«الشفافية الدولية» تتهم بنوكاً أوروبية كبرى بالتهرب من الضرائب

مطالبات بسياسة ضريبية موحدة

ظهر اسم بنك «إتش إس بي سي» على لائحة البنوك الأوروبية التي تقول منظمة الشفافية الدولية  إنها تستخدم الملاذات الضريبية أو وسائل التهرب الضريبي (أ.ف.ب)
ظهر اسم بنك «إتش إس بي سي» على لائحة البنوك الأوروبية التي تقول منظمة الشفافية الدولية إنها تستخدم الملاذات الضريبية أو وسائل التهرب الضريبي (أ.ف.ب)
TT

«الشفافية الدولية» تتهم بنوكاً أوروبية كبرى بالتهرب من الضرائب

ظهر اسم بنك «إتش إس بي سي» على لائحة البنوك الأوروبية التي تقول منظمة الشفافية الدولية  إنها تستخدم الملاذات الضريبية أو وسائل التهرب الضريبي (أ.ف.ب)
ظهر اسم بنك «إتش إس بي سي» على لائحة البنوك الأوروبية التي تقول منظمة الشفافية الدولية إنها تستخدم الملاذات الضريبية أو وسائل التهرب الضريبي (أ.ف.ب)

أظهر تقرير صادر عن منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية أن الكثير من البنوك الأوروبية تستخدم الملاذات الضريبية أو وسائل التهرب الضريبي. وحسب مسح شمل 39 بنكاً كبيراً في أوروبا، ونشرت المنظمة نتائجه مساء أول من أمس (الثلاثاء)، فإن أكثر من ثلاثة أرباع هذه البنوك «تعمل بشكل مستمر في الدول التي توفر معاملة ضريبية تفضيلية، وفي الملاذات التي لا تفرض أي ضرائب».
وتضم القائمة بنوكاً كبرى مثل «إتش إس بي سي» البريطاني و«بي إن بي باريبا» و«كريدي أغريكول» الفرنسيين و«دويتشه بنك» الألماني.
وذكرت منظمة الشفافية الدولية أن ما يقرب من 10% من أنشطة البنوك في مختلف أنحاء العالم خلال الفترة التي شملها التحقيق من 2015 إلى 2019 «لم تخضع للضرائب».
في الوقت نفسه، فإن 29 مؤسسة مالية على الأقل تعلن تحقيق أرباح عالية في الدول أو المناطق التي لا تفرض عليها ضرائب ولا يوجد بها موظفون لها، وهو ما يراه معدو التقرير إشارة إلى تحويل هذه المؤسسات أرباحها إلى تلك الأنظمة.
وفي حين يصدر الاتحاد الأوروبي بشكل دوري قائمة سوداء بأسماء الدول والمناطق من خارج الاتحاد والتي تجذب الشركات والمؤسسات إليها من خلال منحها مزايا ضريبية غير عادلة، فإن هناك دولاً في الاتحاد الأوروبي تمارس نفس الممارسات مثل آيرلندا ولوكسمبورغ ومالطا.
وحسب تقرير لـ«يورو نيوز»، تختفي عشرات المليارات من اليورو كل عام من الخزائن المالية الأوروبية بسبب السياسات الضريبية الصارمة. ومع ذلك، ففي هذه الظروف المرافقة للأزمة الصحية التي يمر بها العالم، فإن هذه الأموال تعد أكثر من ضرورية للدول الأعضاء من أجل إنعاش النشاط الاقتصادي وتحفيز مجرياته.
وأشار التقرير إلى أن البرلمان الأوروبي يجب أن ينتهز هذه الفرصة لزيادة تنظيم الضرائب المفروضة على الشركات الكبرى. ويقول النائب في البرلمان الأوروبي، بول تانغ: «يجب أن يدفع الجميع نصيبهم من الضرائب وبشكل عادل، هذا مبدأ أساسي، ولكن يوجد أمر غير عادل يسري اليوم في ظل الوضع الحالي، أنا وأنت ندفع الضرائب، ومعظم الشركات تدفع الضرائب، ولكن الشركات متعددة الجنسيات لا تدفع الضرائب، وهذا يشمل كبرى 5 شركات في العالم و5 شركات تكنولوجيا أميركية».
وتستخدم هذه الشركات الأميركية والأوروبية أيضاً، القنوات القانونية لخفض ضرائبها. وبالتالي فهي تستغل الثغرات القانونية حين يتعلق الأمر بدفع الضرائب؛ لكنّ هذه الشركات تعتمد أيضاً على سياسات ضريبية محفّزة تطبّقها الدول الأعضاء. وبالنسبة لأعضاء البرلمان الأوروبي، هذه ساحة معركة أساسية وموضوع مثير للنقاش فعلاً.
يعتقد تانغ أنه «يجب أن نحارب التهرب الضريبي، حيث يستخدم بعض الدول داخل الاتحاد الأوروبي هذه الأداة حقاً. نضرب مثالاً هنا بلوكسمبورغ وآيرلندا وبالطبع في بلدي هولندا. البرلمان هو المؤسسة الوحيدة التي تجرأت للحديث عن هذه الدول الأعضاء بوصفها تقوم بتسهيل اعتماد سياسة ضريبية تخدم الشركات ومَن هم أكثر ثراء».
وفقاً لمؤشر الملاذ الضريبي للعام الماضي، تحتل هولندا المرتبة الأولى في الاتحاد الأوروبي، تليها لوكسبورغ وآيرلندا. وتعد آيرلندا وهولندا وبرمودا من الملاذات الضريبية الشهيرة للعديد من الشركات حول العالم، نظراً للمعاملة التفضيلية التي تقدمها لبعض الشركات الكبرى بفرض معدلات ضريبة متدنية للغاية.



