السودان يحرر أسعار الوقود لمعالجة أزمات الشح والتهريب

قيمة الجنيه تشهد تدنياً أمام العملات الأجنبية في السوق الحرة

أقرت الحكومة السودانية تعريفة جديدة للمحروقات بأثر فوري بدءاً من مساء الثلاثاء (رويترز)
أقرت الحكومة السودانية تعريفة جديدة للمحروقات بأثر فوري بدءاً من مساء الثلاثاء (رويترز)
TT

السودان يحرر أسعار الوقود لمعالجة أزمات الشح والتهريب

أقرت الحكومة السودانية تعريفة جديدة للمحروقات بأثر فوري بدءاً من مساء الثلاثاء (رويترز)
أقرت الحكومة السودانية تعريفة جديدة للمحروقات بأثر فوري بدءاً من مساء الثلاثاء (رويترز)

واصلت الحكومة السودانية التقدم في سياسة رفع الدعم عن الوقود، حيث أقرت تعريفة جديدة للبنزين والغازولين (السولار) بأثر فوري بدءاً من مساء الثلاثاء، ما يتوقع أن ينعكس في ارتفاع كبير بأسعار غالبية السلع والنقل العام والتجاري، فيما لا تزال قيمة الجنيه السوداني تشهد تدنياً أمام العملات الأجنبية في السوق الحرة.
واعتمدت وزارة النفط 120 جنيهاً سودانياً للتر البنزين الحر، ما يعادل دولارين بسعر الصرف الرسمي لـ«بنك السودان المركزي»، ونصف دولار في السوق الموازية (السوداء)، فيما بلغ سعر لتر البنزين المدعوم من الدولة 56 جنيهاً. وحددت سعر الغازولين المدعوم (الخدمي) عند 46 جنيهاً، و106 جنيهات لسعر الغازولين الحر.
وتعدّ هذه الزيادات كبيرة في وقت يواجه فيه السودانيون ظروفاً معيشية صعبة ونقصاً كبيراً في دقيق الخبز والوقود.
وكانت وزارة المالية منحت الشركات التجارية تصاديق لاستيراد الوقود وبيعه بسعر السوق الحرة، فيما تظل الشركات التابعة للحكومة على البيع بالسعر المدعوم من الدولة.
وأوضح وزير الطاقة والتعدين المكلف، خيري عبد الرحمن، أن الأسعار الجديدة اعتُمدت بقرار من وزارة المالية استناداً إلى الموازنة المعدلة لعام 2020، من أجل تحقيق الوفرة ومعالجة أزمات الشح والندرة.
وستخضع الأسعار الجديدة لمراجعة أسبوعية بواسطة لجنة مشتركة تضم في عضويتها ممثلين للمستوردين و«المالية»، واعتماد السعر الجديد سيكون وفقاً للسعر العالمي هبوطاً وصعوداً. ويقول الخبير الاقتصادي، محمد الناير، إن «حكومة الفترة الانتقالية أخطأت بتحريك أسعار المحروقات، عبر تجفيف الوقود المدعوم ليصبح كله بالسعر التجاري الحر»، متوقعاً «ردود فعل كبيرة لعدم الشفافية مع المواطن».
ويضيف أن «عدم تحديد سعر الصرف يجبر الحكومة على الاستمرار في رفع الدعم، في ظل تدني قيمة العملة الوطنية لأدنى مستوياتها وارتفاع معدل التضخم إلى 212 في المائة».
وأوضح أن «زيادات الأسعار الجديدة تجاوزت 95 في المائة للوقود المدعوم، ونحو 238 في المائة للوقود الحر، وسيؤدي ذلك إلى تصاعد أسعار المواصلات والنقل المربوط بحركة التجارة، ينتج عنه تعطل الإنتاج لارتفاع التكلفة، وتفقد المنتجات السودانية الأسواق الداخلية والخارجية».
وأشار الناير إلى أن «شركات القطاع الخاص العاملة في الوقود ستتجه لشراء الدولار من السوق السوداء؛ الأمر الذي يؤدي إلى تدهور الجنيه السوداني».
وتعارض أحزاب التحالف الحاكم بشدة امتثال الحكومة لسياسات البنك الدولي باستمرارها في رفع الدعم عن المحروقات أو ما تطلق عليه «ترشيد الدعم»، وذلك لأثرها السلبي على الأوضاع المعيشية للمواطنين، في ظل الأزمة الاقتصادية المستحكمة في البلاد.
وكانت وزيرة المالية، هبة أحمد علي، أشارت في وقت سابق إلى أن أبرز التحديات التي تواجه الحكومة في الوقت الحالي، تعديل سعر الصرف الرسمي؛ ما عدّه خبراء اقتصاديون أن الحكومة ماضية في اتجاه تعويم سعر الجنيه للوصول للسعر الحقيقي.
وقال متعامل في السوق الموازية للعملات الأجنبية، لـ«الشرق الأوسط»، إن سعر التداول بلغ 230 جنيهاً للدولار الواحد، مشيراً إلى أن الجنيه يعاود الانخفاض مجدداً بعد تحسن طفيف شهده الأسبوع الماضي متأثراً بقرار إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وتوقع المتعامل، الذي فضل حجب اسمه نتيجة لملاحقات السلطات لتجار العملة، أن يواصل الجنيه انخفاضه خلال الفترة المقبلة، خصوصاً بعد زيادات أسعار الوقود، حيث إن غالبية التجارة الصغيرة تعتمد على السوق السوداء.
وتسعى الحكومة برفع الدعم عن الوقود لإيقاف حركة التهريب لدول الجوار، والتي تقدر نسبتها بـ40 في المائة من مخزون البلاد.



نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)

قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يوم الجمعة، عقب اجتماع روسيا و«أوبك»، إن سوق النفط العالمية متوازنة بفضل تحركات دول «أوبك بلس» والالتزام بالحصص المقررة.

وأضاف نوفاك بعد اجتماعه مع الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص في موسكو، إن دول «أوبك بلس»، التي تضخ نحو نصف إنتاج النفط العالمي، تتخذ كل القرارات اللازمة للحفاظ على استقرار السوق.

وقال نوفاك: «بينما نناقش الوضع والتوقعات اليوم، يخلص تقييمنا إلى أن السوق في الوقت الحالي متوازنة. يرجع الفضل في ذلك في الأساس إلى تحركات دول (أوبك بلس)، والإجراءات المشتركة للامتثال للحصص والتعهدات الطوعية من دول في (أوبك بلس)».

ويأتي ذلك في وقت تستعد فيه «أوبك بلس»، التي تضم منظمة البلدان المُصدّرة للبترول (أوبك) وحلفاء من بينهم روسيا، لعقد اجتماع في الأول من ديسمبر (كانون الأول).

وفي الأسواق، تراجعت أسعار النفط قليلا يوم الجمعة، لكنها اتجهت إلى تسجيل زيادة أسبوعية بنحو أربعة في المائة مع احتدام الحرب الأوكرانية، بعد تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أنها قد تتحول إلى صراع عالمي.

وبحلول الساعة 12:39 بتوقيت غرينتش، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 34 سنتا أو 0.46 في المائة إلى 73.89 دولار للبرميل. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 36 سنتا أو 0.51 في المائة إلى 69.74 دولار للبرميل. وزاد الخامان اثنين في المائة يوم الخميس، وكان من المتوقع أن يسجلا مكاسب أسبوعية بنحو أربعة في المائة، وذلك في أفضل أداء من نوعه منذ أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقال بوتين يوم الخميس إن الحرب في أوكرانيا تتحول إلى صراع عالمي بعدما سمحت الولايات المتحدة وبريطانيا لأوكرانيا بضرب العمق الروسي بأسلحة مقدمة من البلدين. وأضاف أن روسيا ردت بإطلاق نوع جديد من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى على منشأة عسكرية أوكرانية، محذرا الغرب من أن موسكو قد تتخذ مزيدا من الإجراءات.

وتعد روسيا من بين أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، حتى مع انخفاض الإنتاج بعد حظر الاستيراد المرتبط بغزوها لأوكرانيا وقيود الإمدادات التي تفرضها مجموعة «أوبك بلس». وقالت روسيا هذا الشهر إنها أنتجت حوالي تسعة ملايين برميل من الخام يوميا.

لكن بيانات مخزونات الخام الأميركية حدت من المكاسب. فقد تأثرت الأسعار بارتفاع مخزونات الخام الأميركية 545 ألف برميل إلى 430.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة توقعات المحللين.

وأعلنت الصين يوم الخميس عن إجراءات في السياسات لتعزيز التجارة منها دعم واردات منتجات الطاقة وسط مخاوف بشأن تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية.

ومن جانبه، قال بنك غولدمان ساكس في مذكرة إنه يتوقع أن يبلغ متوسط ​​سعر خام برنت نحو 80 دولارا للبرميل هذا العام، رغم العجز في المعروض في 2024 والغموض الجيوسياسي، مشيرا إلى فائض متوقع قدره 0.4 مليون برميل يوميا العام المقبل.

وأضاف في المذكرة مساء الخميس: «توقعنا الرئيسي هو أن يظل برنت في نطاق 70 إلى 85 دولارا، مع قدرة إنتاج فائضة عالية تحد من ارتفاع الأسعار، فيما تحد مرونة أسعار (أوبك) وإمدادات النفط الصخري من انخفاض الأسعار».

ويتوقع البنك مخاطر قد تدفع أسعار برنت للصعود على المدى القريب، مع احتمال ارتفاع الأسعار إلى نطاق 85 دولارا في النصف الأول من عام 2025 إذا انخفض المعروض من إيران بمقدار مليون برميل يوميا بسبب فرض عقوبات أكثر صرامة.

وأوضح البنك أن مخاطر الأسعار على المدى المتوسط تميل إلى الجانب السلبي نظرا للطاقة الإنتاجية الاحتياطية المرتفعة. وقال: «في حين أن هناك طاقة احتياطية وفيرة في إنتاج النفط، فإننا نتوقع أن يظل التكرير قليلا للغاية، وأن تتعافى هوامش البنزين والديزل بشكل أكبر».

وأبقى البنك على توقعاته بأن يبلغ متوسط ​​سعر خام برنت 76 دولارا للبرميل في عام 2025، لكنه خفض توقعاته لعام 2026 إلى 71 دولارا للبرميل في ظل فائض قدره 0.9 مليون برميل يوميا.

ويتوقع «غولدمان ساكس» أن يستمر الطلب على النفط في النمو لعقد آخر، مدفوعا بارتفاع الطلب الإجمالي على الطاقة إلى جانب نمو الناتج المحلي الإجمالي واستمرار وجود تحديات في إزالة الكربون من قطاعي الطيران والمنتجات البتروكيماوية.