كليب أغنية «إلى بيروت الأنثى» تحية من القلب إلى عاصمة لا تموت

تخللت تصويره لحظات مؤثرة طالت نانسي عجرم

شكّل كليب «إلى بيروت الأنثى» فيلماً سينمائياً قصيراً وقعه سمير سرياني
شكّل كليب «إلى بيروت الأنثى» فيلماً سينمائياً قصيراً وقعه سمير سرياني
TT

كليب أغنية «إلى بيروت الأنثى» تحية من القلب إلى عاصمة لا تموت

شكّل كليب «إلى بيروت الأنثى» فيلماً سينمائياً قصيراً وقعه سمير سرياني
شكّل كليب «إلى بيروت الأنثى» فيلماً سينمائياً قصيراً وقعه سمير سرياني

«إنها دائما تلمس قلوبنا» عبارة بين آلاف غيرها عبر فيها محبو الفنانة نانسي عجرم عن إعجابهم الكبير بأغنيتها «إلى بيروت الأنثى». فهم تفاعلوا مع عملها الجديد بشكل ملحوظ بحيث فاق عدد مشاهديه النصف مليون شخص منذ اللحظات الأولى لنشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي. إضافة إلى كلمات الأغنية التي اختارتها نانسي من قصيدة للراحل نزار قباني (إلى بيروت الأنثى مع الاعتذار)، فهي قدمت أداء فنيا يخرج عن المألوف. فجاءت توليفة العمل غنية بالأحاسيس المرهفة وبمشاعر لامست جميع أمهات لبنان من دون استثناء.
لعبت نانسي على الوتر الحساس لدى اللبنانيين، عندما اختارت موضوع هجرة شبابه الباحث اليوم أكثر من أي وقت مضى عن غد أفضل بعد الإحباط الذي أصابه، إثر انفجار بيروت في 4 أغسطس (آب) الفائت. فكانت تحية من القلب إلى عاصمة لا تموت ينبض اسمها الذي يتدفق في دماء شبابها رغم كل شيء. وإيذانا بذلك اختتمتها نانسي بعبارة كتبتها بالخط العريض في نهاية العمل «لكل من وما يجبرنا على الرحيل... سنعود» للتأكيد على تمسك اللبناني بأرضه مهما بلغت به المصاعب.
لحن الأغنية التي تم إعدادها لتكون بمثابة فيلم سينمائي قصير، الموسيقي هشام بولس. وكتب نص الحوارات للممثلين المشاركين فيه مخرج العمل سمير سرياني وزوجته نادين شلهوب. فجاء واقعيا وحقيقيا يشبه بمحتواه حالات كثيرة تحصل في هذا الوقت في بيوت اللبنانيين.
ومنذ اللحظة الأولى لمشاهدتك الكليب تأخذك حبكته السلسة إلى واحدة من الحكايات المؤثرة التي تحصل في بيوت اللبنانيين لحظة وداع أحد أبنائها الذي قرر الهجرة من بلده الأم. فالجميع ينشغل بالتحضيرات لهذه اللحظات، كي تمر بأقل خسائر معنوية عليهم. الأم التي تنهمك بإعداد أطيب الأطباق لأفراد عائلتها وابنها المهاجر. الوالد الذي يستقبل أبناؤه الواحد تلو الآخر محاولا إخفاء الغصة التي تمتلك قلبه. والأشقاء الذي يدخلون بيتهم العائلي الدافئ بفرح، فيما الأخت الكبرى (نانسي) تجلس من بعيد تراقب مشهدية تمنت لو أنها كانت مجرد حلم وليس حقيقة.
البساطة والأداء التلقائي يسودان العمل بامتياز وهو ما جعله قريبا إلى القلب، سيما وأن عبارات وتصرفات ومواقف تعبق بالإنسانية تدور في تلك اللحظات.
لون المخرج حوارات العمل بعبارات عادة ما يستخدمها اللبناني في يومياته للتعبير عن فرحه وحزنه وشوقه ومحبته لعائلته. نقل بتأن تفاصيل صغيرة تؤلف بنية عائلات لبنانية كثيرة. وبحركة كاميرا سريعة ضمن مشاهد متلاحقة يبدأ الكليب ناقلا عادات راسخة في بيوتنا. عجقة العائلة الواحدة في التحضير إلى لحظات قيمة يجتمعون تحت ظلالها وهم يتبادلون عبارات محببة. «دقلي هالتبولة» و«جمالك» و«بونسوار بابا كيفك» و«لشو معذب؟ و«شو هالشعرات الحلوين؟ و«كيفك يا أزعر؟» إضافة إلى عبارات كثيرة غيرها تعكس أجواء دافئة سيفتقدها الشاب المهاجر ويحن إليها.
تقدم نانسي عملا يلامس قلوب اللبنانيين المنهكين من التفكير بسبل تؤمن لهم مستقبلا أفضل. وببساطة ودفء وبكثير من الواقعية نتابع شريطا مصورا لا يشبه غيره من الأعمال التي غناها كثيرون لبيروت الجريحة.
يقول سمير سرياني في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «عندما أسمعتني نانسي الأغنية كنا متفقين على أن نقدم عملا لا يحتوي على ما يذكرنا بانفجار بيروت. فالناس التي عاشت تلك اللحظات لا تزال تعاني حتى اليوم من تداعياته السلبية عليها، ولم نكن نرغب بمضاعفة أحزانهم أو تذكيرهم بها».