التوترات الانتخابية تُعقد خيارات «الفيدرالي»... خفض مرتقب للفائدة رغم الغموض

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

التوترات الانتخابية تُعقد خيارات «الفيدرالي»... خفض مرتقب للفائدة رغم الغموض

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع أن يقوم مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي»، يوم الخميس، بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي للمرة الثانية على التوالي؛ استجابةً للتباطؤ المستمر في ضغوط التضخم، التي أثارت استياء كثير من الأميركيين وأسهمت في فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية.

ومع ذلك، أصبحت تحركات «الاحتياطي الفيدرالي» المستقبلية غامضةً بعد الانتخابات، نظراً لأن مقترحات ترمب الاقتصادية يُنظر إليها، على نطاق واسع، على أنها قد تسهم في زيادة التضخم. كما أن انتخابه أثار احتمالية تدخل البيت الأبيض في قرارات السياسة النقدية لـ«الاحتياطي الفيدرالي»، حيث صرّح سابقاً بأنه يجب أن يكون له صوت في اتخاذ قرارات البنك المركزي المتعلقة بسعر الفائدة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

ولطالما حافظ «الاحتياطي الفيدرالي» على مكانته بوصفه مؤسسةً مستقلةً قادرةً على اتخاذ قرارات صعبة بشأن معدلات الاقتراض بعيداً عن التدخل السياسي. مع ذلك، وخلال ولايته الرئاسية السابقة، انتقد ترمب علناً رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، بعدما قام البنك برفع سعر الفائدة لمكافحة التضخم، وقد يعيد ذلك الانتقاد مجدداً.

ويضيف الوضع الاقتصادي بدوره مزيداً من الغموض، حيث تظهر مؤشرات متضاربة؛ فالنمو لا يزال مستمراً، لكن التوظيف بدأ يضعف. على الرغم من ذلك، استمرّ إنفاق المستهلكين في النمو بشكل صحي، ما يثير المخاوف من أن خفض سعر الفائدة قد لا يكون ضرورياً، وأن القيام به قد يؤدي إلى تحفيز الاقتصاد بشكل مفرط، وربما إلى تسارع التضخم من جديد.

وتمثل الأسواق المالية تحدياً إضافياً لـ«الاحتياطي الفيدرالي»، فقد دفعت تحركات المستثمرين عوائد سندات الخزانة الأميركية إلى الارتفاع بشكل حاد منذ أن خفَّض البنك الفيدرالي سعر الفائدة في سبتمبر (أيلول). ونتجت عن ذلك زيادة في تكاليف الاقتراض في مختلف جوانب الاقتصاد، مما قلل من الأثر الذي كان من المتوقع أن يستفيد منه المستهلكون بتخفيض البنك أسعار الفائدة بنصف نقطة.

