«الجونة السينمائي» يُعيد عرض «الطفل» لشارلي شابلن بعد قرن من إنتاجه

على غير العادة امتلأت قاعة عرض (بلازا) بقاعة مؤتمرات مهرجان الجونة السينمائي بعدد كبير من الأطفال إلى جانب نجوم الفن وضيوف المهرجان لمشاهدة عرض فيلم «الطفل» للفنان العالمي شارلي شابلن، حيث احتفى المهرجان بعرض نسخة مرممة حديثاً من الفيلم الذي أنتج قبل نحو مائة عام (1921) وقد عملت على ترميمها مؤسسة شارلي شابلن، لم يكن الاحتفاء بعرض الفيلم فقط، بل أيضاً بمشاركة أوركسترا كاملة من العازفين بقيادة المايسترو أحمد الصعيدي الذي عزف الموسيقى التصويرية للفيلم، بينما يتابع الحضور بشغف في أجواء ساحرة مشاهد الفيلم البديع على الشاشة، واستغرق العرض 60 دقيقة من المتعة الخالصة والتصفيق المتواصل للفيلم والأوركسترا.
يعد «الطفل» أحد الأفلام الهامة في مسيرة شابلن، فهو أول أفلامه الطويلة التي يمزج فيها بين الكوميديا والدراما ويعد أحد أجمل وأقوى أفلامه، الذي شاركه بطولته الطفل جاكي كوجان والممثلة إدنا بروفيانس، وتدور أحداثه حين يعثر الصعلوك على طفل لقيط ألقت به أمه بعد ولادته، فيلتقطه ويعمل على رعايته رغم فقره الشديد، وحينما يبلغ الطفل خمس سنوات يشاركه حياته البائسة ومغامراته للتحايل على الحياة، وتطارد الشرطة الصعلوك لإلحاق الطفل بإحدى دور الرعاية، في الوقت الذي تتغير فيه أوضاع أم الطفل وتخوض رحلة بحث عنه حتى تعثر عليه.
ويؤكد الناقد اللبناني إبراهيم العريس أن هذا الفيلم يعد أيقونة في السينما الصامتة كما هو أيقونة في مشوار شارلي شابلن، فهو فيلم متجدد يعيد الحنين إلى زمن الأبيض والأسود وإلى زمن هذا الفنان العظيم الذي كان بمثابة مؤسسة مواهب متدفقة وترك للسينما إرثاً فنياً كبيراً.
ويضيف: في هذا الفيلم اختار شابلن صبيا صغيرا ليقاسمه البطولة وقد شعر بالخوف من وجود الصبي الذي ربما تفوق عليه في بعض المشاهد حتى إنه قال: كان علي أن أضحك الجمهور، أما هو فكان يضحك الجمهور ويبكيه في آن واحد، قال شابلن ذلك وهو يتذكر دامع العينيين بتأثر قصة طفل تخلت عنه أمه وألقت به رضيعاً، فيربيه ويصبح شريكاً لمغامراته، أما الطفل جاكي كوجان الذي أدهش العالم فلم يحقق نجاحات بعد هذا الفيلم مبرهناً على أسطورة هوليوودية تقول باستحالة نجاح النجوم الأطفال حين يكبرون.
الفيلم كتبه وأخرجه وأنتجه ووضع موسيقاه وقام ببطولته ومونتاجه شارلي شابلن (1889 - 1977) مثلما اعتاد في أفلامه، وقد برع في شخصية الصعلوك المتشرد بعدما حققت نجاحاً مذهلاً وتعاطفاً جماهيرياً وقد تخلى عنها كما في أفلامه الأخيرة مثل السيد فريدو، وملك في نيويورك، وبرغم ظهور الصوت في السينما فقد ظل مخلصا للأفلام الصامتة ولم يقبل تقديم أفلام ناطقة، وأخرج شابلن على مدى مسيرته نحو 70 فيلماً وفاز بأكثر من 20 جائزة من بينها 3 جوائز أوسكار، كما اختيرت ستة من أفلامه في السجل الوطني لمكتبة الكونغرس من بينها فيلم «الطفل».