نزاع «سد النهضة» يتصاعد بعد تحذير ترمب من «تفجير» مصري

نزاع «سد النهضة» يتصاعد بعد تحذير ترمب من «تفجير» مصري
TT

نزاع «سد النهضة» يتصاعد بعد تحذير ترمب من «تفجير» مصري

نزاع «سد النهضة» يتصاعد بعد تحذير ترمب من «تفجير» مصري

دفعت تحذيرات الرئيس الأميركي دونالد ترمب من «وضع خطر جداً»، سببه «سد النهضة» الذي تبنيه إثيوبيا على نهر «النيل الأزرق»، إلى تصاعد النزاع الدائر مع مصر منذ نحو عقد. وردت أديس أبابا أمس على تلويح ترمب بأن مصر قد تعمد إلى «تفجير» السد، برفضها «الرضوخ لأي نوع من الاعتداءات»، واستدعت السفير الأميركي في أديس أبابا لطلب «إيضاحات» حول تصريحات ترمب، فيما دعا الاتحاد الأوروبي إلى «التهدئة».
وبدأت إثيوبيا تشييد السد على الرافد الرئيسي لنهر النيل عام 2011، بهدف «توليد الكهرباء». غير أن مصر تخشى من تأثيره على حصتها من المياه، التي تتجاوز 55 مليار متر مكعب سنوياً، تأتي أغلبها من النيل الأزرق.
وكان ترمب يتحدّث مساء أول من أمس من البيت الأبيض، بعد إعلانه اتفاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودولة السودان، التي تخشى أيضاً من استنزاف مواردها المائيّة بسبب السدّ، ووعد السودان بالعمل على «حل ودي».
وقال ترمب خلال اتّصال هاتفي مع الزعيمين السوداني والإسرائيلي أجراهُ أمام صحافيين «إنّه وضع خطير جدّاً، لأنّ مصر لن تكون قادرة على العيش بهذه الطريقة». مضيفا «سينتهي بهم الأمر إلى تفجير السدّ. قُلتها وأقولها بصوت عالٍ وواضح: سيُفجّرون هذا السدّ. وعليهم أن يفعلوا شيئا».
ولام الرئيس الأميركي على مصر تجاهل تشييد إثيوبيا للسد منذ البداية، لكنه عزا ذلك إلى الاضطرابات التي شهدتها مصر عام 2011. وقال ترمب: «كان ينبغي عليهم إيقافه قبل وقتٍ طويل من بدايته».
وتعول مصر على ضغوط أميركية، ترغم إثيوبيا على قبول اتفاق مُلزم، يحدد قواعد ملء وتشغيل السد، ويقلل الأضرار المتوقعة على مصر والسودان.
وأعلنت الولايات المتّحدة أوائل سبتمبر (أيلول) تعليق جزء من مساعدتها الماليّة لإثيوبيا، بعد قرار أديس أبابا الأحادي ملء خزان السدّ في يوليو (تموز) الماضي، رغم «عدم إحراز تقدّم» في المفاوضات مع مصر والسودان.
وتأتي الانتقادات الأميركية لإثيوبيا بعد فشل وساطة أميركية بدأت نهاية العام الماضي، وانتهت في فبراير (شباط) الماضي، برفض إثيوبيا توقيع اتفاق برعاية وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي.
وأضاف ترمب موضحا: «لقد وجدتُ لهم اتفاقاً، لكنّ إثيوبيا انتهكته للأسف، وما كان ينبغي عليها فعل ذلك. كان هذا خطأ كبيراً». متابعا «لن يروا هذه الأموال أبداً، ما لم يلتزموا هذا الاتفاق».
وحث ترمب رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك على إقناع إثيوبيا بالموافقة على الاتفاق لحل نزاع المياه. وأضاف: «أقول لمصر الشيء نفسه».
من جهته، أشاد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، خلال الاتّصال الهاتفي، بجهود الدبلوماسيّة الأميركيّة، قائلاً إنّه يسعى إلى إيجاد «حلّ ودّي قريباً» مع إثيوبيا ومصر في هذا الشأن.
وتقول إثيوبيا إنّ المشروع، البالغة كلفته 4 مليارات دولار، ضروري لازدهارها. وأظهرت إثيوبيا أمس، غضباً واضحاً من تصريحات ترمب، حيث استدعت الخارجية الإثيوبية السفير الأميركي في أديس أبابا، مايكل راينور، وطلبت منه «إيضاحات عن تفجير سد النهضة».
وقال وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارجاشيو إن «التحريض على الحرب بين إثيوبيا ومصر من قبل رئيس أميركي في منصبه لا يعكس الشراكة طويلة الأمد، والتحالف الاستراتيجي بين إثيوبيا والولايات المتحدة، ولا هو مقبول في القانون الدولي الذي يحكم العلاقات بين الدول»، وفق ما جاء في بيان.
كما شدد الوزير الإثيوبي على أن بلاده «لن تتوقف، وستواصل بناء مشاريعها الكبيرة».
واستبقت إثيوبيا الاستدعاء ببيان لمكتب رئيس الوزراء، آبي أحمد، دافع فيه عن «سد النهضة»، قائلاً إن «إثيوبيا تعمل على حل المشكلات القائمة منذ فترة طويلة بشأن المشروع مع السودان ومصر».
ودون الإشارة صراحة لتصريحات الرئيس الأميركي، قال البيان إن إثيوبيا «لن تخضع لأي اعتداء من أي نوع كان». ولفت إلى تصريحات بـ«تهديدات حربية لإخضاع إثيوبيا لشروط غير عادلة كثيرة»، واعتبرها «انتهاكات واضحة للقانون الدولي».
وانتهت عملية بناء السد الإثيوبي بنسبة 73 في المائة. وقبل نحو أسبوع أقر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن بلاده تواجه تحديات مالية وفنية في بناء سد النهضة، غير أنه تعهد بـ«التغلب عليها».
وأعلن مكتب تنسيق المشاركة العامة لبناء سد النهضة (هيئة حكومية)، الجمعة الماضي، عن حاجة البلاد لنحو 40 مليار بر إثيوبي (مليار و77 مليون دولار) لاستكمال الأعمال المتبقية من بناء سد النهضة.
ودخل الاتحاد الأوروبي على خط النزاع، أمس، حيث دعا المفوض الأعلى للشؤون الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في بيان مصر والسودان وإثيوبيا إلى «بلوغ اتفاق بشأن ملء السد»، مؤكدا أن «الآن هو وقت للتصرف وليس لزيادة التوترات».
وأعرب المفوض عن الدعم الأوروبي الكامل لجهود جمهورية جنوب أفريقيا، التي تترأس حاليا الاتحاد الأفريقي، لدفع الأطراف إلى حل تفاوضي، مضيفا أن الاتحاد الأوروبي يتطلع إلى استئناف المحادثات في أسرع وقت.
وفشل الاتحاد الأفريقي، الذي يرعى جولة جديدة من المفاوضات، منذ مطلع يوليو الماضي، في الوصول إلى حلول توافقية، الأمر الذي ترتب عليه تجميد عقد جلسات جديدة حتى الآن. والتزم الاتحاد الأفريقي الصمت إزاء تلك التطورات، حتى كتابة التقرير.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.