منع الاختلاط بين الجنسين في مدارس حكومية أميركية.. قضية تعود إلى الجدل

تربويون: أنجلينا تتعلم بشكل مختلف عن أنغلو.. ومنتقدون للقرار: يمكن أن يرسخ لـ«الإقصاء»

أحد الفصول الابتدائية المخصصة للأولاد فقط في مدرسة فورت لودرديل بولاية فيلادلفيا الأميركية (نيويورك تايمز)
أحد الفصول الابتدائية المخصصة للأولاد فقط في مدرسة فورت لودرديل بولاية فيلادلفيا الأميركية (نيويورك تايمز)
TT

منع الاختلاط بين الجنسين في مدارس حكومية أميركية.. قضية تعود إلى الجدل

أحد الفصول الابتدائية المخصصة للأولاد فقط في مدرسة فورت لودرديل بولاية فيلادلفيا الأميركية (نيويورك تايمز)
أحد الفصول الابتدائية المخصصة للأولاد فقط في مدرسة فورت لودرديل بولاية فيلادلفيا الأميركية (نيويورك تايمز)

في حجرة دراسية للصف الثالث الابتدائي كانت الجدران مزينة بأشكال فهود وحمير مخططة، وتجد أقلاما وأصابع صمغ في علب زهرية اللون وملصقا يحمل عبارة «تصرف بشكل جميل طوال الوقت». أما في الحجرة المجاورة فتجد صورا مقصوصة لسيارات سباق ولاعبي كرة قدم تزين الجدران، ولافتة خلف مكتب المعلم عليها عبارة «ركن المدربين».
في الحجرة الأولى طالبات في الصف الأول الابتدائي، بينما في الحجرة الثانية طلبة من الذكور في الصف نفسه. كان عدم الاختلاط بين الجنسين في التعليم شائعا حتى القرن الـ19 عندما تراجعت شعبيته باستثناء بعض المدارس الخاصة أو التابعة للأبرشيات، لكنه يعود مجددا في المدارس الحكومية الأميركية حيث يسعى التربويون إلى التوصل لوسائل لتحسين المستوى الدراسي خاصة بين الفقراء. وفي مدرسة «تشارلز درو» الابتدائية على أطراف فورت لودرديل، هناك فصل بين الجنسين في نحو ربع الصفوف الدراسية استنادا إلى نظرية تقول باحتمال تأثير الاختلافات بين الفتيان والفتيات على كيفية تعلمهم وتصرفهم. ويقر معلمون «بأهمية فهم أن أنجلينا تتعلم بشكل مختلف عن أنغلو»، كما توضح أنجلين فلاورز، ناظرة مدرسة «تشارلز درو»، وهي واحدة من عدة مدارس حكومية في مقاطعة بروورد التي بها بعض الصفوف غير المختلطة.
بوجه عام لا تتمتع تلك النظرية بثقل عند علماء الاجتماع، لكن تلاحظ فلاورز أنه بعد فتح تلك الصفوف الدراسية بالمدرسة، يحق لكافة الطلاب بها تقريبا الحصول على وجبات غداء مجانية أو بسعر منخفض منذ عامين، بدأ المستوى الدراسي لطلبتها في التقدم. كذلك شهدت أماكن أخرى أوجها مماثلة من التقدم، مما أدى إلى انتشار الصفوف غير المختلطة في مدارس حكومية بمناطق تعليمية أخرى من بينها شيكاغو ونيويورك وفيلادلفيا.
وصرحت وزارة التعليم في الحكومة الفيدرالية بأن هناك صفا واحدا غير مختلط على الأقل في نحو 750 مدرسة حكومية في مختلف أنحاء البلاد، وهناك 850 مدرسة حكومية كل صفوفها غير مختلطة. ورغم عدم توافر إحصاءات حكومية في السنوات القليلة الماضية، بلغ عدد المدارس الحكومية التي كان بها صف واحد غير مختلط على الأقل خلال العام الدراسي 2004-2005 122 مدرسة، بينما بلغ عدد المدارس التي لا يوجد بها سوى صفوف غير مختلطة خلال العام نفسه 34 مدرسة، بحسب تقديرات الهيئة القومية للتعليم الحكومي غير المختلط.
ويقول منتقدون إنه لا يوجد دليل دامغ على وجود اختلافات جوهرية في تطور المخ عند البنين والبنات وإن الفصل بين الأطفال على أساس النوع يمكن أن يكرّس للتنميط الراسخ. وقالت ريبيكا بيغلر، الاختصاصية النفسية في جامعة تكساس، إن الفصل على أساس النوع أو أي تصنيف اجتماعي آخر يزيد من التنميط والقولبة الناجم عن التحامل. وتوضح بيغلر قائلة: «إنك تقول إن هناك مشكلة في الاعتقاد بضرورة التمييز بين الجنسين. وبدلا من التعامل مع هذا الأمر، تقصي أحد الجنسين». ويثير هذا قلق الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، الذي قدم خلال العام الحالي شكاوى بالتعاون مع وزارة التعليم ضد 4 مناطق تعليمية في ولاية فلوريدا بتهمة انتهاك قانون الحقوق المدنية الفيدرالي وتبرير الفصل بين الجنسين في الصفوف الدراسية على أساس «قوالب عامة».