على سبيل المثال، انخفض معدل الرهن العقاري الأميركي لمدة 30 عاماً خلال الصيف، عندما أشار «الاحتياطي الفيدرالي» إلى نيته خفض سعر الفائدة، لكنه ارتفع مجدداً بمجرد تنفيذ البنك لتخفيض سعر الفائدة الرئيسي.

ويرتفع سعر الفائدة عموماً؛ نتيجة لتوقعات المستثمرين بزيادة التضخم، وارتفاع العجز في الموازنة الفيدرالية، ونمو اقتصادي أسرع تحت قيادة ترمب. وقد شهدت الأسواق ما وُصف بـ«ترمب ترايد»، حيث قفزت أسعار الأسهم يوم الأربعاء، وارتفعت قيمتا البتكوين والدولار. وكان ترمب قد أشار إلى العملات المشفرة خلال حملته الانتخابية، ومن المتوقع أن يستفيد الدولار من ارتفاع سعر الفائدة، ومن زيادات التعريفات الجمركية المقترحة من قبل الرئيس المنتخب.

وتشمل خطة ترمب فرض تعريفة لا تقل عن 10 في المائة على جميع الواردات، إلى جانب زيادات كبيرة في الضرائب على السلع الصينية، وتنفيذ عمليات ترحيل جماعي للمهاجرين غير الشرعيين، مما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم بشكل شبه مؤكد، ويجعل من غير المرجح أن يواصل «الاحتياطي الفيدرالي» خفض سعر الفائدة الرئيسي. وقد تراجع التضخم السنوي وفقاً للمؤشر المفضِّل لدى البنك الفيدرالي إلى 2.1 في المائة في سبتمبر.

ويُقدِّر الاقتصاديون في «غولدمان ساكس» أن تدفع تعريفة ترمب المقترحة بنسبة 10 في المائة، إلى جانب ضرائبه على الواردات الصينية والسيارات من المكسيك، التضخمَ للعودة بين نحو 2.75 في المائة و3 في المائة بحلول منتصف عام 2026.

ومن المتوقع أن يتسبب هذا الارتفاع في التضخم في تقويض تخفيضات أسعار الفائدة المستقبلية التي أشار إليها «الاحتياطي الفيدرالي» في سبتمبر. ففي ذلك الاجتماع، خفّض صانعو السياسات سعر الفائدة الرئيسي بنصف نقطة إلى نحو 4.9 في المائة، وأعلنوا توقعهم لإجراء تخفيضين إضافيَّين بمقدار رُبع نقطة لاحقاً هذا العام؛ أحدهما يوم الخميس، والآخر في ديسمبر (كانون الأول) - مع توقع 4 تخفيضات إضافية خلال عام 2025.

لكن المستثمرين أصبحوا يرون أن تخفيضات سعر الفائدة خلال العام المقبل باتت غير مرجحة بشكل متزايد، حيث انخفضت احتمالات تخفيض سعر الفائدة في اجتماع يناير (كانون الثاني) المقبل إلى 28 في المائة فقط، بعد أن كانت 41 في المائة يوم الثلاثاء، وقرابة 70 في المائة قبل شهر، وفقاً لأسعار العقود الآجلة التي تتابعها «فيد ووتش».

وقد أدى ارتفاع تكاليف الاقتراض على منتجات مثل الرهون العقارية وقروض السيارات، رغم تخفيض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة الرئيسي، إلى تحدٍّ جديد للبنك المركزي؛ إذ إن محاولته لدعم الاقتصاد عبر خفض تكاليف الاقتراض قد لا تحقق الأثر المرجو إذا استمرّ المستثمرون في رفع معدلات الفائدة طويلة الأجل.

وشهد الاقتصاد نمواً بمعدل سنوي يقل عن 3 في المائة خلال الأشهر الستة الماضية، بينما ارتفع إنفاق المستهلكين - بدعم من مشتريات ذوي الدخل المرتفع - بقوة في الرُّبعين الثالث والرابع.

في المقابل، شهد توظيف الشركات تراجعاً، حيث واجه كثير ممَّن فقدوا وظائفهم صعوبةً في العثور على فرص عمل جديدة. وقد أشار باول إلى أن خفض سعر الفائدة الرئيسي هو جزئياً لتعزيز سوق العمل. لكن إذا استمرَّ النمو الاقتصادي بشكل صحي وارتفع التضخم مجدداً، فسيتعرض البنك المركزي لضغوط متزايدة للحد من تخفيضات سعر الفائدة أو إيقافها.