مقتل وزير انقلابي في صنعاء يخلط أوراق الحوثيين

الميليشيات تطوي قضيته... وابنته تتهم الجماعة بتصفيته

TT
20

مقتل وزير انقلابي في صنعاء يخلط أوراق الحوثيين

سارعت الجماعة الحوثية في صنعاء إلى طي قضية مقتل القيادي البارز فيها حسن زيد، المعين وزيراً للشباب والرياضة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، خلال 24 ساعة، بعدما زعمت مقتل منفذي عملية اغتياله في مواجهات مع عناصرها في محافظة ذمار المجاورة، وهو الأمر الذي ضاعف الشكوك في مسؤولية زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي عن اتخاذ قرار تصفيته في سياق الصراع بين أجنحة ميليشياته.
وبينما حاولت الجماعة الانقلابية تلفيق اغتيال وزيرها إلى متهمَين زعمت أنهما على صلة بالحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها، اتهمت ابنته الكبرى سكينة حسن الجماعة صراحة بالوقوف خلف مقتله.
وكان مسلحان يستقلان دراجة نارية قد أقدما السبت - بحسب ما أفاد شهود - في مسرح الحادثة، بإطلاق النار على زيد وهو رفقة ابنته الصغرى على متن سيارة في أحد أنفاق جنوب العاصمة صنعاء، قبل أن يلوذا بالفرار، وهو ما تسبب في مقتله وإصابة ابنته.
وجاء اغتيال القيادي الحوثي البارز وأحد واجهات الجماعة في جناحها الناعم، في وقت تشهد فيه الجماعة صراعاً غير مسبوق، وتنافساً محموماً على الثراء والجبايات والنفوذ والمناصب؛ خصوصاً بين جناحي صعدة؛ حيث مسقط رأس زعيم الجماعة وقيادات صنعاء وذمار وعمران.
واعترفت ابنة زيد في منشور على «فيسبوك» أمس (الخميس) بأن والدها أحب الحوثيين منذ بداية تشكل حركتهم عسكرياً في 2004 ودافع عنهم، غير أن هناك من آذاه - بحسب تعبيرها - من داخل صفوف الجماعة حتى يوم مقتله، وقالت إن «ذلك ليس سراً ولا مفاجئاً».
وأضافت: «مطمئنة بأن الله سينتصف لوالدي منهم في الدنيا أو في الآخرة أو في كليهما (...) ومحاولة اغتياله وقتله كانت منذ سنوات كثيرة بمحاولة تشويه صورته، وإطلاق التهم عليه، والتقليل من شأنه، والاستخفاف به».
وبقدر ما تعد الحادثة امتداداً لحوادث اغتيال سابقة دبرتها الجماعة - بحسب مراقبين - في حق عديد من الشخصيات الموالية لها، أثارت من جديد التأكيد على رغبة زعيم الجماعة في التخلص من كل الأصوات التي يخشى أنها ستقف حجر عثرة أمام تطلعات عائلته الحوثية في الهيمنة والنفوذ، خصوصاً أن العديد من العائلات الحوثية في صنعاء وذمار وكوكبان وحجة تعد نفسها أكبر مقاماً من عائلة الحوثي، لجهة رصيدها التاريخي في حكم اليمن خلال مراحله التي سبقت قيام «ثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962» ضد الحكم الإمامي.
واستغرب موالون للجماعة الحوثية همساً في صنعاء، من عدم مسارعة زعيم الجماعة الحوثية إلى تقديم التعزية لعائلة زيد، طيلة يومين، قبل أن يستدركها الخميس، في خطبته لمناسبة «المولد النبوي».
كما استغربوا الحضور الفوري لابن عمه محمد علي الحوثي إلى المستشفى بعد الحادثة بوقت قصير، وكأنه كان يعد الدقائق للتخلص من زيد من جهة، ومن جهة أخرى لاستثمار مقتله بالتزامن مع احتفالات الجماعة السياسية وجباياتها القمعية لمناسبة ذكرى «المولد النبوي».
وفي حين يتوقع أن يتسبب مقتل زيد في توسيع الشرخ بين أجنحة الجماعة، لم يستبعد مراقبون على صلة بما يدور في أروقة حكم الانقلاب، أن تشهد الفترات المقبلة عمليات تصفية مماثلة لقيادات من عائلات حوثية أخرى، تؤدي إلى هيمنة جناح صعدة كلياً على قرار الجماعة السياسي والعسكري والمالي.
وفي سياق الاتهامات نفسها بضلوع الحوثيين أنفسهم في التخلص من حسن زيد، استغرب المراقبون من كيفية وصول منفذي عملية القتل إلى حسن زيد؛ رغم إعلان الجماعة أنها هيأت نحو 30 ألف عنصر لتأمين صنعاء بالتزامن مع احتفالاتها بـ«المولد النبوي»؛ إضافة إلى ارتباكها في إعلان القبض على المتهمين، ومن ثم الإعلان عن مقتلهما خلال 24 ساعة من الواقعة.
ومن الدلائل التي ساقها المراقبون على مساعي الجماعة لتزييف اغتيال القيادي حسن زيد، هو ما أفاد به أقارب أحد المتهمين المزعومين بأنه معتقل في سجون الجماعة منذ عامين، ولم يكن خارج السجن، وهو ما يعني - بحسب هذه الراوية - قيام الجماعة بتصفية اثنين من المعتقلين في سجونها، والادعاء أنهما من قاما باغتياله.
كما ذهبت بعض التأويلات إلى أن مقتل زيد كان له علاقة مباشرة بوصول القيادي في «الحرس الثوري» الإيراني حسن إيرلو إلى صنعاء، تحت اسم «السفير»، إذ تم ربط ذلك بتصريحات سابقة هاجم فيها زيد طهران، واتهمها باستغلال الجماعة لمصلحتها الإقليمية، وبعدم رغبتها في إنهاء الحرب باليمن.
ويعد زيد من كبار قادة الجماعة المتعصبين، ومن عناصرها الذين ساهموا في إسقاط صنعاء وقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ومن الجناح الناعم الذي يحاول التسويق لأفكار الجماعة على الصعيد السياسي، إلى جانب رعايته لإنشاء معسكرات لتدريب النساء على القتال، وتحريضه على وقف التعليم والزج بالطلبة والمعلمين إلى الجبهات.
وإلى جانب ولائه للجماعة كان زيد أميناً عاماً لحزب «الحق» القريب من أفكارها، وبعد الانقلاب على الشرعية نصبته الجماعة رئيساً لـ«النسخة الحوثية» من تكتل أحزاب «اللقاء المشترك».
وكان التحالف الداعم للشرعية قد أدرج في 2017 حسن زيد ضمن قائمة الأربعين مطلوباً للتحالف، وكان ترتيبه في القائمة الرابع عشر من بين قادة الجماعة الآخرين الذين يتصدرهم عبد الملك الحوثي.
وسبق أن اتهمت مصادر أمنية في صنعاء الجماعة الانقلابية، بتنفيذ سلسلة من الاغتيالات في السنوات الماضية بحق الموالين لها، للاستثمار في دمهم والمزايدة بهم في سياق «المظلومية» التي تروج الجماعة أنها لحقت بها.
ومن بين القتلى الذين وُجهت أصابع الاتهام في اغتيالهم إلى جهاز «الأمن الوقائي» التابع لزعيم الجماعة الحوثية، كل من: النائب عبد الكريم جدبان، والدكتور أحمد شرف الدين، والدكتور محمد عبد الملك المتوكل، والناشط والصحافي عبد الكريم الخيواني، وآخرين.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون: سنتخذ إجراءات عسكرية ضد إسرائيل بمجرد انتهاء مهلة الأيام الأربعة

