مظاهرات في إسرائيل تأييداً لترمب

توسيع الاتفاقات العلمية بين واشنطن وتل أبيب لتشمل المستوطنات

TT

مظاهرات في إسرائيل تأييداً لترمب

في الوقت الذي وقّع فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والسفير الأميركي، ديفيد فريدمان، في مستعمرة أرئيل، على توسيع تطبيق اتفاقية التعاون العلمي بين إسرائيل والولايات المتحدة لتشمل المستوطنات القائمة في الضفة الغربية وهضبة الجولان المحتلتين، خرج مئات الإسرائيليين في مظاهرة سيارات ما بين تل أبيب والقدس، تأييداً لانتخاب الرئيس دونالد ترمب لدورة ثانية للرئاسة الأميركية.
وقد رفع المتظاهرون صور ترمب والأعلام الأميركية والإسرائيلية واعتمروا القبعات الحمر والقمصان التي ترمز إلى الحزب الجمهوري، وساروا في 50 سيارة مغطاة بالشعارات التي تعبر عن الشكر على دعم إسرائيل. وقد انطلقت المظاهرة تحت شعار «نعتلي القدس ترمب». وجاء في كتاب الدعوة إليها: «تعالوا نخرج من بيوتنا للتعبير عن شكرنا للرئيس ترمب، أكبر صديق لنا في تاريخ البيت الأبيض، على ما قدمه لإسرائيل بدءاً بنقل السفارة إلى القدس ودعم فرض السيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان والانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وتوقيع السلام مع الإمارات والبحرين».
ووصلت القافلة إلى قصر المندوب السامي ما بين القدس الشرقية والغربية، وهناك خطب رئيس فرع إسرائيل للحزب الجمهوري، مارك تسيل، الذي أعرب عن ثقته بفوز ترمب على بايدن.
وحيّا هذه المبادرة رئيس مجلس المستوطنات، يوسي دغان، الذي كشف أن رؤساء المستوطنات تلقوا رسالة من إدارة حملة ترمب الانتخابية يطلبون منهم فيها دعم المستوطنين له بشكل علني. وقال: «واضح أننا نفضل ترمب، فهو الرجل الذي عمل ويعمل على تعزيز الاستيطان».
وفي مستوطنة أرئيل، القائمة على أراضي نابلس، صرّح نتنياهو، خلال مراسم التوقيع على توسيع الاتفاقية العلمية الإسرائيلية الأميركية، قائلاً: «هذا هو تغير هائل. هذا هو عبارة عن انتصار على جميع المنظمات والدول التي تقاطع يهودا والسامرة (يقصد مستوطنات الضفة الغربية). لن نكف عن العمل من أجل ازدهار هذه المنطقة. اتفاقية التعاون العلمي هامة جداً خاصة في هذه الفترة حين نتعامل مع فيروس كورونا».
وأضاف نتنياهو أن هذا التعديل في الاتفاقيات يشكل تغييراً في السياسة الأميركية، ويعني اعترافاً أميركياً فعلياً بسيادة إسرائيل في الضفة الغربية.
وقال وزير التعليم العالي الإسرائيلي، زئيف إلكين، إن «هذا إنجاز كبير من أجل دفع السيادة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وتعزيز لجامعة أريئيل، وهو يشكل مرحلة أخرى في الطريق إلى اعتراف دولي بحقوقنا ومرحلة أخرى من أجل وقف المقاطعة لجامعة أريئيل».
ومن جانبه، قال فريدمان إن «التعديل في الاتفاقيات لا يشكل اعترافاً أميركياً بسيادة إسرائيل في الضفة الغربية، وإنما غايته زيادة التعاون العلمي بين الدولتين». وأضاف: «إلغاء البنود الجغرافية سيسمح باستثمار أموال من حكومة الولايات المتحدة في مؤسسات البحث والتطوير الإسرائيلية وراء الخط الأخضر. ونحن نصحح اليوم خطأ قديماً».
وفي تفسير لهذه التعديل، قال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون، أمس، إن الاتفاقيات التي جرى تعديلها تتعلق بـ3 صناديق حكومية أميركية - إسرائيلية تستثمر أموالاً في الأبحاث والتطوير في إسرائيل والولايات المتحدة. وتشمل الاتفاقيات الثلاث التي تنظم عمل الصناديق بنداً يقضي بحظر استثمار أموال الصناديق في المستوطنات في الأراضي المحتلة عام 1967. ونتيجة لذلك لم يتم حتى اليوم استثمار أموال من الحكومة الأميركية في الأبحاث والتطوير في مؤسسات التعليم العالي وشركات «هاي تك» في المستوطنات. وبعد هذا التعديل، تمت إزالة البند حول حظر الاستثمار في المستوطنات.
واعتبر أحد المسؤولين هذه الخطوة بمثابة نوع من التعويض لنتنياهو وللمستوطنين عن القرار بتجميد ضم منطقتي غور الأردن وشمال البحر الميت إلى إسرائيل، الذي كانت الإمارات قد وضعته شرطاً لتوقيع معاهدة السلام مع إسرائيل. وقد حاول نتنياهو استخدام هذه الاتفاقية في خلافاته مع قيادة المستوطنين، الذين كانوا يؤيدونه وانتقلوا لتأييد زعيم حزب «يمينا»، نفتالي بنيت. وقد امتنع نتنياهو عن دعوة زعماء المستوطنين الذين تركوه.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.