كذلك قدم الاتحاد شكوى في أوستين بولاية تكساس ضد مدرستين جديدتين بها صفوف غير مختلطة وهناك شكاوى معلقة في إداهو وويسكونسن وشكوى أخرى مقدمة منذ عقدين من الزمن في نيويورك.
وأسفرت الدعاوى القضائية في ولاية لويزيانا وويست فيرجينيا عن إعادة الصفوف الدراسية غير المختلطة إلى عهدها السابق. وكثيرا ما يشير المدافعون عن الصفوف غير المختلطة إلى الشجار بين الفتيان الذين يتأخرون دراسيا عن الفتيات في اختبارات القراءة التي تقيس درجة الفهم ويواجهون مشاكل أكثر من الفتيات في الانضباط ويتسربون من التعليم. كذلك يرى التربويون أن مستوى الفتيات الدراسي في العلوم أقل من الفتيان وأنهم سيستفيدون أكثر إذا كانوا مع الفتيات فقط. ويقول مسؤولون في مدارس إن وجود الجنس الآخر في الصف الدراسي يؤدي إلى تشتيت انتباه الأطفال.
ومن المقرر أن تصدر إدارة أوباما خلال الأسبوع الحالي تعليمات للمناطق التعليمية استجابة للشكاوى المقدمة من الاتحاد وزيادة عدد الصفوف غير المختلطة. وربما تستطيع تلك المدارس إقامة تلك الصفوف غير المختلطة إذا تمكنت من تقديم دليل على أن هذا يحسن المستوى الدراسي أو الالتزام على نحو يعجز عنه التعليم المختلط. يجب أن يكون لدى الطلبة بديل للتعليم المختلط، وعلى الأسر التطوع بإرسال أطفالهم إلى صفوف غير مختلطة. مع ذلك تنص التعليمات على أن الدليل على وجود اختلافات بيولوجية عامة بين الجنسين لا يكفي للسماح للمعلمين باختيار طرق أو وسائل تعليم تختلف باختلاف النوع.
وأوضحت كاثرين لامون، وكيل الوزارة لشؤون الحقوق المدنية، في رسالة بالبريد الإلكتروني: «ما يقلقني هو قدرة المدارس على بناء العملية التعليمية على أساس من القوالب. لا ينبغي لمدرسة أن تعلم الأطفال النظر بدونية لأنفسهم». قد يكون الطلب من المدارس تقديم أدلة على تحسن المستوى الدراسي طلبا صعب المنال. وإجمالا لا يرى الباحثون أي فوائد دراسية للتعليم غير المختلط، وليس له أيضا أي تأثير سلبي. وقالت جانيت هايد، الاختصاصية النفسية في جامعة ويسكونسن في ماديسون التي حللت 184 دراسة تغطي 1.6 مليون طفل على مستوى العالم، إن الدراسات التي توضح تقدم المستوى الدراسي تضمنت في أحوال كثيرة عوامل أخرى لا تمت بصلة إلى تأثير عدم الاختلاط.
ويقول المؤيدون إن الفتيات يتشاركن الاهتمامات، وكذلك يفعل الفتيان مع بعضهم البعض، أكثر مما يفعل كل منهم مع الآخر في العمر نفسه. وقال ليونارد ساكس، طبيب أطفال ومؤلف عدد من الكتب التي تتناول الفروق بين الجنسين ومنها «لماذا النوع مهم»: «مع ذلك نحن نقوم بالفصل على أساس العمر وهو أمر لا يدعمه أي دليل».
بحسب الشكوى المقدمة من الاتحاد في مقاطعة بروورد، اعتمدت المنطقة التعليمية على بيانات من ساكس وكذا من «غوريان إنستيتيوت» التي أسسها مايكل غوريان مؤلف عدة كتب منها «طرق تعلم الفتيان والفتيات مختلفة» في كولورادو.
وتوضح الشكوى أن مواد التدريب أشارت إلى أن «الدروس التي يكون فيها تنافس لطيف قد تكون أكثر تأثيرا على الصبية» وأن «الدروس التي تتضمن مفردات عاطفية قد تكون أكثر تأثيرا على الفتيات». وتم توجيه المعلمين إلى أن يكونوا «أكثر تسامحا مع حاجة الصبية إلى التململ وحاجة الفتيات إلى الحديث أثناء الصف».