ويقول مطلع الأغنية: «آه يا عشاق بيروت القدامى هل وجدتم بعد بيروت البديلا؟ أن بيروت هي الأنثى التي تمنح الخصب، وتعطينا الفصول... إن يمت لبنان متم معه،
كل من يقتله كان القتيل. إن كونا ليس لبنان فيه سوف يبقى عدماً أو مستحيلا... كل ما يطلبه لبنان منكم أن تحبوه... أن تحبوه... تحبوه قليلا». وقد كان قباني قد كتب القصيدة في عام 1981 تحت عنوان «إلى بيروت الأنثى مع الاعتذار».
ويشير سرياني إلى أن الكليب يحكي قصصا واقعية من حياة اللبنانيين بعد أن صار في كل بيت هناك من يرغب بالهجرة. «أنا شخصيا ودعت شقيقتي منذ فترة قصيرة بعد أن قررت الهجرة. وهذا المشهد حفر في ذاكرتي ونقلت الكثير من وقائعه في الكليب. فجميعنا نشبه بعضنا في لبنان في مواقف مماثلة، وعندما عرضت الفكرة على نانسي وافقت عليها من دون تردد سيما وأن أحداث الكليب تتناول مدينة بيروت، وكأنها عائلة لبنانية تتهاوى وتتفكك بالرغم عنها».
المشاركون في تمثيل هذا العمل الغنائي قاموا بمهمتهم على أكمل وجه. فجسدوا أدوارهم بنجاح بدءا من الأم والزوج ووصولا إلى الأشقاء الذين يلتقون في منزل الأهل حول مائدة وداع أخيهم المهاجر. «عملية الكاستينغ أخذت وقتا طويلا وتعذبنا فيها لأننا لم نكن نريد استخدام وجوه تمثيلية معروفة». يوضح سرياني في معرض حديثه لـ«الشرق الأوسط» ويتابع: «ربما لأني عشت هذه التجربة مع شقيقتي نجحت في إيصال كل تلك الأحاسيس والمشاعر التي تطبع المشاهد. فآثرت تمريرها بكل تفصيل مهما بلغ حجمه. فأمي هكذا تحضر المائدة ووالدي يرقص بالطريقة نفسها التي يظهر فيها الممثل بدور الأب. حتى العبارات التي يتلفظ بها باقي الممثلين من الأخ الأكبر والشقيقة وأولادها قصدت أن تكون تشبه طريقة اللبنانيين في حواراتهم اليومية».
أكثر من مرة اضطر المخرج سرياني إلى إيقاف التصوير بسبب تأثر نانسي بالمشهد الذي تؤديه. «الأمر لم يقتصر فقط على نانسي. فالمعروف عنها أنها حساسة وحنونة. ولكن التأثر بدا بالغا على جميع طاقم العمل في أكثر من مشهد في الكليب. وعندما تعانق نانسي شقيقها بقصد توديعه لم أستطع شخصيا تحمل المشهد وخرجت تاركا مكان التصوير».
وفي بيت عتيق يقع في مدينة جونية الساحلية يعود إلى أحد أصدقاء المخرج دارت عجلة التصوير. «المنزل بحد ذاته يحمل الدفء في ديكوراته البسيطة وهو ما أسهم في تزويد الكليب بأجواء البيت اللبناني الأصيل».
اللافت في الكليب ورغم إنجازه وتصويره في زمن «كورونا» أنه لم تغب عنه إشارات المحبة التي تغمر العائلة اللبنانية عادة. ويوضح سمير سرياني: «كما لاحظتم فالعائلة كانت تتفاعل مع بعضها البعض بشكل طبيعي وتلقائي تماما كما قبل زمن الجائحة. فلم تغب عنه مشاهد العناق والتسليم باليد والقبلات المتبادلة بين الأشقاء ووالديهما. أردنا العمل كاملا وحقيقيا لا تغيب عنه أيا من مظاهر الحب المتبادل في العائلة اللبنانية. ولذلك أجرينا لجميع الممثلين اختبار الـ«بي سي آر» وطلبنا منهم عزل أنفسهم تماما كي نستطيع تنفيذ هذه المشاهد التي تضفي طبيعية نفتقدها في أيامنا الحالية» ويضيف: «هنا لا بد من الإشارة إلى شخصية نانسي المحببة من الجميع، فهي استطاعت لم شمل أفراد العائلة في الكليب حولها وكأنهم بالفعل يمثلون أفرادا من عائلتها الحقيقية. وهو ما أسهم في إعطاء العمل المصداقية».
ويتوج سرياني الكليب في خاتمته بمشهد مؤثر لم تستطع أمهات كثيرات من متابعته من دون أن تنهمر دموعها تلقائيا. فلحظة وصول سيارة التاكسي لنقل الابن المهاجر إلى مطار بيروت وتجمع أفراد العائلة حوله لتوديعه كانت مشبعة بمشاعر وأحاسيس ينفطر لها القلب. الأم تحاول إمساك دموعها وهي تقول لابنها المهاجر «ضبيتلك بالشنطة كيلو زعتر، ومرطبان المربى اللي بتحبو وربطتين خبز»...
فيأخذ معه الحنين لوطن لا يموت مهما بلغت جراحه. ومع كنوز والدته الموضبة في حقيبته يحملها الشاب المهاجر معه. فهي بالنسبة له بمثابة حفنة من تراب بلده سيلجأ إلى اشتمام عطرها في كل مرة غلبه الشوق للعودة إلى أرضه.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».