بنتاعل.. غابة صنوبرية على طريق هجرة الجوارح

أصغر المحميات الطبيعية اللبنانية

محمية بنتاعل الطبيعية
محمية بنتاعل الطبيعية
TT

بنتاعل.. غابة صنوبرية على طريق هجرة الجوارح

محمية بنتاعل الطبيعية
محمية بنتاعل الطبيعية

هي الحديقة الطبيعية الأولى في لبنان وعلى الرغم من اعتبارها أصغر المحميات الطبيعية في بلاد الأرز لكنها الأكثر غنى وتنوعا من الناحية النباتية والحيوانية. ولها أهمية بيئية مميزة كونها تمثل منطقة للتحولات الزراعية المتوسطية.
فعلى سفوح الجبال شمال شرقي مدينة جبيل التاريخية (شمال العاصمة بيروت) - أفضل مدينة سياحية عربية للعام 2013 - تقع غابة صنوبر تشكل محمية بنتاعل الطبيعية، المصنفة عالميا عام 2008 من قبل المجلس العالمي للطيور من بين أهم مواقع الطيور في لبنان.
كل هذا جعل منها موقع اهتمام عشاق علم الطيور ومراقبتها لوقوعها وسط مسارات عدة أنواع من الطيور المهاجرة، الوافدة من أنحاء أوروبا في الخريف والعائدة من أفريقيا في الربيع.
وتحتوي هذه المحمية التي تبلغ مساحتها 5.1 كلم مربع على أكثر من 365 نوعا، عدد مهم جدا مقارنة مع باقي المحميات الطبيعية في لبنان، من بينها 67 نبتة ذات مردود اقتصادي مهم واستعمال طبي، نوعان منها ينفرد بها لبنان أي لا توجد في أي بلد آخر في العالم، كما أنها تضم أنواعا نادرة من الأشجار مما جعلها أبرز حصون الطبيعة وأجمل ملاذ لعشاق السياحة البيئية في لبنان. حيث تشكل شريطا طبيعيا من الشرق إلى الغرب يغطي الجانب الأيمن لنهر بنتاعل على مساحة تبلغ 11هكتارا.
عوامل كثيرة تضافرت في تحويل المحمية إلى وجهة للسياحة البيئية في المنطقة والجوار، أهمها: «تطوير البنية التحتية الملائمة لهذه السياحة وتحسين الخدمات إضافة إلى دورات تدريبية للعناصر البشرية المعنية بالعمل في المحمية حتى من القرى المجاورة».
ويقول رئيس لجنة المحمية المهندس ريمون خوري في حديث لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في مكتبه: «المحمية شهدت تنفيذ بعض البرامج الممولة من وكالات للتنمية الدولية وذلك بين عامي 2010 - 2013. وجميعها كانت منسجمة مع خطتنا الإدارية. الجميع يعمل بجهد بهدف حفظ المحمية تجنبا للمخاطر المحيطة بالغابات. وتقود المحمية أيضا بعض الأبحاث العلمية المرتبطة بحفظ وصون البيئة الطبيعية وتسعى لتكون رائدة في التربية السياحية البيئية».
ويضيف: أن «الهدف الأساسي من إنشاء المحمية الحفاظ على البيئة الطبيعية والنباتية والحيوانية الموجودة فيها، بما يضمن حمايتها من التلوث وعبث الإنسان والتدهور الناتج عن العوامل الطبيعية والحرائق، وتعتبر من الركائز الأساسية في إعادة تكوين نظام بيئي مستدام يخدم سياسة التنمية الريفية».
في عام 1981 أنشئت المحمية بموجب القانون رقم 11 تاريخ 25 فبراير (شباط) 1999 كأول منطقة طبيعية محمية في البلاد لتكون مثالا يحتذى به في المحافظة على جمال الطبيعة في لبنان. وافتتحت رسميا أوائل عام 1987 وتديرها لجنة محمية بنتاعل الطبيعية المؤلفة من 12 شخصا تحت إشراف وزارة البيئة.
هذه المحمية تضم مساحات شاسعة من غابات الصنوبر، وتقع على ارتفاع يتراوح بين 250 و700 متر عن سطح البحر، وعلى بعد 38 كم عن بيروت شمالا و7 كم عن مدينة جبيل شرقا. ويمكن للزوار الوصول إليها عبر مدخلين أولهما: قرب قرية مشحلان، والثاني في أعالي منطقة بنتاعل. وذلك عبر طرق عدة وهي: جبيل – إده – كفر مسحون – بنتاعل، وجبيل – عنايا – بنتاعل.
وردا على سؤال يجيب خوري: «الوقت الأفضل لزيارة المحمية والتمتع بالطقس الربيعي يكون خلال الفترة بين فبراير ومارس، وينبغي على الزائر أن يكون مزودا بحذاء جيد مخصص للتسلق أو المشي وسترة، حقيبة ظهر، عصا للتوكؤ أثناء المشي، قنينة ماء، كاميرا، ومنظار».

