غوتيريش يبشّر بـ«آلية مراقبة» أممية لوقف النار

 الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش
TT

غوتيريش يبشّر بـ«آلية مراقبة» أممية لوقف النار

 الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش

وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، توقيع اتفاق وقف النار بين الأطراف الليبية بأنه «خطوة حاسمة» نحو الاستقرار والسلام في ليبيا، معلناً أن العمل سيبدأ فوراً من أجل «وضع آلية مراقبة» أممية بدعم من مجلس الأمن الذي سيتخذ قراراً قريباً في هذا الشأن. وقال غوتيريش للصحافيين في المقر الرئيسي للمنظمة الدولية في نيويورك، إنه يرحب بتوقيع الأطراف الليبية على اتفاق وقف النار في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة، مؤكداً أن «هذه خطوة أساسية نحو السلام والاستقرار» في ليبيا. وإذ شكر لممثلته الخاصة بالإنابة رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «أنسميل» ستيفاني ويليامز، جهودها، أفاد بأن التفاوض على هذا الاتفاق في إطار اللجنة العسكرية المشتركة «5 + 5» التي تمثل القوات التابعة لـ«حكومة الوفاق الوطني» برئاسة فايز السراج، و«الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر، حصل «على أساس قراري مجلس الأمن 2510 و2542».
وناشد كل أصحاب المصلحة والجهات الفاعلة الإقليمية «احترام أحكام اتفاق وقف النار وضمان تنفيذه من دون تأخير»، داعياً المجتمع الدولي إلى دعم الليبيين في تنفيذه مع «ضمان الاحترام الكامل وغير المشروط لحظر توريد الأسلحة الذي يفرضه مجلس الأمن». وحض الأطراف الليبية على «الحفاظ على الزخم الحالي وإظهار نفس التصميم في التوصل إلى حل سياسي للنزاع وحل القضايا الاقتصادية ومعالجة الوضع الإنساني»، مشيراً إلى أن «(أنسميل) تُجري الاستعدادات لاستئناف منتدى الحوار السياسي الليبي». وشدد على أنه «لا يوجد حل عسكري» في ليبيا، معتبراً أن وقف النار هذا «خطوة حاسمة». واستدرك أن «هناك الكثير من العمل الشاق في المستقبل».
واستوضحت «الشرق الأوسط» الأمين العام حول الخطوات التالية التي يتوقعها بعد وقف النار، فأجاب بأن هذا «الاتفاق يتضمن مجموعة من التفاصيل والقرارات»، مؤكداً أن «المهم الآن هو تنفيذ هذه الجوانب». وأشار إلى توافق الأطراف في اللجنة العسكرية المشتركة على القيام بالاشتراك مع «أنسميل» بـ«وضع آلية لمراقبة تنفيذ هذه الاتفاقات»، مشيراً إلى أن لجنة «5 + 5» أوصت بإرسال اتفاق وقف النار إلى مجلس الأمن من أجل «اعتماد قرار يضمن الامتثال لهذه الاتفاقات وتنفيذها من جميع الشركاء الداخليين والخارجيين». ورأى أن هذا يوضح التزام الأطراف المعنية من أجل تنفيذ الاتفاق، مع السعي إلى نيل دعم الأمم المتحدة في هذا التنفيذ، علماً بأن «هذه عملية بقيادة ليبية ومِلكية ليبية».
وتحدث عن «قرارات مهمة للغاية فيما يتعلق بالمرتزقة»، موضحاً أن هناك نقاشاً حول مواعيد مغادرتهم البلاد «في إطار زمني مناسب»، بالإضافة إلى مسائل تتعلق بـ«الاندماج المستقبلي للجماعات المسلحة والميليشيات».
ولفت إلى أن هناك «عملية أخرى موازية تجري حالياً، تتعلق بانعقاد منتدى الحوار السياسي»، آملاً أن تكون «مهمة للغاية»، لأنها تجعل الليبيين يلتقون لإيجاد طريقة للمضي قدماً» في إنشاء المؤسسات المستقبلية للبلاد. وأكد أن هذا «سيضمن السلام والاستقرار في ليبيا»، مضيفاً: «نحن نعمل أيضاً مع الاتحاد الأفريقي الذي يستعد لعقد اجتماع كبير للمصالحة بين الكيانات المختلفة في ليبيا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.