يمنى شرّي: قلة من النجوم تستطيع استيعاب الشهرة والنجاح

تصف تجربتها في مسلسل «هند خانم» بوقفة حياة

يمنى شرّي في مشهد من مسلسل «هند خانم»
يمنى شرّي في مشهد من مسلسل «هند خانم»
TT

يمنى شرّي: قلة من النجوم تستطيع استيعاب الشهرة والنجاح

يمنى شرّي في مشهد من مسلسل «هند خانم»
يمنى شرّي في مشهد من مسلسل «هند خانم»

تتألق الإعلامية يمنى شري في دورها التمثيلي (شيرين) الذي تقدمه ضمن مسلسل «هند خانم». فطبيعة الشخصية التي تجسدها تشبهها في الواقع إلى حد كبير، وهو ما أسهم في إيصالها للمشاهد تلقائيا. وتقول شري في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تشبهني شخصية شيرين كوني أتعاطى مع الحياة بنفس الوتيرة التي تسود تصرفاتها وردود فعلها. فكما أن الضحكة ترافقني دائما فإن دمعتي قريبة جدا وسخية. أحب التعامل مع الحياة ومشكلاتها بهذا الأسلوب الإيجابي. ولذلك لم أبذل جهدا كبيرا في تقمصي للدور، حتى أن ملامح وجهي بقيت هي نفسها تعكس الإيجابية لناظرها».
ترى يمنى شري أن الإنسان بشكل عام يحمل خلطة شخصيات وتقول: «شعرت مع الوقت أنه ليس هناك من شخصية تشبهني وأخرى لا، إذ جميعنا نمر بحالات حب وغيرة وحزن وشر وكآبة وسعادة واحتيال وخبث، ولكن بنسب متفاوتة وحسب مواقف معينة تضعك فيها الحياة. فيأتي التمثيل ليخرجها من أعماقك بعد أن يقولبها ضمن أدوار معينة».
تخوض يمنى شري في مسلسل «هند خانم» تجربتها الثالثة في عالم التمثيل. كما تميزت في شخصية أسيل في مسلسل «الباشا» الذي هو أيضا من إنتاج شركة «مروى غروب». ولمع نجمها فيه، فشكلت من خلاله حالة فنية طبعت في ذهن المشاهد. وتعلق: «أحببت هذا الدور كثيرا وتفاعل معه المشاهد وهو أمر أعتز به كثيرا».
اشتهرت شري كإعلامية تركت بصمتها في عالم الحوارات والبرامج التلفزيونية الترفيهية والاجتماعية. بداية لم تكن منتبهة لموهبتها التمثيلية، وعندما راجت نزعة تحول المغني إلى ممثل، والإعلامي إلى مغن، وما إلى هنالك من تبادل أدوار، عرض عليها دور تمثيلي. طلبت الخضوع لعملية «كاستيغ» فجاء جواب المخرج يومها بأنها نجحت في الامتحان.
وتقول: «منذ تلك اللحظة بدأت في العمل على موهبتي وتطويرها. فاجتهدت وتمرنت وتابعت دروسا خاصة في التمثيل لدى اختصاصيين، فكانت انطلاقتي في مشواري هذا. وكنت أقول في قرارة نفسي إذا لم أنجح في التمثيل فعذري معي، لأنني إعلامية أستطيع أن أختبئ من فشلي. ولكن مع الوقت تبدلت تماماً الصورة في ذهني، خصوصا عندما كبرت مساحات أدواري فبت أحمل مسؤولية إطلالتي كممثلة بشكل جدي».
طالما اطمأنت شري لما حققته في عالم الإعلام، كما تقول في سياق حديثها: «لم أصل إلى ما أنا عليه في الإعلام بالصدفة، فاستحققت ما حصدته من نجاحات لأنني غرزت كل جهودي فيه وثابرت. فأنا بطبيعتي موضوعية، وأعرف ما لي وما علي. أؤمن بإحساسي، وقلة من الناس أستشيرهم، وهما أختي وصديق للعائلة. وفي عالم التمثيل تلمست موهبتي، واكتشفت حبي الكبير لها، بعدما مارستها كمهنة. وعندما أعود من يوم تصوير طويل، أكون كمن يحلق في السماء فرحا. فالتمثيل يفصل صاحبه عن واقع يعيشه، ويسمح له بخوض تجربة لا تشبه غيرها، تنقله من عالم إلى آخر وكأنه يقوم بزيارة سوريالية».
وبخلفية الإعلامية الناجحة استطاعت يمنى شري أن تكون فكرة واضحة عن المجال الفني وكواليسه. وتقول: «اليوم صرت أقرب من هذه الكواليس لا بل أشكل أحد أركانها. وعندما أتابع عملا دراميا استمتع بتفاصيله الصغيرة والكبيرة، لأنني أستذكر معه كل ما كان يجري في الكواليس، ونحن نحضر لهذا المشهد أو ذاك».