عانت الكثير من المدارس، التي بها صفوف دراسية غير مختلطة، من أداء الطلبة الدراسي، وهيمنت عليها الأقليات المتعصبة في الأحياء الفقيرة. وقالت غالين شيروين، المحامية لدى مشروع حقوق المرأة التابع للاتحاد الأميركي للحريات المدنية: «يتطلع الآباء إلى خيارات أفضل. وتعمل المناطق التعليمية على الترويج لتلك الخيارات باعتبارها حلا على أساس من الأدلة المدلسة وغير المدعومة».
وفي صباح أحد الأيام في مدرسة «ديلارد» الابتدائية في فورت لودرديل، التي يمثل عدد الطلبة السود فيها 98 في المائة من الطلبة وينتمون إلى أسر محدودة الدخل، تحدثت مليسا دينغل ماسون، معلمة الرياضيات للصف الثالث الابتدائي، عن بعض التدريبات. وقالت عن الصبية الذين كانت تدرس لهم قبل أن تأتي معلمة القراءة والعلوم الاجتماعية لتحل محلها وتدرس هي للفتيات: «أنا قادرة على إخراج أفضل ما لديهم وتضمين ألعاب رياضية وأشياء أخرى». وأضافت أنها أحبت تحويل دروس الرياضيات إلى ألعاب لأن الصبية يحبون «المنافسة».
وبدا الصبية في صفها منشغلين ومتحمسين للعمل. وقال جهيم جونز البالغ من العمر 8 سنوات إنه يفضل مكانا خاليا من الفتيات في المدرسة لأنهن «مسيطرات». وفي الردهة في حصة القراءة والدراسات الاجتماعية في الصف الثالث الابتدائي، أظهرت روث لويسينت، التي كانت تشرف على كل الفتيات في ذلك الوقت، صندوقا كانت تحتفظ به في حجرة تخزين سترات زرقاء، وقالت إن الفتيات يشعرن بالبرد أكثر من الفتيان. وفي حصص الهجاء والمفردات التي تتضمن نشاطا رياضيا، أحضرت لويسينت حلقات الهولا هوب وكرات مطاطية صغيرة للفتيات، بينما يحصل الصبية على اليويو والعصي ومضارب الريشة. وقالت إنها تدرس المنهج نفسه لكلا الجنسين، لكن مع تغيير بعض التفاصيل؛ فعلى سبيل المثال عندما تشغل موسيقى في الحجرة الدراسية، تفضل أغاني مايكل جاكسون عند وجود الصبية، بينما تفضل الموسيقى الهادئة لفرق مثل «إنيغما» عند وجود الفتيات.
وقالت إنغيلا براون، ناظرة «ديلارد»، إن الصبية في الصفوف غير المختلطة يحضرون بشكل أكثر انتظاما عن الصفوف المختلطة، كذلك ترتفع علاماتهم الدراسية في اختبارات القراءة والرياضيات. مع ذلك تمثل أكبر تحسن في انخفاض معدل مخالفة النظام والشجار. وقالت براون: «يحاول الفتيان إثارة إعجاب الفتيات، بينما تحاول الفتيات إثارة إعجاب الفتيان وقد أزلنا هذا العائق من الطريق».
في أنحاء مقاطعة بروورد، خلص تقييم خارجي قامت به شركة أبحاث «ميتيس أسوسيتيس» إلى أنه بعد عامين من فتح صفوف غير مختلطة في 5 مدارس، تراجع معدل مخالفات نصف عدد الطلبة تقريبا وتراجع معها معدل معاقبتهم مقارنة بالعام السابق.
وأشار التحليل الأولي لنتائج الاختبارات في الولاية إلى تحسن المستوى الدراسي لنحو 75 في المائة من الطلبة المسجلين بمادة القراءة في الصفوف غير المختلطة، في حين اقتربت نسبة ارتفاع درجات طلبة المرحلة الابتدائية في الصفوف غير المختلطة بمادة الرياضيات من الـ70 في المائة.
وقال مسؤولون في مقاطعة بروورد إنه رغم فتح الإدارة التعليمية صفين غير مختلطين في المدرسة الإعدادية خلال العام الحالي، لم يخطط الإداريون للتوسع السريع. وقالت ليونا ميراكولا، مديرة البرامج المبتكرة للمدارس الحكومية في مقاطعة بروورد، إن المنطقة التعليمية تلتزم بالقانون الفيدرالي «جيدا». وترى شينيلا جونسون، الطالبة في الصف الثالث الابتدائي في مدرسة «تشارلز درو» وتبلغ من العمر 9 سنوات أن صف به فتيات فقط «نعمة»، حيث تقول إن الصبية «مزعجون». وأضافت أنه في غياب الصبية «نتعلم أشياء جديدة».
* خدمة «نيويورك تايمز»



