تأكيد عراقي لتجميد واشنطن قرار إغلاق سفارتها في بغداد

بعد إجراءات احترازية اتخذتها حكومة الكاظمي

TT

تأكيد عراقي لتجميد واشنطن قرار إغلاق سفارتها في بغداد

فيما أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، والناطق باسم الحكومة أحمد ملا طلال، أن واشنطن قررت تجميد إغلاق سفارتها في بغداد، تتجه الأنظار إلى النتائج المحتملة للانتخابات الأميركية في الثالث من الشهر المقبل.
وكان وزير الخارجية العراقي الذي يرافق رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في جولته الأوروبية قد أعلن أن واشنطن قررت حالياً تجميد قرار إغلاق سفارتها في بغداد في وقت لا تزال الهدنة التي أعلنتها الفصائل المسلحة الموالية لطهران والتي كانت تتولى قصف السفارة بالكاتيوشا لا تزال قائمة. من جهته أعلن الناطق باسم الحكومة العراقية أحمد ملا طلال، أن «الحكومة العراقية ورثت تركة ثقيلة على المستوى الاقتصادي والإداري والأمني، ومن بين التحديات مسألة حماية البعثات الدبلوماسية»، مبيناً أن «الحكومة العراقية بذلت جهوداً كبيرة لثني الولايات المتحدة الأميركية عن إغلاق سفارتها في بغداد».  
وأضاف ملا طلال أن «الجهود الحكومية أثمرت عن تجميد قرار واشنطن إغلاق سفارتها في بغداد»، موضحاً أن «الحكومة العراقية وفق التزامها الدولي بحماية البعثات الدبلوماسية، قامت بالكثير من الخطوات على الأرض لحماية البعثات الدبلوماسية والمنطقة الخضراء وأمن بغداد. وتابع ملا طلال أن «الحكومة لم تقم بتلك الخطوات استجابةً لرغبات دول أخرى بل انطلاقاً من واجبها وتنفيذاً لبرنامجها الحكومي». ونفى أن «تكون واشنطن قد فرضت شروطاً على بغداد مقابل تجميد قرار إغلاق السفارة».
وبيّن المتحدث باسم رئيس الحكومة أن «تجميد قرار إغلاق السفارة جاء بناءً على دراسة واقعية أجرتها الإدارة الأميركية حول طبيعة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة العراقية»، مشيراً إلى أن «من بين تلك الإجراءات تغيير العديد من القادة الأمنيين». وأوضح أن «الأجهزة الأمنية العراقية وطوال 17 عاماً بُنيت بطريقة خاطئة، على أساس الميول والاتجاهات والمحسوبية والفساد والطائفية»، لافتاً إلى أن الحكومة وخلال 5 أشهر من تسلم مهامها عملت على تغيير الكثير من القادة الأمنيين في المناصب العليا. وحذر ملا طلال من «تبعات سياسية وأمنية واقتصادية كبيرة لقرار إغلاق السفارة الأميركية» مبيناً أن «هذا ما أحست به القوى العراقية ووقفت مع الحكومة في بعض الخطوات بينما القوى الأخرى المسؤولة عن قصف المنطقة الخضراء قد تكون شعرت نوعاً ما بالخشية والفزع من ردود أفعال أخرى قد تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية».
وفي هذا السياق، يقول الدكتور إحسان الشمري، رئيس «مركز التفكير السياسي»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قرار إغلاق السفارة منذ البداية لم يكن جدياً بل كان جزءاً من سياسة الضغط الأقصى مارستها واشنطن ضد الفصائل المسلحة القريبة من إيران، وأيضاً محاولة للضغط على إيران بوقف هكذا استهدافات للسفارة الأميركية والمصالح الغربية بشكل عام». وأضاف الشمري أن «الأمر لا يرتبط بقضية الإجراءات الحكومية لأن عملية الاستهداف استمرت لمحيط السفارة أو لمقتربات القوات الأميركية الموجودة في القواعد العراقية لكنه يرتبط بهدنة مؤقتة أعلنتها طهران مع الولايات المتحدة الأميركية بالتأكيد خصوصاً أن إيران تدرك جيداً أنها الآن بحاجة إلى إعادة حساباتها سواء مع ترمب كولاية ثانية أو مع بايدن، ولذلك فكّرت إيران في أنها في حال ارتكبت عملاً كبيراً بالضد من الولايات المتحدة الأميركية فإنه سيكون مؤلماً بالنسبة للأميركيين حتى مع بايدن الذي قد يكون أكثر تشدداً»، مبيناً أنه «حتى لو أقدمت إيران على عمل ضد ترمب الرئيس الحالي، فإن الرد سيكون كبيراً لا تستطيع إيران مقاومته وقد تفقد السيطرة حتى على الداخل الإيراني، لذلك فإنها فضلت الهدنة لحسابات ما بعد الانتخابات، وهي بالتأكيد رسالة إيرانية بأنها راغبة في المفاوضات».
وأوضح الشمري أن «الرسالة الإيرانية هي التي أدت إلى هذه الهدنة، وقد التزمت بها الفصائل المسلحة مع أن الحكومة العراقية ضغطت بالفعل على إيران وحذّرتها من تداعيات قد تكون خطيرة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».