تحذير من محاولات الدوحة وأنقرة «تخريب السلام» في ليبيا

«الوفاق» تسعى لاستثناء تعاونها العسكري مع تركيا من «اتفاق جنيف»

{الجيش الوطني} يتخوف من محاولات الدوحة وأنقرة «تخريب السلام» وعودة المواجهات المسلحة (إ.ب.أ)
{الجيش الوطني} يتخوف من محاولات الدوحة وأنقرة «تخريب السلام» وعودة المواجهات المسلحة (إ.ب.أ)
TT

تحذير من محاولات الدوحة وأنقرة «تخريب السلام» في ليبيا

{الجيش الوطني} يتخوف من محاولات الدوحة وأنقرة «تخريب السلام» وعودة المواجهات المسلحة (إ.ب.أ)
{الجيش الوطني} يتخوف من محاولات الدوحة وأنقرة «تخريب السلام» وعودة المواجهات المسلحة (إ.ب.أ)

أعلن الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، أمس رفضه اتفاقية أمنية مفاجئة مع قطر، أبرمتها حكومة «الوفاق»، التي يرأسها فائز السراج، وفي غضون ذلك سعت أطراف داخل ترويكا هذه الحكومة للحصول على استثناء لاتفاقيتها المثيرة للجدل مع تركيا منذ العام الماضي، بشأن التعاون العسكري والأمني، من «اتفاق جنيف»، الذي أعلنت عنه بعثة الأمم المتحدة مؤخرا.
وبدا أمس أن التدخل القطري - التركي المشترك لتعطيل «اتفاق جنيف» هو أكثر ما يثير مخاوف المشير حفتر، الذي قال في بيان أصدره اللواء أحمد المسماري، الناطق باسمه، إن «ما قامت به دولة قطر، التي تعتبر أكبر داعم للإرهاب من استخدام لعملائها في ليبيا اليوم من توقيع ما سمته باتفاقيات أمنية، يعتبر خرقا لمخرجات حوار جنيف (5+5)، ومحاولة خبيثة لتقويض ما اتفق عليه ضباط الجيش الليبي في جنيف من وقف لإطلاق النار، ووقف التصعيد، وإنهاء التدخل الأجنبي الهدام في الشأن الليبي».
وكانت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق قد أعلنت أمس توقيع اتفاقية مفاجئة مع قطر، تتعلق بمكافحة الإرهاب والمخدرات وغسل الأموال، تزامنا مع اجتماع أمير قطر مع فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة الوفاق، وزميله وزير الخارجية محمد سيالة، إثر زيارة لم يسبق الإعلان عنها إلى الدوحة لمناقشة آخر تطورات الأوضاع في ليبيا. وفي سياق ذلك، وزعت «عملية بركان الغضب»، التي تشنها قوات حكومة «الوفاق»، صورا لما سمته بتواصل تقديم الدعم التدريبي لقواتها ضمن اتفاقية التدريب العسكري والتعاون مع تركيا.
وفي رفض ضمني لـ«اتفاق جنيف»، قال المجلس الأعلى للدولة من مقره في العاصمة طرابلس: «إنه اتفاق بين سلطة شرعية وقوة متمردة». في إشارة إلى قوات الجيش الوطني، التي اتهمها بمحاولة الاستيلاء على السلطة بالقوة، قبل أن يعتبر أن هذا الاتفاق «لا يعني بأي شكل من الأشكال اعترافا صريحا، أو ضمنيا بشرعية القوة المعتدية». مبرزا هذا الاتفاق «لا يشمل ما أبرمته حكومة الوفاق من اتفاقات شرعية مع الدولة التركية، كما لا يسقط هذا الاتفاق الجرائم المرتكبة خلال فترة العدوان على العاصمة».
بدوره، أكد صلاح النمروش، وزير الدفاع بحكومة الوفاق، على «تعزيز التعاون المشترك مع الحليف التركي، واستمرار برامج التدريب التي تلقاها، وسيتلقاها المنتسبون في معاهد التدريب، التابعة لوزارة الدفاع، وتوقيع الاتفاق المبدئي (5+5) لا يشمل اتفاقية التعاون العسكري مع تركيا».
وقال النمروش في تصريحات مفاجئة مساء أول من أمس إن «التعاون (مع تركيا) في مجالات التدريب الأمني والعسكري لقواتنا لا علاقة له من قريب أو بعيد بكل اتفاقيات وقف إطلاق النار». مبرزا أن اتفاقيات التدريب الأمني والعسكري «يجب أن يتم التركيز عليها اليوم أكثر من أي وقت مضى، خاصة إذا ما تم الالتزام بوقف إطلاق النار وإحلال السلام في ليبيا». مشددا على «استمرار اتفاقيات التدريب لبناء قوات عسكرية، قادرة على مواجهة الإرهاب وحماية الحدود».
في المقابل، أكدت وزارة الدفاع «موقفها المشروط» من الاتفاق المبدئي بين أطراف اللجنة العسكرية (5+ 5)، الذي أشرفت عليه بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، مشيرة إلى أن «قواتها ملتزمة بالهدنة التي يرعاها المجتمع الدولي، لكن حفتر مستمر حتى الآن في عمليات التحشيد وإقامة التحصينات والمعسكرات ونقل المرتزقة».
في غضون ذلك، رحب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس باتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، كما جدد المطالبة بمغادرة جميع القوات الأجنبية من البلاد.
وكتب بومبيو على حسابه على موقع تويتر: «نرحب باتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، ونشيد بالقادة الليبيين لكونهم وضعوا مصلحة بلادهم أولا».موضحا أنه يتوجب على جميع الأطراف «الالتزام بهذا الاتفاق، وعلى جميع القوات الأجنبية مغادرة ليبيا».
وجاءت هذه التغريدة بعد أن أعلنت مبعوثة الأمم المتحدة في ليبيا، ستيفاني ويليامز، أن طرفي الصراع في ليبيا قد وقعا اتفاقا لوقف إطلاق النار.
من جهة أخرى، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط الانتهاء الشامل للإغلاقات في جميع الحقول والموانئ الليبية، اعتبارا من أمس، وذلك بعد رفع حالة «القوة القاهرة» عن حقل الفيل، آخر حقل نفطي جنوب غربي ليبيا، بعد إغلاق استمر لنحو 10 أشهر.
وقال بيان المؤسسة إنه تم منح تعليمات لمشغل شركة مليتة المسؤولة عن تشغيل الحقل بمباشرة الإنتاج، وعودة الخام تدريجيا إلى معدلاته الطبيعية خلال الأيام القادمة.
ونقل عن مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة، قوله: «لقد فهم الليبيون أن الحصار كان سلبيا للغاية على حياتهم اليومية، وهم يدعمون بقوة عودة الإنتاج على أسس صحيحة».
وتعني «القوة القاهرة» تعليقا مؤقتا للعمل لمواجهة الالتزامات والمسؤولية القانونية الناجمة عن عدم تلبية العقود النفطية بسبب أحداث خارجة عن سيطرة أطراف التعاقد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».