{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
TT

{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)

منذ 15 عاما حينما تأسست مكتبة الإسكندرية الجديدة، وكان الطلاب والباحثون من مختلف أنحاء مصر يشدون الرحال إلى «عروس المتوسط» للاستفادة من الأوعية المعرفية كافة التي تقدمها المكتبة لزائريها، والاطلاع على خدمات المكتبة الرقمية والدوريات العلمية والبحوث، لكن الجديد أن كل ذلك أصبح متاحا في 20 محافظة في مختلف أنحاء مصر وللطلاب العرب والأفارقة والأجانب المقيمين في مصر كافة من خلال «سفارات المعرفة».

فعاليات لنبذ التطرف
لم تكتف مكتبة الإسكندرية بأنها مركز إشعاع حضاري ومعرفي يجمع الفنون بالعلوم والتاريخ والفلسفة بالبرمجيات بل أسست 20 «سفارة معرفة» في مختلف المحافظات المصرية، كأحد المشروعات التي تتبع قطاع التواصل الثقافي بالمكتبة لصناعة ونشر الثقافة والمعرفة ورعاية وتشجيع الإبداع الفني والابتكار العلمي.
ويقول الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المشروع من أدوات المكتبة لنشر العلم والثقافة في مصر والعالم أجمع، ووجود هذه السفارات يساعد المكتبة على تحقيق أهدافها على نطاق جغرافي أوسع. ونحن هذا العام نسعى لمحاربة التطرف الذي ضرب العالم، وخصصنا السمة الرئيسية للمكتبة هذا العام (نشر التسامح تعظيم قيمة المواطنة، ونبذ العنف والتصدي للإرهاب) والتي سوف نعلن عن فعالياتها قريبا». يضيف: «نتمنى بالطبع إقامة المزيد من السفارات في كل القرى المصرية ولكن تكلفة إقامة السفارة الواحدة تزيد على مليون جنيه مصري، فإذا توافر الدعم المادي لن تبخل المكتبة بالجهد والدعم التقني لتأسيس سفارات جديدة».

