«الوطد» التونسي يتهم «النهضة» بمحاولة وضع يدها على القضاء

بهدف تأمين إفلات عدد من قياداتها من العقاب... وعلى رأسهم الغنوشي

TT

«الوطد» التونسي يتهم «النهضة» بمحاولة وضع يدها على القضاء

أفاد حزب «الوطنيين الديمقراطيين الموحد» (الوطد) في بيان له مساء أول من أمس، أن أعضاء من المجلس الأعلى للقضاء التونسي، محسوبين على حركة النهضة الإسلامية، بصدد ممارسة ضغوطات ومساومات على المجلس خلال اجتماعه الذي عقد يوم الثلاثاء، وبالخصوص على رئيسه بهدف إجباره على مراجعة القرار، الذي اتخذه بإعفاء البشير العكرمي من منصب وكيل للجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس.
واعتبر حزب «الوطد» في بيانه أن هذه الممارسات تؤكد مرة أخرى إصرار حركة النهضة على وضع يدها على القضاء لتأمين إفلات عدد من قياداتها من العقاب، وعلى رأسهم راشد الغنوشي، بعد اتهامهم في عدد من القضايا، وفي مقدمتها قضايا الجهاز السري للحركة، واغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، بحسب تقرير بثته جريدة «الجمهورية» التونسية أمس.
وندد الحزب بهذه «المساعي المحمومة» التي تهدد استقلالية القضاء، معربا عن دعمه لكل أعضاء المجلس الأعلى للقضاء «في الدفاع عن استقلال القضاء والمتصدين لمحاولات توظيفه وتركيعه».
وكانت هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي قد اتهمت في ندوة صحافية عقدتها بالعاصمة سابقا وكيل الجمهورية السابق بـ«محكمة تونس 1» بشير العكرمي، «بتعطيل الملف للتغطية على راشد الغنوشي وبعض المقربين منه باستعمال كل الخزعبلات القانونية» حسب تعبيرهم. كما أعلنت هيئة الدفاع خلال هذه الندوة أنها نجحت في تحويل ملف الاغتيال من «محكمة تونس 1» إلى محكمة أريانة بقرار من محكمة التعقيب في، و«تخليص الملف من سيطرة العكرمي، ومن كافة التعطيلات التي قام بها وقيد بها قاضي التحقيق المتعهد بالملف».
من جهة ثانية، أصدرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بيانا، قالت فيه إنها قررت تعليق مفاوضاتها مع رئاسة الحكومة. مشيرة إلى أن رئاسة الحكومة «تواصل سياسة المماطلة وعدم الجدية في التعامل مع الملفات المطروحة للمفاوضات مع النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين».
وأشار البيان إلى أنه بعد تدخل من المستشارة الإعلامية لهشام المشيشي، أول من أمس، لتحديد تمثيلية الوفد النقابي المفاوض مع الحكومة في ملف الإعلام المصادر، وممارستها الرقابة على تدوينات الصحافيين على مواقع التواصل الاجتماعي وبناء مواقفها على ذلك، يهم النقابة الوطنية للصحافيين أن تعلن عن انسحاب الوفد النقابي من الاجتماع قبل انطلاقه، وتعليقه للمفاوضات مع رئاسة الحكومة إلى حين تغيير منهجها التفاوضي المعتمد، ورفضها لسياسة الحكومة «المعتمدة على الابتزاز، وربح الوقت في تعاملها مع الملفات المطروحة»، داعية الطرف الحكومي إلى الإيفاء بتعهداته السابقة، والنشر الفوري للاتفاقية الإطارية المشتركة، دون قيد أو شرط.
واعتبرت النقابة أن المماطلة في نشرها ضرب لالتزامات الدولة وتعهداتها وتواطؤ منها مع أرباب العمل في إهانة الصحافيين وتهميشهم وتفقيرهم.
كما دعوته إلى إعادة مشروع القانون الأساسي لحرية الاتصال السمعي البصري إلى البرلمان، دون المس من مضمونه، أو التلاعب ببعض فصوله حسب أهواء سياسية.
كما حذرت النقابة من التعيينات المشبوهة على رأس مؤسسات الإعلام العمومي والمصادر، ودعت الحكومة إلى اعتماد الشفافية والوضوح في التعيينات، والإسراع في إلحاق إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم بالإعلام العمومي، مع وضع استراتيجية واضحة في التعامل مع المؤسسات الإعلامية المصادرة، التي تعاني من تدهور ومديونية مما عطل إعادة الهيكلة ومسار التفويت فيها. علاوة الشروع الفوري في إصلاح شامل وعميق لمؤسسات الإعلام العمومي، عبر تسوية الوضعيات الهشة في كل من مؤسسات الإذاعة والتلفزة ووكالة تونس أفريقيا للأنباء، وفتح باب الترشحات لمنصب رئيس مدير عام لمؤسسة الإذاعة التونسية.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».