* غطاء متغير
أثناء تجولك في ربوع المحمية تستوقفك كثافة أشجار الصنوبر المثمر، التي تنتشر بينها عدة أنواع من شجر السنديان، رمز للقوة تاريخيا نظرا لمتانة أخشابه والقندول والنبق والقطلب، ومجموعات متنوعة من النباتات الصغيرة المستديمة والفصلية. فيما ميزت الأمطار المحمية بصخور رائعة كأنها لوحات ذات أبعاد ومقاييس وألوان مختلفة.
أما الأرض فيكسوها غطاء يتغير مع فصول السنة: «في الشتاء يظهر الفطر، وفي الربيع نبتة بخور مريم تليها أزهار متعددة، فيما يمتاز الصيف برائحة المردكوش والزعتر التي تفوح في كل الأرجاء، وبجمال سحلبيات المحمية وفي الخريف يكثر زهر الخلنج الكوكبي».
ومن بين الطيور الموجودة فيها النسور والصقور، وباز العسل وهو من أكثر الجوارح شيوعا في لبنان والذي تشكل الدبابير ويرقات النحل مصدر غذائه الرئيسي. ويستوطن الغابات ويجنح إلى الخفاء التام. أما الباشق الذي يبني أعشاشه غالبا في أشجار الصنوبر. فيمكن التعرف إليه من صغر حجمه وقصر أجنحته العريضة وذيله الطويل. أما العصافير الصغيرة من شجرة إلى شجرة وتملأ الجو تغريدا. وانتقالا إلى الحيوانات نجد الثعلب، النيص، ابن أوى والسلحفاة.

* هدوء جذاب
واللافت أن بنتاعل - التي تحتضن المحمية - قرية غنية سياحيا حيث يوجد فيها الكثير من الصخور والآثار والمناسك التي تعود لقديم العصور أبرزها: «منسك قديم العهد في محمية بنتاعل يعود إلى 1200 سنة بعد المسيح، ولوحة صخرية فينيقية ترمز إلى التضحية عند الفينيقيين وهي تعود إلى نحو 1500 سنة وتقع على تخوم المحمية. كما يمكن للزائر أن يزور بالقرب من المحمية (1كلم) مصورات جدرانية لكنيسة مار تادروس في منطقة بحديدات».
تشكل رياضة المشي ومراقبة الطيور النشاطين الرئيسيين داخل المحمية ويعود التمتع بهاتين الرياضتين خصوصا إلى الهدوء الذي يسود المكان، مكان من السهل الوصول إليه (45 دقيقة من بيروت) خاصة في فصل الثلوج حيث يصعب الوصول إلى باقي المحميات العالية، وهي موقع مناسب لزيارات طلاب المدارس والجامعات من كل الأعمار حيث يمكن مشاهدة ومعاينة عملية التفاعل بين مختلف الكائنات الحية.
وفي الختام يؤكد خوري أن الرهان يبقى على عنصر الشباب وأجيال المستقبل للحفاظ على ما تبقى من ثروة حرجية في لبنان.



مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تُعوّل مصر على اجتذاب مزيد من السائحين، عبر مشاركتها في فعاليات سياحية دولية، أحدثها «سوق السفر العالمي» (WTM)، التي افتتح خلالها وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، جناح بلاده المُشارك في الدورة الـ43 من المعرض السياحي الدولي، الذي تستمر فعالياته حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بالعاصمة البريطانية لندن.

ووفق فتحي، فإن وزارته تركّز خلال مشاركتها بالمعرض هذا العام على إبراز الأنماط والمنتجات السياحية المتعدّدة الموجودة في مصر، واستعراض المستجدات التي تشهدها صناعة السياحة في مصر.

