نتاشا شوفاني: أتطلع للعب دور كوميدي وأختار غبريال يمين شريكاً فيه

تبرز في دورين مختلفين ضمن مسلسلي «أسود فاتح» و«دانتيل»

نتاشا شوفاني
نتاشا شوفاني
TT

نتاشا شوفاني: أتطلع للعب دور كوميدي وأختار غبريال يمين شريكاً فيه

نتاشا شوفاني
نتاشا شوفاني

تلفتك نتاشا شوفاني في شخصيتي «كارمن» و«دانا» ضمن مسلسلي «أسود فاتح» و«دانتيل». فتجسد فيهما دورين يرتكزان على قالب امرأة غامضة في الأول، وقوية في الثاني. ونتاشا التي بدأت رحلتها مع التمثيل في عام 2014 تبرز اليوم موهبة ناضجة بعد أن عرفت كما تقول مكامن ضعفها. ويلاحظ متابع العملين تطورا في أداء نتاشا وخاصة في رنة صوتها بعد أن اجتهدت في تطبيق تقنية خاصة له تخرج نبرته من الروتين، الذي وقع فيه من قبل.
وتقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «وصلتني انتقادات وتلقيت ملاحظات حول هذا الموضوع. حتى أني لاحظت ذلك شخصيا عندما كنت أتابع نفسي في مسلسل «ما فيي». وصدف أني قمت بدور بالفصحى فكان الأمر نافرا. وعندما عملت في مسلسل «ما فيي2» لاحظت الأمر وقلت لنفسي أنه من غير الممكن الإبقاء على نبرة محزنة في صوتي فقررت التخلص منها. وتتابع نتاشا: «توجهت إلى طبيبة اختصاصية شرحت لي التقنية التي علي اتباعها في صوتي كي أتخلص من الحالة التي أعاني منها ونجحت في ذلك».
لم تكن نتاشا تجيد التحدث بالعربية كونها كانت تعيش خارج لبنان ولاقت صعوبة في الفترة الأولى في عملية التعبير واللفظ. اليوم صارت أكثر تمكنا، وظهر ذلك بوضوح في المسلسلين المذكورين. وتعلق في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «شعرت أنه علي أن أغير في نبرة صوتي لأنه كان سيقيدني في أدوار معينة وهو أمر لم أكن أرغب به أبدا. حتى أني في مسلسل «أسود فاتح» اجتهدت لأتمكن من الكلام بشكل يوصل شخصيتي بوضوح إلى المشاهد. وفي «دانتيل» لعبت شخصية المرأة القوية المتعجرفة والتي لديها طريقة فوقية ومزعجة في التحدث مع الآخرين. فاضطررت أيضا أن أغير في نبرتي انطلاقا من ركيزة معينة تنسجم مع الدور».
وعن تجربتها في هذين العملين تقول: «عندما بدأت في قراءة نص «أسود فاتح» اعتقدت للوهلة الأولى أن شخصية كارمن التي سألعبها بريئة وتتمتع بلطافة ظاهرة. واكتشفت في باقي مجريات العمل أنها فيما بعد تنكشف على حقيقتها، ويظهر وجهها الشرير. فأعجبت بالدور خصوصا أني اتخذت قراري بعدم الإكمال في أدوار الإحباط والبكاء. فاقتنصت الفرصة ودخلت في هذا العمل الرائع سيما وأنه على الممثل أن ينوع في أعماله. وكنت سبق ورفضت عدد من العروض التمثيلية، لأنها تضعني في نفس خانة المرأة المحبطة».