وهل صرت اليوم تتقبلين الفوقية عند بعض النجوم وتتفهمينها بعد أن عرفت المراحل التي يمرون بها؟ ترد: «أعتقد أن الممثل اللبناني مظلوم في مكان ما، وبعيد عن الشهرة والإنتاجات الكبرى. ولكن ما أستطيع تأكيده هو أن التفوق والنجاح لا يمكن استيعابهما من جميع الناس. ويكذب من يدعي أنه كان يعلم ويتوقع مسبقا بنجاحاته. فالإنسان الصادق هو القلق دائما على نتائج عمله في الفن عامة، والغبي هو من يعتقد العكس. البعض لا يحسن التصرف عندما ينجح وأنا كنت واحدة منهم. كما أن محيط الفنان بشكل عام يلعب دورا أساسيا في كيفية تلقف الفنان لنجاحه، لأنه يمكن أن يغرقه بمتاهات الثناء والتبجيل فيضيع توازنه. ولذلك أقول إن الذكي هو من يستطيع استدراك الأمر، فيبقي قدميه على الأرض ويتقرب من الناس بعيدا عن إحساس التفوق الذي قد يجعله يخسر الكثير».
وعن تجربتها في مسلسل «هند خانم» تقول: «لا أملك الكلام كله الذي يعبر عن تجربتي هذه. فهو لم يكن مجرد عمل درامي شاركت فيه، بل وقفة مع الذات. كل لحظة تصوير وتحضير، حفرت في ذاكرتي، سيما وأن الظروف التي رافقته لم تكن مألوفة. فهذا العمل استغرق نحو العام لإنجازه، وخلاله عشنا تجارب مختلفة بدءا من اندلاع الثورة والمظاهرات وقطع الطرقات، مرورا بجائحة «كورونا» والتوتر الذي ساد إيقاع حياتنا بسببها. فكنت أصل موقع التصوير وأنا في حالة يرثى لها لشدة القلق من واقع لا نعرف طبيعة نهايته، ولا المصير المستقبلي الذي يحمله لنا.
حتى في لحظة انفجار مرفأ بيروت كنت في موقع التصوير ونجيت بفارق لحظات. كنت أهم في مغادرة الموقع عندما التقيت بأحد العاملين وتناولنا فنجاة قهوة ومن ثم دخلنا غرفة المونتاج والتهينا بمتابعة مشاهد من المسلسل. كل ذلك أخرني عن التوجه إلى منزلي الواقع في منطقة تماس مع الانفجار. يكفي أنني من خلال هذا المسلسل اكتشفت شجاعة في داخلي كنت أجهلها وواجهت تحديات لم يخطر على بالي اجتيازها».
لا تتابع يمنى شري أعمالا درامية غير «هند خانم» وتقول: «كنا لا نزال نقوم بعملية التصوير حتى أيام قليلة وهو ما لم يسمح لي بمشاهدة ما يعرض من أعمال درامية على الشاشة. ولكن تصلني الأصداء عن بعضها وهي جيدة. وأنا كغيري من اللبنانيين أنتظر أعمالا مستقبلية ستعرض على الشاشة الصغيرة».
وتصف نفسها بأنها مشاهدة متطلبة وتقول: «كمشاهدة لا أحضر أي عمل بعفوية بل أقف عند كل شاردة وواردة ولا سيما في مسلسلات أشارك فيها. فأنتقد نفسي بقساوة وهذا هو سري فأتحدث مع نفسي وأطالبها بالمزيد من الجهد، وما إلى هنالك مما يطور موهبتي. ولحسن حظي ما تابعته حتى اليوم أنا راضية عنه بالتمام».
وعن بطلي المسلسل تقول: «إنها المرة الأولى التي أقف فيها إلى جانب ورد الخال. فاكتشفت موهبتها عن قرب. فالتمثيل يجري في عروقها وتملك حسا حرفيا عاليا لا يمكن الاستهانة به أبدا، فكانت تذهلني في كل مرة أشاهدها تمثل. أنها نجمة حقيقية». وعن خالد القيش بطل العمل تقول: «ممثل رائع على الصعيدين الشخصي والمهني. فهو أنيق وخفيف الظل وقريب من الناس ومحترف له قاعدة شعبية كبيرة. كما لا يمكنني أن أنسى دور الممثل وسام صباغ الذي يتألق بشكل كبير، وكذلك باقي أفراد العمل، وخصوصا ماتيو شوفاني الذي لفتني بأدائه الجيد».
وبالنسبة للساحة الإعلامية تقول: «الإعلام سيأخذ منحى مغايرا تماما في السنوات المقبلة. وما سنعيشه إعلاميا في المستقبل لن يشبه ما قبله. وعلينا أن نتحلى كإعلاميين بقوة التماهي مع التغييرات هذه. فنكون سريعي التأقلم وأقوياء وشجعان ونستوعب أن ما نمر به اليوم مجرد غيمة وستزاح قريبا».
وعن الدور الذي تتمنى لعبه يوما، توضح: «تجربتي في «هند خانم» فتحت أمامي آفاقا تمثيلية كثيرة، وأعتقد أن مشاركتي في عمل كوميدي سيكون ممتعا، خصوصا إذا كانت ورد الخال شريكتي فيه».



إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
TT

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})

لا يمكنك أن تتفرّج على كليب أغنية «حبّك متل بيروت» للفنانة إليسا من دون أن تؤثر بك تفاصيله. فمخرج العمل إيلي فهد وضع روحه فيه كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»، ترجم كل عشقه للعاصمة بمشهديات تلامس القلوب. أشعل نار الحنين عند المغتربين عن وطنهم. كما عرّف من يجهلها على القيمة الإنسانية التي تحملها بيروت، فصنع عملاً يتألّف من خلطة حب جياشة لمدينة صغيرة بمساحتها وكبيرة بخصوصيتها.

ويقول في سياق حديثه: «أعتقد أن المدن هي من تصنع أهلها، فتعكس جماليتهم أو العكس. الأمر لا يتعلّق بمشهدية جغرافية أو بحفنة من العمارات والأبنية. المدينة هي مرآة ناسها. وحاولت في الكليب إبراز هذه المعاني الحقيقية».

تلعب إليسا في نهاية الكليب دور الأم لابنتها {بيروت} (حساب فهد إيلي على {إنستغرام})

من اللحظات الأولى للكليب عندما تنزل إليسا من سلالم عمارة قديمة في بيروت يبدأ مشوار المشاهد مع العاصمة. لعلّ تركيز فهد على تفاصيل دقيقة تزيح الرماد من فوق الجمر، فيبدأ الشوق يتحرّك في أعماقك، وما يكمل هذه المشهدية هو أداء إليسا العفوي، تعاملت مع موضوع العمل بتلقائية لافتة، وبدت بالفعل ابنة وفيّة لمدينتها، تسير في أزقتها وتسلّم على سكانها، وتتوقف لبرهة عند كل محطة فيها لتستمتع بمذاق اللحظة.

