بين القتلى الذين وُجهت أصابع الاتهام في اغتيالهم إلى جهاز «الأمن الوقائي» التابع لزعيم الجماعة الحوثية، كل من: النائب عبد الكريم جدبان، والدكتور أحمد شرف الدين، والدكتور محمد عبد الملك المتوكل، والناشط والصحافي عبد الكريم الخيواني، وآخرين.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.