خطط للتوسع
تتلقى مكتبة الإسكندرية طلبات من الدول كافة لتفعيل التعاون البحثي والأكاديمي، يوضح الدكتور الفقي: «أرسلت لنا وزارة الخارجية المصرية مؤخرا خطابا موجها من رئيس إحدى الدول الأفريقية لتوقيع بروتوكول تعاون، وتسعى المكتبة لتؤسس فروعا لها في الدول الأفريقية، وقد أوصاني الرئيس عبد الفتاح السيسي بالعلاقات الأفريقية، ونحن نوليها اهتماما كبيرا».
يؤكد الدكتور الفقي «المكتبة ليست بعيدة عن التعاون مع العالم العربي بل هناك مشروع (ذاكرة الوطن العربي) الذي سيكون من أولوياته إنعاش القومية العربية».
«مواجهة التحدي الرقمي هو أحد أهداف المكتبة منذ نشأتها»، يؤكد الدكتور محمد سليمان، رئيس قطاع التواصل الثقافي، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «مشروع سفارات المعرفة يجسد الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا في نقل المعرفة لكل مكان في مصر، ومصطلح (سفارة) يعني أن للمكتبة سيطرة كاملة على المكان الذي تخصصه لها الجامعات لتقديم الخدمات كافة، بدأ المشروع عام 2014 لكنه بدأ ينشط مؤخرا ويؤدي دوره في نشر المعرفة على نطاق جغرافي واسع».
يضيف: «تقدم المكتبة خدماتها مجانا للطلاب وللجامعات للاطلاع على الأرشيف والمكتبة الرقمية والمصادر والدوريات العلمية والموسوعات التي قام المكتبة بشراء حق الاطلاع عليها» ويوضح: «هناك 1800 فعالية تقام بالمكتبة في مدينة الإسكندرية ما بين مؤتمرات وورشات عمل وأحداث ثقافية ومعرفية، يتم نقلها مباشرة داخل سفارات المعرفة بالبث المباشر، حتى لا تكون خدمات المكتبة قاصرة على الباحثين والطلاب الموجودين في الإسكندرية فقط».
«كل من يسمح له بدخول الحرم الجامعي يمكنه الاستفادة بشكل كامل من خدمات سفارة المعرفة ومكتبة الإسكندرية بغض النظر عن جنسيته» هكذا يؤكد الدكتور أشرف فراج، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، والمشرف على «سفارات المعرفة» لـ«الشرق الأوسط»: «هذه السفارات هي أفرع لمكتبة الإسكندرية تقدم للباحثين خدماتها والهدف من هذا المشروع هو تغيير الصورة النمطية عن المكتبة بأنها تخدم النخبة العلمية والثقافية، بل هذه الخدمات متاحة للطلاب في القرى والنجوع» ويضيف: «يمكن لأي باحث من أي دولة الحصول على تصريح دخول السفارة من مكتب رئيس الجامعة التي توجد بها السفارة».

صبغة دبلوماسية
حول اسم سفارات المعرفة ذي الصبغة الدبلوماسية، يكشف الدكتور فراج «للمصطلح قصة قانونية، حيث إن قسم المكتبات يدفع للناشرين الدوليين مبلغا سنويا يقدر تقريبا بنحو 25 مليون، لكي تكون الدوريات العلمية المتخصصة والمكتبات الرقمية العالمية متاحة لمستخدمي المكتبة، ولما أردنا افتتاح فروع للمكتبة في المدن المصرية واجهتنا مشكلة بأن هذه الجهات ستطالب بدفع نفقات إضافية لحق استغلال موادها العلمية والأكاديمية لكن مع كونها سفارة فإنها تتبع المكتبة ولها السلطة الكاملة عليها».
ويضيف: «تهدف السفارات لإحداث حراك ثقافي ومعرفي كامل فهي ليست حكرا على البحث العلمي فقط، وقد حرصنا على أن تكون هناك فعاليات خاصة تقام بكل سفارة تخدم التنمية الثقافية في المحافظة التي أقيمت بها، وأن يتم إشراك الطلاب الأجانب الوافدين لكي يفيدوا ويستفيدوا، حيث يقدم كل منهم عروضا تقديمية عن بلادهم، أو يشارك في ورشات عمل عن الصناعات اليدوية التقليدية في المحافظات وبالتالي يتعرف على التراث الثقافي لها وهذا يحقق جزءا من رسالة المكتبة في تحقيق التلاحم بين شباب العالم».
تتيح سفارات المعرفة للطلاب أنشطة رياضية وفنية وثقافية، حيث أسست فرق كورال وكرة قدم تحمل اسم سفارات المعرفة، وتضم في عضويتها طلابا من مختلف الجامعات والتخصصات وتنافس الفرق الجامعية المصرية. ويلفت الدكتور فراج «تقيم سفارات المعرفة عددا من المهرجانات الفنية وورشات العمل ودورات تدريبية لتشجيع الطلاب على بدء مشروعاتهم الخاصة لكي يكونوا أعضاء منتجين في مجتمعهم خاصة في المدن السياحية».