نقل فهد جملة مشاهد تؤلّف ذكرياته مع بيروت. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» كيف استطاع سرد كل هذه التفاصيل في مدة لا تزيد على 5 دقائق، يرد: «حبي لبيروت تفوّق على الوقت القليل الذي كان متاحاً لي لتنفيذ الكليب. وما أن استمعت للأغنية حتى كانت الفكرة قد ولدت عندي. شعرت وكأنه فرصة لا يجب أن تمر مرور الكرام. أفرغت فيه كل ما يخالجني من مشاعر تجاه مدينتي».

من كواليس التصوير وتبدو إليسا ومخرج العمل أثناء مشاهدتهما إحدى اللقطات من الكليب (فهد إيلي)

يروي إيلي فهد قصة عشقه لبيروت منذ انتقاله من القرية إلى المدينة. «كنت في الثامنة من عمري عندما راودني حلم الإخراج. وكانت بيروت هي مصدر إلهامي. أول مرة حطّت قدمي على أرض المدينة أدركت أني ولدت مغرماً بها. عملت نادلاً في أحد المطاعم وأنا في الـ18 من عمري. كنت أراقب تفاصيل المدينة وسكانها من نوافذ المحل. ذكرياتي كثيرة في مدينة كنت أقطع عدداً من شوارعها كي أصل إلى مكان عملي. عرفت كيف يستيقظ أهاليها وكيف يبتسمون ويحزنون ويتعاونون. وهذا الكليب أعتبره تحية مني إلى بيروت انتظرتها طويلاً».

لفت ايلي فهد شخصية إليسا العفوية (حسابه على {إنستغرام})

يصف إيلي فهد إليسا بالمرأة الذكية وصاحبة الإحساس المرهف. وهو ما أدّى إلى نجاح العمل ورواجه بسرعة. «هذا الحب الذي نكنّه سوياً لبيروت كان واضحاً. صحيح أنه التعاون الأول بيني وبينها، ولكن أفكارنا كانت منسجمة. وارتأيت أن أترجم هذا الحبّ بصرياً، ولكن بأسلوب جديد كي أحرز الفرق. موضوع المدينة جرى تناوله بكثرة، فحاولت تجديده على طريقتي».

تبدو إليسا في الكليب لطيفة وقريبة إلى القلب وسعيدة بمدينتها وناسها. ويعلّق فهد: «كان يهمني إبراز صفاتها هذه لأنها حقيقية عندها. فالناس لا تحبها عن عبث، بل لأنها تشعر بصدق أحاسيسها». ويضعنا فهد لاشعورياً في مصاف المدن الصغيرة الدافئة بعيداً عن تلك الكبيرة الباردة. ويوضح: «كلما كبرت المدن خفت وهجها وازدادت برودتها. ومن خلال تفاصيل أدرجتها في الكليب، برزت أهمية مدينتي العابقة بالحب».

لقطة من كليب أغنية "حبّك متل بيروت" الذي وقعه إيلي فهد (حسابه على {إنستغرام})

كتب الأغنية الإعلامي جان نخول ولحّنها مع محمد بشار. وحمّلها بدوره قصة حب لا تشبه غيرها. ويقول فهد: «لقد استمتعت في عملي مع هذا الفريق ولفتتني إليسا بتصرفاتها. فكانت حتى بعد انتهائها من تصوير لقطة ما تكمل حديثها مع صاحب المخبز. وتتسامر مع بائع الأسطوانات الغنائية القديمة المصنوعة من الأسفلت». ويتابع: «كان بإمكاني إضافة تفاصيل أكثر على هذا العمل. فقصص بيروت لا يمكن اختزالها بكليب. لقد خزّنت الكثير منها في عقلي الباطني لاشعورياً. وأدركت ذلك بعد قراءتي لتعليقات الناس حول العمل».

في نهاية الكليب نشاهد إليسا تمثّل دور الأم. فتنادي ابنتها الحاملة اسم بيروت. ويوضح فهد: «الفكرة هذه تعود لإليسا، فلطالما تمنت بأن ترزق بفتاة وتطلق عليها هذا الاسم». ويختم إيلي فهد متحدثاً عن أهمية هذه المحطة الفنية في مشواره: «لا شك أنها فرصة حلوة لوّنت مشواري. وقد جرت في الوقت المناسب مع أنها كانت تراودني من قبل كثيراً».