وماذا عان تجربتك في عمل مصري؟ ترد شوفاني في معرض حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «التجربة بحد ذاتها حملت لي التجديد في نواح كثيرة. وعندما علمت بأن هيفاء وهبي تلعب البطولة فرحت. فهي أيقونة فنية لن تتكرر وكنت متحمسة لمشاهدتها شخصيا في مواقع التصوير. أما الأجواء المصرية في التمثيل فاكتسبت منها دروسا جديدة. فالأسلوب يختلف في أي مشروع ينفذ خارج لبنان. والفريق المصري الذي تعاملت معه كان رائعا ومنسجما مع بعضه. كما اكتسبت صداقات مع عدد من الممثلين المشاركين. فلقد سبق وتعاونت مع معتصم النهار في «ما فيي» ولكن في «أسود فاتح» مثلت معه أكثر من مشهد. ولفتني كيفية إتقانه التنقل بين اللهجتين المصرية والسورية.
ويمكن القول إن الاحترافية كانت تهيمن بشكل كبير على جميع أبطال العمل أمثال أحمد فهمي ونبيل نور الدين وصبري فواز وشريف سلامة وغيرهم. كما كنت أتفرج على أداء هيفاء وهبي بإعجاب كبير. وهي على فكرة إنسانة لطيفة جدا وقريبة من القلب. فأنا كغيري من أبناء جيلي تركت هيفاء وهبي عندنا أثرا كبيراً، فكنا جميعنا ننتظر إطلالاتها الفنية. وعندما شاهدت لها فيلم «دكان شحاتة» أبكتني في الصميم، وتفاعلت مع أدائها الطبيعي وأخبرتها بذلك أثناء تصويري أسود فاتح».
وعن تجربتها في «دانتيل» تقول: «هي أيضا مختلفة وجميلة وأحببت فيها طريقة الإخراج التي نسميها في عالمنا «وان شوت». وهي تعطي الممثل حرية التحرك والتعبير فيشعر وكأنه على خشبة مسرح مميز بالعفوية والارتجال». وأي من الممثلين انطبع في ذهنك؟ «جميعهم كانوا محترفين وطبيعيين وصادقين في أدائهم. ولكن مشاهدي مع الممثل المخضرم سلوم حداد تركت عندي أثرا كبيرا. فهو من الأشخاص الذين يزودون من يقف أمامهم بطاقة إيجابية كبيرة وبثقة بالنفس. وكنت أناقش شخصية (دانا) معه ويعطيني آراءه حولها. فالأجواء عامة في «دانتيل» كانت عائلية بحيث لا يشعر أحدا منا بأنه وحيداً، وسلوم حداد بالتحديد ساعدني كثيرا».
وهل نتاشا شوفاني اليوم تبحث عن أعمال تبرزها بشكل أكبر؟ ترد: «أنا من الأشخاص الذين يؤمنون بأن كل شيء يحصل في وقته. والأهم هو أن اجتهد وأعمل على تطوير موهبتي وقدراتي التمثيلية حتى عندما تصل الفرصة أكون جاهزة لها». وهل هذا يعني أنك لا تفكرين بأدوار بطولية صاحبة مساحات أكبر؟ تعلق: «تعلمت أن الأشياء التي نطمح إليها لا يجب التفكير بها أكثر مما تستأهله. فمسؤوليتي تجاه كل دور ألعبه هي الأساسية في عملي وأتطلع إلى تقديم أعمال أفضل ولا تقل أهمية عن سابقيها».
انتهت مؤخرا نتاشا شوفاني من تصوير مسلسل «دفعة بيروت» من إنتاج شركة «ايغل فيلمز» والذي بدأ تطبيق «شاهد» بعرضه مؤخرا. «دوري في «دفعة بيروت» مختلف أيضا ويحمل رسالة إنسانية سيكتشفها المشاهد مع الوقت». وعن الدور الذي تطمح إلى لعبه في المستقبل تقول: «على بالي لعب دور كوميدي بعيدا تماما عما سبق وقدمته في مسلسلاتي الأخيرة. فأنا أحب الضحك وصاحبة نكتة كما هو معروف عني وسبق وعملت في مسرح جورج خباز وأحببت التجربة». ومن تختارين ليشاركك التمثيل في عمل كوميدي؟ تقول: «أتمنى أن أقف إلى جانب غبريال يمين، فهو أستاذ كبير في عالم الكوميديا وطبع أعمالا لبنانية تلفزيونية ومسرحية كثيرة بأدائه الكوميدي الممتع. إنه بمثابة كنز من لبنان أفتخر به كفنان من بلادي».



سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
TT

سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)

بعد نحو 30 عاماً من مسيرة غنائية رصّعتها الفنانة سمية بعلبكي بالطرب الأصيل، جرى تكريمها أخيراً، في حفل جائزة الـ«موركس دور»، ولكنها تلقّتها بغصّة في القلب. فهي جاءت مباشرة بعد حرب دامية شهدها لبنان، وإثر تفجير منزل بعلبكي العائلي في قريتها العديسة الجنوبية. اختلط طعم فرح النجاح بمرارة خسارة ذكريات الطفولة، فتمنت لو أن هذه المناسبة جاءت في وقت ثانٍ كي تشعر بسعادة التقدير الحقيقية. وتقول بعلبكي لـ«الشرق الأوسط»: «أنبذ الحروب بكل أوجهها حتى المقدّسة منها. فهي مبنية على صراعات تبحث عنها البشرية عبر التاريخ، ولكنها لم تحمل يوماً إلا النتائج السلبية في طيّاتها».

تصف سمية بعلبكي خسارة منزل العائلة كمن فقد قطعة من وجدانه. «إنه يمثّل الذكريات والهوية ومسافة أمان في الوطن. عندما تلقيت الخبر أحسست بالفراغ وكأن سقفاً اقتلع من فوق رأسي، صارت السماء مكشوفة. داهمني الشعور بالغربة، لأن لكل منّا بيتين، أحدهما منزل نقيم فيه، والثاني هو الوطن. وعندما نفقد بيتنا الصغير يتزعزع شعور الأمان بمنزلك الكبير».

أثناء تسلّمها جائزة {موركس دور} (سمية بعلبكي)

في تكريمها بجائزة «موركس دور» تقديراً لمسيرتها وعطاءاتها الفنية، خلعت بعلبكي لبس الحداد على بيتها للحظات. وتعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كنت بحاجة إلى الأمل وإلى غد أفضل. رحلتي هي كناية عن جهد وتعب وتحديات جمّة. فرحت بالجائزة لأنها تكرّم مسيرة صعبة. فالموسيقى بالفعل تشفي من الجراح، لا سيما أن قلبي كان مكسوراً على وطني وأرضي. يا ليت هذا التكريم جاء في توقيت مغاير لكان وقعه أفضل عليّ».

تألقت سمية بعلبكي وهي تتسلّم جائزتها وفرحة ملامح وجهها كانت بادية على وجهها. وتوضح: «لقد سألت نفسي عند مصابي كيف أستطيع تجاوزه ولو للحظات. كانت الموسيقى هي الجواب الشافي. خرجت بعبارة (سنغني قريباً) لعلّ الجرح يطيب. تأثري بفقدان منزلنا العائلي ترك بصماته عليّ. ولا أعتقد أنني أستطيع تجاوز هذا الحزن ولو بعد حين. فإثر إعلامنا بخبر تفجير البيت بقيت لأسابيع طويلة فاقدة القدرة على الغناء. صمت صوتي وما عدت أستطيع ممارسة أي تمارين غنائية لصقله. الألم كان كبيراً، لا سيما أننا لم نتمكن بعد من لمس المصاب عن قرب. لم نر ما حصل إلا بالصور. أرضنا لا تزال محتلة ولا نستطيع الوصول إليها كي نلملم ما تبقى من ذكرياتنا، فنبحث عنها بين الردم علّها تبلسم جراحنا».

الانسلاخ عن الفن طيلة هذه الفترة، لم تستطع سمية بعلبكي تحمّل وزره. «إننا شعب يحب الحياة ويكره الحروب. وأنا بطبعي لا أنكسر أو أستسلم للكآبة والإحباط. نفضت غبار الحرب عني، وقررت إكمال الطريق رغم كل شيء».

تقول بعلبكي إن أحلاماً كثيرة تراودها ولم تستطع تحقيقها بعد. «أحياناً يقف الزمن حاجزاً بيني وبينها. مرات أخرى لا تأتي الفرصة المناسبة لاقتناصها. هناك العديد من أبناء جيلي أقفلوا باب الغناء وراءهم وغادروا الساحة بسبب مصاعب واجهوها. ولكن من ناحيتي، حبّ الناس كان عزائي الوحيد. لقد أحياني وأسهم في إكمالي المشوار».

