السودان: تعديلات دستورية لتوسيع صلاحيات الرئيس وجهاز الأمن

البرلمان أجاز 18 تعديلا من بينها منح الرئيس حق تعيين الولاة بدلا من انتخابهم من قبل الشعب

السودان: تعديلات دستورية لتوسيع صلاحيات الرئيس وجهاز الأمن
TT

السودان: تعديلات دستورية لتوسيع صلاحيات الرئيس وجهاز الأمن

السودان: تعديلات دستورية لتوسيع صلاحيات الرئيس وجهاز الأمن

أجرى المجلس الوطني (البرلمان السوداني) 18 تعديلا دستوريا، مُنح بموجبها رئيس البلاد سلطة تعيين حكام الولايات، بعد أن كان الدستور ينص على انتخابهم مباشرة من مواطني الولايات، وأحال جهاز الأمن من جهاز لجمع المعلومات وتحليلها وتقديم المشورة، إلى قوة نظامية موازية للجيش والشرطة.
وطلب الرئيس عمر البشير من البرلمان في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إجراء تعديلات دستورية تتيح له تعيين ولاة (حكام) الولايات تحت ذريعة أن تجربة انتخاب الولاة أدت لتفشي القبلية والنزعات العرقية والعنصرية، ومنحه سلطات دستورية أخرى.
وأجاز البرلمان في جلسته، أمس، تعديل 18 مادة في دستور السودان الانتقالي لسنة 2005، قدمتها له اللجنة البرلمانية الطارئة لتعديل الدستور. وتُعد مادة تعديل صفة جهاز الأمن الوطني إلى اسم «قوات الأمن» من أكثر التعديلات المثيرة للجدل الدستوري، وعرفت جهاز الأمن بـ«قوات الأمن الوطني، قوات نظامية، مهمتها ورعاية أمن السودان الداخلي والخارجي، ورصد الوقائع المتعلقة بذلك، وتحليل مغازيها وخطرها، والتوصية بتدابير الوقاية منها»، وإضافة إلى سلطاته «يعمل جهاز الأمن على مكافحة المهددات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية كافة، والإرهاب والجرائم العابرة للوطنية»، فيما كان الدستور ينص على أنه «يُنشأ جهاز للأمن الوطني يختص بالأمن الخارجي والداخلي، ويحدد القانون رسالته وواجباته ومهامه وشروط خدمته، وتكون خدمة الأمن الوطني خدمة مهنية، وتركز في مهامها على جمع المعلومات وتحليلها وتقديم المشورة للسلطات المعنية».
وقال رئيس البرلمان الفاتح عز الدين، أمس، إن التعديلات أُجيزت بالإجماع، وهو الأمر الذي جعل دستوريين يرون أنه أصبح جهازا موازيا للقوات المسلحة والشرطة. ونصت المادة الخاصة بسلطات رئيس الجمهورية على أنه «يعين ولاة الولايات وشاغلي المناصب الدستورية والقضائية والقانونية الأخرى وقيادات القوات المسلحة والشرطة والأمن ويعفيهم وفقا لأحكام القانون»، بعد أن كان النص الدستوري السابق ينص على انتخابهم مباشرة من مواطني الولاية، ولا يتيح للرئيس عزلهم إلا بموجب سلطة فرض الأحكام العرفية في الولاية المحددة أو البلاد عامة.
ولا تجد التعديلات الدستورية التي جرت أمس قبولا وتأييدا من معظم الطيف السياسي والقانوني في البلاد، مما أدى لانسحاب نواب حزب المؤتمر الشعبي بقيادة الإسلامي حسن الترابي من جلسات البرلمان، احتجاجا على إضافة تعديلات جديدة من قبل اللجنة الطارئة.
وقال رئيس كتلة نواب الحزب إسماعيل حسين في مؤتمر صحافي عقده بالخرطوم أمس، إن حزبه يناهض تعديل الدستور بما يتيح للرئيس تعيين ولاة الولايات بدلا عن انتخابهم، باعتباره مناقضا لوثيقة الحريات في الدستور التي تتحدث عن حقوق المواطن، وسلب حقوق المواطن باعتباره ناقص أهلية، ووصف مبرراتها بأنها «تنقصها الدقة»، وأنها أغفلت الأسباب الحقيقية التي أدت لظهور النعرات الجهوية والعصبيات القبلية واستغلال النفوذ.
وأضاف حسين أن اللجنة الطارئة للتعديلات الدستورية أدخلت تعديلات لا صلة لها بأصل مشروع التعديلات المقدم من رئاسة الجمهورية، يجمعها التراجع عن الحكم اللامركزي، وسلب حقوق الولايات، بما لا يتسق ويتوافق مع مبادئ الدستور العامة، وهو الأمر الذي دفع بنواب حزبه للانسحاب من جلسة البرلمان التي أجازت التعديلات.
وأوضح حسين إن أخطر التعديلات هو تعديل المادة 161 المتعلقة بجهاز الأمن والمخابرات الوطني، لأنها جعلت منه قوة نظامية شأنها شأن القوات المسلحة.
ووصف الخبير الدستوري والمحامي نبيل أديب التعديلات التي أجريت على الدستور بـ«غير الدستورية»، ولوح إلى إمكان الطعن في دستوريتها، مشيرا إلى تجربة الطعن في قرار البرلمان بحل الحزب الشيوعي السوداني، التي نقضتها المحكمة العليا السودانية في 1965، وقال: «يجوز الطعن فيها حسب تاريخنا الدستوري».
واعتبر أديب إعطاء سلطة تعيين الولاة للمركز والرئيس إخلالا باتحادية الدستور، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ليس كل تعديل استوفى القضايا الشكلية يُسمى تعديلا دستوريا، لأن التعديل إذا أخل بأسس الدستور وطبيعته فهو أمر غير دستوري، ولن يكون الدستور اتحاديا إذا تم تعيين الولاة من المركز، لأنه دستور يقوم على إعطاء الولايات الحق في إدارة شؤونها، وبتعيين الوالي وعزله لن يصبح مسؤولا أمام الولاية بما ينهي أساس الحكم الاتحادي، وهذا لا يجوز».
واعتبر أديب إعطاء الرئيس سلطة تعيين القضاة والموظفين القانونيين إخلالا باستقلال القضاء في مواجهة السلطة التنفيذية، وأضاف: «إذا كان الرئيس يعين القضاة ويعزلهم، فلا يوجد استقلال قضاء».



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.