قواعد موحدة
تم عمل بروتوكول تعاون مع وزارة التعليم العالي والجامعات الحكومية ومع التربية والتعليم ومع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ويوجد بكل سفارة شخصان تكون مهمتهما إرشاد الطلاب للمصادر الرقمية للمكتبة، وتقديم برنامج الأحداث والفعاليات الخاص بالمكتبة لمدة 3 شهور مقبلة، لكي يتمكن الباحث من تحديد المؤتمرات التي يرغب في حضورها عبر البث الحي».
كل قواعد المكتبة تتبع في كل سفارة ويتم التحكم في الأنظمة والأجهزة كافة عبر السفارات العشرين، من مكتبة الإسكندرية بالشاطبي حيث تتابع المكتبة السفارات العشرين عبر شاشات طوال فترة استقبال الباحثين من الساعة الثامنة النصف صباحا وحتى الخامسة مساء.
ويكشف الدكتور فراج «السفارة تنفق نحو نصف مليون كتكلفة سنوية، حيث توفر الخدمات والأجهزة كافة للجامعات بشكل مجاني، بل تساعد سفارات المعرفة الجامعات المصرية في الحصول على شهادات الأيزو من خلال ما تضيفه من تكنولوجيا وإمكانيات لها. ويؤكد فراج «يتم إعداد سفارة في مرسى مطروح لخدمة الطلاب هناك وسوف تقام مكتبة متكاملة في مدينة العلمين الجديدة».

أنشطة مجتمعية
يشير الدكتور سامح فوزي، المسؤول الإعلامي لمكتبة الإسكندرية إلى أن دور سفارات المعرفة يتخطى مسألة خدمة الباحثين وتخفيف عبء الحصول على مراجع ومصادر معلومات حديثة بل إن هذه السفارات تسهم في تطوير المجتمع بشكل غير مباشر، أما الأنشطة المجتمعية ذات الطابع العلمي أو الثقافي فهي تخلق جواً من الألفة بين أهل القرى وبين السفارة».
تُعد تلك السفارات بمثابة مراكز فرعية للمكتبة، فهي تتيح لروادها الخدمات نفسها التي تقدمها مكتبة الإسكندرية لجمهورها داخل مقرها الرئيسي، وتحتوي على جميع الأدوات والامتيازات الرقمية المقدمة لزوار مكتبة الإسكندرية؛ مثل إتاحة التواصل والاستفادة من الكثير من المشروعات الرقمية للمكتبة، مثل: مستودع الأصول الرقمية (DAR)؛ وهو أكبر مكتبة رقمية عربية على الإطلاق، ومشروع وصف مصر، ومشروع الفن العربي، ومشروع الأرشيف الرقمي لمجلة الهلال، ومشروع ذاكرة مصر المعاصرة، ومشروع «محاضرات في العلوم» (Science Super Course)... إلخ، بالإضافة لإتاحة التواصل مع الكثير من البوابات والمواقع الإلكترونية الخاصة بالمكتبة، مثل: موقع «اكتشف بنفسك»، والملتقى الإلكتروني (Arab InfoMall)، وبوابة التنمية... إلخ. ذلك إلى جانب خدمة «البث عبر شبكة الإنترنت»، التي تقدِّم بثاً حياً أو مسجلاً للفعاليات التي تقام بمركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية؛ حتى يُتاح لزائري المكتبة مشاهدتها في أي وقت بشكل سلس وبسرعة فائقة. علاوة على ذلك، تتيح مكتبة الإسكندرية لمستخدمي سفارات المعرفة التمتع بخدمات مكتبة الوسائط المتعددة، واستخدام نظام الحاسب الآلي فائق السرعة (Supercomputer).