الخرطوم وجوبا تعاودان المحادثات السياسية حول أبيي

الأمم المتحدة تؤكد حصول «تطور إيجابي» رغم تقلب الأوضاع

TT

الخرطوم وجوبا تعاودان المحادثات السياسية حول أبيي

أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام، جان بيار لاكروا، أن «تطوراً إيجابياً» حصل في منطقة أبيي المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان، مشيراً إلى إعلان الخرطوم وجوبا عزمهما على إعادة إطلاق المحادثات السياسية بينهما حول الوضع النهائي للمنطقة.
وخلال جلسة حول قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونيسفا)، أبلغ لاكروا أعضاء مجلس الأمن أن مسؤولين كباراً من جنوب السودان سافروا إلى الخرطوم للقاء السلطات السودانية بهدف مناقشة الوضع النهائي لأبيي والمناطق الحدودية.
ولفت إلى أنه «على الرغم من هذا التقارب المستمر بين البلدين، فإن عملية السلام في أبيي لم تحرز تقدماً يُذكر»، موضحاً أن جوبا والخرطوم «قامتا بتعيين رئيسيين إداريين منفصلين للمنطقة».
ووصف هذه الخطوة بأنها «تطور سياسي غير مسبوق لأنها المرة الأولى التي يجري فيها تعيين رئيسين إداريين في أبيي»، مؤكداً أن «(يونيسفا) واصلت العمل مع حكومتي السودان وجنوب السودان لتيسير تنفيذ الجوانب المعلقة من اتفاقاتهما السابقة، على الرغم من العقبات التي تشكلها جائحة (كـوفيد-19)».
وتأسست «يونيسفا» عام 2011، بعد اتفاق أديس أبابا بين الحكومة السودانية و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» الذي بموجبه جردت منطقة أبيي من السلاح، وسمح للقوات الإثيوبية بمراقبة المنطقة.
وأشار لاكروا أيضاً إلى أن «الحال الأمنية العامة في أبيي ظلت متقلبة إلى حد ما»، موضحاً أن 4 هجمات شنت ضد أفراد بعثة «يونيسفا»، فضلاً عن 4 حالات من العنف القبلي، بما في ذلك هجمات مسلحة على القرى.
وأكد أن «(يونيسفا) تواصل العمل مع سلطات دينكا نغوك والمسيرية وزعماء المجتمعات المحلية لتعزيز عملية السلام على المستوى المحلي». وأعلن تشكيل لجنة فنية لعقد مؤتمر ما قبل الهجرة لعام 2020، بغية معالجة العنف المحتمل على المستوى المحلي خلال موسم هجرة الرعاة بين السودان وجنوب السودان. وتتألف اللجنة من «يونيسفا» والمنظمة الدولية للهجرة ومنظمة كونكورديس غير الحكومية، بهدف مناقشة حركة الرعاة على طول ممرات الهجرة الثلاثة في أبيي.
وبموجب قرار مجلس الأمن رقم (2519)، قال لاكروا إن مجلس الأمن أصدر تفويضاً بنشر 640 عنصراً من الشرطة، علماً بأن عدد أفراد الشرطة في البعثة الأممية يبلغ حالياً 35 فرداً، بينهم 16 ضابطاً ينهون مهمتهم في أكتوبر (تشرين الأول) الحالي ونوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ونظراً لعدم إصدار تأشيرات لأي ضباط جدد يمكن نشرهم بصفتهم بديلاً، سينخفض عدد عناصر الشرطة إلى 19 ضابطاً فقط. وبالتالي، فإن هذا الوضع سيكون له تأثير سلبي على تنفيذ ولاية البعثة.
ودعا لاكروا مجلس الأمن إلى دعم توصية الأمين العام أنطونيو غوتيريش لتمديد ولاية القوة لمدة 6 أشهر أخرى، حتى 15 مايو (أيار) 2021.
وفيما يتعلق بجائحة «كوفيد-19»، أوضح أن البعثة تبلغت عن 11 حالة إصابة مؤكدة بالفيروس بين أفرادها، مشيراً إلى حدوث حالة وفاة واحدة يشتبه بإصابتها بالمرض. ونقل عن السلطات الصحية أن العدد التراكمي للحالات المؤكدة منذ تفشي الفيروس بلغ 52 حالة، فيما بلغ عدد الوفيات ذات الصلة 5 حالات، ولم تسجل أي إصابة جديدة بالمرض منذ يوليو (تموز) الماضي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.