تمسّكت سمية بعلبكي بالأغنية الأصيلة فاتخذتها هوية لا تتنازل عنها. جميع أعمالها الفنية تتسّم بالرقي والطرب الأصيل. يحلّق معها سامعها في سماء يكمن ازرقاقها بصوتها الشجي. هل شكّلت هويتها هذه عائقاً لانتشار أوسع؟ ترد: «لقد تربيت في منزل فني بامتياز يقوم على الأصالة. والدي ووالدتي الراحلان زرعا في داخلي حب الفن الحقيقي غير المستهلك، فكانا أول من شجعني على دخول الفن. تمحور حلم والدي على رؤيتي فنانة تعتلي المسرح وتغني الأصالة. وما أقوم به ينبع من داخلي ومن شغفي للفن، ولا أستطيع يوماً تغيير هويتي هذه».

تحضّر أغنية جديدة من ألحان الراحل إحسان المنذر (سمية بعلبكي)

وما تلاحظه اليوم على الساحة هو توارث هذا الفن عند مواهب الغد. «يلفتني غناء مواهب صغيرة في برامج الهواة للأغنية الطربية. هم يؤدونها بأسلوب رائع يستوقفني. فهو أمر يفرّحني بحد ذاته؛ كون الأغنية الطربية لها مكانتها في هذا النوع من البرامج، ويتربى الجيل الجديد عليها. أصوات رائعة سمعناها في السنوات الأخيرة. وأتمنى أن تلاقي الفرص المناسبة كي تبدع وتتألّق».

ولكن هل شعرت بالإحباط أو الخيبة في لحظات معينة؟ «لكل منا لحظات من هذا النوع. أصبت بخيبات كثيرة وواجهت معاكسات مختلفة وفقدان فرص مؤاتية، وأصعب هذه اللحظات هي تلك التي يغيب فيها التقدير. ولكنني أعود وأنتصب دائماً وأبذل الجهد من جديد. لم أعرف يوماً (البزنس) في الفن لأني مسكونة بالموسيقى الأصيلة. فهي جزء لا يتجزأ من كياني ووجودي».

سبق وتم تكريم سمية بعلبكي بجوائز عدة، ولكن لجائزة الـ«موركس دور» نكهتها الخاصة لا سيما أنها جاءت بعد حرب منهكة. في بداية مسارها حازت على جائزة «الميكروفون الذهبي» في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون. كان ذلك في عام 1994 في تونس. جرى تكريمها إلى جانب مجموعة من المغنين مثل أنغام وصابر الرباعي وأمل عرفة وغيرهم.

وتختم: «كانت روح المنافسة الحلوة تحضر في تلك الحقبة، وكانت الجوائز التكريمية قليلة وتحمل معاني كثيرة. ولكن اليوم مع جائزة (موركس دور) وفي حفل لبناني بامتياز النكهة تختلف. أهديتها لوالدي الراحلين تكريماً لعطائهما الفني، فانطبع الحدث بالأمل والشعور بغدٍ أفضل نترقبه رغم كل شيء».

تستعد سمية بعلبكي لإصدار مجموعة أغنيات جديدة. وتخبر «الشرق الأوسط» عنها: «قبل الحرب كنت أحضّر لأغنية بعنوان (يعني ارتحت)، من كلمات منير بو عساف وألحان بلال الزين. وعندما انتهينا من تصويرها اندلعت الحرب، فامتنعت عن إصدارها في ظروف مماثلة. وهي تتناول قصة المرأة المعنّفة. وأفكّر بإطلاقها قريباً في الأشهر القليلة المقبلة. كما أن هناك قصيدة للراحل نزار قباني أنوي غناءها. وهي من ألحان المبدع الراحل إحسان المنذر. كما ندرس وأخي المايسترو لبنان بعلبكي إمكانية إقامة حفل موسيقي في بيروت احتفالاً بلبنان الصلابة».