هدايا تذكارية بالجناح المصري (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، فإن «الجناح المصري المشارك شهد خلال اليوم الأول إقبالاً من الزوار الذين استمتعوا بالأنشطة التفاعلية الموجودة به، والأفلام التي تُبرز المقومات المختلفة والمتنوعة للمقصد السياحي المصري، كما شهد اليوم الأول عقد لقاءات مهنية مع ممثّلي شركات السياحة والمنشآت الفندقية المصرية».

وتشارك مصر هذا العام بجناح يضم 80 مشاركاً، من بينهم 38 شركة سياحة، و38 فندقاً، بالإضافة إلى شركتَي طيران، هما: شركة «Air Cairo»، وشركة «Nesma»، إلى جانب مشاركة محافظتَي البحر الأحمر وجنوب سيناء، وجمعية «الحفاظ على السياحة الثقافية».

وصُمّم الجناح من الخارج على شكل واجهة معبد فرعوني، مع شعار على هيئة علامة «عنخ» (مفتاح الحياة)، في حين صُمّم الجناح من الداخل على شكل صالات صغيرة للاستقبال، بدلاً من المكاتب (Desks).

وتمت الاستعانة بمتخصصين داخل الجناح المصري؛ لكتابة أسماء زائري الجناح المصري باللغة الهيروغليفية على ورق البردي، وبشكل مجاني خلال أيام المعرض، بجانب عازفة للهارب تعزف المقطوعات الموسيقية ذات الطابع الفرعوني.

جانب من الإقبال على جناح مصر في «بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعدّ «سوق السفر العالمي» معرضاً مهنياً، يحظى بحضور كبار منظّمي الرحلات، ووكلاء السياحة والسفر، وشركات الطيران، والمتخصصين في السياحة من مختلف دول العالم.

واقترح فتحي خلال لقائه بوزيرة السياحة اليونانية إمكانية «الترويج والتسويق السياحي المشترك لمنتج السياحة الثقافية في البلدين بعدد من الدول والأسواق السياحية، لا سيما أن مصر واليونان لديهما تكامل سياحي في هذا الشأن». على حد تعبيره.

واستعرض الوزير المصري المقومات السياحية المتعددة التي تتمتع بها بلاده، كما تحدث عن المتحف المصري الكبير، وما سيقدمه للزائرين من تجربة سياحية متميزة، لا سيما بعد التشغيل التجريبي لقاعات العرض الرئيسية الذي شهده المتحف مؤخراً.

فتحي خلال تفقّده للجناح المصري بـ«بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتوقّع الوزير المصري أن تشهد بلاده زيادة في أعداد السائحين حتى نهاية العام الحالي بنسبة 5 في المائة عن العام الماضي، خلال مؤتمر صحافي عقده في المعرض، وأشار إلى أهمية السوق البريطانية بالنسبة للسياحة المصرية، حيث تُعدّ أحد أهم الأسواق السياحية الرئيسية المستهدفة، لافتاً إلى ما تشهده الحركة السياحية الوافدة منها من تزايد، حيث يصل إلى مصر أسبوعياً 77 رحلة طيران من مختلف المدن بالمملكة المتحدة.

وأكّد على أن «مصر دولة كبيرة وقوية، وتدعم السلام، وتحرص على حماية حدودها، والحفاظ على زائريها، وجعْلهم آمنين، حيث تضع أمن وسلامة السائحين والمواطنين في المقام الأول، كما أنها بعيدة عن الأحداث الجيوسياسية»، لافتاً إلى أن هناك تنوعاً في جنسيات السائحين الوافدين إلى مصر من الأسواق السياحية المختلفة، حيث زارها خلال العام الحالي سائحو أكثر من 174 دولة حول العالم.

الجناح المصري في «بورصة لندن» للسياحة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأعرب فتحي عن تفاؤله بمستقبل الساحل الشمالي المصري على البحر المتوسط، وما يتمتع به من مقومات سياحية متميزة، خصوصاً مدينة العلمين الجديدة، ومشروع رأس الحكمة بصفته أحد المشروعات الاستثمارية الكبرى التي تشهدها منطقة الساحل الشمالي، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن يجذب هذا المشروع أكثر من 150 مليار دولار استثمارات جديدة، ويساهم في إضافة ما يقرب من 130 ألف غرفة فندقية.