عرض لمجسمات صواريخ ومسيّرات حوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
عرض لمجسمات صواريخ ومسيّرات حوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
TT
20

الحوثيون: سنتخذ إجراءات عسكرية ضد إسرائيل بمجرد انتهاء مهلة الأيام الأربعة

عرض لمجسمات صواريخ ومسيّرات حوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
عرض لمجسمات صواريخ ومسيّرات حوثية في صنعاء (إ.ب.أ)

قال الحوثيون في اليمن، اليوم (الاثنين)، إنهم سيتخذون إجراءات عسكرية بمجرد انتهاء مهلة الأيام الأربعة لرفع الحصار عن قطاع غزة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، الجمعة، إن الحركة ستستأنف عملياتها البحرية ضد إسرائيل إذا لم تُنهِ تعليقها دخول المساعدات إلى غزة خلال 4 أيام، مما يشير إلى تصعيد محتمل.

وشنت الحركة المتمردة المتحالفة مع إيران أكثر من 100 هجوم على حركة الشحن البحرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، قائلة إن الهجمات تضامن مع الفلسطينيين في حرب إسرائيل على حركة «حماس» الفلسطينية في قطاع غزة، وتراجعت الهجمات في يناير (كانون الثاني) بعد وقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني.

خلال تلك الهجمات، أغرق الحوثيون سفينتين واستولوا على أخرى وقتلوا 4 بحارة على الأقل، مما أدى إلى اضطراب حركة الشحن العالمية لتُضطر الشركات إلى تغيير مسار سفنها لتسلك طريقاً أطول وأعلى تكلفة حول جنوب القارة الأفريقية.

وقال الحوثي، الجمعة: «سنعطي مهلة 4 أيام وهذه مهلة للوسطاء فيما يبذلونه من جهود، إذا استمر العدو الإسرائيلي بعد الأيام الأربعة في منع المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، واستمر في الإغلاق التام للمعابر ومنع دخول الدواء إلى قطاع غزة فإننا سنعود إلى استئناف عملياتنا البحرية ضد العدو الإسرائيلي. كلامنا واضح ونقابل الحصار بالحصار».

وفي الثاني من مارس (آذار)، منعت إسرائيل دخول شاحنات المساعدات إلى غزة مع تصاعد الخلاف حول الهدنة، ودعت «حماس» الوسطاء المصريين والقطريين إلى التدخل.

ورحّبت الحركة الفلسطينية بإعلان الحوثي، الجمعة. وقالت في بيان: «هذا القرار الشجاع الذي يعكس عمق ارتباط الإخوة في أنصار الله والشعب اليمني الشقيق بفلسطين والقدس، يعد امتداداً لمواقف الدعم والإسناد المباركة التي قدموها على مدار خمسة عشر شهراً من حرب الإبادة في قطاع غزة».